ﺗﺎرﻳﺦ ﺣﺎﻓﻞ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎوﻧﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ
ﻣﻦ إﻳﻒ ﺳﺎن ﻟﻮران وﺑﻴﺖ ﻣﻮﻧﺪرﻳﺎن إﻟﻰ ﻛﺎرل ﻻﻏﺮﻓﻴﻠﺪ وﺷﺎرﻟﻮت ﻏﺎﺳﺘﻮ
ﻫــــﻨــــﺎك ﺗــــﻌــــﺎوﻧــــﺎت ﻛـــﺜـــﻴـــﺮة ﺑـــــﲔ اﻟــﻔــﻦ واﳌــــﻮﺿــــﺔ، وﻫــــﻲ ﻟــﻴــﺴــﺖ وﻟـــﻴـــﺪة اﻟــﺴــﺎﻋــﺔ ﺑـﻞ ﻋـﻼﻗـﺔ ﺗـﻌـﻮد إﻟــﻰ ﺑـﺪاﻳـﺔ اﻟـﻘـﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﺗـﻮﻃـﺪت ﻣـﻊ اﻟـﺰﻣــﻦ. ﻓﻘﺪ ﻇﻬﺮت ﻓـﻲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟـﻘـﺮن اﳌـﺎﺿـﻲ ﻣـﻊ ﻇﻬﻮر اﳌـﻮﺿـﺔ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎ، وﻟــﻴــﺲ أدل ﻋـﻠــﻰ ﻫـــﺬا ﻣــﻦ أﻋــﻤــﺎل اﳌﺼﻤﻢ ﺑــﻮل ﺑـﻮارﻳـﻪ اﳌﺴﺘﻠﻬﻤﺔ ﻣـﻦ أﻋـﻤـﺎل اﻟﻔﻨﺎن اﳌــﺴــﺘــﺸــﺮق ﻛــﺮﻳــﺴــﺘــﻴــﺎن ﻻﻛـــــﺮوا ﻣــﺜــﻼ. ﻣﺎ ﻳﺤﺴﺐ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت وﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻬﻤﺔ ﻣـﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ أﻧـﻬـﺎ ﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ أﻓﻜﺎرﻫﻢ ورؤﻳﺘﻬﻢ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﺗﻌﻜﺲ أﻳﻀﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﺼﺮﻫﻢ، ﻣـﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻗـــﺮاءة ﻣﻬﻤﺔ ﻓــﻲ ﺗـﻐـﻴـﺮاﺗـﻬـﺎ اﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ واﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. وﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻮل: إن اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻓـــﻲ ﺑــﻌــﺾ ﻫــــﺬه اﻟــﺘــﻌــﺎوﻧــﺎت ﺑـــﲔ اﻟــﻔــﻨــﺎن واﳌــﺼــﻤــﻢ ﺗــﺘــﻤــﺎزج ﻣـــﻊ ﺑـﻌـﻀـﻬـﺎ ﻟـﻴـﺼـﺒـﺢ اﻟﺨﻴﻂ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ رﻓـﻴـﻌـﺎ. ﻓﺎﳌﺼﻤﻢ أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻳﺮى ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻔﻨﺎن وﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أدواﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬا اﻷﺳــﺎس ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟـ»ﻫﻮت ﻛـــﻮﺗـــﻴـــﺮ«، واﻟـــﻔـــﻨـــﺎن ﻳـــﺮﻳـــﺪ أن ﻳـــﺠـــﺮب ﻟﻐﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺘﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ اﳌﻮﺿﺔ أو ﻓﻘﻂ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮل ﻓﻨﻪ. ﻏﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﻮل: إن ﺑﻌﺾ ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺎوﻧﺎت ﻳﻌﺮف ﻧﺠﺎﺣﺎ ﺳﺎﺣﻘﺎ ﻳﺴﺠﻠﻪ اﻟﺘﺎرﻳﺦ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻤﺮ أﺧﺮى ﻣﺮور اﻟﻜﺮام وﻳﺘﻢ ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة. ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻻ ﻧﻨﻜﺮ أﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺐ اﻷﺣــــﻮال ﺗﺠﺘﻬﺪ ﻓــﻲ ﺗﻜﺴﻴﺮ اﻟـﺘـﺎﺑـﻮﻫـﺎت واﳌﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻪ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ أﻛﺒﺮ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس. ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﺘﻌﺎوﻧﺎت ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺟﺮت ﺑﲔ ﺟﻮن ﻛﻮﻛﺘﻮ وﺳﻠﻔﺎدور داﻟﻲ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺷﺎﻧﻴﻞ وإﻟﺴﺎ ﺳﻜﻴﺎﺑﺎرﻳﻠﻠﻲ وﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن دﻳـﻮر ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ. وﻃﺒﻌﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻄﺮق إﻟــﻰ ﻫــﺬه اﻟﻨﺠﺎﺣﺎت ﻣﻦ دون ذﻛﺮ ﺗﻌﺎون إﻳﻒ ﺳﺎن ﻟﻮران ﻣﻊ اﻟﻔﻨﺎن أﻧﺪي وورﻫـﻮل ﻓﻲ ﻋﺎم ٤٧٩١، أو اﻗﺘﺒﺎﺳﻪ ﻣﻦ ﻟﻮﺣﺎت اﻟﻔﻨﺎن ﺑﻴﺖ ﻣﻮﻧﺪرﻳﺎن ﻓﻲ ﻋﺎم ٥٦٩١ اﻟﺬي أﻋﻄﺎﻧﺎ ﻓﺴﺘﺎن »ﻣﻮﻧﺪرﻳﺎن« ﻛﻤﺎ أﺻﺒﺢ ﻳﻌﺮف ﺣﺘﻰ اﻵن.
وﻻ ﻳـــﺨـــﺘـــﻠـــﻒ اﺛــــــﻨــــــﺎن أن ﻗــــــــﻮة ﻫــــﺬه اﻟــﺘــﻌــﺎوﻧــﺎت ﺗــﻌــﺰزت ﻓــﻲ اﻟـﻌـﺼـﺮ اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ ﻣــــﻊ ﺗـــﻄـــﻮر ﺗــﻘــﻨــﻴــﺎت اﻟـــﻐـــﺮاﻓـــﻴـــﻚ واﻟـــﺮﺳـــﻢ اﻟﺪﻳﺠﻴﺘﺎل، إذ ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﻧﺠﺪ ﻣﺼﻤﻤﺎ ﺷﺎﺑﺎ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل ﻓﻨﺎن أو ﻳﺘﻌﺎون ﻣﻌﻪ، وﻟﻮ ﻓﻲ ﺗﺼﻤﻴﻢ دﻳﻜﻮر ﻣﻜﺎن اﻟﻌﺮض. ﻋﺮض دار »ﻓﻨﺪي« اﻟﺬي أﻗﻴﻢ ﻓﻲ روﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻧﺎﻓﻮرة ﺗﺮﻳﻔﻲ اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا. ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺰال ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎل ﻧﻈﺮا ﻟﻔﺨﺎﻣﺘﻪ وﻓﻨﻴﺘﻪ وروﻣﺎﻧﺴﻴﺘﻪ وﺳﺤﺮه اﻟﺬي ﻳﺠﻤﻊ اﳌﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﺤﺎﺿﺮ، ﺑﻜﻞ إﻣﻜﺎﻧﻴﺎﺗﻪ اﳌﺎدﻳﺔ.
ﻓﺒﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻴﻼد اﻟﺪار اﻟـ٠٩ وﺗﺰاﻣﻨﻪ ﻣﻊ اﻓﺘﺘﺎح ﻧﺎﻓﻮرة ﺗﺮﻳﻔﻲ ﺑﺮوﻣﺎ أﻗﺎﻣﺖ »ﻓﻨﺪي« ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻟﺸﺘﺎء ٧١٠٢ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ اﻟﻨﺎﻓﻮرة اﻟﺸﻬﻴﺮة ﻓﻲ ﺣﻔﻞ ﺿﺨﻢ ﺣﻀﺮه أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠٥ ﺿﻴﻒ اﺳﺘﻤﺘﻌﻮا ﺑﻜﻞ دﻗﻴﻘﺔ ﻓﻴﻪ. وﻟﻢ ﻻ واﻟـــــﺪار ﻫــﻲ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻮﻟــﺖ ﻛــﻞ ﻣـﺼـﺎرﻳـﻒ اﻟﺘﺮﻣﻴﻢ؟ ﺑﻴﺪ أن ﺳﺤﺮ اﳌﻜﺎن ﻟﻢ ﻳــﻠــﻎ أو ﻳـﻘـﻠـﻞ ﻣــﻦ ﺟــﻤــﺎل اﻷزﻳـــﺎء اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮى اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ رﺳﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﺮوﻣﺎﻧﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻄﻌﺔ وﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﺤﻜﻲ ﻗﺼﺔ ﻣﺘﻜﺎﻣﻠﺔ. ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺑﻌﺪ اﻟـﻌـﺮض أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗـﻌـﺎون ﻣﺼﻤﻢ اﻟــﺪار اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ، ﻛــــــﺎرل ﻻﻏـــﺮﻓـــﻴـــﻠـــﺪ، إﺿــــﺎﻓــــﺔ إﻟــﻰ اﺳـﺘـﻠـﻬـﺎﻣـﻪ ﻣــﻦ اﻵرت ﻧــﻮﻓــﻮ، أو اﻵرت دﻳﻜﻮ.
ﻓــــﻘــــﺪ ﻇـــــﻬـــــﺮت ﻣــــﺜــــﻼ رﺳــــﻤــــﺎت ﻟﻜﻞ ﻣـﻦ ﻛــﺎي ﻧﻴﻠﺴﻮن وﻛﺎﻳﺘﻲ ﺑﺎﻳﻠﻲ وﺷــﺎرﻟــﻮت ﻏﺎﺳﺘﻮ، ﺗــﺎرة ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺘﺎن ﺳـﻬـﺮة ﻣــﻦ اﳌـﻮﺳـﻠـﲔ أو اﻟـﺤـﺮﻳـﺮ وﺗــﺎرة ﻋــﻠــﻰ ﻣـﻌـﻄـﻒ ﻣــﻦ اﻟـــﻔـــﺮو، ﻓــﻲ ﺻــــﻮرة ﻻ ﺗﺘﺮك أدﻧﻰ ﺷﻚ أن اﻟﻔﻦ واﳌﻮﺿﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻤﻼ ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺮط ﺗﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﻤﺎ ﺑﺤﺮﻓﻴﺔ.