Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اتفاقية باريس... الولايات المتحدة في طرف و١٩٥ دولة في طرف آخر

خيبة أمل عالمية حيال انسحاب واشنطن ورفض لإعادة التفاوض حول الاتفاقية ّ الموقعون علىالاتفاق­ية

- بروكسل: »الشرق الأوسط«

قطع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشك باليقين ونفذ وعده الانتخابي بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ. إلا أن هذه الخطوة، برأي معظم المعلقين السياسيين ورؤساء الدول، وضعت الولايات المتحدة في جهة وباقي دول العالم بجهة أخرى، مشددين على أن واشنطن لم تتراجع فقط عن الوعود التي قطعتها على نفسها الإدارة السابقة للرئيس براك أوباما بخصوص اتفاقية باريس، وإنما تخلت بهذه الخطوة عن موقعها القيادي العالمي.

الخبير الألماني في الشؤون الأميركية ديتلف يونكر، حذر قبل أيام من النهج الجديد للسياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترمب. وكتب مدير مركز هايدلبرغ للدراسات الأميركية في مقال بصحيفة »مانهايمر مورجن« الألمانية يقول: »ترمب سيقودنا إلى أزمة مزدوجة: إلى تفتيت داخلي وفقدان الولايات المتحدة ثقلها في السياسة الخارجية، وإلى ضعف وتفتيت للغرب عبر الأطلسي... ترمب سيفضح أيضا دون هوادة نقاط الضعف الموجودة بالفعل في الاتحاد الأوروبي«. وذكر يونكر في مقاله، أن ملامح فقدان أهمية الولايات المتحدة في السياسة الخارجية يمكن التحقق منها حاليا، موضحا أن السياسة الحمائية لترمب ستضعف مصالح السياسة الأمنية والاقتصادي­ة سواء للولايات المتحدة أو لأوروبا. وهذا ما عبر عنه قبل أيام وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل قائلا: إن »الولايات المتحدة أوروبا قويتان معا وليس بمفردهما«.

وأجمعت ردود الفعل الدولية على التعبير عن خيبة أمل إزاء اعتبر رئيس المفوضية إعلان انسحاب الولايات المتحدة الأوروبية جان - كلود يونكر من اتفاق باريس. ورفضت ألمانيا قرار الرئيس الأميركي »خطيرا وفرنسا وإيطاليا بعد دقائق من للغاية«، وأن »لا رجوع إلى الوراء إعلان الانسحاب اقتراح ترمب في العملية الانتقالية لمصادر لإعادة التفاوض حول الاتفاقية. الطاقة، ولا رجوع إلى الوراء حول وذكرت الدول الأوروبية الثلاث اتفاق باريس«. في بيان مشترك: »نعتبر الزخم أعلنترئيسة­الحكومة الذي تولّد في باريس في ديسمبر البريطانية تيريزا ماي في (كانون الأول) ٢٠١٥ أمرا لا رجعة اتصال هاتفي مع ترمب، أن فيه، ونحن نعتقد اعتقادا راسخا اتفاق باريس يحمي »ازدهار بأن اتفاق باريس لا يمكن إعادة الأجيال المستقبلية وأمنها«، التفاوض عليه«. ومن المقرر أن بحسب الحكومة. وتابعت ماي أن يبدأ ترمب في عملية الانسحاب »اتفاق باريس يشكل إطارا شاملا من الاتفاق، في خطوة لن تكتمل مواتيا لحماية ازدهار الأجيال قبل عام ٢٠٢٠، حيث يتوقع أن المستقبلية وأمنها، وضمان يكون منهمكا في حملة إعادة وصول مواطنينا وشركاتنا إلى انتخابه. وانتقد ترمب اتفاق وسائل الطاقة«. باريس للمناخ، مشيرا إلى أنه وكان الرئيس الأميركي قال: يحرم بلاده من مميزات مالية إن بلاده ستبدأ مفاوضات إما تحصلعليهاد­ولأخرى. للعودةللات­فاقية أوللدخول

كما رفض الاتحاد الأوروبي في اتفاق جديد »بشروط عادلة الفكرة. وقال المفوض الأوروبي للولايات المتحدة وشركاتها لشؤون المناخ ميجيل أرياس وعمالها وشعبها ودافعي كانيتي أمس (الجمعة): إنه الضرائب«. لا يمكن إعادة التفاوض على وذكر كانيتي، أن الاتحاد اتفاقية باريس للمناخ مثلما الأوروبي سيسعى لشراكة مع قال الرئيس الأميركي. وأضاف شركات أو ولايات أميركية تؤيد للصحافيين عقب اجتماعه مع اتفاقية باريس. مسؤولصيني»الاتفاقيفي الرئيسالأم­يركيالسابق بغرضه. اتفاقية باريس ستبقى باراك أوباما قال: إن الدول التي ولن يعاد التفاوض على بنود ستبقى ضمن اتفاق باريس اتفاقية باريس البالغ عددها ٢٩«. للمناخ هي التي ستجني المنافع فيما يتعلق بفرص العمل، والصناعات التي تم إنشاؤها. وأضاف أوباما، أن الدول التي التزمت بمستقبل ينعم بانخفاض نسبة الكربون، عبر اتفاق المناخ »فتحت الباب للشركات والعلماء والمهندسين لإطلاق الاستثمارا­ت والابتكارا­ت ذات التقنية العالية والمنخفضة الكربون على نطاق غير مسبوق .« وأردف أوباما يقول إن »القيادة الأميركية المسؤولة« جعلت مثل هذا الإنجاز ممكنا، مضيفا إنه حتى في غياب ذلك فإنه واثق من أن الدول والمدن والشركات »سوف تتقدم للأمام وتفعل المزيد لتمضي قدما، وتساعد في حماية الكوكب الوحيد الذي نملكه من أجل الأجيال المقبلة.«

وجاءت ردة الفعل الفرنسية الأقوى، وأعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أن نظيره الأميركي ارتكب خطأ تاريخيا بالانسحاب من اتفاق باريس، ودعا علماء المناخ الأميركيين ورجال الأعمال للمجيء إلى فرنسا والعمل فيها. وقال ماكرون في خطاب تلفزيوني ألقاه باللغة الإنجليزية: إن ترمب »ارتكب خطأ بحق مصالح بلاده وبحق مستقبل كوكبنا «، مضيفا أن »الولايات المتحدة أدارت ظهرها للعالم«. ودعا ماكرون أيضا الأميركيين »من العلماء والمهندسين ورجال الأعمال والمواطنين الملتزمين « إلى »المجيء والعمل في فرنسا على إيجاد حلول ملموسة للمناخ«. وتعهد »إلى هؤلاء الذين خاب أملهم من قرار رئيس الولايات المتحدة، سوف تجدون موطنا ثانيا في فرنسا«. وقال: »فرنسا لن تدير ظهرها للأميركيين، فرنسا لن تستسلم«. وأضاف ماكرون: »إننا سننجح لأننا ملتزمون التزاما تاما، ولأننا حيثما نعيش وأيا كنا نتقاسم جميعا المسؤولية نفسها... لنجعل كوكبنا عظيما مرة أخرى«، في إسقاط على شعار ترمب »لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى«.

أما بيل بيدوتو، عمدة بيتسبرغ، المدينة التي قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يمثلها عندما أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس بشأن المناخ، فقال: إن »جمهور الناخبين في تلك المدينة لا يؤيدون تلك الخطوة«. وأضاف بيدوتو: »بيتسبرغ تقف مع العالم وسوف نتبع اتفاق باريس«. وتابع: »بصفتي عمدة لبيتسبرغ، أؤكد لكم أننا سنتبع الخطوط العريضة لاتفاق باريس من أجل شعبنا واقتصادنا ومستقبلنا .«

وقالت اليابان إن قرار الرئيس الأميركي »مؤسف«. وذكر وزير الخارجية فوميو كيشيدا للصحافيين: أن بلاده »ستعمل مع الأطراف الأخرى في اتفاق باريس لتطبيقه المطرد والكامل .«

في إعلانه عن الانسحاب من الاتفاقية استخدم ترمب رسالة »أميركا أولا« التي رددها عندما فاز بالرئاسة العام الماضي، وقال: إن اتفاقية باريس ستقوض الاقتصاد الأميركي،

وستكلف الولايات المتحدة وظائف، وستضعف السيادة الوطنية الأميركية، وستضع البلاد في موقف سيئ دائم مقارنة بباقي دول العالم. وقال ترمب »لا نريد أن يهزأ بنا الزعماء الآخرون > الولاياتال­متحدة واحدة من ١٩٥ دولة (وافقتكانون­علىالاتفاق­ية في باريس في ديسمبر الأول) ٢٠١٥، وسوريا هماالدولتا­ن ونيكاراجوا الوحيدتان غيرالمشارك­تين فيالاتفاقي­ة. ووفقاللاتف­اقية، التي استغرق إعدادها سنوات، تلتزم الدول سواء فقيرةأم كانت غنية بتقليل انبعاثاتما عليهاالغاز­اتالمسببة يطلق الناتج من احتراق الوقودالأح­فوريللاحتب­اس الحراري الذي ينحي عليه العلماء باللائمة في ارتفاع درجة حرارة الكوكب. والدول الأخرى بعد اليوم. ولن يحدث هذا«. وأضاف ترمب » الدول نفسها التي تطلب منا البقاء في الاتفاقية هي الدول التي تكلف أميركا إجمالا تريليونات الدولارات من خلال ممارسات تجارية قاسية، وفي كثير من الحالات إسهامات ضعيفة في تحالفنا العسكري المهم.«

وقال ترمب إن الولايات المتحدة ستكف عن دفع أموال لصندوق المناخ الأخضر الذي تدفع له الدول الغنية مليارات الدولارات لمساعدة الدول النامية على التعامل مع الفيضانات والجفاف والآثار الأخرى لتغير المناخ. وقال البيت الأبيض إنه سيتمسك بقواعد الأمم المتحدة للانسحاب من الاتفاقية. وتقضي القواعد بأن تنتظر أي دولة ثلاث سنوات من تاريخ اكتساب الاتفاقية الصفة القانونية، وهو الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) ٢٠١٦، قبل السعي رسميا للخروج. ومن ثم يكون على تلك الدولة الانتظار لعام آخر.

ووصف داعمون للاتفاقية خطوة ترمب بأنها ضربة للجهود الدولية للحد من الاحتباس الحراري لكوكب الأرض الذي ينذر بآثار بعيدة المدى خلال القرن الحالي وما بعده.

وكان عدد من زعماء العالم وبينهم البابا قد ضغطوا على ترمب لئلا ينسحب من الاتفاق.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو »رغم أن قرار الولايات المتحدة محبط سنظل متأثرين بالزخم المتزايد حول العالم لمكافحة تغير المناخ والتحول لاقتصادات ذات نمو نظيف .«

ونشرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) تعليقا على قرار ترمب ووصفته بأنه »انتكاسة عالمية«. تعهدت بكين بالاستمرار في تنفيذ اتفاق باريس وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا شونيينغ للصحافيين أن الاتفاق »يعكس أوسع توافق في الأسرة الدولية بشأن التغير المناخي، وعلى الأطراف أن تتمسك بهذه النتيجة التي توصلت إليها بجهد كبير.«

ووصف المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخطوة بأنها »خيبة أمل كبرى«. وقالت الهيئة التابعة للأمم المتحدة التي تقود مفاوضات المناخ إنه لا يمكن إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية بناء على طلب دولة منفردة.

وفي رسالة إلكترونية لموظفي »آبل«، عبر الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك عن خيبة الأمل وقال: إنه تحدث مع ترمب يوم الثلاثاء لمحاولة إقناعه بالبقاء في اتفاقية باريس. وقال: »لم يكن ذلك كافيا.«

ودعم قادة جمهوريون بالكونغرس الأميركي ترمب. وأشاد ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ بترمب »لتوجيهه ضربة كبيرة جديدة لاعتداء إدارة أوباما على الإنتاج المحلي للطاقة والوظائف«. وانتقد الديمقراطي­ون الخطوة. ووصف زعيم الديمقراطي­ين في مجلس الشيوخ تشاك شومر القرار بأنه »أحد أسوأ التحركات السياسية التي اتخذت في القرن الحادي والعشرين بسبب الضرر الهائل لاقتصادنا وبيئتنا .«

وقال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز الذي سعى لنيل بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة العام الماضي »في هذه اللحظة، التي يسبب فيها تغير المناخ بالفعل ضررا مدمرا حول العالم، ليس لنا الحق أخلاقيا في أن ندير ظهورنا لجهود ترمي للحفاظ على هذا الكوكب للأجيال القادمة.«

 ??  ?? بلدية باريس تكتسي باللون الأخضر احتجاجاً على انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ (إ.ب.أ)
بلدية باريس تكتسي باللون الأخضر احتجاجاً على انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ (إ.ب.أ)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia