ﺻﻌﻮد اﻟﺠﺪارة اﻷوروﺑﻴﺔ وﺳﻘﻮﻃﻬﺎ
ﻋـــﻨـــﺪﻣـــﺎ ﻻ ﻳــﻤــﻜــﻨــﻚ أن ﺗـــﻔـــﻬـــﻢ ﳌــــﺎذا ﻳــﺘــﺼــﺮف اﻟـــﻨـــﺎس ﺑــﻄــﺮﻳــﻘــﺔ ﻣــﻌــﻴــﻨــﺔ، ﻓــﺈن أﺳـــﻬـــﻞ ﺷـــــﻲء ﻳــﻤــﻜــﻦ اﻟـــﻘـــﻴـــﺎم ﺑــــﻪ ﻫــــﻮ أن ﺗﻘﻨﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﺑـﺄن اﻟﻨﺎس ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﺎذا ﻳــﻔــﻌــﻠــﻮن. وﻫــــﺬا ﻣـــﺎ ﺧــﻠــﺺ إﻟــﻴــﻪ اﻟــﻘــﺎدة اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﻮن ورﺟــــﺎل اﻷﻋــﻤــﺎل واﻹﻋـــﻼم اﻷوروﺑـــــﻴـــــﻮن ﺣــﻴــﺎل اﳌـــﻮﺟـــﺔ اﻟـﺸـﻌـﺒـﻮﻳـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺠﺘﺎح اﻟــﻘــﺎرة اﻟﻌﺘﻴﻘﺔ. ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺻـﺪﻣـﺔ ﺑﺴﺒﺐ أن اﻟـﻌـﺪﻳـﺪ ﻣــﻦ اﳌﻮاﻃﻨﲔ أﺻﺒﺤﻮا ﻳﺼﻮﺗﻮن ﻟﻠﺪﻳﻤﺎﻏﻮﺟﻴﲔ ﻏﻴﺮ اﳌـﺴـﺆوﻟـﲔ. وﻳـﺠـﺪون ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓـﻲ ﺗﻔﻬﻢ ﻣـﺼـﺎدر اﻟﻐﻀﺐ اﻟﻮاﺿﺤﺔ ﺿـﺪ اﻟﻨﺨﺐ اﳌـﺴـﺘـﺤـﻘـﺔ ﻟــﻠــﺠــﺪارة واﻟــﺘــﻲ ﻳــﺮﻣــﺰ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺄﻓﻀﻞ اﳌﻮﻇﻔﲔ اﳌﺪﻧﻴﲔ اﳌﺪرﺑﲔ ﺗﺪرﻳﺒﴼ راﻗﻴﴼ ﻓﻲ ﺑﺮوﻛﺴﻞ.
ﳌــﺎذا ﺗﺴﺘﺎء اﻟﺠﻤﻮع ﻣـﻦ »اﻟﻄﺒﻘﺎت اﳌـﺠـﺘـﺎزة ﻟـﻼﺧـﺘـﺒـﺎرات« ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ اﻟـﺬي ﻳﺸﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻟﺘﻌﻘﻴﺪ اﻟﻈﺎﻫﺮ إﻟﻰ أن اﻟﻨﺎس ﻓــﻲ أﻣـــﺲ اﻟــﺤــﺎﺟــﺔ إﻟــﻴــﻬــﻢ؟ ﳌــــﺎذا ﻳـﺮﻓـﺾ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺑﺠﺪ واﺟﺘﻬﺎد ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ أﺑـﻨـﺎؤﻫـﻢ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺨـﺮج ﻣـﻦ أﻓﻀﻞ ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﻌﺎﻟﻢ، اﻟﻮﺛﻮق ﻓﻲ اﻟﻨﺎس اﻟﺬﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﺨﺮﺟﻮا ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻫـﺬه اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ؟ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻷي ﺷﺨﺺ اﻻﺗﻔﺎق ﻣـﻊ ﻣﺎﻳﻜﻞ ﻏــﻮف، اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﳌﺆﻳﺪ ﻟﻠﺨﺮوج اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ واﻟﺬي ﻗﺎل إن اﻟﻨﺎس ﻗﺪ ﺳﺌﻤﻮا ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺮاء؟
ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أن اﻟﺠﺪارة – وﻫﻲ اﻟﻨﻈﺎم اﻟــﺬي ﻳﺤﺘﻞ ﻓﻴﻪ أﻛﺜﺮ اﳌﻮﻫﻮﺑﲔ واﻟــﻘــﺎدرﻳــﻦ وأﻓــﻀــﻞ اﳌـﺘـﻌـﻠـﻤـﲔ، وأوﻟــﺌــﻚ اﻟــــﺬﻳــــﻦ ﻳــــﺤــــﺮزون أﻓـــﻀـــﻞ اﻟـــــﺪرﺟـــــﺎت ﻓـﻲ اﻻﺧــﺘــﺒــﺎرات، أﻓــﻀــﻞ اﳌـﻨـﺎﺻـﺐ اﻟـﻘـﻴـﺎدﻳـﺔ – ﻫــﻮ أﻓــﻀــﻞ ﻛـﺜـﻴـﺮا ﻣــﻦ اﻟﺒﻠﻮﺗﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ واﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ، ورﺑﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﻢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ، أي اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ.
وﻟــﻜــﻦ اﻟـﻨـﺨـﺐ اﻟــﺠــﺪﻳــﺮة ﻓــﻲ أوروﺑـــﺎ ﻻ ﺗـــﺘـــﻌـــﺮض ﻟـــﻠـــﻜـــﺮاﻫـــﻴـــﺔ ﺑـــﺴـــﺒـــﺐ ﻏـــﺒـــﺎء اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﲔ اﳌﺘﻀﺨﻢ، أو ﺑﺴﺒﺐ اﻻرﺗﺒﺎك ﻟﺪى اﳌﻮاﻃﻨﲔ اﻟﻌﺎدﻳﲔ.
وﻟــــــــﻦ ﻳـــﺸـــﻌـــﺮ ﻣـــﺎﻳـــﻜـــﻞ ﻳـــــﻮﻧـــــﻎ، ﻋــــﺎﻟــــﻢ اﻻﺟــــﺘــــﻤــــﺎع اﻟـــﺒـــﺮﻳـــﻄـــﺎﻧـــﻲ اﻟـــــــﺬي ﺻـــﺎغ ﻓــــــــــﻲ ﻣـــــﻨـــــﺘـــــﺼـــــﻒ اﻟـــــــﻘـــــــﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺠﺪارة، ﺑـﺎﳌـﻔـﺎﺟـﺄة ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺤﻮل اﻟـــــــﻮاﺿـــــــﺢ ﻓــــــﻲ ﻣـــﺠـــﺮﻳـــﺎت اﻷﺣﺪاث. ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن أول ﻣﻦ ﻓﺴﺮ أﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن اﻟـــﺠـــﺪارة ﻗـــﺪ ﺗــﺒــﺪو ﺟـﻴـﺪة ﻟـــــﺪى أﻏـــﻠـــﺐ اﻟــــﻨــــﺎس، ﻓــﺈن اﳌــﺠــﺘــﻤــﻊ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺮ ﺳــﻮف ﻳــﻜــﻮن ﻛــﺎرﺛــﺔ ﻣــﻦ اﻟـــﻜـــﻮارث. ﻓــﻬــﻲ ﺳــﻮف ﺗــﺨــﻠــﻖ ﻣــﺠــﺘــﻤــﻌــﴼ أﻧـــﺎﻧـــﻴـــﴼ ﻣـــﻦ اﻟــﻔــﺎﺋــﺰﻳــﻦ اﳌــﺘــﻐــﻄــﺮﺳــﲔ، واﻟــﺨــﺎﺳــﺮﻳــﻦ اﻟـﻐـﺎﺿـﺒـﲔ واﻟـــﻴـــﺎﺋـــﺴـــﲔ. واﻧـــﺘـــﺼـــﺎر اﻟـــــﺠـــــﺪراة، ﻛـﻤـﺎ ﺗﻔﻬﻤﻬﺎ اﻟﺴﻴﺪ ﻳـﻮﻧـﻎ، ﺳــﻮف ﻳــﺆدي إﻟﻰ ﻓﻘﺪان اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.
واﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺠﻌﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺪارة ﻻ ﻳـــﻄـــﺎﻗـــﻮن ﺑــﺎﻟــﻨــﺴــﺒــﺔ ﻟـــﻨـــﻘـــﺎدﻫـــﻢ ﻟـﻴـﺲ ﻧـﺠـﺎﺣـﻬـﻢ اﻟــﻜــﺒــﻴــﺮ، وﻟــﻜــﻦ ﻫــﻮ إﺻــﺮارﻫــﻢ ﻋﻠﻰ أﻧـﻬـﻢ أﺣـــﺮزوا اﻟـﻨـﺠـﺎح ﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺠﺪﻳﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﺑﺴﺒﺐ أﻧـﻬـﻢ أﻛـﺜـﺮ ﺗـﺄﻫـﻼ ﻣــﻦ اﻵﺧــﺮﻳــﻦ، وﺑﺴﺒﺐ أﻧﻬﻢ اﺟﺘﺎزوا اﻻﺧﺘﺒﺎرات اﻟﺘﻲ ﻓﺸﻞ ﻓﻲ اﺟﺘﻴﺎزﻫﺎ اﻵﺧﺮون.
وﻣﻔﺎرﻗﺔ اﻷزﻣــﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﺗﺘﺄﺻﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻓـــــﻲ ﺑــــﺮوﻛــــﺴــــﻞ ﺗـــﺘـــﺤـــﻤـــﻞ اﻟـــــﻠـــــﻮم ﻟــﻨــﻔــﺲ اﻷﺳـﺒـﺎب اﻟﺘﻲ أﺷــﺎدت ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻷﺟﻠﻬﺎ: اﻟﻨﺰﻋﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻼﻗﻮﻣﻴﺔ، وﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ ﻟﻠﻀﻐﻮط اﻟﻌﺎﻣﺔ، وﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮك ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة.
ﻓــﻲ أوروﺑــــــﺎ، ﻓـــﺈن اﻟـﻨـﺨـﺒـﺔ اﻟــﺠــﺪﻳــﺮة ﻫﻲ ﻧﺨﺒﺔ اﳌﺮﺗﺰﻗﺔ، وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﺗــﺪاول أﻓﻀﻞ ﻻﻋﺒﻲ ﻛﺮة اﻟﻘﺪم ﺑﲔ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺠﺢ اﻷﻧﺪﻳﺔ اﻷوروﺑــــــــــﻴــــــــــﺔ ﻓـــــــﻲ ﺟــﻤــﻴــﻊ أرﺟﺎء اﻟﻘﺎرة. ﻳﻨﺘﻘﻞ أﻓﻀﻞ اﳌـــﺼـــﺮﻓـــﻴـــﲔ اﻟــﻬــﻮﻟــﻨــﺪﻳــﲔ إﻟــﻰ ﻟـﻨـﺪن، وﻳﻨﺘﻘﻞ أﻓﻀﻞ اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﲔ اﻷﳌـﺎن إﻟﻰ ﺑــــﺮوﻛــــﺴــــﻞ. واﳌــــﺆﺳــــﺴــــﺎت واﳌــــــﺼــــــﺎرف اﻷوروﺑــــــﻴــــــﺔ، ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺮار أﻧﺪﻳﺔ ﻛﺮة اﻟــﻘــﺪم، ﺗﻨﻔﻖ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻓــﺼــﻞ »اﳌــﻮﻇــﻔــﲔ«. وﻓـﻲ اﳌــﻌــﺘــﺎد، ﻓــﺈن ﻫــﺬا اﻟﻨﻈﺎم ﻳﻌﻨﻲ إﺣﺮاز اﻟﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ أرض اﳌـﻠـﻌـﺐ أو ﻓــﻲ ﻏــﺮﻓــﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﺎت اﻟﺮاﻗﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻮك اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ.
وﻟﻜﻦ ﻣــﺎذا ﻳﺤﺪث ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻫﺬه اﻟﻔﺮق ﻓﻲ اﻟﺨﺴﺎرة أو ﻳﺘﺒﺎﻃﺄ اﻻﻗﺘﺼﺎد؟ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻳﺒﺘﻌﺪ ﻋﻨﻬﻢ اﳌﻌﺠﺒﻮن؟ وذﻟﻚ ﻷﻧــﻪ ﻻ ﺗـﻮﺟـﺪ ﻋـﻼﻗـﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺗـﺮﺑـﻂ ﺑﲔ اﻟــﻼﻋــﺒــﲔ واﳌـﻌـﺠـﺒـﲔ ﳌــﺎ وراء اﻻﺑـﺘـﻬـﺎج ﺑـﺎﻻﻧـﺘـﺼـﺎرات. إﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا أﺑـﻨـﺎء اﻟﺤﻲ اﻟﻮاﺣﺪ. وﻟﻴﺲ ﺑﻴﻨﻬﻢ أﺻﺪﻗﺎء ﻣﺸﺘﺮﻛﻮن، أو ذﻛﺮﻳﺎت ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ. واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻼﻋﺒﲔ ﻟﻴﺴﻮا ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺑﻠﺪان اﻟﻔﺮق اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻌﺒﻮن ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ.
ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺠﺪﻳﺮة، ﻓﺈن ﻧﺠﺎﺣﻬﻢ ﺧﺎرج ﺣﺪود ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻫﺒﺘﻬﻢ اﻟـﻔـﺬة، وﻟﻜﻦ ﻓـﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس، ﻓﺈن ﻫﺬه اﻟﻘﺪرة اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﺮك ﻫﻲ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﺑﻬﻢ.
ﻳــﺜــﻖ اﻟـــﻨـــﺎس ﺑــﺎﻟــﻘــﺎدة ﻟــﻴــﺲ ﺑﺴﺒﺐ ﻛـــــﻔـــــﺎءﺗـــــﻬـــــﻢ ﻓـــــﺤـــــﺴـــــﺐ، وإﻧـــــــﻤـــــــﺎ ﺑــﺴــﺒــﺐ ﺷـﺠـﺎﻋـﺘـﻬـﻢ واﻟــﺘــﺰاﻣــﻬــﻢ، وﺑــﺴــﺒــﺐ أﻧـﻬـﻢ ﻳــﻌــﺘــﻘــﺪون أﻳـــﻀـــﺎ ﻓـــﻲ أن اﻟــــﻘــــﺎدة ﺳــﻮف ﻳﻮﺟﺪون ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت، ﺑﺪﻻ ﻣـﻦ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﳌﺮوﺣﻴﺎت اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ إﻟﻰ ﻣﺨﺎرج اﻟﻄﻮارئ.
وﻣﻦ اﳌﻔﺎرﻗﺎت، ﻫﻲ اﻟﻜﻔﺎء ات اﻟﻘﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻨﺨﺐ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، وﺣﻘﻴﻘﺔ أن أﻧﻬﻢ ﻣﻼﺋﻤﻮن ﺑﺼﻮرة ﻣﺘﺴﺎوﻳﺔ ﻹدارة ﺑـﻨـﻚ ﻓــﻲ ﺑـﻠـﻐـﺎرﻳـﺎ أو ﻓــﻲ ﺑـﻨـﻐـﻼدﻳـﺶ أو ﻟﻠﺘﺪرﻳﺲ ﻓﻲ أﺛﻴﻨﺎ أو ﻓﻲ ﻃﻮﻛﻴﻮ، ﻣﻤﺎ ﻳــﺠــﻌــﻞ اﻟـــﻨـــﺎس ﻳــﺸــﻜــﻜــﻮن ﻛــﺜــﻴــﺮا ﻓـﻴـﻬـﻢ. ﻳﺨﺸﻰ اﻟــﻨــﺎس أﻧــﻪ ﻓــﻲ أوﻗـــﺎت اﻟــﻜــﻮارث، ﺳﻮف ﻳﺨﺘﺎر أﺻﺤﺎب اﻟﺠﺪارة اﳌﻐﺎدرة ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺗﻘﺎﺳﻢ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺒﻘﺎء.
وﻣــــﻦ ﻏــﻴــﺮ اﳌــﺜــﻴــﺮ ﻟــﻼﺳــﺘــﻐــﺮاب، أﻧــﻪ اﻟــﻮﻻء – وأﻋـﻨـﻲ ﺑـﻪ اﻟــﻮﻻء ﻏﻴﺮ اﳌﺸﺮوط ﻟــﻠــﺠــﻤــﺎﻋــﺎت اﻟـــﻌـــﺮﻗـــﻴـــﺔ، أو اﻟـــﺪﻳـــﻨـــﻴــﺔ، أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ – واﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺠﺎذﺑﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة.
وﻋـــﻠـــﻰ اﻟــﻌــﻜــﺲ ﻣــــﻦ ﻗـــــﺮن ﻣــﻀــﻰ ﻣـﻦ اﻟﺰﻣﺎن، ﻓﺈن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﲔ اﻟﺤﺎﻟﻴﲔ ﻏﻴﺮ ﻣﻬﺘﻤﲔ ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت. ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟــﻚ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳـﻌـﺪون ﺑﺘﺄﻣﻴﻢ اﻟﻨﺨﺐ. وﻫﻢ ﻻ ﻳــﻌــﺪون ﺑــﺈﻧــﻘــﺎذ اﻟــﻨــﺎس وﻟــﻜــﻦ ﺑـﺎﻟـﺒـﻘـﺎء ﻣﻌﻬﻢ. وﻫـﻢ ﻳﻌﺪون ﺑﺈﻋﺎدة ﻓـﺮض اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ واﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﻮﳌﺔ. وإﻳﺠﺎزا ﻟﻠﻘﻮل، ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻬﺪ ﺑﻪ اﻟﺸﻌﺒﻮﻳﻮن ﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻬﻢ ﻟﻴﺲ اﻟﻜﻔﺎء ة وإﻧﻤﺎ اﻷﻟﻔﺔ واﳌﻮدة. وﻫﻢ ﻳﺘﻌﻬﺪون ﺑﺈﻋﺎدة إرﺳﺎء اﻟﺮاﺑﻄﺔ ﺑﲔ اﻟﻨﺨﺐ واﻟﺸﻌﺐ. واﻟﻜﺜﻴﺮون ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﻴﻮم ﻳﺠﺪون ﻫﺬه اﻟﻮﻋﻮد ذات ﺟﺎذﺑﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ.
ﺗﺤﺪث اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﺟﻮن راوﻟﺰ ﻋﻦ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻴﺒﺮاﻟﻴﲔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل ﺑﺄن وﺟﻮد اﻟﺨﺎﺳﺮ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺪارة، ﻟﻴﺲ أﻛﺜﺮ إﻳﻼﻣﴼ ﻣﻦ وﺟﻮد اﻟﺨﺎﺳﺮ ﻓﻲ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟــﻈــﺎﻟــﻢ ﺑــﺼــﻮرة واﺿـــﺤـــﺔ. وﻓـــﻲ ﺗــﺼــﻮره، ﻓﺈن إﻧﺼﺎف اﳌﻌﺎدﻟﺔ ﻳﻘﻀﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﲔ اﻟﻨﺎس وﺑﲔ اﻟﻔﺸﻞ. واﻟﻴﻮم ﻳﺒﺪو ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن ذﻟـﻚ اﻟﻔﻴﻠﺴﻮف اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻛـﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺄ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﺣﻪ ذﻟﻚ.
* ﺧﺪﻣﺔ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ«