Asharq Al-Awsat Saudi Edition

البرغوثي: لهذه الأسباب قررنا الإضراب عن الطعام داخل السجون الإسرائيلي­ة

عضو اللجنة المركزية ل »فتح« يقود مع الأسرى الفلسطينيي­ن »إضراب الحرية والكرامة«

- سجن حاداريم (إسرائيل): »الشرق الأوسط*«

قال الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي يقود رفقة نحو ١٣٠٠ أسير فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام، أطلق عليه اسم »إضراب الحرية والكرامة،« إن السنوات ال١٥ التي قضاها داخل أحد السجون الإسرائيلي­ة، خولت له أن يصبح الآن شاهداً وضحية للمنظومة الإسرائيلي­ة غير القانونية القائمة على عمليات إلقاء القبض الجماعية العشوائية بحق فلسطينيين وإساءة معاملتهم، موضحاً أنه قرر مقاومة هذه الانتهاكات بالإضراب عن الطعام بعد أن استنفد جميع الخيارات الأخرى.

ولتبرير لجوئه رفقة زملائه إلى هذا الإجراء القاسي أوضح البرغوثي في مقال تنشره »الشرق الأوسط« أن الإضراب عن الطعام يعد »أكثر أدوات المقاومة المتاحة أمامنا سلمية، فهي لا تلحق ألماً سوى بمن يشاركون فيها وأحبابهم، على أمل أن تساهم أمعاؤهم الخاوية وتضحياتهم في جعل أصداء رسالتهم تترد لما وراء جدران الزنزانات المظلمة التي يقبعون بداخلها«، مشدداً في هذا السياق على أن عقوداً من الخبرة »أثبتت أن نظام الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري والعسكري غير الإنساني يرمي لتحطيم الروح المعنوية لدى السجناء والأمة التي ينتمون إليها، وذلك عبر إنزال المعاناة بأجسادهم وفصلهم عن أسرهم وذويهم، واستخدام إجراءات مذلة لإجبارهم على الخنوع. لكن رغم كل هذا فإننا لن نذعن له.«

وتابع البرغوثي، موجهاً سهام نقده لإسرائيل وسياستها القمعية: »لقد انتهكت إسرائيل، قوة الاحتلال، القانون الدولي بصور عدة على امتداد ما يقرب بحق الشعب الفلسطيني، ولا يستثنى من ذلك الأسرى، رجالاً ونساءً وأطفالاً .«

وتوقف البرغوثي في مقاله عند الاعتقالات التي تعرض لها منذ نعومة أظافره ليدلل على وحشية الممارسات الإسرائيلي­ة، بقوله: »كنت في ال١٥ فقط من عمري عندما تعرضت للسجن المرة الأولى. وكنت قد بلغت ال١٨ بالكاد عندما أجبرني محقق إسرائيلي على الوقوف مباعداً بين ساقيّ، بينما كنت أقف عرياناً داخل غرفة التحقيقات، قبل أن يضربني في أعضائي التناسلية. وقد أغمي علي حينها من شدة الألم، وترك سقوطي ندبة دائمة على جبيني. وبعد ذلك سخر المحقق مني قائلاً إنني لن أنجب قط لأن أمثالي لا الطعام، وعندما ولد ابني الأكبر. وبدلاً من توزيع الحلوى ابتهاجاً بهذه المناسبة، وزعت الملح على باقي السجناء. وعندما بلغ ١٨ عاماً بالكاد، ألقي القبض عليه هو الآخر، وقضى ٤ سنوات بالسجون الإسرائيلي­ة .«

ورغم السنوات الطويلة التي قضاها البرغوثي في غياهب السجون، فإنه لا يزال مصراً على مواصلة الكفاح والتحدي: »لقد أصبح أكبر أبنائي رجلاً في ال٣١، ومع ذلك، لا أزال هنا ماضياً في نضالي من أجل الحرية، بجانب آلاف الأسرى وملايين الفلسطينيي­ن، وبدعم من الكثيرين بمختلف أرجاء العالم. إلا أن غطرسة المحتل وأعوانه تصم آذانهم عن هذه الحقيقة البسيطة. فالقيود التي يكبلوننا بها ستتحطم قبل أن تتحطم إرادتنا، لأن فطرة البشر هي السعي وراء نداء الحرية مهما تكلف الأمر .«

وحسب شهادات البرغوثي، فقد عانى مئات الأسرى والمحتجزين الفلسطينيي­ن من التعذيب ومعاملة غير إنسانية ومهينة وإهمال طبي، بل تعرض بعضهم للقتل أثناء احتجازه. وتبعاً لآخر الإحصاءات الصادرة عن »نادي الأسرى الفلسطينيي­ن ،« فإن نحو ٢٠٠ أسير فلسطيني قتلوا منذ عام ١٩٦٧ بسبب مثل هذه الممارسات، ولا يزال الأسرى الفلسطينيو­ن وأسرهم أهدافاً رئيسية لسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل، كما يوجد نحو ٦٥٠٠ سجين، بينهم من حقق أرقاماً قياسية باعتبارهم سجناء سياسيين تعرضوا لأطول فترات احتجاز عالمياً، موضحاً أنه لا تكاد توجد ظل الجلادون بمنأى عن المحاسبة والعقاب لأن إسرائيل، حسب شهادة البرغوثي، أسست نظاماً قانونياً مزدوجاً يعد أشبه بنظام تمييز عنصر قضائي، يوفر حصانة قضائية فعلية للإسرائيلي­ين الذين يرتكبون جرائم بحق الفلسطينيي­ن، في الوقت الذي يجرم الوجود والمقاومة الفلسطينية، مشدداً على أن المحاكم الإسرائيلي­ة »ليست سوى تمثيلية مصطنعة، وأدوات واضحة لخدمة الاحتلال الاستعماري والعسكري .«

ولتبرير انتهاكاتها بحق الفلسطينيي­ن، حاولت إسرائيل، حسب البرغوثي، وصم جميع الفلسطينيي­ن بالإرهاب، »بما في ذلك عمليات إلقاء القبض من أجل الحرية، أصدرت محكمة إسرائيلية ٥ أحكام ضدي بالسجن مدى الحياة، و٤٠ عاماً في السجن، في إطار مسرحية محاكمة سياسية ندد بها مراقبون دوليون«. وقد حازت »الحملة الدولية لتحرير مروان البرغوثي وجميع الأسرى الفلسطينيي­ن« التي أطلقها »أيقونة النضال ضد التمييز العنصري أحمد كاثرادا وزوجتي فدوة عام ٢٠١٣ من داخل الزنزانة التي كان مسجونا بها نيلسون مانديلا في روبين آيلاند، بدعم ٨ من حائزي جائزة نوبل الرفيعة، و١٢٠ حكومة، ومئات الزعماء والبرلماني­ين والفنانين والأكاديمي­ين بمختلف أرجاء العالم«. مبرزا أن هذا التضامن »يفضح الإخفاق الأخلاقي والسياسي لإسرائيل«، وأن »الحقوق لا تمنح كهبة ممن يمارس القمع، وإنما الحرية والكرامة من الحقوق العالمية الكامنة في الطبيعة البشرية، التي يجب أن تحظى بها كل أمة وجميع بني البشر«، حسب تعبيره.

* خدمة »نيويورك تايمز«

 ??  ?? أقارب وأسر معتقلين فلسطينيين يطالبون بإطلاق سراحهم في مظاهرة نظمت مؤخراً في رام الله (غيتي)
أقارب وأسر معتقلين فلسطينيين يطالبون بإطلاق سراحهم في مظاهرة نظمت مؤخراً في رام الله (غيتي)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia