Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﻫﻴﻮﻏﻮ اﻟﻈﺮﻳﻒ اﻟﺴﺎﺧﺮ

-

اﻷدﻳﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻜﺘﻮر ﻫﻴﻮﻏﻮ ﻣﻌﺮوف ﻟﺪى أﻛﺜﺮﻧﺎ ﺑﺮواﻳﺎﺗﻪ وأﻋﻤﺎﻟﻪ اﻷدﺑﻴﺔ. ﻏﻴﺮ أن اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣــﻨــﺎ ﻳــﻌــﺮﻓــ­ﻪ ﻛــﻈــﺮﻳــ­ﻒ ﻣــﻨــﻜــﺖ. ﻗـﻠـﻤـﺎ ﻧـﻔـﻜـﺮ ﺑـــﻪ ﻛـﺮﺟـﻞ ﺣﻈﻲ ﺑﺮوح ﻧﻜﺘﺔ ﻧﺎدرة ﺗﻔﺠﺮت أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻓﻲ أدﺑﻴﺎﺗﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة، وﺗـــﺮددت ﻓـﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ وﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻪ اﻟــﺨــﺎﺻـ­ـﺔ. ﻟــﻢ ﻳـﻌـﺘـﺰ اﻟــﻔــﺮﻧـ­ـﺴــﻴــﻮن ﻛــﻤــﺎ اﻋـــﺘـــﺰ­وا ﺑـﻬـﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﺮواﺋﻲ اﻟﻨﺎدر. أﻧﻌﻤﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻋﻠﻰ اﻟﺪرﺟﺎت واﻧﺘﺨﺒﻮه ﻧﺎﺋﺒﺎ ﻓﻲ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ. وأﻛﺮﻣﻮا رﻓﺎﺗﻪ ﺑﺪﻓﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﻟﺒﺎﻧﺜﻴﻮن ﻋﺎم ٥٨٨١. وﻟﻜﻨﻪ اﺷﺘﻬﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﲔ اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺧﺮى ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق ﻋﺎﳌﻲ ﺑﺮواﻳﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﻟﺪة ﻣﺜﻞ »اﻟﺒﺆﺳﺎء« و»أﺣــﺪب ﻧـﻮﺗـﺮدام«. ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺮأ رواﻳـﺎﺗـﻪ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ واﳌـﺴـﺮح أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻫﺬه وﻏﻴﺮﻫﺎ.

وﻛﻐﻴﺮه ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻷدﺑﺎء، ﺷﻌﺮ ﺑﺤﺠﻢ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺠﻴﻞ اﻟـﺬي ﻟﻘﻴﻪ ﺑﲔ اﻷوﺳــﺎط اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻓﺎﻋﺘﺮﺗﻪ روح اﻟﻌﻈﻤﺔ واﻻﻋــﺘــﺪ­اد ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ. روى أﺑـﻨـﺎء ﺟﻴﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺗﻘﻠﻴﻌﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. ﺳﺄﻟﻪ أﺣﺪ اﻟﻨﻘﺎد ﻋﻦ رأﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺮﻳﺪ دﻳﻤﻮﺳﻴﻪ ﻓﻘﺎل إﻧﻪ »ﺷﺎﻋﺮ ﻣﻮﻫﻮب ﻛﺜﻴﺮا، وﻟﻜﻨﻪ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻐﺮور ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﺜﻴﺮا. وﻻ ﻳـﺘـﻮرع ﻋـﻦ اﻻدﻋـــﺎء أﻣــﺎم أي ﻛــﺎن ﺑﺄﻧﻪ ﺷﺎﻋﺮ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻣﻨﺰﻟﺘﻲ!«.

وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺑﻠﻎ أوج ﻏﺮوره ﻓﻲ ﺷﻌﻮره ﺑﺒﻼﻏﺔ أدﺑﻪ وأﺷــﻌــﺎر­ه. ﺣــﺪث ﻓـﻲ أﺣــﺪ اﻟﺘﻤﺎرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻪ »ﻣــﺎرﻳــﻮن دﻳــﻠــﻮرم« أن ﻟـﻔـﺖ ﻧــﻈــﺮه اﳌــﺆﻟــﻒ اﻷول ﻓﻲ اﳌـﺴـﺮﺣـﻴـ­ﺔ إﻟـــﻰ إﺣـــﺪى اﻟـﻜـﻠـﻤـﺎ­ت اﻟـــــﻮار­دة ﻓــﻲ اﻟﻨﺺ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﻠﻤﺔ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺎ، ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﻫﻴﻮﻏﻮ »ﺳﺘﺼﺒﺢ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ اﻵن ﻳﺎ ﺳﻴﺪي!«.

ودﺧﻞ ﻓﻜﺘﻮر ﻫﻴﻮﻏﻮ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، وﺗﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮا واﻧﺘﺨﺐ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻋـﺪة ﻣــﺮات. وﻟﻜﻦ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻧﺘﻘﺪوه ﻋﻠﻰ دوره ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﺎذﺟﺎ وﻣﺘﻘﻠﺒﺎ وﺿﺤﻞ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. وﻗﻒ أﺣﺪ اﻟﻨﻮاب اﳌﻐﻤﻮرﻳﻦ ﻓﻲ اﳌﺠﻠﺲ ﻓـﺘـﺤـﺪى اﻷدﻳــــﺐ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـ­ﻲ اﻟـﻜـﺒـﻴـﺮ وﻗــــﺎل: »ﻛــﻔــﻰ. إن اﻷدﻳــﺐ اﻟــﺮديء ﻳﺠﺮﻧﺎ إﻟـﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ردﻳﺌﺔ. ﻓﻠﻴﺨﺮج ﻓﻜﺘﻮر ﻫﻴﻮﻏﻮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺠﻠﺲ«.

ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻓﻜﺘﻮر ﻫﻴﻮﻏﻮ ﻏﻴﺮ أن وﻗﻒ ﻓﺨﺎﻃﺒﻪ ﻗــﺎﺋــﻼ: »إذا ﻛـﻨـﺖ ﺗــﻌــﺮف اﺳــﻤــﻲ ﻓــﺄﻧــﺎ أﺟــﻬــﻞ اﺳـﻤـﻚ. ﻓﻤﺎ ﻫﻮ اﺳﻤﻚ ﻳﺎ ﺳـﻴـﺪي؟« أﺟﺎﺑﻪ اﻟﺮﺟﻞ ﻗﺎﺋﻼ: إﻧﻪ ﺑـﻮﺑـﻮﺳـﻮن. ﻓﺘﺎﺑﻊ ﻫﻴﻮﻏﻮ ﻛـﻼﻣـﻪ وﻗـــﺎل: »ﻫــﺬا أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻛﻨﺖ أﺗﻮﻗﻊ!«

وﻻ ﺷــﻚ أن أوج ﻏــــﺮوره ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻗــﺪ ﺑـﻠـﻎ ذروﺗـــﻪ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻛــﺎن ﻃـﺮﻳـﺢ اﻟــﻔــﺮاش ﻳﻠﻔﻆ أﻧـﻔـﺎﺳـﻪ اﻷﺧــﻴــﺮة. وﺣﻴﻨﻬﺎ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺘﻤﺘﻢ ﻗﺎﺋﻼ: »ﻫﻴﺎ ﺑﻨﺎ! ﻟﻘﺪ آن اﻷوان ﻷﻓﺮغ اﻟﻌﺎﻟﻢ!«.

وﻛﺎن ﻟﻬﻴﻮﻏﻮ ﺻﻮﻻﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻬﻮى واﻟﻐﺮام. وذﻛﺮ ﻋﻨﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻇﺮﻳﻒ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد. وﻗﻊ ﻧﻈﺮه ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺤﻔﻼت ﻋﻠﻰ اﻣﺮأة ﺣﺴﻨﺎء ﺷﺒﻜﺖ ﻋﻠﻰ ﺻﺪرﻫﺎ ﺑﺎﻗﺔ ﻣﻦ اﻷزﻫــﺎر اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. وﻻﺣﻈﺖ اﳌﺮأة اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻪ إﻧﻪ ﻳﻮم ﻋﻴﺪي. ﻓﺄﺟﺎﺑﻬﺎ: »ﻛﻼ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ إﻧﻪ ﻋﻴﺪ ﺑﺎﻗﺔ اﻟﺰﻫﻮر«.

ﺳﺎﻗﺘﻪ اﻟـﺼـﺪف إﻟــﻰ أن ﻳﻘﻊ ﻫـﻮ واﺑـﻨـﻪ ﻓـﻲ ﻏـﺮام أﻟﻴﺲ أوزي. وﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺗﻔﻀﻞ اﻻﺑﻦ اﻟﺸﺎب. أﺛﺎر ذﻟﻚ ﻏﻴﺮﺗﻪ ﻓﻜﺎن ﻛﻠﻤﺎ ﻋﺎد اﺑﻨﻪ ﻣﻦ ﻟﻘﺎء ﻣﻊ ﺗﻠﻚ اﳌﻤﺜﻠﺔ، ﺣﺮﻣﻪ اﻷب ﻣﻦ أﻛﻞ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺒﻔﺘﻴﻚ.

وﺣﺪث أن اﺟﺘﻤﻊ ﻫﻴﻮﻏﻮ ﺑﺘﻠﻚ اﳌﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ إﺣﺪى اﻟﺴﻬﺮات، ﻓﺒﻌﺚ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺒﻄﺎﻗﺔ ﺗﻘﻮل: »أﻧﺎ أﻣﻨﺤﻚ أي ﺷﻲء ﺗﻄﻠﺒﲔ. ﺳﻠﻴﻨﻲ ﻷﺟﻴﺐ. ﻣﺎذا ﺗﻄﻠﺒﲔ ﻳﺎ ﻗﺎﺳﻴﺔ اﻟﻘﻠﺐ؟«، ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮ اﻟﺒﻄﺎﻗﺔ: »أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻚ أن ﺗﻌﻴﺪ ﻻﺑﻨﻚ ﻗﻄﻌﺔ اﻟﺒﻔﺘﻴﻚ!«.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia