ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻄﻴﺮان: إﻧﻬﺎء ﺗﻜﺪﻳﺲ اﻟﻄﺎﺋﺮات ﺿﺮورة
ﺟـــــﺎءت اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت، اﻟــﺘــﻲ ﻛﺸﻒ ﻋﻨﻬﺎ ﻫــﺬا اﻷﺳــﺒــﻮع ﺣــﻮل أن ﺷﺮﻛﺎت اﻟــﻄــﻴــﺮان ﺗـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻣــﺴــﺄﻟــﺔ اﻹﻓـــــﺮاط ﻓﻲ ﻗـــﺒـــﻮل اﻟــــﺤــــﺠــــﻮزات ﻋـــﻠـــﻰ ﻃــﺎﺋــﺮاﺗــﻬــﺎ ﻛﺴﻴﺎﺳﺔ ﻟـﻬـﺎ وأن ﺑـﻤـﻘـﺪورﻫـﺎ إﺟـﺒـﺎر رﻛﺎب ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدرة ﻃﺎﺋﺮاﺗﻬﺎ، ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺻـــﺪﻣـــﺔ ﻟــﻠــﻤــﻼﻳــﲔ ﻣـــﻦ ﺷــﻴــﻜــﺎﻏــﻮ إﻟــﻰ اﻟﺼﲔ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻓﺈن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﻫﺬا ﻗﺪﻳﻢ ﻗﺪم ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﻄﻴﺮان ذاﺗﻬﺎ.
ﻣـﻊ ﺗﺤﺮﻛﻬﺎ ﻧﺤﻮ ﺗﻮﺳﻴﻊ ﻧﻄﺎق اﻟــــﺨــــﺪﻣــــﺔ أواﺧـــــــــﺮ أرﺑـــﻌـــﻴـــﻨـــﺎت اﻟـــﻘـــﺮن اﳌـــﺎﺿـــﻲ، ﻧــﺎﺿــﻠــﺖ ﺷـــﺮﻛـــﺎت اﻟــﻄــﻴــﺮان ﻓـــﻲ ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ ﻣـﺸـﻜـﻠـﺔ اﻟـــﺮﻛـــﺎب اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳﺘﺨﻠﻔﻮن ﻋــﻦ اﻟـﺤـﻀـﻮر ﻓــﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷﺧﻴﺮة ـ ﺑﻤﻌﻨﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺠﺰوا ﻣﻘﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﺮات، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﺤﻀﺮوا إﻟﻰ اﳌﻄﺎر. ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﻄﻴﺮة، ذﻟﻚ أن إﻗﻼع ﻃﺎﺋﺮة ﺑﻨﺼﻒ ﻣﻘﺎﻋﺪﻫﺎ ﺧﺎﻟﻴﺔ ـ أو ﺣﺘﻰ ﻗﻠﻴﻞ ﻣــﻦ ﻣﻘﺎﻋﺪﻫﺎ ـ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﺤﻠﻴﻘﻬﺎ رﺑﻤﺎ ﻳﺠﻠﺐ ﺧﺴﺎرة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻛﺔ، أو ﻳﻘﻠﺺ اﻷرﺑﺎح ﺑﺪرﺟﺔ ﺧﻄﻴﺮة.
وﻫـــﻨـــﺎ، ﻇــﻬــﺮ اﻹﻓــــــــﺮاط ﻓـــﻲ ﻗــﺒــﻮل اﻟﺤﺠﻮزات ﻛﺤﻞ، وإن ﻛـﺎن ﻫـﺬا اﻟﺤﻞ رﺑـﻤـﺎ اﻫــﺘــﺪت إﻟـﻴـﻪ اﻟـﺸـﺮﻛـﺎت ﺑﻤﺤﺾ اﻟــــﺼــــﺪﻓــــﺔ. ﻗـــﺒـــﻞ ﺧـــﻤـــﺴـــﻴـــﻨـــﺎت اﻟـــﻘـــﺮن اﳌـــﺎﺿـــﻲ، ﻛــــﺎن ﺣــﺠــﺰ ﺗـــﺬاﻛـــﺮ اﻟــﻄــﻴــﺮان ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ ﺗـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋــﻠــﻰ اﻟـﺘـﻘـﻨـﻴـﺔ ﺑــﺪرﺟــﺔ ﻳـﺴـﻴـﺮة. وﻛـــﺎن ﻟــﺪى ﻛــﻞ ﺷـﺮﻛـﺔ ﻃـﻴـﺮان »ﻟﻮﺣﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ« داﺧﻞ ﻣﻘﺮﻫﺎ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺗـﻈـﻬـﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟـﻤـﻴـﻊ اﳌــﻘــﺎﻋــﺪ اﳌـﺘـﺎﺣـﺔ ﻋﻠﻰ ﻣـﱳ أي ﻃــﺎﺋــﺮة، ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ اﻟـﺬي اﺣﺘﻔﻆ ﻛﻞ ﻣﻜﺘﺐ ﻣﻦ اﳌﻜﺎﺗﺐ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺑﻨﺴﺨﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻠﻮﺣﺔ.
وﻛـﺎن اﳌﺸﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻮﺣﺔ ﻳﻀﻊ إﺷــﺎرة ﺧﻀﺮاء ﺑﺠﻮار اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﺑﻬﺎ ﺳﻮى ﻣﻘﺎﻋﺪ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ، ﺑــﻴــﻨــﻤــﺎ ﻳــﻀــﻊ ﻋـــﻼﻣـــﺔ ﺣـــﻤـــﺮاء ﺑــﺠــﻮار اﻟﺮﺣﻼت اﻟﺘﻲ ﺣﺠﺰت ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻘﺎﻋﺪﻫﺎ. إﻻ أن ﻫﺬا اﻟﻨﻈﺎم اﳌﻌﻘﺪ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ أرض اﻟــﻮاﻗــﻊ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺳﻠﺴﺔ، وﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ اﻹﻓـﺮاط ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺗﺬاﻛﺮ ﻋــﻠــﻰ ﻣــﱳ ﻃــﺎﺋــﺮة ﺑـﻌـﻴـﻨـﻬـﺎ ﻋــﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ اﻟﺨﻄﺄ.
إﻻ أن ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ أدرﻛﺖ أن ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء ﻟﻢ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ، ذﻟﻚ أن ﻛﻞ رﺣﻠﺔ ﻃﻴﺮان ﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣﻦ أوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺨﻠﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﺤﻀﻮر. وﻟﻢ ﻳﻤﺮ وﻗﺖ ﻃﻮﻳﻞ ﻗﺒﻞ أن ﻳـــﺪرك اﳌــﺴــﺆوﻟــﻮن اﻟـﺘـﻨـﻔـﻴـﺬﻳـﻮن أن اﻹﻓﺮاط ﻓﻲ ﺣﺠﺰ اﳌﻘﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﺋﺮات ﻳﺸﻜﻞ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ راﺋﻌﺔ ﻟﺠﻨﻲ اﳌﺎل.
وﻣــﻊ ذﻟــﻚ، ﻟـﻢ ﺗﻘﺪم ﺷﺮﻛﺔ واﺣــﺪة ﻋــﻠــﻰ اﻹﻗــــــﺮار ﺑـﻤـﺴـﺆوﻟـﻴـﺘـﻬـﺎ ﻋـــﻦ ﻫــﺬا اﻻﺑــــﺘــــﻜــــﺎر، ﺑــــﻞ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﻌـــﻜـــﺲ ﻗــﻀــﻰ اﳌﺴﺆوﻟﻮن اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﻮن ﺑﻬﺬه اﻟﺸﺮﻛﺎت ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻧﻔﻲ ﺗﻌﻤﺪﻫﻢ اﻹﻓــﺮاط ﻓﻲ ﺣﺠﺰ ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻄﻴﺮان ﻋﻠﻰ ﻣﱳ اﻟﻄﺎﺋﺮة اﻟﻮاﺣﺪة.
ﺑﺤﻠﻮل ﻋـﺎم ٠٥٩١، أﺻﺒﺤﺖ ﻫﺬه اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ ﺗــﺠــﺮي ﻋـﻠـﻰ ﻧــﻄــﺎق واﺳـــﻊ ـ وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺸﻜﺎوى ﻣﻦ رﻛــﺎب ﻏﺎﺿﺒﲔ. وﻣــﻊ ذﻟـــﻚ، اﺳـﺘـﻤـﺮت اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ، وﺑــﺪأ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس، ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ اﻟﻐﺎﺿﺒﲔ، ﻳﺤﺚ ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاء ات ﳌــﻮاﺟــﻬــﺘــﻬــﺎ. ﻓـــﻲ ﻳــﻮﻧــﻴــﻮ )ﺣــــﺰﻳــــﺮان( ٦٥٩١، ﺷﻨﺖ اﻟﺴﻴﻨﺎﺗﻮرة اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣــﺎرﻏــﺮﻳــﺖ ﺗﺸﻴﺲ ﺳـﻤـﻴـﺚ، ﻣــﻦ وﻻﻳــﺔ ﻣــــــﲔ، ﻫـــﺠـــﻮﻣـــﴼ ﻻذﻋــــــــﴼ ﺿـــــﺪ ﺷـــﺮﻛـــﺎت اﻟــﻄــﻴــﺮان ﺑـﺴـﺒـﺐ »ﻓــﻈــﺎﻇــﺘــﻬــﺎ«. وﺑـﻌـﺪ ﺷــﻬــﺮ، ﺑـﻌـﺚ ﻣـﺠـﻠـﺲ اﻟــﻄــﻴــﺮان اﳌـﺪﻧـﻲ )اﻟــﻜــﻴــﺎن اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ ﻟـﻠـﻮﻛـﺎﻟـﺔ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﻟـﻠـﻄـﻴـﺮان واﳌــﺠــﻠــﺲ اﻟــﻮﻃــﻨــﻲ ﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻨﻘﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ( ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﺤﺬﻳﺮ إﻟﻰ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﻤﺎرﺳﺔ.
وﺑــــﺎﻟــــﻔــــﻌــــﻞ، ﺗــــﺮاﺟــــﻌــــﺖ ﻣــــﻌــــﺪﻻت ﺷﻜﺎوى اﻟﺮﻛﺎب ﺑﺪرﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋــــﺎودت اﻻرﺗـــﻔـــﺎع ﺑــﺼــﻮرة ﻫــﺎﺋــﻠــﺔ ﻓﻲ ﻏـــﻀـــﻮن ﺷـــﻬـــﻮر ﻗـــﻼﺋـــﻞ. ﻟـــﺬﻟـــﻚ، ﺷــﺮع ﻣــﺠــﻠــﺲ اﻟـــﻄـــﻴـــﺮان اﳌـــﺪﻧـــﻲ ﻓـــﻲ ﺗـﻨـﻔـﻴـﺬ إﺟـــــﺮاءات ﺿــﺪ ﺷـﺮﻛـﺘـﻲ »ﻧــﺎﺷــﻴــﻮﻧــﺎل« )اﺳـــﺘـــﺤـــﻮذت ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ »ﺑــــﺎن أﻣــﻴــﺮﻛــﺎن« ﻻﺣﻘﴼ( و»إﻳﺴﺘﺮن« )اﻟﺘﻲ أﻓﻠﺴﺖ ﻋﺎم ١٩٩١. ﻟﻜﻦ ﺑﻌﺪ أن ﺑﺎﻋﺖ ﺣﺼﺔ ﻣﻨﻬﺎ إﻟـــﻰ دوﻧـــﺎﻟـــﺪ ﺗـــﺮﻣـــﺐ(. وﺟــــﺮى ﺗـﻮﺟـﻴـﻪ اﺗﻬﺎﻣﺎت ﻟﻠﺸﺮﻛﺘﲔ ﺑـﺎﻹﻓـﺮاط ﻓﻲ ﺑﻴﻊ اﻟــﺘــﺬاﻛــﺮ ودﻓـــﻊ أﻣــــﻮال ﻧـﻘـﺪﻳـﺔ ﻟﻠﻌﻤﻼء ﺗﻌﻮﻳﻀﴼ ﻋﻦ اﳌﺼﺎﻋﺐ اﻟﺘﻲ واﺟﻬﻮﻫﺎ، وﻫﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻓﻲ ذﻟــﻚ اﻟــﻮﻗــﺖ. )ﻧــﻈــﺮﴽ ﻷن اﻟــﺮﻛــﺎب اﻟـﺬﻳـﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻌﺮﺿﻮن ﻟﻠﻄﺮد ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﱳ اﻟﻄﺎﺋﺮات، ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﻠﻘﻮن ﺷﺮوﻃﴼ أﻓﻀﻞ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﺮﻛﺎب، اﻋﺘﺒﺮ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻄﻴﺮان اﳌﺪﻧﻲ ذﻟﻚ ﻧﻮﻋﴼ ﻣﻦ »اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ«(.
ﻓـــــﻲ اﳌـــــﻘـــــﺎﺑـــــﻞ، ﺣـــــﺎرﺑـــــﺖ ﺷـــﺮﻛـــﺎت اﻟﻄﻴﺮان، ﻣﺪﻋﻴﺔ أن أي إﻓﺮاط ﻓﻲ ﺣﺠﺰ اﻟــﺘــﺬاﻛــﺮ وﻗـــﻊ ﻛـــﺎن ﻧــﺘــﺎﺟــﴼ ﻟـﺨـﻄـﺄ ﻏﻴﺮ ﻣــﻘــﺼــﻮد، وﻟــﻴــﺲ ﺳــﻴــﺎﺳــﺔ ﻣﻤﻨﻬﺠﺔ. إﻻ أﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ إذا أردﻧﺎ ﻃﺮح وﺻـــﻒ ﻣــﻬــﺬب ﻟــﻬــﺬا اﻻدﻋـــــﺎء ﻓــﻬــﻮ أﻧــﻪ ﺑـﺒـﺴـﺎﻃـﺔ ﻏــﻴــﺮ ﻣـﺤـﺘـﻤـﻞ ﻟــﻠــﻐــﺎﻳــﺔ. وﻓــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ اﻟـــﺬي أﻗـــﺮت اﻟــﻘــﻴــﺎدات اﻟـﻜـﺒـﺮى داﺧﻞ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان ﻫﺬه اﳌﻤﺎرﺳﺔ، ﻋـــﻜـــﻔـــﺖ اﻟـــــﻘـــــﻴـــــﺎدات اﻹﻗـــﻠـــﻴـــﻤـــﻴـــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ.
ﺧــﻼل اﻟﻌﻘﺪ ذاﺗـــﻪ، اﻧﺘﻘﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻄﻴﺮان اﳌﺪﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﻘﻴﺾ إﻟﻰ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻓــــﻲ ﺧـــﻀـــﻢ ﻣــــﺤــــﺎوﻻﺗــــﻪ ﺗــــﻨــــﺎول ﻫـــﺬه اﳌﺸﻜﻠﺔ، ﻓﻔﻲ ﻋــﺎم ١٦٩١ أﻳــﺪ اﳌﺠﻠﺲ ﺧﻄﺔ ﻃﺮﺣﺘﻬﺎ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان ﳌﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟـــﺮﻛـــﺎب اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳـﺨـﻔـﻘـﻮن ﻓــﻲ اﻟـﻠـﺤـﺎق ﺑﻄﺎﺋﺮاﺗﻬﻢ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮة ﺑﻌﺪ ﻋــﺎﻣــﲔ. وﺑـﻌـﺪ دراﺳـــﺔ ﻣـﺘـﺄﻧـﻴـﺔ، ﻋﻜﺲ اﳌﺠﻠﺲ ﻣﺴﺎره ﺑﺈﻗﺮاره ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻹﻓﺮاط ﻓــﻲ ﺣـﺠـﺰ اﻟــﺘــﺬاﻛــﺮ، ﻣــﻊ اﻟــﺤــﺮص ﻋﻠﻰ إﻃﻼق ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ: »اﻹﻓﺮاط اﳌﻨﻀﺒﻂ ﻓـﻲ ﺣﺠﺰ اﻟــﺘــﺬاﻛــﺮ«. وأﺷــﺎر اﳌﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ أﺻـﺪره ﻋﺎم ٧٦٩١، إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ »ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻋﺪد اﳌﻘﺎﻋﺪ اﻟﻔﺎرﻏﺔ وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﻣﻦ ﺧـﻼل اﺳﺘﻴﻌﺎب أﻋــﺪاد أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺎب«.
وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻄﺮح اﳌﺠﻠﺲ ﺗﻌﺮﻳﻔﴼ ﻣـﺤـﺪدﴽ ﳌﺼﻄﻠﺢ »ﻣﻨﻀﺒﻂ«، ﻓــﺈﻧــﻪ ﺧــــﻮل ﻟــﺸــﺮﻛــﺎت اﻟـــﻄـــﻴـــﺮان اﻟــﺤــﻖ ﻓــــﻲ ﺗـــﻘـــﺪﻳـــﻢ ﺗـــﻌـــﻮﻳـــﺾ ﻳـــﻜـــﺎﻓـــﺊ ﻗــﻴــﻤــﺔ اﻟﺘﺬﻛﺮة اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻠﺮﻛﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺮي إﺧـﺮاﺟـﻬـﻢ ﻋـﻨـﻮة ﻣـﻦ اﻟــﻄــﺎﺋــﺮات. إﻻ أن ﻫــﺬا اﻟﺤﻞ اﻧـﻄـﻮى ﻋﻠﻰ أوﺟــﻪ ﻗﺼﻮر، ﻋــﻠــﻰ رأﺳــﻬــﺎ أﻧـــﻪ أﺧــﻔــﻖ ﻓــﻲ إدراك أن اﻟـــﺮﻛـــﺎب رﺑــﻤــﺎ ﻳــﺮﻏــﺒــﻮن ﻓــﻲ ﻗـــﺪر أﻛـﺒـﺮ ﻣـــﻦ اﳌـــــﺎل ﻟـﺘـﻌـﻮﻳـﻀـﻬـﻢ ﻋـــﻦ اﳌــﺸــﻜــﻼت اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻌــﺮﺿــﻮا ﻟــﻬــﺎ )أو رﺑــﻤــﺎ ﻳــﺒــﺪون اﺳﺘﻌﺪادﻫﻢ ﻟﺘﻘﺒﻞ ﻣﺒﻠﻎ أﻗﻞ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﺬﻛﺮة(.
ﻣــــــﻦ ﺟـــــﺎﻧـــــﺒـــــﻪ، اﻗــــــﺘــــــﺮح اﻟـــﺨـــﺒـــﻴـــﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﺟﻮﻟﻴﺎن ﺳﻴﻤﻮن ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﺑﻌﻨﻮان »ﺣﻞ ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن ﻋﻤﻠﻴﺎ ﳌﺸﻜﻠﺔ اﻹﻓﺮاط ﻓﻲ ﺣﺠﺰ ﺗﺬاﻛﺮ اﻟﻄﻴﺮان« ﻧﺸﺮه ﻓﻲ دورﻳﺔ أﻛﺎدﻳﻤﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻋﺎم ٧٧٩١، اﻗــﺘــﺮح ﺳــﻴــﻤــﻮن ﺣـــﻼ ﻣـﺒـﺘـﻜـﺮﴽ: ﻫــﻮ أن ﺗــﺠــﺮي ﺷــﺮﻛــﺔ اﻟــﻄــﻴــﺮان ﻣـــﺰادﴽ ﻳﻘﺘﺮح ﺧﻼﻟﻪ اﻟـﺮﻛـﺎب اﳌﺒﺎﻟﻎ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻳﻘﺒﻠﻮﻧﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮة وإﻟــــﻐــــﺎء اﻟـــﺴـــﻔـــﺮ. وﻓـــــﻲ ﻧــﻬــﺎﻳــﺔ اﻷﻣـــــﺮ، ﻳـﺤـﺼـﻞ أﺻــﺤــﺎب اﳌــﺒــﺎﻟــﻎ اﻷﻗــــﻞ ﻋﻠﻰ إﻳــﺼــﺎل ﺑـﺎﳌـﺒـﻠـﻎ اﳌــﻘــﺘــﺮح وﻳــﺨــﺮﺟــﻮن ﻣــﻦ اﻟــﻄــﺎﺋــﺮة، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳـﺴـﺎﻓـﺮ اﻟـﺒـﺎﻗـﻮن ﻓﻲ اﳌﻮﻋﺪ اﳌﺤﺪد. وﻛﺘﺐ ﺳﻴﻤﻮن أﻧﻪ: »ﺑــﺬﻟــﻚ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃــــﺮاف، وﻻ ﻳﺨﺮج أي ﻣﻨﻬﺎ ﺧﺎﺳﺮﴽ«.
ﻓـــﻲ اﻟــــﻮاﻗــــﻊ، ﻟـــﻢ ﻳــﺘــﻮﻗــﻊ ﺳـﻴـﻤـﻮن أن ﻳﺠﺮي اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ ﻣﻘﺎﻟﻪ ﺑﺠﺪﻳﺔ، ﺧــﺎﺻــﺔ أﻧـــﻪ ﻛـﺘـﺒـﻪ ﺑـﻨـﺒـﺮة ﺳــﺎﺧــﺮة، ﺑﻞ وأﻋـــــﺮب ﻓــﻴــﻪ ﻋـــﻦ ﺗــﻮﻗــﻌــﻪ ﺑــــﺄن ﺗـﺮﻓـﺾ ﺷــﺮﻛــﺎت اﻟــﻄــﻴــﺮان اﻟــﻔــﻜــﺮة ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ »ﻏﻴﺮ ﻻﺋﻘﺔ«.
وﻣـﻊ ﻫـﺬا، ﻳﺒﺪو أن ﻓﻜﺮة ﺳﻴﻤﻮن ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﺪة، وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺷﺮﻋﺖ ﺷﺮﻛﺎت اﻟـــﻄـــﻴـــﺮان ﺗــﺪرﻳــﺠــﻴــﴼ ﺧــــﻼل اﻟــﺴــﻨــﻮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ إﻗﺮار ﺻﻮرة أوﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻓﻜﺮة ﻋﻘﺪ ﻣﺰاد، ﻣﻊ ﻃﺮﺣﻬﺎ إﻳﺼﺎﻻت ﺑﻤﺒﺎﻟﻎ ﻣﻌﻴﻨﺔ، وﺣﺎل رﻓﺾ اﻟﺮﻛﺎب، ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻰ رﻓــﻊ اﻟﺴﻌﺮ. وﻓــﻲ اﻟـﺴـﻨـﻮات اﻷﺧـﻴـﺮة، ﺗﺤﺮﻛﺖ ﺑﻌﺾ ﺷﺮﻛﺎت اﻟﻄﻴﺮان ﳌﺎ ﻫﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺎدرﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﺳﺆال اﻟﺮﻛﺎب ﻟﺪى ﺣﺠﺰﻫﻢ ﻟﺘﺬاﻛﺮ ﺣﻮل ﺣﺠﻢ اﳌﺒﻠﻎ اﻟﺬي رﺑﻤﺎ ﻳﻘﺒﻠﻮﻧﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻣﻘﻌﺪﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﺋﺮة.
إﻻ أﻧـــﻪ ﻟــﻸﺳــﻒ ﺟـــﺮى ﻣـــﺰج ﻧﻈﺎم اﳌﺰاد ﺑﺎﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﻗﺪم اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﺣﺠﻢ اﻷﻣـــــﻮال اﻟــﺘــﻲ ﻳـﻤـﻜـﻦ دﻓـﻌـﻬـﺎ ﻟـﻠـﺮﻛـﺎب. اﻟــﻴــﻮم، ﻳـﻘـﻒ ﻫــﺬا اﻟــﺮﻗــﻢ ﻋـﻨـﺪ ٠٠٤ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺘﺬﻛﺮة اﻷﺻﻠﻴﺔ، ﺑﺤﺪ أﻗﺼﻰ ٠٥٣٫١ دوﻻر.
وإذا ﻛﺎن ﻟﺪى اﻟﺠﻬﺎت اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ رﻏﺒﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻞ ﻫﺬه اﳌﺸﻜﻠﺔ إﻟﻰ اﻷﺑــــﺪ، ﻓــﺈﻧــﻪ ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻴﻬﺎ أوﻻ إﻟـﻐـﺎء ﻫــﺬا اﻟﺤﺪ اﻷﻗـﺼـﻰ، ﺛـﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﻘﺘﺮح ﺳﻴﻤﻮن ﺑﺼﻮرة ﻛﺎﻣﻠﺔ.
* ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ »ﺑﻠﻮﻣﺒﺮغ«