اﻟﺬاﻛﺮة ﺑﲔ ﺛﻘﻞ ﺟﺎﺛﻢ وﻣﻌﻠﻢ ﻣﻮﺟﻪ
ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻧﺴﻴﺎن اﳌﺎﺿﻲ؟
ﻳــــﺘــــﻘــــﺪم اﻹﻧـــــــﺴـــــــﺎن ﻓــــــﻲ اﻟـــﺴـــﻦ وﺗﺘﻀﺨﻢ ﻣﻌﻪ ذاﻛﺮﺗﻪ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎ، إﻟﻰ درﺟــﺔ ﻳﺤﺲ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺜﻘﻞ ﻳﺠﺮه إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻮق أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺗﻄﻮره إﻟﻰ اﻷﻣـﺎم، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﺟﺎﻫﺰة ﺑﻀﺮورة ﻧﺴﻴﺎن اﳌﺎﺿﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﻌﻄﻲ اﳌـﺮء ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺮﺻﺔ ﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟـﺤـﺎﺿـﺮ، واﺳـﺘـﻐـﻼﻟـﻪ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻗﻮة داﻓﻌﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻘﺪم وﺗﻄﻮﻳﺮ ﻣﻠﻜﺎت أﺧـﺮى ﻟﻮﺿﻌﻴﺎت ﺟﺪﻳﺪة. ﻟﻜﻦ، ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻧﺴﻴﺎن اﳌــﺎﺿــﻲ ﺣـﻘـﺎ؟ أﻟﺴﻨﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻧﻘﻂ ارﺗﻜﺎز وإﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻣــﻨــﻪ ﻟـﻔـﻬـﻢ اﻟــﺤــﺎﺿــﺮ؟ أﻟــﻴــﺲ ﻓــﻘــﺪان اﳌــــﺎﺿــــﻲ ﻳــﻌــﻨــﻲ اﻟـــﺘـــﻴـــﻪ ﻓــــﻲ اﻟـــﺰﻣـــﻦ وﺿﻴﺎع ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ؟
ﻫﺬا ﻣﺎ ﺳﻨﺤﺎول ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻪ ﻫﻨﺎ، ﺣـﻴـﺚ ﻧـﺠـﺪ أﻧـﻔـﺴـﻨـﺎ ﺑــﲔ ﻓـﻜـﻲ دﻋــﺎة ﻧﺴﻴﺎن اﳌﺎﺿﻲ، ودﻋﺎة ﺿﺮورﺗﻪ. اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ
إن أي وﻋﻲ وأي ﺳﻠﻮك ﻳﺠﺮي ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻋﻠﻰ أﺳــﺎس أن اﳌـﺎﺿـﻲ وﻟــﻰ واﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣــﺠــﻬــﻮل؛ ﻓــﺎﻟــﺰﻣــﻦ ﻣــﺠــﺮد أﻧـــــﺎت أو ﻟﺤﻈﺎت ﻣـﺘـﻮاﻟـﻴـﺔ، وﻛــﻞ ﻣــﺮة ﺑﺸﻜﻞ وﺑــﻄــﺮﻳــﻘــﺔ ﻣــﺨــﺘــﻠــﻔــﺔ ﻋــــﻦ اﻷﺧــــــﺮى. ﻓـــــﺎﳌـــــﺮء اﻟــــــــﺬي ﻳــــﺮﻳــــﺪ أن ﻳــﺴــﺘــﻔــﻴــﺪ ﻣـــﻦ ﺣـــﺎﺿـــﺮه، ﻟــﻴــﺴــﺖ ﻟــﺪﻳــﻪ ﻓﺴﺤﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ أو اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ؛ إذ ﺳﻴﻠﺒﺴﻪ اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﺴﺮﻳﻊ اﻟﻄﺎزج ﺑﻜﻞ ﺣﻴﻮﻳﺘﻪ وﻃﺮاﻓﺘﻪ وﺟﺪﺗﻪ. ﻟﻬﺬا ﻋﻠﻴﻪ أﻻ ﻳﺘﺮك ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ ﺑﺰﻣﻦ اﳌــﺎﺿــﻲ أو اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ. إن اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟــﻌــﺎﺑــﺮ واﳌــﺘــﻼﺷــﻲ ﻧـــــﺎدر. واﻟــﻨــﺎدر ﻛﻨﺰ ﺛﻤﲔ، ﻟﻬﺬا ﻓﻬﻮ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺘﺤﻔﺔ اﻟﻔﻨﻴﺔ. إﻧــﻪ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺗﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺤﺲ ﻛﻞ ﻣﺮة ﺑﺎﻟﺠﻤﺎل.
إن اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻻ ﻳﻌﻮض أﺑﺪا، ﻓﻬﻮ ﻓﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ. وﻣﻦ ﻳﻌﺶ اﻟﺘﻜﺮار، ﻓـــﻬـــﻮ ﻳــﻌــﻠــﻦ اﻧـــﺘـــﺼـــﺎر اﳌـــــــﻮت ﻋـﻠـﻰ اﻟــﺤــﻴــﺎة. إﺿــﺎﻓــﺔ إﻟــﻰ ذﻟـــﻚ، ﻧـﺠـﺪ أن اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻫﻮ زﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎز؛ ﻓﻔﻴﻪ أﺣﻘﻖ ﺗﻔﺮدي وﺧﺼﻮﺻﻴﺘﻲ؛ إذ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل إن اﻟﺤﺮﻳﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ، ﻷﻧﻪ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ، اﻧﺼﺮف، وﻻ ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻷﻧـﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺟﻮد أﺻﻼ... ﻓﻤﺎ ﺑﻘﻲ ﻟﻲ إﻻ ﻟﺤﻈﺘﻲ ﻫﺬه، اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻬﺎ أﺣﺪ ﻏﻴﺮي، ﻓﺒﻴﺪي أن أﻫﺪرﻫﺎ وأﺿﻴﻌﻬﺎ، أو أﻧﺠﺰ ﻓﻴﻬﺎ وﺟــﻮدي ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ وﻣﺘﻤﻴﺰة، ﻓﻼ أﻛــﻮن ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻵﺧــﺮ، وﺗﻜﻮن ﻟﻲ ﻫﻮﻳﺘﻲ اﳌﺘﻤﻴﺰة واﻟﺨﺎﻟﺼﺔ.
ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻒ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻣــﻠــﻜــﺔ إﻳــﺠــﺎﺑــﻴــﺔ، وﻋـــﻼﻣـــﺔ واﺿــﺤــﺔ ﻋﻠﻰ روح ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻳﺘﻤﻠﻜﻬﺎ اﳌﺮء. وﻫﻮ ﻣــﺎ أﻛـــﺪه اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﻧﻴﺘﺸﻪ )٤٤٨١ - ٠٠٩١(؛ ﺣـــﻴـــﺚ ﻳـــــﺮى أن ﻧــﺴــﻴــﺎن اﳌﺎﺿﻲ ﻳﺨﻠﻖ ﻫــﺪوءا وﺳﻜﻴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟـــﺤـــﺎﺿـــﺮ، ﺑـــﻞ ﻫـــﻮ ﺷــــﺮط أﺳــﺎﺳــﻲ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻛــﻔــﺎءات وﻣـﻠـﻜـﺎت ﺟـﺪﻳـﺪة. ﻟﻬﺬا ﻓﻤﺴﺢ اﻟﻄﺎوﻟﺔ وﻏﺴﻞ اﻟﻮﻋﻲ ﻣﻦ ﺷﻮاﺋﺐ اﳌﺎﺿﻲ، أﻣﺮ ﻣﻠﺢ ﻟﺘﺮك اﳌــﺠــﺎل ﻷﺷــﻴــﺎء ﺟــﺪﻳــﺪة ﺗﺘﺸﻜﻞ. إن اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻋﻨﺪه ﻳﻌﺪ ﻃﻮق ﻧﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﺮﺗﺎﺑﺔ واﻟﻘﻠﻖ.
ﻓﻤﻦ دوﻧﻪ ﻳﺤﺪث ﻟﻠﻤﺮء اﻧﻄﺒﺎع ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻛﻞ ﺷﻲء وﻋـﺎش ﻛﻞ اﻟـــﺘـــﺠـــﺎرب، وﻫـــﻮ ﻣـــﺎ ﺳــﻴــﻔــﻘــﺪه ﻃﻌﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻃﻌﻢ اﻟﺤﻴﺎة ﻛﻠﻬﺎ. ﻓـــﺈن ﺗـﻜـﻦ ﻟــﺪﻳــﻚ ﻗـــﻮة اﻟــﻨــﺴــﻴــﺎن، وأن ﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﺼﺎﻗﻚ ﺑﺬاﻛﺮﺗﻚ، ﻓـﻬـﺬا ﻳﻌﻨﻲ أﻧــﻚ ﺗﺨﻠﻖ ﻟـﺬاﺗـﻚ رﻏﺒﺔ أﻛﻴﺪة ﻓﻲ أن ﺗﺼﻴﺮ وأن ﺗﺴﺘﻤﺮ؛ ﺑﻞ إﻧــﻚ ﺗـﻜـﻮن ﻗــﺪ أﻋـﻠـﻨـﺖ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮة اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ، اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻞ ﺣﺮﻛﺘﻚ وﺗﻜﺒﺢ ﺗﻘﺪم، ﺑﻞ ﺗﺴﻠﺒﻚ ﺣـــﺎﺿـــﺮك اﻟـــــﺬي ﻫـــﻮ أﻋــــﺰ ﻣـــﺎ ﺗـﻤـﻠـﻚ. وﻫﺬا ﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﻧﻴﺘﺸﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: »ﻻ ﺳﻌﺎدة، ﻻ ﺳﻜﻴﻨﺔ، ﻻ أﻣﻞ، ﻻ ﻓﺨﺮ، ﻻ ﻣﺘﻌﺔ، ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺤﺎﺿﺮة، ﻣﻦ دون ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻨﺴﻴﺎن«.
ﻳﺆﻛﺪ ﻧﻴﺘﺸﻪ أن اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟـﺬي ﻳـﻘـﻮل: »إﻧـﻨـﻲ أﺗــﺬﻛــﺮ« ﻫـﻮ اﻹﻧـﺴـﺎن. وﻫــــﻮ ﺑـــﺬﻟـــﻚ ﻳــﻘــﺘــﻞ ﺳــﻌــﺎدﺗــﻪ ﺑــﻴــﺪه. ﻓﺤﻀﻮر اﳌـﺎﺿـﻲ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣـﻦ ﺗـﺬوق اﻟــﻠــﺤــﻈــﺔ اﻟــﺼــﺎﻓــﻴــﺔ، وﻳــﺜــﻘــﻞ ﻛـﺎﻫـﻠـﻪ وﻳـﺴـﺤـﻘـﻪ، وﻳـﻤـﻨـﻊ ﻣـﺸـﻴـﻪ اﻟـﺴـﻠـﻴـﻢ. ﻓﺎﳌﺎﺿﻲ، ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻔﻪ ﻧﻴﺘﺸﻪ، ﻛﺤﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺋﻲ ﻣﻦ اﻟﻈﻠﻤﺎت، ﺑﻞ ﻳﺼﻴﺮ، أﺣﻴﺎﻧﺎ، »ﻛﺠﺮح ﻣﺘﻘﻴﺢ«، ﻻ ﺧﻼص ﻣﻨﻪ إﻻ ﺑﺘﺸﻐﻴﻞ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻨﺴﻴﺎن اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻨﻊ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ﻣﻦ اﺟﺘﻴﺎح اﻟﻮﻋﻲ، ﻓــﻤــﻦ دوﻧــــﻬــــﺎ ﻟــــﻦ ﺗــﺘــﺤــﻘــﻖ اﻟــﺼــﺤــﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ أﺑﺪا.
إن اﳌﺨﺮج اﻟﺬي وﺟﺪه ﻧﻴﺘﺸﻪ، ﻛـــــﺎن ﻣــﺮﺗــﺒــﻄــﺎ ﺑـــﺎﻟـــﺰﻣـــﻦ اﻟـــﺤـــﺎﺿـــﺮ؛ ﻓـﻌـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳـﻌـﻴـﺶ اﳌــــﺮء ﻟـﺤـﻈـﺔ ﻗـﻮﻳـﺔ وﺑــﺤــﺮﻳــﺔ ﻗــﺼــﻮى، أو ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻳﺤﺐ ﺑـﺠـﻨـﻮن، أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳـﺒـﺪع ﻋـﻤـﻼ، أو ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﺘﺸﻒ ﻣﺠﻬﻮﻻ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓــﺈﻧــﻪ ﻳــﻜــﻮن ﻣﺘﺼﺎﻟﺤﺎ ﻣــﻊ اﻟــﻮاﻗــﻊ، وﻳـﺤـﺲ ﺑـﻤـﺎ ﻳﺴﻤﻴﻪ ﻧﻴﺘﺸﻪ »ﺧﻔﺔ اﻟﺮاﻗﺺ«، إﻟﻰ درﺟﺔ أن اﳌﺮء ﻳﺘﻤﻨﻰ اﺳﺘﻤﺮار ﻫﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت إﻟﻰ اﻷﺑﺪ.
إذن، ﻳـــﻌـــﺪ اﻟـــــﺮﺟـــــﺎء ﻓــــﻲ دوام ﻟﺤﻈﺎت اﻟـــﺬروة، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﺗﻮاﻓﻘﺎ ﻛــﺎﻣــﻼ ﻣــﻊ اﻟــﺤــﺎﺿــﺮ ﻣــﻦ دون ﻗـﻴـﻮد اﳌﺎﺿﻲ أو ﻫﻮاﺟﺲ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻗﻤﺔ اﻟــــﺨــــﻼص اﻹﻧــــﺴــــﺎﻧــــﻲ؛ إذ ﻳــﺼــﺒــﺢ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ وﻟﻴﺲ ﻣﺠﻬﻀﺎ، وﻳﻌﺎش ﻛﺄﻧﻪ ﺑﺬرة ﻣﻦ اﻷﺑﺪﻳﺔ. وﻫﻨﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ، ﺗــﺰول اﳌـﺨـﺎوف واﻟﺤﻴﺮة ﻣﻦ اﳌﻮت. إذن اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ اﻟﺤﺎﺿﺮ وﻣــﻼﻣــﺴــﺔ ﺗــﻠــﻚ اﻟــﻠــﺬة اﻷﺑـــﺪﻳـــﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﺎﳌﻄﻠﻖ اﻟﺬي ﻧﺮﺟﻮ إﺣﻴﺎء ه وإﻟــﻰ اﻷﺑـــﺪ، ﻫـﻮ اﻟـﻌـﻮد اﻷﺑـــﺪي ﻋﻨﺪ ﻧﻴﺘﺸﻪ.
اﳌﺎﺿﻲ ﻳﺮﺷﺪ اﳊﺎﺿﺮ
إن اﻷﻃﺮوﺣﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، اﻟﺪاﻋﻴﺔ إﻟـــﻰ ﺿــــﺮورة اﻟـﺘـﺨـﻠـﺺ ﻣــﻦ اﳌـﺎﺿـﻲ واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟـــﺴـــﻌـــﺎدة، ﻫــــﻲ، وإن ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﺗـﺤـﻘـﻖ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻼص وﺗﺸﻔﻲ ﺟﺮاﺣﺎت آﺗﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ، ﻓﻬﻲ أﻃﺮوﺣﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎش؛ إذ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻌﺮف ﻋــﻠــﻰ ﻧــﻔــﺴــﻚ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﺎﺿــﺮ ﻣـــﻦ دون اﳌــــﺎﺿــــﻲ؟ أﻟـــﺴـــﺖ أﻧـــــﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﺎﺿــﺮ ﻧــﺘــﺎﺟــﺎ ﻟــﻠــﺴــﺎﺑــﻖ؟ أو ﻟــﻴــﺲ ﺿــﻴــﺎع ذاﻛﺮﺗﻲ ﻫﻮ ﺿﻴﺎع ﻟﺬاﺗﻲ وﻫﻮﻳﺘﻲ؟
ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻧﻜﺮان أن اﳌﺎﺿﻲ ﻳﻠﻘﻲ ﺑــﻈــﻠــﻪ ﻓــــﻲ اﺧـــﺘـــﻴـــﺎراﺗـــﻨـــﺎ وﻣـــﺂﻻﺗـــﻨـــﺎ، ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺄﺧﺬ ﺑﻌﲔ اﻻﻋﺘﺒﺎر، اﻷﺣﺪاث اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻓﻬﻲ ﻛﺎﻟﺒﻮﺻﻠﺔ اﳌﻮﺟﻬﺔ. ﻓﺎﳌﺎﺿﻲ إذن، ﻫﻮ اﻟﺘﺮﺳﺎﻧﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟــﺘــﻲ ﺗـــﺰودﻧـــﺎ ﺑــﺎﻟــﻮﺳــﺎﺋــﻞ اﻟــﺘــﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧﺸﺘﻐﻞ ﻓــﻲ اﻟـﺤـﺎﺿـﺮ، وﻣﻦ ﺛـــﻢ ﺻــﻨــﺎﻋــﺔ اﳌــﺴــﺘــﻘــﺒــﻞ. وﻫــــﻮ اﻷﻣـــﺮ اﻟــــﺬي أﻛـــﺪ ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻟــﻔــﻴــﻠــﺴــﻮف ﻫـﻨـﺮي ﺑﺮﻏﺴﻮن )٩٥٨١ - ١٤٩١(؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺮى أن اﻷزﻣﻨﺔ اﻟﺜﻼﺛﺔ: اﳌﺎﺿﻲ واﻟﺤﺎﺿﺮ واﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻫﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻣﻜﻮﻧﺎت ﻏـﻴـﺮ ﻣــﻌــﺰوﻟــﺔ، وﺗــﺘــﺤــﺮك ﺑـﺪﻳـﻤـﻮﻣـﺔ، أي ﺑــﺘــﺮاﺑــﻂ واﻧـــﺪﻣـــﺎج ﺷــﺎﻣــﻞ. إﻧـﻬـﺎ ﺗـﻴـﺎر داﻓـــﻖ وﺟـــﺎرف. ﻓــﻲ ﻫــﺬا ﻳﻘﻮل: »اﻟﺪﻳﻤﻮﻣﺔ ﻫـﻲ ﺗﻘﺪم ﻣﺴﺘﻤﺮ ﳌﺎض ﻳﻘﻀﻢ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، وﻳﺘﻀﺨﻢ ﺑﺘﻘﺪﻣﻪ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم«. ﺑﻌﺒﺎرة أﺧﺮى، ﻫﻮ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺒﺮز أﻧﻪ ﻻ وﺟﻮد ﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ إﻻ ﻣﻨﻐﻤﺴﺔ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ. ﻓﺎﻟﺤﺎﺿﺮ ﺗﺪوس ﻋﻠﻴﻪ ذﻛﺮﻳﺎت اﳌﺎﺿﻲ، ﻛﺠﺒﻞ ﺟـﻠـﻴـﺪي ﻳـﺘـﻀـﺨـﻢ، ﻓﻴﺠﻌﻞ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﳌـــﻮاﻟـــﻴـــﺔ ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺔ ﺗــﻤــﺎﻣــﺎ. وﻫــــﻮ ﻣﺎ ﻳــﻔــﺴــﺮ ﻟــﻨــﺎ إﻟــــﺤــــﺎح ﺑـــﺮﻏـــﺴـــﻮن ﻋـﻠـﻰ ﻓﻜﺮة ﺗﻌﺬر اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺤﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣـﺮﺗــﲔ. ﻓـﺎﳌـﺎﺿـﻲ ﻟﻴﺲ ذﻛــﺮﻳــﺎت ﻓﻲ درج ﻣﻌﲔ، أو ﺷﻴﺌﺎ ﻧﺪوﻧﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﻞ. ﻃﺒﻌﺎ ﻻ. إﻧــﻪ ﺗـﺮاﻛـﻢ ﺗﻠﻘﺎﺋﻲ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﺑــﻄــﺮﻳــﻘــﺔ آﻟــــﻴــــﺔ، وﻳـــﻼﺣـــﻘـــﻨـــﺎ ﻓــــﻲ ﻛـﻞ ﻟﺤﻈﺔ، وﻳﻨﻀﻢ إﻟﻰ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ، وﻳﺰدﺣﻢ ﻋﻨﺪ ﺑﺎﺑﻪ ﺑﻜﻞ ﺛﻘﻠﻪ، ﻣﻨﺠﺬﺑﺎ إﻟــــﻰ اﳌــﺴــﺘــﻘــﺒــﻞ اﻟـــــﺬي ﻳـــﻘـــﺮض ﻣــﻨــﻪ، وﻳﺤﺘﻞ ﺣﻴﺰا ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام.
إن اﻟــﺬاﻛــﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﺷﻴﺌﺎ ﺳﻬﻼ وﻳـﻤـﻜـﻦ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺑـﺴـﻬـﻮﻟـﺔ... إﻧــﻬــﺎ اﻹﺣــﺪاﺛــﻴــﺎت اﻟــﺘــﻲ ﻣــﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻧــــــــﺪرك ذواﺗـــــــﻨـــــــﺎ؛ ﺑـــــﻞ ﻫـــــﻲ اﳌــﺸــﻜــﻠــﺔ ﻟﻮﺣﺪﺗﻨﺎ وﺛﺒﺎﺗﻨﺎ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﻨﺒﻪ ﻟﻪ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف ﺟﻮن ﻟﻮك )٢٣٦١ - ٤٠٧١(، ﻣﻨﺬ اﻟـﻘـﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﻓﺎﻟﺬاﻛﺮة ﻋﻨﺪه ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ اﳌـــــــﺮء ﻫــــﻮ ﻫــــﻮ ﻧــﻔــﺴــﻪ ﻓــــﻲ ﻣـﺨـﺘـﻠـﻒ اﻷزﻣـﻨـﺔ واﻷﻣـﻜـﻨـﺔ. ﻓﺎﻟﻮﻋﻲ ﺑـﺎﻟـﺬات، ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ وﻣﻤﺘﺪ ﻓﻴﻪ. ﻓــﺎﻟــﺬات اﳌـــﻮﺟـــﻮدة اﻵن، ﺗﺴﺘﺤﻀﺮ أﻓــﻌــﺎل اﳌــﺎﺿــﻲ ﻋــﻦ ﻃــﺮﻳــﻖ اﻟـــﺬاﻛـــﺮة. وﻫﺬه اﻷﺧﻴﺮة ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ راﺑﻄﺎ ﺑــﲔ اﻷﺣــــﺪاث واﻟـــﺤـــﺎﻻت اﻟـﺸـﻌـﻮرﻳـﺔ اﳌـــﺘـــﻌـــﺪدة؛ ﻓــﺤــﲔ أﻋـــﺎﻧـــﻲ ﺧــﺒــﺮة ﻣــﺎ، أدرك أﻧﻲ اﻟﺸﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﺧﺒﺮة ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ، ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻫﺬه اﻟﺬاﻛﺮة.
ﻓـﺎﻟـﺸـﺎب اﻟـﻮﺳـﻴـﻢ اﻟـــﺬي اﺣـﺘـﺮق ﺟـﻠـﺪ وﺟـﻬـﻪ وأﺻــﺒــﺢ دﻣـﻴـﻢ اﻟﺨﻠﻘﺔ، ﻛﻴﻒ ﺳﻴﺪرك أﻧﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ دون ﺳــﻨــﺪ اﳌــــﺎﺿــــﻲ؟ وﺑــﺎﳌــﺜــﻞ ﻧـــﻘـــﻮل ﻋـﻦ اﻟــﺸــﻴــﺦ اﻟــﻌــﺠــﻮز اﻟـــــﺬي أﺻـــﺒـــﺢ ﻛﻠﻪ ﺳــﻘــﻤــﺎ وأﻣــــﺮاﺿــــﺎ وﺗــﺠــﺎﻋــﻴــﺪ، ﻛﻴﻒ ﺳــﻴــﺘــﻤــﻜــﻦ ﻣـــﻦ إدراك أﻧـــــﻪ، ﻓـــﻲ ﻳــﻮم ﺳــﺎﺑــﻖ، ﻛـــﺎن ﻃــﻔــﻼ وﺷــﺎﺑــﺎ ﻛــﻠــﻪ ﻗــﻮة وﺻﺤﺔ ﻣﻦ دون ﻣﻌﻮﻧﺔ اﻟﺬاﻛﺮة؟
وﻟـــﻜـــﻲ ﻧــﻔــﻬــﻢ دور اﻟــــﺬاﻛــــﺮة ﻓﻲ ﺗـﺤـﺪﻳـﺪ ﻫـﻮﻳـﺔ اﻹﻧــﺴــﺎن، ﻧﺴﺘﺤﻀﺮ اﳌﺜﺎل اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻪ ﺟﻮن ﻟﻮك؛ وﻫﻮ: »ﻟﻮ ﺗﺨﻴﻠﻨﺎ إﺳﻜﺎﻓﻴﺎ ﺗﻘﻤﺺ ﺟﺴﻢ أﻣﻴﺮ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺘﻮﻗﻊ أن ﻫــﺬا اﻟـﻌـﺎﻣـﻞ ﻗــﺪ اﺣــﺘــﻮى ﻛــﻞ ﺧـﺒـﺮات اﻷﻣﻴﺮ وﺳﻤﺎﺗﻪ، وﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻟﻪ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﺻــﻠــﺔ ﺑــﺤــﻴــﺎﺗــﻪ ﺑــﺼــﻔــﺘــﻪ إﺳــﻜــﺎﻓــﻴــﺎ، ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ دﺧﻞ ﻗﺼﺮ اﻷﻣﻴﺮ ﳌﺎ أﺣﺲ ﺑﺎﻟﻐﺮاﺑﺔ وﻻ أدﻫﺸﻪ اﻟﺠﻮ اﳌﻠﻜﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻪ«. ﻧﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺜﺎل، أﻧﻪ إذا ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﻫﻮﻳﺔ ﺟﺪﻳﺪة، ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻚ إﻻ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ذاﻛﺮة ﺟﺪﻳﺪة.
وإذا ﻋـــــﺪﻧـــــﺎ إﻟـــــــﻰ اﻷﻃــــــﺮوﺣــــــﺔ اﻷوﻟـﻰ؛ اﻟﺪاﻋﻴﺔ ﻟﻨﺴﻴﺎن اﻟﺬاﻛﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻘﻂ، ﻓﻬﻲ ﺗﻀﻌﻨﺎ ﻓﻲ إﺣﺮاج ﺣﻘﻮﻗﻲ ﺻﻌﺐ. ﻓﻤﺴﺢ اﻟﺬاﻛﺮة ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻟﺴﻨﺎ ﻧﺤﻦ، وﻳﻀﺮب ﺛﺒﺎﺗﻨﺎ ووﺣﺪﺗﻨﺎ ﻓـﻲ اﻟﺼﻤﻴﻢ، ﻣﻤﺎ ﻳــﺴــﺘــﺘــﺒــﻊ ﻋـــــﺪم ﺗــﺤــﻤــﻞ اﳌــﺴــﺆوﻟــﻴــﺔ اﻟــﻘــﺎﻧــﻮﻧــﻴــﺔ واﻷﺧــــﻼﻗــــﻴــــﺔ، ﺑـــﻞ ﺣـﺘـﻰ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ. ﻓﻬﻞ ﻧﻘﻮل ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﳌﺠﺮم اﻟـﺘـﺎﺋـﺐ إﻧـﻨـﺎ أﻣــﺎم ﺷﺨﺼﲔ أم أﻣــﺎم ﺷـﺨـﺺ واﺣـــﺪ؟ أﻛـﻴـﺪ ﺣـﺴـﺐ ﻣﻮﻗﻒ ﺟﻮن ﻟﻮك، ﻧﺤﻦ أﻣﺎم اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. وﻋﻠﻴﻪ، ﺳﻴﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﺎﺋﺐ ﺗﺒﻌﺎت ﻣﺎ اﻗـﺘـﺮﻓـﺖ ﻳـــﺪاه ﻳــﻮم ﻛــﺎن ﻣـﺠـﺮﻣـﺎ، وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ اﻟﺘﻨﻜﺮ ﻟﺬﻟﻚ، ﻓﻤﺎﺿﻴﻪ ﺿﺎﻣﻦ ﻟﻮﺣﺪﺗﻪ وﺛﺒﺎﺗﻪ. ﻓﺎﻟﺬاﻛﺮة ﺧﺼﻴﺼﺔ ﺑــﺸــﺮﻳــﺔ وﺻـــﻤـــﺎم أﻣــــﺎن ﺣــﻘــﻮﻗــﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻧﺘﺤﻤﻞ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ. وﻣﻦ دون ذﻟﻚ، ﺳﻨﺴﻘﻂ ﻓﻲ ﺣﻴﻮاﻧﻴﺔ ﻃﺎﺣﻨﺔ.
ﻧـﺨـﺘـﻢ ﻫــﻨــﺎ، ﺑــﺘــﺄﻛــﻴــﺪات اﳌﺤﻠﻞ اﻟــﻨــﻔــﺴــﻲ ﻓــــﺮوﻳــــﺪ، ﺑـــــﺄن اﻹﻧــــﺴــــﺎن ﻻ ﻳﺤﻤﻞ ﻓـﻲ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﻓﻘﻂ ذاﻛـــﺮة واﻋﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺤﻀﺎرﻫﺎ، ﺑﻞ ذاﻛﺮة أﺧﺮى ﻣـﻨـﺴـﻴـﺔ ﻫـــﻲ اﻟـــﻼﺷـــﻌـــﻮر، اﻟــﺘــﻲ ﺗﻌﺪ ﺧﺰاﻧﺎ وﻣﻘﺒﺮة ﻧﺪﻓﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻜﺒﻮﺗﺎت اﳌــﺆﳌــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻳـﺼـﻌـﺐ اﺳﺘﺤﻀﺎرﻫﺎ إﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺘﺤﻠﻴﻞ اﻟﻨﻔﺴﻲ؛ ﻣﻤﺎ ﻳـﻌـﻨـﻲ أن اﻟــﺤــﻴــﺎة اﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻟـﻠـﻔـﺮد، واﻋــــﻴــــﺔ ﻛـــﺎﻧـــﺖ أم ﻏــﻴــﺮ واﻋــــﻴــــﺔ، ﻫـﻲ ﻓـﻲ اﻟـﺠـﺰء اﻷﻛـﺒـﺮ ﻣﻨﻬﺎ، ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ اﳌـــﺎﺿـــﻲ، اﻟــــﺬي ﻳـﻨـﺒـﻐـﻲ اﻟــﻌــﻤــﻞ ﻋﻠﻰ ﻧـﺴـﻴـﺎﻧـﻪ إذا ﻣــﺎ أﺻــﺒــﺢ ﺛـﻘـﻼ ﺟﺎﺛﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ.