معارك بمئات الملايين وأفلام حرب في العراق وأفغانستان
تفتح ملفات الموسم السينمائي لهذا الصيف
فـي الـبـدايـة لـم يـكـن هناك موسم صيف. إذ كانت الفترة المـــمـــتـــدة مـــــن نـــهـــايـــة يــونــيــو (حـزيـران) إلـى مطلع سبتمبر (أيلول) هي فترة لرمي الأفلام الـتـي لا أمــل لـهـا فــي الـنـجـاح. تـلـك الــتــي تــم الـتـعـاقـد عليها أو التي على شركات التوزيع عرضها لا محالة. ففي الصيف يذهب الجميع إلى عطل طويلة بمن فيهم الجمهور العريض وأصحاب الصالات أيضاً.
هــذا التقليد تغير عندما قــــامــــت شــــركــــة يــونــيــفــرســال بعرض فيلم ستيفن سبيلبرغ Jaws فـي أواخــر يـونـيـو. فيلم عـــن الــســبــاحــة وســــط أســمــاك القرش على شواطئ رملية في العطل الصيفية.
رغم ذلك، تأخر عرض هذا الفيلم فـي معظم الـــدول حول الــعــالــم حــتــى شــهــر ديـسـمـبـر (كانون الأول) قبيل عيد الميلاد في بعضها ويـوم عيد الميلاد في بعضها الآخر.
لـكـن الـتـجـربـة نجحت في أميركا وكندا وبدأ غزو مواسم الصيف بكم أكبر قليلاً في كل مـــــرّة، حــتــى انـقـلـبـت الأحــــوال جميعاً وشاركت كل دول العالم في استقبال كم ضخم من أفلام الصيف تُعرض لكمٍ ضخمٍ من الجمهور. هكذا طـارت العطل وحطّت السينما.
صرح جديد
كـجـزء مــن هــذه الـظـاهـرة، تــغــيّــر مــوســم الــصــيــف ذاتــــه. رســـمـــيـــاً يــــبــــدأ الـــصـــيـــف فــي الــنــصــف الــثــانــي مـــن يـونـيـو، لـكـن الأسـابـيـع الـتـي يشملها لا تـكـفـي لــعــرض كــل الأعــمــال الــــكــــبــــيــــرة المــــنــــتــــظــــرة كــصــف سـيـارات التاكسي أمــام فندق مــن ٥ نــجــوم. فـتـمـت تـوسـعـة المـــوســـم بــحــيــث يــمــكــن لـــه أن يـسـتـقـبـل أفـــلامـــاً تــعــرض مـن مطلع الشهر السادس، وخلال السنوات الخمس اللاحقة، تم تـوسـيـعـه، كـمـا لــو كــان مــدرج مــطــار، ليشمل أسـابـيـع شهر مايو (أيار).
وبــالــنــظــر إلــــى أفـــــلام هــذا الشهر، تلك التي تم افتتاحها وتلك التي تنطلق هذه الأيام، فإن الربيع دخل عملية تغيير البيئة بدوره. الآن يمكن القول إن هوليوود بدأت ببناء صرح جـديـد لمـوسـم الـصـيـف يشمل الربيع أيضاً.
للتذكير نحن ما زلنا في شـهـر مــــارس (آذار) وسينما »الـسـوبـر هـيـروز« والـوحـوش الـعـمـلاقـة الآتــيــة مــن المـجـهـول واثـقـة مـن أن جمهور الصيف الــذي طـالمـا ألــف هــذه الأعـمـال خــلال الأشـهـر الـحـارة سيقبل عليها كما لـو أنها معروضة فـي الـشـهـر الـسـابـع أو الثامن من الـعـام. وهكذا شهدنا قبل أسبوعين ولادة »لوغان«، الآتي مـــن شــخــصــيــات الـكـومـيـكـس والــــــذي تــمــوضــع ســريــعــاً فـي المـركـز الأول بنحو ٨٢ مليون دولار بلا عناء.
هذا الأسبوع نجد نموذجاً آخر من الأفلام التي كانت عادة ما تنتظر موسم الصيف لكي تشهد عروضها وهو »كونغ: جزيرة الجمجمة« الذي اعتلى المـركـز الأول بنحو ٦١ مليون دولار. وتأكيداً على أن الشهر الــحــالــي بـــات مـنـصّـة انـطـلاق أكـبـر الـصـواريـخ السينمائية سـنـشـهـد فــي الأســبــوع المقبل »الجميلة والــوحــش«، وبعده بأسبوع واحد »باور رانجرز«، مـــصـــحـــوبـــاً بـــفـــيـــلـــم الأكــــشــــن »الـسـريـع والـغـاضـب ٨« الـذي تــم تـحـويـل عـنـوانـه إلــى »قــدر الــغــاضــب« The Fate of the .Furious
فضاء بعيد
هوليوود لا تتصرّف تبعاً لأهواء آنية. لقد درست الوضع ووجــــــــــدت أن تـــمـــديـــد أشــهــر الصيف لتشمل أشهر الربيع أيضاً هو فعل صحيح. السبب هــــو كـــثـــرة الأفـــــــلام المــزدحــمــة لـلـعـرض خــلال فـصـل الصيف الـتـقـلـيـدي مــا يـمـنـع بعضها مــن عـــرض عـضـلاتـه وقــدراتــه الـتـجـاريـة كــامــلاً. وإذا نظرنا إلـــــى مــــا يــحــمــلــه صـــيـــف هـــذا العام من أفـلام سنجد أن هذا الاعتقاد له مبرراته.
»حــــــراس المـــجـــرة ٢« يـبـدأ الـــــــنـــــــزال بــــــاكــــــراً فــــــي الـــشـــهـــر الـخـامـس: أكـشـن طــوال الوقت مـــع شــخــصــيــات ذات قـــــدرات خـــارقـــة يـــقـــوده كـــريـــس بـــرات وتشمل قطّة (بالمعنى المحدد بالكلمة) محاربة تجيد القتل. عــلــى مــقــربــة يـــتـــدحـــرج فـيـلـم ضـخـم آخــر هــو »بـرمـيـثـيـوس ٢« لــــــريــــــدلــــــي ســـــــكـــــــوت مـــع مــايــكــل فـاسـبـيـنـدر وكــاثــريــن ووترستون، ومجموعة أخرى مـن الـتـي مـا زالــت عـالـقـة فـوق ذلك الكوكب المتوحش.
وقـبـل نـهـايـة مـايـو نتابع عودة جوني ديب في مغامرة جديدة من مغامرات »قراصنة الـكـاريـبـي.« وفـي يونيو نحن على موعد مع »ووندر وومان« مع غال غادو في دور البطولة أمام كريس باين وروبن رايت والـبـريـطـانـي ديفيد ثويليس والمغربي سعيد تاجماوي.
»ووندر وومان« سيعرض في الثاني من الشهر السادس، وبعده بأسبوع فيلم كبير آخر هو »المومياء«، الذي هو إعادة صـنـع لـفـيـلـم مــن التسعينات لاقى ما لاقاه من نجاح حينها. الفيلم الجديد من بطولة توم كـــــروز وهــــو يــريــد أن يـعـلـمـك بــأنـه، وكــالــعــادة، قــام ببعض المشاهد الخطرة بنفسه.
وحـــــال نـكـتـشـف مـــا الـــذي تستطيع المومياء الفرعونية إضـــافـــتـــه مــــن جـــديـــد يـنـقـلـنـا »تـرانـسـفـورمـرز ٥« إلـى وضع مختلف. الـجـزء الـخـامـس من هـــذا الـفـيـلـم الـــذي أخــرجــه من البداية مايكل باي.
فيلم شهر يوليو (تموز) الأول سيكون »سـبـايـدر مـان: الـــــــعـــــــودة« مـــــع تـــــــوم هـــولانـــد ومــــاريــــســــا تــــومــــاي ومــايــكــل كــيــتــون وتــحــت إدارة مـخـرج آخــر يـبـدأ مـن الـقـمـة هـو جـون واتـــس. هــذا الـفـيـلـم سينطلق فـي الـسـابـع مـن الـشـهـر ولـديـه أسـبـوع واحــد ليجمع قــدر ما يستطيع لأن القردة الغاضبة ستحتل الـشـاشـات فـي الرابع عـــشـــر مــــن الـــشـــهـــر مــــن خـــلال »حرب كوكب القردة« لمات ريفز مــع أنــــدري سـركـيـس ووودي هارلسون في البطولة.
وهـــذا أيـضـاً لـديـه أسـبـوع واحد لكي يجمع ما يستطيع قبل أن يحط مكانه »دونكيرك«، فيلم حربي ضخم مـن بطولة تـــوم هــــاردي ومــــارا رإيــلانــس وكـنـيـث بــرانــوف. عـــادة أفــلام الـحـرب ليست ركـيـزة صيفية لــكــن الاســـــم الـــــذي يــقــف وراء هـــــذا الــعــمــل هـــو كـريـسـتـوفـر نـولان في أول فيلم له منذ أن انفصل، وفي الوقت المناسب، عن إخراج ملاحم »باتمان«.
فــي الأســـبـــوع الــثــالــث من يــولــيــو نــفــســه ســيــطــرح لــوك بيسون فيلمه الخيالي العلمي »فـــالـــريـــان ومــديــنــة الــكــواكــب الألــــــــــــــف«. المــــــخــــــرج والمـــنـــتـــج الـــفـــرنـــســـي يـــحـــب الــســيــنــمــا الأميركية التي على هذا المنوال وهـو جهز نفسه ليقارع فيلم نولان.
فــــي أعــقــابــهــمــا وقـــبـــل أن يـنـتـهـي هـــذا الـشـهـر المــزدحــم، سنجد أمامنا »البرج الداكن،« فـيـلـم مــغــامــرات فـانـتـازيـة مع اســمــين كـبـيـريـن فـــي الــقــيــادة هـــمـــا إدريـــــــــس إلـــبـــا ومــاثــيــو ماكونوهي.
أجزاء وملاحق
هــذا كـلـه بـاسـتـثـنـاء أفــلام الـرسـوم المتحركة. ففي أبريل (نيسان) المقبل نشاهد Smurfs ٣ وبــــعــــده، فـــي الــشــهــر ذاتــــه: »ســــــبــــــارك«، وكـــلاهـــمـــا يــــدور في كوكب بلا بشر، يتبعهما »باليرينا« وقبل نهاية الشهر نتعرف على The Boss Baby الــذي يـقـوم بالتمثيل صوتياً فــــيــــه ألـــــيـــــك بـــــــولـــــــدون ولــــيــــزا كودروف.
وفـــــــــــي غـــــــضـــــــون الـــشـــهـــر الخامس، في الأسبوع المتزامن مع عرض فيلم ريدلي سكوت »بـــرومـــيـــثـــيـــوس ٣« نــشــاهــد »مـــفــكـــرة ويــمــبــي كـــيـــد« وفــي أعــقــابــه ٢ The Nut Job ومـع مطلع الشهر السادس »كابتن أندربانتس« و»سيارات ٣« ثم ٣ Despicable Me . نأخذ راحة مـــن هــــذه الأفــــــلام طـــــوال شهر يوليو، ثـم يطالعنا أغسطس (آب) بثلاثة أفلام من هذا النوع أولـهـا (فــي الـرابـع مـن الشهر) »ساموراي ملتهب« أو Blazing Samurai ثــم ٢ Emoji Movie ويتبعهما عـن كثب The Son .of Bigfoot
ثمة مناهج أخرى للكشف عـــمـــا يـــنـــتـــظـــرنـــا فـــــي مـــوســـم الصيف هذا العام، ذلك الذي، كـمـا ذكـــرنـــا، يــبــدأ فــي الـشـهـر الحالي.
أحدها تعداد الأفلام التي هي مسلسلات أو إعادة صنع لما سبق من مسلسلات.
فــــــــي هـــــــــــذا الإطـــــــــــــــــار فـــــإن »لــوغــان«، لجيمس مانغولد وبـطـولـة هـيـو جـاكـسـون ورد إلى صالاتنا أولاً تبعه »كونغ: سـكَـل آيــلانــد«، الــذي هـو رابـع مـحـاولات تقديم هـذا الوحش الأســــطـــوري المـــعـــروف بكينغ كونغ. »ترينسبوتينغ ٢« هو جزء جديد للفيلم البريطاني الــــــــذي تـــــم تــحــقــيــقــه قـــبـــل ٢٠ ســنــة . »الــجـمـيـلـة والـــوحـــش « إعادة حيّة (أي غير كرتونية) لفيلم وشخصيات الفانتازيا الموجهة للصغار.
ملايين بلا نهاية
لــكــن المـــفـــرح أن لــيــس كـل مـــا يــعــرض فـــي هــــذه الأشــهــر المزدحمة هو من هذا النوع.
فـي الـواقـع هـنـاك غــزو من الأفلام الأكثر تواضعاً وتنوّعاً مـا سيجعل مـن المثير معرفة كــيــف ســتــواجــه هــــذه الأفــــلام الأعـــمـــال الــبــالــونــيــة الـكـبـيـرة المذكورة. هل هناك من حصان أسود، أو أكثر، ينتزع النجاح من براثن الوحش؟
حـتـى فـي مـجـال الـخـيـال - العلمي، سنجد مجموعة من الأفــــــلام الــتــي لا ســـوابـــق لـهـا فـــي عــــداد المــســلــســلات والــتــي تؤم مواضيعها بجدية وذلك مــن مـنـتـصـف الـشـهـر الـحـالـي عندما يطالعنا فيلم بعنوان Atomica يـلـيـه فـيـلـم عـنـوانـه »حــــيــــاة« يــضــطــلــع بـبـطـولـتـه إيـثـان هـوكـس و»واحــــد تحت الـــشـــمـــس« One Under the) (Sun يــتــبــعــه Mindgamers و»الاكتشاف« وهذا من بطولة رونـي مـارا وجاسون سيغال. ولـــــــدى تــــــوم هـــانـــكـــس وإيـــمـــا واتـسـون فيلماً من هـذا النوع عنوانه »الـدائـرة« من عروض نهاية الشهر المقبل.
والـــكـــومـــيـــديـــا لــهــا أيــضــاً حـــضـــور مــتــســع يــشــمــل أكــثــر مــــن عـــشـــرة أفــــــلام مــــن بـيـنـهـا »الــســاهــر« )أو All Nighter ( و »تـــــــشـــــــيـــــــبـــــــس« و»المــــــــضــــــــي بـرفـاهـيـة« (Going in Style) و »ســـانـــدي وكــســلــر « و»كــيــف تصبح عاشقاً لاتينيناً.«
لــكــن الـــنـــوع الــــــذي يــطــرق الــــبــــاب بــــقــــوّة هـــــذا الــصــيــف، وعلى عكس المواسم السابقة، هـــــو الـــــنـــــوع الـــــحـــــربـــــي. مــثــل »الــوســتــرن« )الـــذي سنشاهد مـــنـــه فــيــلــمــين هــــــذا المــــوســــم) و»المـــيـــوزيـــكـــال« )فــيــلــم واحـــد سيعرض في نهاية السنة) فإن أفــلام الـحـرب بـدأت تنشط من دون أن تكون توقفت بالفعل. وفي هذه السنة هناك ٦ فيلماً تقع أحداثها في فترات مختلفة مـن الـتـاريـخ. مـن بينها أربعة أفـــلام مـعـروضـة خــلال الـفـتـرة التي نتحدث عنها.
في السابع من الشهر المقبل نــتــابــع أرمـــــي هــامــر وأنــابــيــل ووليس في فيلم عنوانه »لغم« تـقـع أحــداثــه فــي أفـغـانـسـتـان. وفي الشهر ذاته نشاهد هنري كافيل في الزي العسكري يقاتل في العراق سنة ٢٠٠٣ في فيلم »قلعة رملية«. والعراق مسرح فيلم حـربـي آخـر لــدوغ ليمان مــع آرون تـايـلـور - جـونـسـون والعراقي ليث نخلي.
ثـم نـعـود إلــى أفغانستان مـع بــراد بيت فـي بطولة »آلـة حـرب« ومعه تيلدا سوينتون وبن كينغلسي.
وكخاتمة لا بد من ذكر أن مـن بـين أفــلام التشويق واحـد بــاســم »نــتــيــجــة« Aftermath وهــــــــو مــــــن بــــطــــولــــة أرنـــــولـــــد شـوارتـزنـيـغـر. لكنه لـن يكون شــوارتــزنــيــغــر الــرهــيــب الــذي عــرفــنــاه، بـــل ســيــكــون المـمـثـل الذي بلغ التاسعة والستين من عمره والـذي ما عاد يتقاضى ٢٠ مـلـيـون دولار عــن كــل دور يـؤديـه. كيف سيفعل ذلــك إذا مـا كـانـت مـيـزانـيـة هــذا الفيلم الــجــديــد بــأســرهــا لا تـتـعـدى العشرة ملايين دولار؟
هــذا الـجـانـب يـقـودنـا إلـى معادلة طاحنة: المنافسة بين أفلام الصيف الكبرى هي مثل طحن الحديد بالحديد. ميزانية كـل واحـــد مـن الأفـــلام الكبيرة المـذكـورة )»ترانسفورمرز ٥:« »برمثيوس ٢«: »حراس المجرة ٢«( كذلك أفلام الأنيميشن التي باتت لا تقل كلفة، لا تقل عن ١٥٠ مليون دولار (يتبع كـل منها نحو ٨٠ مليون دولار تصرف في شؤون الدعاية والترويج)، مـــا يـعـنـي أن لــــدى هــولــيــوود بــضــاعــة قـيـمـتـهـا الإجــمــالــيــة تــقــتــرب مــــن مــلــيــاريــن و٥٠٠ مليون دولار عليها أن تجني أضــعــافــهــا لــكــي تـسـتـثـمـرهـا في أفـلام الغد. بالتالي هناك مـنـافـسـة هـــادرة بــين الخمسة عـشـر فيلماً كـبـيـراً أو نحوها سـيـنـتـج عـنـهـا اخـــتـــراق الـقـلـة وسقوط الغالبية.