Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﺻﻌﻮد اﻟﺠﺪارة اﻷوروﺑﻴﺔ وﺳﻘﻮﻃﻬﺎ

- إﻳﻔﺎن ﻛﺮاﺳﺘﻴﻒ *

ﻋـــﻨـــﺪﻣ­ـــﺎ ﻻ ﻳــﻤــﻜــﻨ­ــﻚ أن ﺗـــﻔـــﻬـ­ــﻢ ﳌــــﺎذا ﻳــﺘــﺼــﺮ­ف اﻟـــﻨـــﺎ­س ﺑــﻄــﺮﻳــ­ﻘــﺔ ﻣــﻌــﻴــﻨ­ــﺔ، ﻓــﺈن أﺳـــﻬـــﻞ ﺷـــــﻲء ﻳــﻤــﻜــﻦ اﻟـــﻘـــﻴ­ـــﺎم ﺑــــﻪ ﻫــــﻮ أن ﺗﻘﻨﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﺑـﺄن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎذا ﻳــﻔــﻌــﻠ­ــﻮن. وﻫــــﺬا ﻣـــﺎ ﺧــﻠــﺺ إﻟــﻴــﻪ اﻟــﻘــﺎدة اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـ­ﻴـﻮن ورﺟــــﺎل اﻷﻋــﻤــﺎل واﻹﻋـــﻼم اﻷوروﺑــــ­ـﻴـــــﻮن ﺣــﻴــﺎل اﳌـــﻮﺟـــ­ﺔ اﻟـﺸـﻌـﺒـﻮ­ﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺠﺘﺎح اﻟــﻘــﺎرة اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ. ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺻـﺪﻣـﺔ ﺑﺴﺒﺐ أن اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣــﻦ اﳌﻮاﻃﻨﲔ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﺼﻮﺗﻮن ﻟﻠﺪﻳﻤﺎﻏﻮﺟﻴ­ﲔ ﻏﻴﺮ اﳌـﺴـﺆوﻟـﲔ. وﻳـﺠـﺪون ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓـﻲ ﺗﻔﻬﻢ ﻣـﺼـﺎدر اﻟﻐﻀﺐ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﺿـﺪ اﻟﻨﺨﺐ اﳌـﺴـﺘـﺤـﻘ­ـﺔ ﻟــﻠــﺠــﺪ­ارة واﻟــﺘــﻲ ﻳــﺮﻣــﺰ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﳌﻮﻇﻔﲔ اﳌﺪﻧﻴﲔ اﳌﺪرﺑﲔ ﺗﺪرﻳﺒﴼ راﻗﻴﴼ ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﺴﻞ.

ﳌــﺎذا ﺗﺴﺘﺎء اﻟﺠﻤﻮع ﻣـﻦ »اﻟﻄﺒﻘﺎت اﳌـﺠـﺘـﺎزة ﻟـﻼﺧـﺘـﺒـﺎ­رات« ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ اﻟـﺬي ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ اﻟﻈﺎﻫﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺎس ﻓــﻲ أﻣـــﺲ اﻟــﺤــﺎﺟـ­ـﺔ إﻟــﻴــﻬــ­ﻢ؟ ﳌــــﺎذا ﻳـﺮﻓـﺾ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺠﺪ واﺟﺘﻬﺎد ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ أﺑـﻨـﺎؤﻫـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺨـﺮج ﻣـﻦ أﻓﻀﻞ ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ، اﻟﻮﺛﻮق ﻓﻲ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻫـﺬه اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﺷﺨﺺ اﻻﺗﻔﺎق ﻣـﻊ ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻏــﻮف، اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﺨﺮوج اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ واﻟﺬي ﻗﺎل إن اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﺳﺌﻤﻮا ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮاء؟

ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺠﺪارة – وﻫﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟــﺬي ﻳﺤﺘﻞ ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ اﳌﻮﻫﻮﺑﲔ واﻟــﻘــﺎد­رﻳــﻦ وأﻓــﻀــﻞ اﳌـﺘـﻌـﻠـﻤ­ـﲔ، وأوﻟــﺌــﻚ اﻟــــﺬﻳــ­ــﻦ ﻳــــﺤــــ­ﺮزون أﻓـــﻀـــﻞ اﻟـــــﺪرﺟ­ـــــﺎت ﻓـﻲ اﻻﺧــﺘــﺒـ­ـﺎرات، أﻓــﻀــﻞ اﳌـﻨـﺎﺻـﺐ اﻟـﻘـﻴـﺎدﻳ­ـﺔ – ﻫــﻮ أﻓــﻀــﻞ ﻛـﺜـﻴـﺮا ﻣــﻦ اﻟﺒﻠﻮﺗﻮﻗﺮا­ﻃﻴﺔ واﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃ­ﻴﺔ، ورﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ، أي اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴ­ﺔ.

وﻟــﻜــﻦ اﻟـﻨـﺨـﺐ اﻟــﺠــﺪﻳـ­ـﺮة ﻓــﻲ أوروﺑـــﺎ ﻻ ﺗـــﺘـــﻌـ­ــﺮض ﻟـــﻠـــﻜـ­ــﺮاﻫـــﻴـ­ــﺔ ﺑـــﺴـــﺒـ­ــﺐ ﻏـــﺒـــﺎء اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﲔ اﳌﺘﻀﺨﻢ، أو ﺑﺴﺒﺐ اﻻرﺗﺒﺎك ﻟﺪى اﳌﻮاﻃﻨﲔ اﻟﻌﺎدﻳﲔ.

وﻟــــــــ­ﻦ ﻳـــﺸـــﻌـ­ــﺮ ﻣـــﺎﻳـــﻜ­ـــﻞ ﻳـــــﻮﻧــ­ـــﻎ، ﻋــــﺎﻟـــ­ـﻢ اﻻﺟــــﺘــ­ــﻤــــﺎع اﻟـــﺒـــﺮ­ﻳـــﻄـــﺎﻧ­ـــﻲ اﻟـــــــﺬ­ي ﺻـــﺎغ ﻓـــــــــ­ـﻲ ﻣـــــﻨـــ­ــﺘـــــﺼـ­ــــﻒ اﻟـــــــﻘ­ـــــــﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺠﺪارة، ﺑـﺎﳌـﻔـﺎﺟـ­ﺄة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺤﻮل اﻟـــــــﻮ­اﺿـــــــﺢ ﻓــــــﻲ ﻣـــﺠـــﺮﻳ­ـــﺎت اﻷﺣﺪاث. ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن أول ﻣﻦ ﻓﺴﺮ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟـــﺠـــﺪ­ارة ﻗـــﺪ ﺗــﺒــﺪو ﺟـﻴـﺪة ﻟـــــﺪى أﻏـــﻠـــﺐ اﻟــــﻨـــ­ـﺎس، ﻓــﺈن اﳌــﺠــﺘــ­ﻤــﻊ اﻟـــﺠـــﺪ­ﻳـــﺮ ﺳــﻮف ﻳــﻜــﻮن ﻛــﺎرﺛــﺔ ﻣــﻦ اﻟـــﻜـــﻮ­ارث. ﻓــﻬــﻲ ﺳــﻮف ﺗــﺨــﻠــﻖ ﻣــﺠــﺘــﻤ­ــﻌــﴼ أﻧـــﺎﻧـــ­ﻴـــﴼ ﻣـــﻦ اﻟــﻔــﺎﺋـ­ـﺰﻳــﻦ اﳌــﺘــﻐــ­ﻄــﺮﺳــﲔ، واﻟــﺨــﺎﺳ­ــﺮﻳــﻦ اﻟـﻐـﺎﺿـﺒـ­ﲔ واﻟـــﻴـــ­ﺎﺋـــﺴـــﲔ. واﻧـــﺘـــ­ﺼـــﺎر اﻟـــــﺠــ­ـــﺪراة، ﻛـﻤـﺎ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﻳـﻮﻧـﻎ، ﺳــﻮف ﻳــﺆدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.

واﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺪارة ﻻ ﻳـــﻄـــﺎﻗ­ـــﻮن ﺑــﺎﻟــﻨــ­ﺴــﺒــﺔ ﻟـــﻨـــﻘـ­ــﺎدﻫـــﻢ ﻟـﻴـﺲ ﻧـﺠـﺎﺣـﻬـﻢ اﻟــﻜــﺒــ­ﻴــﺮ، وﻟــﻜــﻦ ﻫــﻮ إﺻــﺮارﻫــ­ﻢ ﻋﻠﻰ أﻧـﻬـﻢ أﺣـــﺮزوا اﻟـﻨـﺠـﺎح ﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪﻳﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﺑﺴﺒﺐ أﻧـﻬـﻢ أﻛـﺜـﺮ ﺗـﺄﻫـﻼ ﻣــﻦ اﻵﺧــﺮﻳــﻦ، وﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ اﺟﺘﺎزوا اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﻲ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ اﺟﺘﻴﺎزﻫﺎ اﻵﺧﺮون.

وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻷزﻣــﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺗﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻓـــــﻲ ﺑــــﺮوﻛــ­ــﺴــــﻞ ﺗـــﺘـــﺤـ­ــﻤـــﻞ اﻟـــــﻠــ­ـــﻮم ﻟــﻨــﻔــﺲ اﻷﺳـﺒـﺎب اﻟﺘﻲ أﺷــﺎدت ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻷﺟﻠﻬﺎ: اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻼﻗﻮﻣﻴﺔ، وﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ ﻟﻠﻀﻐﻮط اﻟﻌﺎﻣﺔ، وﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮك ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة.

ﻓــﻲ أوروﺑـــــ­ـﺎ، ﻓـــﺈن اﻟـﻨـﺨـﺒـﺔ اﻟــﺠــﺪﻳـ­ـﺮة ﻫﻲ ﻧﺨﺒﺔ اﳌﺮﺗﺰﻗﺔ، وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺗــﺪاول أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺑﲔ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺠﺢ اﻷﻧﺪﻳﺔ اﻷوروﺑــــ­ــــــﻴـــ­ـــــــﺔ ﻓـــــــﻲ ﺟــﻤــﻴــﻊ أرﺟﺎء اﻟﻘﺎرة. ﻳﻨﺘﻘﻞ أﻓﻀﻞ اﳌـــﺼـــﺮ­ﻓـــﻴـــﲔ اﻟــﻬــﻮﻟـ­ـﻨــﺪﻳــﲔ إﻟــﻰ ﻟـﻨـﺪن، وﻳﻨﺘﻘﻞ أﻓﻀﻞ اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃ­ﻴﲔ اﻷﳌـﺎن إﻟﻰ ﺑــــﺮوﻛــ­ــﺴــــﻞ. واﳌــــﺆﺳـ­ـــﺴــــﺎت واﳌــــــﺼ­ــــــﺎرف اﻷوروﺑــــ­ــﻴــــــﺔ، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار أﻧﺪﻳﺔ ﻛﺮة اﻟــﻘــﺪم، ﺗﻨﻔﻖ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻓــﺼــﻞ »اﳌــﻮﻇــﻔـ­ـﲔ«. وﻓـﻲ اﳌــﻌــﺘــ­ﺎد، ﻓــﺈن ﻫــﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻳﻌﻨﻲ إﺣﺮاز اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ أرض اﳌـﻠـﻌـﺐ أو ﻓــﻲ ﻏــﺮﻓــﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋ­ـﺎت اﻟﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻮك اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ.

وﻟﻜﻦ ﻣــﺎذا ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﻔﺮق ﻓﻲ اﻟﺨﺴﺎرة أو ﻳﺘﺒﺎﻃﺄ اﻻﻗﺘﺼﺎد؟ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﻢ اﳌﻌﺠﺒﻮن؟ وذﻟﻚ ﻷﻧــﻪ ﻻ ﺗـﻮﺟـﺪ ﻋـﻼﻗـﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗـﺮﺑـﻂ ﺑﲔ اﻟــﻼﻋــﺒـ­ـﲔ واﳌـﻌـﺠـﺒـ­ﲔ ﳌــﺎ وراء اﻻﺑـﺘـﻬـﺎج ﺑـﺎﻻﻧـﺘـﺼـ­ﺎرات. إﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا أﺑـﻨـﺎء اﻟﺤﻲ اﻟﻮاﺣﺪ. وﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﺻﺪﻗﺎء ﻣﺸﺘﺮﻛﻮن، أو ذﻛﺮﻳﺎت ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ. واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒﲔ ﻟﻴﺴﻮا ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺑﻠﺪان اﻟﻔﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ.

ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺠﺪﻳﺮة، ﻓﺈن ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﺧﺎرج ﺣﺪود ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻫﺒﺘﻬﻢ اﻟـﻔـﺬة، وﻟﻜﻦ ﻓـﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس، ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮك ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻬﻢ.

ﻳــﺜــﻖ اﻟـــﻨـــﺎ­س ﺑــﺎﻟــﻘــ­ﺎدة ﻟــﻴــﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﻛـــــﻔـــ­ــﺎءﺗـــــ­ﻬـــــﻢ ﻓـــــﺤـــ­ــﺴـــــﺐ، وإﻧـــــــ­ﻤـــــــﺎ ﺑــﺴــﺒــﺐ ﺷـﺠـﺎﻋـﺘـﻬ­ـﻢ واﻟــﺘــﺰا­ﻣــﻬــﻢ، وﺑــﺴــﺒــ­ﺐ أﻧـﻬـﻢ ﻳــﻌــﺘــﻘ­ــﺪون أﻳـــﻀـــﺎ ﻓـــﻲ أن اﻟــــﻘـــ­ـﺎدة ﺳــﻮف ﻳﻮﺟﺪون ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت، ﺑﺪﻻ ﻣـﻦ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﳌﺮوﺣﻴﺎت اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﺨﺎرج اﻟﻄﻮارئ.

وﻣﻦ اﳌﻔﺎرﻗﺎت، ﻫﻲ اﻟﻜﻔﺎء ات اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، وﺣﻘﻴﻘﺔ أن أﻧﻬﻢ ﻣﻼﺋﻤﻮن ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻹدارة ﺑـﻨـﻚ ﻓــﻲ ﺑـﻠـﻐـﺎرﻳـ­ﺎ أو ﻓــﻲ ﺑـﻨـﻐـﻼدﻳـ­ﺶ أو ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ ﻓﻲ أﺛﻴﻨﺎ أو ﻓﻲ ﻃﻮﻛﻴﻮ، ﻣﻤﺎ ﻳــﺠــﻌــﻞ اﻟـــﻨـــﺎ­س ﻳــﺸــﻜــﻜ­ــﻮن ﻛــﺜــﻴــﺮ­ا ﻓـﻴـﻬـﻢ. ﻳﺨﺸﻰ اﻟــﻨــﺎس أﻧــﻪ ﻓــﻲ أوﻗـــﺎت اﻟــﻜــﻮار­ث، ﺳﻮف ﻳﺨﺘﺎر أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺪارة اﳌﻐﺎدرة ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﺳﻢ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺒﻘﺎء.

وﻣــــﻦ ﻏــﻴــﺮ اﳌــﺜــﻴــ­ﺮ ﻟــﻼﺳــﺘــ­ﻐــﺮاب، أﻧــﻪ اﻟــﻮﻻء – وأﻋـﻨـﻲ ﺑـﻪ اﻟــﻮﻻء ﻏﻴﺮ اﳌﺸﺮوط ﻟــﻠــﺠــﻤ­ــﺎﻋــﺎت اﻟـــﻌـــﺮ­ﻗـــﻴـــﺔ، أو اﻟـــﺪﻳـــ­ﻨـــﻴــﺔ، أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ – واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة.

وﻋـــﻠـــﻰ اﻟــﻌــﻜــ­ﺲ ﻣــــﻦ ﻗـــــﺮن ﻣــﻀــﻰ ﻣـﻦ اﻟﺰﻣﺎن، ﻓﺈن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﲔ اﻟﺤﺎﻟﻴﲔ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﺘﻤﲔ ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت. ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟــﻚ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳـﻌـﺪون ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﻨﺨﺐ. وﻫﻢ ﻻ ﻳــﻌــﺪون ﺑــﺈﻧــﻘــ­ﺎذ اﻟــﻨــﺎس وﻟــﻜــﻦ ﺑـﺎﻟـﺒـﻘـﺎ­ء ﻣﻌﻬﻢ. وﻫـﻢ ﻳﻌﺪون ﺑﺈﻋﺎدة ﻓـﺮض اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟ­ﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻮﳌﺔ. وإﻳﺠﺎزا ﻟﻠﻘﻮل، ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻬﺪ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﻮن ﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻬﻢ ﻟﻴﺲ اﻟﻜﻔﺎء ة وإﻧﻤﺎ اﻷﻟﻔﺔ واﳌﻮدة. وﻫﻢ ﻳﺘﻌﻬﺪون ﺑﺈﻋﺎدة إرﺳﺎء اﻟﺮاﺑﻄﺔ ﺑﲔ اﻟﻨﺨﺐ واﻟﺸﻌﺐ. واﻟﻜﺜﻴﺮون ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﻴﻮم ﻳﺠﺪون ﻫﺬه اﻟﻮﻋﻮد ذات ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ.

ﺗﺤﺪث اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺟﻮن راوﻟﺰ ﻋﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﲔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﺑﺄن وﺟﻮد اﻟﺨﺎﺳﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺪارة، ﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ إﻳﻼﻣﴼ ﻣﻦ وﺟﻮد اﻟﺨﺎﺳﺮ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟــﻈــﺎﻟـ­ـﻢ ﺑــﺼــﻮرة واﺿـــﺤـــ­ﺔ. وﻓـــﻲ ﺗــﺼــﻮره، ﻓﺈن إﻧﺼﺎف اﳌﻌﺎدﻟﺔ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ اﻟﻨﺎس وﺑﲔ اﻟﻔﺸﻞ. واﻟﻴﻮم ﻳﺒﺪو ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن ذﻟـﻚ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛـﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﺣﻪ ذﻟﻚ.

* ﺧﺪﻣﺔ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ«

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia