ﻏﻀﺐ وﺳﻂ اﻟﺠﺎﻟﻴﺎت اﳌﺴﻠﻤﺔ ﺑﻌﺪ ﺣﻈﺮ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ
ﻣﺨﺎوف ﻣﻦ أن ﻳﺸﺠﻊ اﻟﻘﺮار ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﶈﺠﺒﺎت واﺳﺘﻬﺪاﻓﻬﻦ ﰲ أوروﺑﺎ
أﺟﺎزت ﻣﺤﻜﻤﺔ اﻟﻌﺪل اﻷوروﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﻛﺴﻤﺒﻮرغ، أﻣﺲ، ﻷرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ »ﺣــﻈـــﺮ ارﺗـــــــﺪاء اﻟــﺤــﺠــﺎب ﻓـــﻲ أﻣــﺎﻛــﻦ اﻟـﻌـﻤـﻞ، إذا ﻛـﺎﻧـﺖ اﻟــﺮﻣــﻮز اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳﺔ ﻣﺤﻈﻮرة ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎم ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ، وإذا ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫـﻨـﺎك أﺳــﺒــﺎب وﺟـﻴـﻬـﺔ ﻟـﺬﻟـﻚ«، وﻫــــﻮ ﻣـــﺎ أﺛـــــﺎر ﺳــﺨــﻂ وﻏــﻀــﺐ آﻻف اﻷﺳﺮ اﳌﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ.
وﻓـﻲ ﺣﲔ رأى ﺑﻌﺾ اﳌﺮاﻗﺒﲔ اﻷوروﺑــﻴــﲔ ﻓـﻲ ﺑـﺮوﻛـﺴـﻞ أن ﻗﻀﻴﺔ ارﺗــــﺪاء اﻟــﺮﻣــﻮز اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ، ﺧﺼﻮﺻﴼ اﻟﺤﺠﺎب، »ﻻ ﺗﺰال ﺗﺜﻴﺮ ﺟﺪﻻ واﺳﻌﴼ ﻓـﻲ أوﺳــﺎط اﳌﺠﺘﻤﻊ، وﺗﺸﻜﻞ ﻣـﺎدة دﺳﻤﺔ ﺗﻐﺬي ﺧﻄﺎب ﺗﻴﺎرات اﻟﻴﻤﲔ اﳌﺘﻄﺮف«، ﻋﻠﻘﺖ ﺗﻘﺎرﻳﺮ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺑـﺮوﻛـﺴـﻞ ﺑـﺎﻟـﻘـﻮل إﻧـﻬـﺎ اﳌـــﺮة اﻷوﻟــﻰ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺠــﻴــﺰ ﻓــﻴــﻬــﺎ ﻣــﺤــﻜــﻤــﺔ اﻟــﻌــﺪل اﻷوروﺑــــــﻴــــــﺔ ﻟـــﺼـــﺎﺣـــﺐ اﻟـــﻌـــﻤـــﻞ ﻣـﻨـﻊ ارﺗﺪاء اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ داﺧﻞ ﺷﺮﻛﺘﻪ، وﻫـﻮ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤﺎت اﻟﻠﻮاﺗﻲ ﻳﺮﺗﺪﻳﻦ اﻟﺤﺠﺎب ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﺸﻌﺮن ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺮار ﺧﻄﻮة ﺳﺘﺸﺠﻊ أرﺑﺎب اﻟﻌﻤﻞ ﻓـــﻲ اﳌــﺴــﺘــﻘــﺒــﻞ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺘــﺨــﻠــﺺ ﻣـﻦ اﳌﺤﺠﺒﺎت واﺳﺘﻬﺪاﻓﻬﻦ.
وﺟﺎء ﺣﻜﻢ اﳌﺤﻜﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ دﻋﻮى ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ اﻣﺮأﺗﺎن ﻣﺴﻠﻤﺘﺎن ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﺑﻠﺠﻴﻜﺎ، ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺼﻠﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ، إﺛﺮ رﻓﻀﻬﻤﺎ ﺧﻠﻊ اﻟﺤﺠﺎب. وﺗﺘﻌﻠﻖ اﻟﺪﻋﻮى اﻷوﻟﻰ ﺑﺎﻣﺮأة ﺗﺪﻋﻰ ﺳــﻤــﻴــﺮة إﻳـــــﻪ، ﻋــﻤــﻠــﺖ ﻟــﺜــﻼﺛــﺔ أﻋــــﻮام ﻣﻮﻇﻔﺔ اﺳﺘﻘﺒﺎل ﻟﺪى ﺷﺮﻛﺔ أﻣﻦ ﻓﻲ ﺑﻠﺠﻴﻜﺎ، وﻋﻘﺐ ﻓﺼﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ، وﺣﺼﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻮﻳﺾ، ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺳﻤﻴﺮة ﺑﺪﻋﻮى أﻣـﺎم اﳌﺤﻜﻤﺔ، اﻟﺘﻲ ذﻛــﺮت ﻓـﻲ ﺣﻴﺜﻴﺎت ﻗـﺮارﻫـﺎ ﻋـﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻋﻮى، أن ﺣﻈﺮ اﻟﺤﺠﺎب ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﺗﻤﻴﻴﺰﴽ ﻣﺒﺎﺷﺮﴽ ﺿﺪ اﳌــﺪﻋــﻴــﺔ، ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻣــﻦ اﳌـﻤـﻜـﻦ أن ﻳﻜﻮن »ﺗﻤﻴﻴﺰﴽ ﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ«.
أﻣــﺎ اﻟــﺪﻋــﻮى اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻓﺘﻘﺪﻣﺖ ﺑﻬﺎ أﺳﻤﺎء ﺑﻲ، اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٨٠٠٢ ﻣﺼﻤﻤﺔ ﺑﺮاﻣﺞ ﺣﺎﺳﻮﺑﻴﺔ ﻟـــﺪى إﺣــــﺪى اﻟــﺸــﺮﻛــﺎت ﻓــﻲ ﻓـﺮﻧـﺴـﺎ. ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟـﻢ ﺗـﻜـﻤـﻞ ﻋﺎﻣﻬﺎ اﻷول ﺣﺘﻰ ﻓﻘﺪت وﻇﻴﻔﺘﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﻜﻮى ﺗﻘﺪم ﺑﻬﺎ أﺣﺪ اﻟﻌﻤﻼء ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻮﻟﻮز، ﺑــﺴــﺒــﺐ ارﺗـــﺪاﺋـــﻬـــﺎ اﻟـــﺤـــﺠـــﺎب ﺧــﻼل اﻟﻌﻤﻞ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻃﻠﺒﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻣـــﻦ أﺳـــﻤـــﺎء ﻋـــﺪم ارﺗــــــﺪاء اﻟــﺤــﺠــﺎب، إﻻ أﻧـﻬـﺎ أﺻـــﺮت ﻋـﻠـﻰ ارﺗــﺪاﺋــﻪ، ﻣﻤﺎ أدى ﻓـــﻲ اﻟــﻨــﻬــﺎﻳــﺔ إﻟـــﻰ ﻓـﺼـﻠـﻬـﺎ ﻣﻦ اﻟــﻌــﻤــﻞ، وﻫـــﻮ ﻣــﺎ دﻓـــﻊ ﺑــﺄﺳــﻤــﺎء إﻟـﻰ اﻟﺘﻘﺪم ﺑﺪﻋﻮى أﻣﺎم اﳌﺤﻜﻤﺔ ﺑﺘﻬﻤﺔ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ.
وﺑـــﺨـــﺼـــﻮص ﻫــــــﺬه اﻟــــﺪﻋــــﻮى، ذﻛﺮت اﳌﺤﻜﻤﺔ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ ﻋــﻠــﻰ وﺟـــﻪ اﻟــﺨــﺼــﻮص ﻣــﺎ إذا ﻛــﺎن ارﺗـــــــﺪاء اﻟــﺤــﺠــﺎب ﻳــﻨــﺘــﻬــﻚ اﻟــﻘــﻮاﻋــﺪ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ، أم ﻻ.
وﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﺎﺿﻲ، أرﺳﻠﺖ وزارة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﻣـــﺤـــﺎﻣـــﻴـــﴼ إﻟــــــــﻰ ﻣـــﺤـــﻜـــﻤـــﺔ اﻻﺗـــــﺤـــــﺎد اﻷوروﺑﻲ، ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓـــﻴـــﻤـــﺎ ﻳــﺘــﻌــﻠــﻖ ﺑـــﻔـــﺼـــﻞ اﳌــﺤــﺠــﺒــﺎت ﻣــﻦ اﻟــﻌــﻤــﻞ. وﻧـﻘـﻠـﺖ وﺳــﺎﺋــﻞ اﻹﻋـــﻼم اﳌـﺤـﻠـﻴـﺔ ﻋــﻦ اﻟــﺨــﺎرﺟــﻴــﺔ اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﻗﻮﻟﻬﺎ إﻧﻬﺎ ﺗﺆﻳﺪ ﺣﻖ اﳌﺴﻠﻤﺎت ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ارﺗﺪاء اﻟﺤﺠﺎب، ﻣﻮﺿﺤﺔ أﻧـــــﻪ إذا ﺗــﻌــﺮﺿــﺖ اﳌـــﻮﻇـــﻔـــﺔ ﻟــﻠــﻄــﺮد ﻣــــﻦ اﻟــﻌــﻤــﻞ ﺑــﺴــﺒــﺐ اﻟـــﺤـــﺠـــﺎب، ﻓــﺈن ﻫـــﺬا اﻟــﺘــﺼــﺮف ﻳــﻌــﺪ ﻋــﻤــﻼ ﻋﻨﺼﺮﻳﴼ ﻣﺒﺎﺷﺮﴽ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻤﻞ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ أي ﻋﺎﻣﻞ ﻣﻦ ارﺗﺪاء اﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، وإذا ﻃﺮده ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻋﻤﻼ ﻋﻨﺼﺮﻳﴼ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻣـــﺒـــﺎﺷـــﺮ. وﻗــــﺎﻟــــﺖ ﺻـﺤـﻴـﻔـﺔ »إﻳﺸﻮ« ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﺑﺎﻹﻧﺘﺮﻧﺖ إن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﻫﺬا ﻳﻌﺪ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻣـﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺑـﲔ دول اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑــــﻲ ﻓـﻲ ﻫــﺬا اﻟــﺼــﺪد، ﻣﻀﻴﻔﺔ أﻧﻬﺎ أرادت اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﳌﻮﻗﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓـﻲ ﻫــﺬا اﳌـﻮﺿـﻮع، ﻟــﻜــﻨــﻬــﺎ ﻟــــﻢ ﺗـــﺘـــﻠـــﻖ ردﴽ ﻣــــﻦ وزارات اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﻌﻤﻞ واﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، أو ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وذﻟــﻚ ﻏـﺪاة إﺻــﺪار اﳌﺴﺘﺸﺎرة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻤﺤﻜﻤﺔ اﻻﺗــﺤــﺎد اﻷوروﺑـــــﻲ رأﻳـــﴼ ﺑﺨﺼﻮص ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻮاﻃﻨﺔ ﺑﻠﺠﻴﻜﻴﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻴﻪ إﻧﻪ ﺑﺈﻣﻜﺎن أي ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻨﻊ ﻋﺎﻣﻼﺗﻬﺎ ﻣﻦ ارﺗﺪاء اﻟﺤﺠﺎب، إذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺤﻈﺮ ﻳﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﺸﺮﻛﺔ ﺗﻤﻨﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﳌﺮﺋﻴﺔ.