أي دروس ﻓﻲ زﻣﺎن »ﺑﺮﻳﻜﺴﺖ«؟
٠٠٤ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﻃﺮد اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺑﻼدﻫﻢ
ﻣـﻬـﻤـﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣـﺮﺟـﻌـﻴـﺘـﻚ اﻟــﻌــﺮﻗــﻴــﺔ أو اﻟــﺪﻳــﻨــﻴــﺔ أو اﻟــﺜــﻘــﺎﻓــﻴــﺔ، ﻓــــﺈن ﻗـــــﺮاءة ﺗــﺎرﻳــﺦ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﲔ - اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻹﺳﺒﺎن اﳌﻌﺎﺻﺮون ﺗﺴﻤﻴﺔ اﳌﻮرﻳﺴﻜﻴﲔ أي اﳌﻮر اﻟﺼﻐﺎر - وﺣﺮب اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺷﻨﻬﺎ ﻣﻠﻮك إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺿﺪ اﻹﺳﺒﺎن اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣﻦ ﺳﻘﻮط ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ - آﺧﺮ ﻣﻤﺎﻟﻚ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ اﻷﻧﺪﻟﺲ - ﻋﺎم ٢٩٤١ إﻟﻰ اﻟﺘﺮﺣﻴﻞ اﳌﺄﺳﺎوي اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻟﻨﺤﻮ ﻧﺼﻒ اﳌﻠﻴﻮن ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺎم ٤١٦١ ﺗﺼﻴﺐ اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻐﺼﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺸﻔﻰ ﻣﻨﻬﺎ أﺑﺪﴽ، وﺗــﻤــﺜــﻞ ﺣـﻠـﻘـﺔ ﻣــﻦ أﻓــﻈــﻊ ﺣــــﺮوب اﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﻌﺮﻗﻴﺔ - اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺬﺗﻬﺎ دول ﺿﺪ أﻗـﻠـﻴـﺎت ﻣـﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ، ﻟﻴﺲ آﺧـﺮﻫـﺎ ﻧﻜﺒﺔ ٨٤٩١ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﲔ اﳌﺤﺘﻠﺔ.
»ﺣـــــــﺮوب اﻟــﺘــﻄــﻬــﻴــﺮ« ﻫـــــﺬه ﻳــﻤــﻜــﻦ أن ﺗﺘﻜﺮر ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ، وﻫﺎ ﻫﻮ اﳌﺆرخ اﻟــﺒــﺮﻳــﻄــﺎﻧــﻲ ﻣــﺎﺛــﻴــﻮ ﻛـــــﺎر ﻳـــﺤـــﺬر اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ، ﻓــﻲ ﺧــﺎﺗــﻤــﺔ ﻛــﺘــﺎﺑــﻪ »دﻣـــــﺎء وإﻳـــﻤـــﺎن« اﻟــﺬي ﺻــﺪرت ﻃﺒﻌﺘﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة أﺧﻴﺮﴽ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن، ﻣـﻦ أن ﻣـﻮﺟـﺔ اﻟﻐﻀﺐ اﳌﺘﺼﺎﻋﺪ ﻓـﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﻠﺪ ﻋﺒﺮ اﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺘﻲ اﻷﻃﻠﺴﻲ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺔ اﻷﺟـﺎﻧـﺐ وﺧﺼﻮﺻﴼ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻣـﻨـﻬـﻢ، ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﻷن ﺗــﺄﺧــﺬﻧــﺎ إﻟـــﻰ أﺟـــﻮاء »ﻫـﻮﻟـﻮﻛـﻮﺳـﺖ« ﺟـﺪﻳـﺪ ﺿـﺪ اﻷﻗــﻠــﻴــﺎت، ﻓﻲ اﺳــﺘــﻌــﺎدة ﻣــﺆﳌــﺔ ﳌـــﺎ وﺻــﻔــﻪ أﺣـــﺪ اﻟــﻜــﺘــﺎب اﻷوروﺑــﻴــﲔ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺮن اﻟـﺴـﺎﺑـﻊ ﻋـﺸـﺮ ﺑﺄﻧﻪ »اﻟــﺤــﻞ اﻹﺳــﺒــﺎﻧــﻲ اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻲ ﳌـﺴـﺄﻟـﺔ ﻻ ﺣﻞ ﻟﻬﺎ«.
ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪت أﺣـﺪاث ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة اﳌﺆﳌﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ أوروﺑـﺎ اﻫﺘﻤﺎﻣﴼ ﺑﺪا اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﴼ ﺑــﲔ اﳌــﺆرﺧــﲔ ﻓــﻲ اﻟـﻌـﻘـﻮد اﻷﺧــﻴــﺮة، ﻟﻜﻨﻪ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ ﺣﺒﻴﺲ أﺑﺮاج اﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﺎت وﻟﻢ ﻳﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ إﻃﺎر اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ، وﻟﺬا ﻓﻜﺘﺎب ﻛﺎر ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﺮﻳﺌﺔ ﻟﻨﻘﻞ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ إﻟــــﻰ اﻟــﺠــﻤــﻬــﻮر اﻷوروﺑـــــــﻲ اﳌــﻌــﺎﺻــﺮ دون اﺗـﺨـﺎذ ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺤﺪد ﻣـﻊ أي ﻣـﻦ اﻟﻄﺮﻓﲔ، وﻣـــﻦ ﺧـــﻼل اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺰ ﻋـﻠـﻰ ﺗـﻘـﺪﻳـﻢ رواﻳـــﺎت وﻧﺼﻮص ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻷﻓﺮاد ﻋﺎﺷﻮا آﻻم ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ وﻛﺘﺒﻮا اﻧﻄﺒﺎﻋﺎﺗﻬﻢ وﺷﻬﺎداﺗﻬﻢ، ﻋــﻠــﻨــﺎ ﻓـــﻲ أﻳــــــﺎم »اﻟـــﺒـــﺮﻳـــﻜـــﺴـــﺖ«، وﺗـــﺮﻣـــﺐ، واﻟﺸﻮﻓﻴﻨﻴﺔ اﳌﺘﺼﺎﻋﺪة ﻳﻮﻣﴼ ﻓﻴﻮﻣﴼ، ﻧﺘﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﻜﺮار إﻳﻘﺎع اﻷﻟﻢ ﺑــﺎﻵﺧــﺮ - اﳌـﺨـﺘـﻠـﻒ - ﳌــﺠــﺮد اﻻﺷــﺘــﺒــﺎه ﻓﻲ اﺧﺘﻼﻓﻪ.
ﻳــﺒــﺪأ ﻛـــﺎر ﺗــﺎرﻳــﺨــﻪ ﻣــﻦ ﻟـﺤـﻈـﺔ اﻷﻓـــﻮل اﻟــﻨــﻬــﺎﺋــﻲ ﳌــﻤــﺎﻟــﻚ اﳌـﺴـﻠـﻤـﲔ ﻓــﻲ اﻷﻧــﺪﻟــﺲ. ﻛــــﺎﻧــــﺖ ﻏـــﺮﻧـــﺎﻃـــﺔ وﻗـــﺘـــﻬـــﺎ ﺗــﻤــﺜــﻞ ﻟــﻠــﻨــﺨــﺒــﺔ اﳌــﺴــﻴــﺤــﻴــﺔ اﻟــﺤــﺎﻛــﻤــﺔ - وﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺮﻏـــﻢ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻴﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﺳﻼم وﺗﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ اﳌﻤﺎﻟﻚ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ واﻷراﻏﻮن - ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻛــﺎن ﻻ ﺑــﺪ ﻣﻦ اﺳــﺘــﺌــﺼــﺎﻟــﻬــﺎ، إذ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻟــﻬــﺎ ﻣــﻨــﺎﻓــﺬ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺮ، وﺟﻴﺶ ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ وﻗﺪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﺮ إﻟﻰ ﻓﺘﺢ أﺑﻮاﺑﻬﺎ ﻟﻸﺗﺮاك اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﺑﺪا ﻧﺠﻤﻬﻢ ﻳﻠﻤﻊ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب أوروﺑﺎ.
ﺷـــــــﻦ ﺗـــــﺤـــــﺎﻟـــــﻒ اﳌـــــﻠـــــﻜـــــﲔ إﻳـــــﺰاﺑـــــﻴـــــﻼ وﻓﻴﺮدﻳﻨﺎﻧﺪ ﺣﺮﺑﴼ ﺻﻠﻴﺒﻴﺔ اﺳﺘﻤﺮت ﻧﺤﻮ ٠١ أﻋــﻮام ﺿـﺪ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺴﻘﻮﻃﻬﺎ اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﻋﺎم ٢٩٤١. ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻐﺮﻗﺔ ﺑﺮﻣﺰﻳﺘﻬﺎ ﺑﻤﺎ أﻃﻠﻘﺘﻪ ﻣــﻦ ﻧـﻬـﺎﻳـﺎت وﺑــﺪاﻳــﺎت. ﻓـﻔـﻲ إﺣـــﺪى ﻟﻴﺎﻟﻲ ﻳﻨﺎﻳﺮ )ﻛـﺎﻧـﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ( اﻟـﺒـﺎردة ذﻟـﻚ اﻟﻌﺎم اﻧﺘﻬﺖ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ اﻟﻔﺮﻳﺪة - ﻋﻠﻰ ﻣـﺴـﺘــﻮى اﻟــﺒــﺸــﺮﻳــﺔ - ﻹﻣــﻜــﺎن ﺑــــﺰوغ ﻣـﻨـﺎخ ﺛﻘﺎﻓﻲ وﻋﻠﻤﻲ ﻓﺎﺋﻖ ﻓﻲ إﻃﺎر ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﻨﻮع ﺳﻤﺘﻪ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ وﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ، إذ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺒﻘﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻛﺐ وﻟﻌﺪة ﻗﺮون، وﻋﻠﻰ رﻏﻢ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺮوب اﻷﻫﻠﻴﺔ وﺻﺮاﻋﺎت اﻟﺤﺪود واﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ، ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺟﻨﺔ ﺗﻌﺎﻳﺶ ﺑﲔ ﻣﺪن - دول وﻃﻮاﺋﻒ وإﺛﻨﻴﺎت وأﻧﺠﺰت ﻛﺘﺒﴼ وﻋﻠﻮﻣﴼ وﺛﻘﺎﻓﺔ وﻓﻨﻮﻧﴼ وﻣﻮﺳﻴﻘﻰ ﻣﺬﻫﻠﺔ، أﻗﻠﻪ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﺤﻴﻄﻬﺎ اﻷوروﺑــﻲ اﳌﺎﺋﻞ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺼﺐ واﻟﺘﻮﺣﺶ واﻟﻈﻼﻣﻴﺔ. أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﺳﺒﺎن اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻹﻳﺒﻴﺮﻳﺔ واﺳـــﺘـــﻌـــﺎدﺗـــﻬـــﺎ ﻣــــﻦ )اﻟــــــﻐــــــﺰاة( اﳌــﺴــﻠــﻤــﲔ، واﻧــﻄــﻼق اﻹﻣــﺒــﺮاﻃــﻮرﻳــﺔ اﻹﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻌﻤﺮت ﻣﺎ ﺳﻤﻲ ﺑﺎﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ.
ﺑﲔ ﻫـﺬه اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت واﻟﺒﺪاﻳﺎت، ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺑﺪاﻳﺔ أﺧﺮى أﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﻨﻬﺎﻳﺔ؛ إﻧﻬﺎ ﻣﺄﺳﺎة ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﻷﻧـﺪﻟـﺲ - ﻣﺴﻠﻤﲔ وﻳﻬﻮدﴽ وﺣﺘﻰ ﻣﺴﻴﺤﻴﲔ ﻏﻴﺮ ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻚ - اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻘﻄﺖ دوﻟﺘﻬﻢ اﻷﺧﻴﺮة، وﺗﺤﻮﻟﻮا ﻓـــﻲ ﻳــــﻮم وﻟــﻴــﻠــﺔ إﻟــــﻰ أﻗــﻠــﻴــﺔ ورﻋــــﺎﻳــــﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺮﻏﻮب ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ.
ﻗــــــﺮر اﳌـــــﻠـــــﻮك اﻹﺳــــــﺒــــــﺎن أن اﻟـــﺪﻳـــﺎﻧـــﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﻴﺴﻤﺢ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻫﻲ اﻟﻜﺜﻠﻜﺔ، وﻛﻞ ﻣﻦ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺘﺤﻮل ﻋﻦ دﻳﻨﻪ اﳌﺨﺘﻠﻒ ﻓﺘﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣـﻐـﺎدرة اﻷراﺿــﻲ اﻹﺳــﺒــﺎﻧــﻴــﺔ ﻣــﻦ ﻏــﻴــﺮ رﺟــﻌــﺔ. وﻫــﻜــﺬا ﻋــﻤــﺪ ﻣﻼﻳﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ اﻟﺬﻳﻦ رﻏﺒﻮا ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﺑﻼدﻫﻢ ﻛﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ، وﻃﺮد اﻟﻴﻬﻮد اﻹﺳﺒﺎن وﺑﻌﺾ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﺠﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪ أن أﺟﺒﺮوا ﻋـﻠـﻰ ﺑـﻴـﻊ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﻢ ﺑﻘﻴﻢ رﻣــﺰﻳــﺔ ودﻓــﻊ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ ﺗﺮﺣﻴﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد.
ﻟـــﻜـــﻦ ذﻟـــــﻚ ﻟــــﻢ ﻳـــﺤـــﻞ ﻣــﺸــﻜــﻠــﺔ اﻟــﻨــﻘــﺎء اﻟــﻌــﺮﻗــﻲ اﻟــﺘــﻲ وﻇـﻔـﺘـﻬـﺎ اﻟـﻄـﺒـﻘـﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟــﻀــﻤــﺎن اﺳــﺘــﻤــﺮار ﺳــﻴــﻄــﺮﺗــﻬــﺎ اﻟـﻐـﺎﺷـﻤـﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ وﻛﺎﻧﺖ زادﺗﻬﺎ اﻟﻜﻨﻮز اﳌﺴﺮوﻗﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺎرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺻﻠﻔﴼ ﻓﻮق ﺻﻠﻒ، إذ إن ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻹﺳﺒﺎن اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻗﺒﻠﻮا اﻟﺘﻌﻤﻴﺪ ﺗﻈﺎﻫﺮﴽ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ اﺣﺘﻔﻈﻮا ﺑﺪﻳﻨﻬﻢ، ﺑﻞ وﺗﺂﻣﺮوا ﻟﺸﻦ ﺛﻮرات واﻧﺘﻔﺎﺿﺎت ﻋﺪة ﺿﺪ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻗﻤﻌﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﺑـﻌـﻨـﻒ ﻏـﻴـﺮ ﻣــﺴــﺒــﻮق، وأﻃـﻠـﻘـﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﺳﻴﺌﺔ اﻟﺬﻛﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺪر أﺣﻜﺎﻣﴼ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﻘﺴﻮة ﻋﻠﻰ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﻳـﺸـﻚ ﺑﺤﺴﻦ ﺗﺤﻮﻟﻪ إﻟــﻰ اﻟﻜﺜﻠﻜﺔ ﺑﺄﻗﻞ اﻷﺷﻴﺎء ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺤﻤﺎم - اﻟــﺬي ﻛــﺎن ﻋــﺎدة ﻣﺴﺘﻬﺠﻨﺔ ﻋﻨﺪ اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ. ﺑـﺪا ﺑﻌﺪﻫﺎ أن اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﻗـــﺪ وﺻــــﻼ إﻟــــﻰ ﻧــﻘــﻄــﺔ اﻟــــﻼﻋــــﻮدة، وﺑــــﺪأت دواﺋﺮ اﻟﺤﻜﻢ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺣﻠﻮل أﻛﺜﺮ ﺟﺬرﻳﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ أﻗﻠﻴﺘﻬﺎ اﳌﻮرﻳﺴﻜﻴﺔ، ﻓﻜﺎن ﻗـﺮار ﺗﺮﺣﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب اﳌـــﺎﺋـــﺔ أﻟــــﻒ ﻣــﻨــﻬــﻢ ﻣـــﻦ ﻣــﺪﻧــﻬــﻢ إﻟــــﻰ ﻋﻤﻖ اﻷراﺿـــﻲ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺸـﻤـﺎل. ﻟـﻢ ﻳﻌﺪ اﻹﺳـــﺒـــﺎن ﻫــﻨـﺎ ﻳــﻔــﺮﻗــﻮن ﺑــﲔ ﻣﻮرﻳﺴﻜﻴﲔ ﺧﺎﻧﻌﲔ ﻛﻤﺎ رﻋﺎﻳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ وأراﻏﻮن وﺑـــﲔ اﳌــﻮرﻳــﺴــﻜــﻴــﲔ اﳌــﺘــﻤــﺮدﻳــﻦ ﺷــﺪﻳــﺪي اﻷﻧــﻔــﺔ ﻣــﻦ اﻟــﻐــﺮﻧــﺎﻃــﻴــﲔ. اﻟــﺠــﻤــﻴـﻊ ﻛــﺎﻧــﻮا ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ اﳌﻨﺘﺼﺮﻳﻦ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻣﺠﺮﻣﲔ وﻟـﺼـﻮص وﻗـﻄـﺎع ﻃــﺮق ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻨﻈﻴﻒ اﻟـﺒـﻼد ﻣﻨﻬﻢ. وﻫـﻜـﺬا أرﺳــﻞ آﻻف اﳌــﻮرﻳــﺴــﻜــﻴــﲔ إﻟــــﻰ ﺣــﺘــﻔــﻬــﻢ ﻋــﺒــﺮ اﻟــﺒــﺤــﺮ ﺑـﺎﺗـﺠـﺎه ﻣﺴﺘﻌﻤﺮات إﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺎ اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة، واﺑﺘﺪﻋﺖ ﺧــﻼل ﻋــﺪة ﻋﻘﻮد أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻓﻈﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﻢ ودﻓﻌﻬﻢ ﻟﻠﻬﺠﺮة، إﻟﻰ أن ﺗﺒﻠﻮر اﻟﻘﺮار اﻟﻨﻬﺎﺋﻲ ﺑﻄﺮدﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ﻋﺎم ٩٠٦١، إذ ﺗﻢ ﺗﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ﻧﺼﻒ اﳌﻠﻴﻮن ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن اﳌﻮرﻳﺴﻜﻴﲔ ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ وأرﺳﻠﻮا إﻟﻰ اﳌﻮاﻧﺊ ﻟﺘﺮﺣﻴﻠﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ.
ﻳﺼﻮر ﻛﺎر ﻣﺸﺎﻫﺪ ﺗﺪﻣﻲ اﻟﻘﻠﻮب ﻋﻦ اﻟﻌﺬاﺑﺎت اﻟﺘﻲ أﺧﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﳌﻬﺠﺮون ﻣﻦ ﺑﻼدﻫﻢ، إذ ﻗﻀﻰ آﻻف ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺤﻤﻠﻬﻢ اﻟــﺴــﻔــﻦ، وﺗــﻔــﺮﻗــﺖ اﻟــﻌــﺎﺋــﻼت، واﻧـﺘـﻬـﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣــﻦ اﻷﻃــﻔــﺎل اﳌـﺴـﻠـﻤـﲔ إﻟـﻰ ﺗــﺮك أﻫﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ أو ﺑﺎﻟﻌﻨﻒ ﻛـﻲ ﺗﻨﻘﺬ أرواﺣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ، وﺣﺘﻰ اﻟﺬﻳﻦ ﻧﺠﻮا ﻣﻦ أﻋﻮاء اﻟﺘﺮﺣﻴﻞ اﳌﺬل وﻧﺰﻟﻮا ﻋﻠﻰ ﺷـﻮاﻃـﺊ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﻠﻘﻔﺘﻬﻢ ﻋﺼﺎﺑﺎت ﻟﺼﻮص ﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ اﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻓﻴﻬﻢ ﻟــﻘــﻤــﺔ ﺳــﺎﺋــﻐــﺔ. وﻗــــﺪ ﺷـــﺎﻫـــﺪ ﻛــــﺎر ﻟــﻮﺣــﺎت ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة - ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺑﻬﺎ اﻵن ﻓﻲ ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺎت ﺧــﺎﺻــﺔ - ﺗــﺼــﻮر اﻧــﺘــﺼــﺎرات اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﻋﻠﻰ اﳌﻮرﻳﺴﻜﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎوﻣﻮا ﻣﺤﺎوﻻت اﺟﺘﺜﺎﺛﻬﻢ ﻣﻦ أرﺿﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺮﻳﻒ اﻟﻔﺎﻻﻧﺴﻲ اﻷﺧﻴﺮة، وإﺣﺪاﻫﺎ ﺗﺼﻮر اﻟﺠﺮف اﻟﺬي أﻟﻘﺖ ﻋﺸﺮات اﻟﻨﺴﺎء اﳌﺴﻠﻤﺎت ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻦ وأﻃﻔﺎﻟﻬﻦ ﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﳌﻮت ﻟﺘﺠﻨﺐ اﻟﺘﺮﺣﻴﻞ اﻟﻘﺴﺮي.
اﻟــﻼﻓــﺖ ﻓــﻲ ﺳــﻴــﺮة اﻷﻟـــﻢ ﻫـــﺬه أﻣـــﺮان أﺳـــﺎﺳـــﻴـــﺎن ﻳـــﺜـــﻴـــﺮان اﻟــــﺮﻋــــﺐ ﻣــــﻦ إﻣـــﻜـــﺎن اﺳﺘﻌﺎدة اﳌﺸﻬﺪ اﻟﻘﺎﺳﻲ راﻫﻨﴼ؛ أوﻟﻬﻤﺎ أن اﻟﺤﻜﺎم اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺎ اﻓﺘﻌﻠﻮا ﻋـــــﺪاوات ﻏـﻴـﺮ ﻣــﺒــﺮرة ﺿــﺪ اﳌـﻮرﻳـﺴـﻜـﻴـﲔ ﻟﺘﺠﻴﻴﺶ ﺷـﻌـﻮﺑـﻬـﻢ، ﻋـﻠـﻰ اﻟــﺮﻏــﻢ ﻣــﻦ أن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺿﺪ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺒﻼد اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ - ﺣﺘﻰ ﻟـﻮ وﺿﻌﻨﺎ اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻷﺧــــﻼﻗــــﻴــــﺔ ﺟـــﺎﻧـــﺒـــﺎ - ﻓــﺎﳌــﻮرﻳــﺴــﻜــﻴــﻮن ﻛــﺎﻧــﻮا ﻧـﺘـﺎج ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﺤﻀﺮ أﺑـــﺪع ﻓﻲ اﻟــﺤــﺮف واﻟــﺼــﻨــﺎﻋــﺎت واﻟـــﺰراﻋـــﺔ، وﻫـﻜـﺬا ﻛــــﺎن ﻓــﻘــﺪاﻧــﻬــﻢ ﻧــﺰﻳــﻔــﴼ اﻗـــﺘـــﺼـــﺎدﻳـــﴼ أﻧــﻬــﻚ اﻹﻣــــﺒــــﺮاﻃــــﻮرﻳــــﺔ اﻹﺳـــﺒـــﺎﻧـــﻴـــﺔ، واﻋـــﺘـــﺒـــﺮه اﳌــﺆرﺧــﻮن أﺣــﺪ ﻋـﻮاﻣـﻞ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻻﺣﻘﴼ. ﻓﺎﻟﺘﻌﺼﺐ اﻷﻋﻤﻰ ﻻ ﺷﻚ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ ﺑــﺄن ﺗﻘﻮد اﻟﺸﻌﻮب إﻟــﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﺣﺘﻰ ﺿﺪ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ. أﻣﺎ اﻷﻣﺮ اﻵﺧﺮ ﻓﻬﻮ وﺛﺎﺋﻖ ﺗﻠﻚ اﳌﺮﺣﻠﺔ - اﻟﺘﻲ اﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺎر - وﺗﻈﻬﺮ أن ﺗﻴﺎرﴽ ﻋﺮﻳﻀﴼ ﻣﻦ ﻛﻮادر اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ وﻗﺘﻬﺎ ﻛـﺎﻧـﻮا ﻣـﺼـﺪوﻣـﲔ ﻣﻦ ﻓﻈﺎﻇﺔ ﻗـﺮارات اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺘﻌﺎﻃﻔﲔ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﳌﻄﻠﻖ ﳌﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻷﻣﻮر ﻋﻠﻰ اﻷرض. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻬﻮن دوﻣــــــﴼ إﻟـــــﻰ ﺗــﻨــﻔــﻴــﺬ ﺗـــﻠـــﻚ اﻟــــــﻘــــــﺮارات ﺿـﺪ رﻋﺎﻳﺎﻫﻢ وﺟﻴﺮاﻧﻬﻢ وأﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ. أي أن ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺘﺮﺣﻴﻞ واﻟﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪف اﻵﺧــﺮ اﳌﺴﺘﺒﺎح ﻳﺘﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻧﺎس ﻋﺎدﻳﲔ، ﻏﻴﺮ ﻓﺎﺳﺪﻳﻦ رﺑــﻤــﺎ وﻏــﻴــﺮ ﻣـﺘـﺤـﺎﻣـﻠـﲔ ﻳـﻤـﻜـﻨـﻬـﻢ - دون اﻟﺘﻌﺎرض ﻣﻊ أي ﻣﻦ ﻣﺒﺎدﺋﻬﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ - أن ﻳﺸﺘﺮﻛﻮا وﺑﻜﻞ إﺧــﻼص ﻓـﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺗﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﺸﺎﻋﺘﻬﺎ واﻧﻌﺪام إﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻬﺎ.
»دﻣﺎء وإﻳﻤﺎن« ﺻﺮﺧﺔ ﻓﻲ وﺟﻪ أوﻟﺌﻚ اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳــﺮﻳــﺪون أن ﻳـﺤـﻮﻟـﻮا ﺑﻌﻨﺼﺮﻳﺘﻬﻢ اﳌﻘﻴﺘﺔ اﻟﻴﻮم ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻗﺒﻞ ٠٠٤ ﻋﺎم ﻣﻦ اﻟﻴﻮم.
اﻟﻜﺘﺎب: دﻣﺎء وإﳝﺎن Blood & Faith اﳌﺆﻟﻒ: ﻣﺎﺛﻴﻮ ﻛﺎر اﻟﻨﺎﺷﺮ: ﺳﻲ ﻫﲑﺳﺖ