اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻨﻴﺎﺑﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ »ﺗﺴﻮﻧﺎﻣﻲ ﺳﻴﺎﺳﻲ« ﻳﻌﺰز ﺣﺰب ﻣﺎﻛﺮون
ﻧﺴﺒﺔ اﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﻷﻋﻠﻰ ﰲ ﺗﺎرﻳﺦ اﳉﻤﻬﻮرﻳﺔ اﳋﺎﻣﺴﺔ... واﳌﻌﺎرﺿﺔ ﺗﺘﺨﻮف ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ »اﳊﺰب اﻟﻮاﺣﺪ«
ﻳﺘﺠﻪ ﺣﺰب اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ إﻳﻤﺎﻧﻮﻳﻞ ﻣﺎﻛﺮون اﻟﻮﺳﻄﻲ، ﻧﺤﻮ اﻟﻔﻮز ﺑﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ، ﻣــﺎ ﺳﻴﻌﻄﻴﻪ ﺗﻔﻮﻳﻀﺎ ﺣـــــﺎﺳـــــﻤـــــﺎ ﻟـــﺘـــﻨـــﻔـــﻴـــﺬ إﺻــــــﻼﺣــــــﺎت اﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ واﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ وﻋــﺪ ﺑﻬﺎ ﺧﻼل ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ.
واﻛـﺘـﺴـﺢ ﺣــﺰب »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻟــﻰ اﻷﻣـــﺎم« اﻟــﺬي أﺳـﺴـﻪ ﻣـﺎﻛـﺮون اﻟـــﺤـــﺰﺑـــﲔ اﻟــﺘــﻘــﻠــﻴــﺪﻳــﲔ اﻷﻛــﺒــﺮﻳــﻦ ﺑﺤﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ٣٫٢٣ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻـــــــﻮات، ﻣــﺘــﻘــﺪﻣــﺎ ﺑـــﻔـــﺎرق ﻛﺒﻴﺮ ﻋــﻦ ﺣـــﺰب اﻟـﺠـﻤـﻬـﻮرﻳـﲔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻲ )٥٫١٢ ﻓﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ( وﺣــﺰب »اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟــــﻮﻃــــﻨــــﻴــــﺔ« اﻟـــﻴـــﻤـــﻴـــﻨـــﻲ اﳌـــﺘـــﻄـــﺮف ﺑــﺮﺋــﺎﺳــﺔ ﻣــﺎرﻳــﻦ ﻟــﻮﺑــﻦ )٢٫٣١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ( واﻟﻴﺴﺎر اﳌﻨﻘﺴﻢ ﺑﲔ ﺗﻴﺎرات ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ.
وﻟــــﻌــــﻞ اﳌـــــﺆﺷـــــﺮ اﻷﺑـــــﻠـــــﻎ اﻟـــــﺬي ﻳــــﻠــــﺨــــﺺ اﻟــــــﺠــــــﻮﻟــــــﺔ اﻷوﻟـــــــــــــــﻰ ﻣـــﻦ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت اﻟـﻨـﻴـﺎﺑـﻴـﺔ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻴـﺔ، ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻫﺰﻳﻤﺔ أﻣﲔ ﻋﺎم اﻟﺤﺰب اﻻﺷـــــﺘـــــﺮاﻛـــــﻲ ﺟـــــــﺎن - ﻛـــﺮﻳـــﺴـــﺘـــﻮف ﻛــﻤــﺒــﺎدﻟــﻴــﺲ وﻋـــﺠـــﺰه ﻋـــﻦ اﻟــﺘــﺄﻫــﻞ ﻟـــﻠـــﺪورة اﻟــﺜــﺎﻧــﻴــﺔ. ﻓــﻲ اﳌــﻘــﺎﺑــﻞ، ﻓــﺎز ﻣــﺮﺷــﺢ ﺣــــﺰب اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ إﻳــﻤــﺎﻧــﻮﻳــﻞ ﻣـــﺎﻛـــﺮون، ﻣـﻨـﻴـﺮ اﳌــﺤــﺠــﻮﺑــﻲ، وزﻳــﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮﻗﻤﻲ وأﺻـﻐـﺮ أﻋﻀﺎء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ ٤٣ ﻋﺎﻣﺎ اﻟـــــــﺬي ﻳـــﺨـــﻮض أوﻟـــــــﻰ ﻣــﻨــﺎﻓــﺴــﺎﺗــﻪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ، ﺑﺎﳌﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ وﺑﻤﻘﻌﺪ ﻧﻴﺎﺑﻲ أﻛﻴﺪ ﻳﻮم اﻷﺣﺪ اﻟﻘﺎدم.
ﻋﻜﺴﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟــﺪورة اﻷوﻟـﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺬي أﺣﺪﺛﻪ ﻣﺎﻛﺮون ﻓــﻲ اﳌـﺸـﻬـﺪ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻲ. ﻓﺒﻌﺪ ﺷﻬﺮ واﺣﺪ ﻣﻦ وﺻﻮﻟﻪ إﻟﻰ ﻗــﺼــﺮ اﻻﻟـــﻴـــﺰﻳـــﻪ، ﻫـــﺎ ﻫـــﻮ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺪ ﻳــﺘــﺴــﺒــﺐ ﺑـــ »ﺗــﺴــﻮﻧــﺎﻣــﻲ ﺳــﻴــﺎﺳــﻲ« ﻟــﻢ ﺗـﻌـﺮﻓـﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻬﺎ ﻓـﻲ ﻋﺎم ٨٥٩١، وﻳﺮﺟﺢ أن ﻳﺤﺼﻞ »ﻓﺮﻧﺴﺎ إﻟـــــﻰ اﻷﻣــــــــﺎم« ﻣـــﻊ ﻧــﻬــﺎﻳــﺔ اﻟــﺠــﻮﻟــﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ أﻛــﺜــﺮﻳــﺔ ﺳـﺎﺣـﻘـﺔ ﻓﻲ اﻟـﺒـﺮﳌـﺎن اﻟـﺠـﺪﻳـﺪ ﻣــﺎ ﺑــﲔ ٠٠٤ إﻟﻰ ٥٥٤ ﻣﻘﻌﺪا، ﻣﻦ أﺻﻞ ٧٧٥ ﻣﻘﻌﺪا، وﻫــــﻲ اﻷوﺳـــــﻊ ﻣــﻨــﺬ ﺳــﺘــﲔ ﻋــﺎﻣــﺎ. ذﻟــﻚ أن ﺣــﺰب ﻣــﺎﻛــﺮون، اﳌﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣـﻊ ﺣــﺰب »اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﻳﺮأﺳﻬﺎ وزﻳﺮ اﻟﻌﺪل ﻓﺮﻧﺴﻮا ﺑﺎﻳﺮو ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ ٣٫٢٣ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣـﻦ اﻷﺻـــﻮات ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ، ﺑﻨﺴﺒﺔ ١١ ﻓــﻲ اﳌــﺎﺋــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﻣـﻨـﺎﻓـﺴـﻪ اﻷﻗــــﺮب، وﻫﻮ ﺣﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن اﳌﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣـــﻊ ﺣــــﺰب اﺗـــﺤـــﺎد اﻟــﺪﻳــﻤــﻘــﺮاﻃــﻴــﲔ واﳌــﺴــﺘــﻘـﻠـﲔ، ﻓـﻴـﻤـﺎ اﻧــﻬــﺎر اﻟــﺤــﺰب اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺮﻳﻊ.
وﺗــــﻔــــﻴــــﺪ آﺧــــــــﺮ اﻷرﻗــــــــــــــﺎم ﺑــــﺄن اﻻﺷــــﺘــــﺮاﻛــــﻴــــﲔ وﺣــــﻠــــﻔــــﺎءﻫــــﻢ ﻣــﻦ اﻟﺮادﻳﻜﺎﻟﻴﲔ اﻟﻴﺴﺎرﻳﲔ ﺣﺼﻠﻮا ﻋـــﻠـــﻰ أﻗـــــﻞ ﻣــــﻦ ٠١ ﻓــــﻲ اﳌــــﺎﺋــــﺔ ﻣـﻦ اﻷﺻـــــــــﻮات، ﺣــﻴــﺚ ﺗـــﺮاﺟـــﻌـــﻮا إﻟــﻰ اﳌــــــﻮﻗــــــﻊ اﻟـــــﺨـــــﺎﻣـــــﺲ ﺑــــــﲔ اﻟــــﻘــــﻮى اﻟـــﺴـــﻴـــﺎﺳـــﻴـــﺔ اﻟــــﻔــــﺮﻧــــﺴــــﻴــــﺔ، وﻫــــﻲ أﺿـــﻌـــﻒ ﻧــﺴــﺒــﺔ ﻟــﻬــﻢ ﻣــﻨــﺬ أواﺧـــــﺮ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ. واﻟﺤﺎل أن اﻻﺷــﺘــﺮاﻛــﻴــﲔ ﻛــﺎﻧــﻮا ﻳﺸﻐﻠﻮن ٤٨٢ ﻣﻘﻌﺪا ﻓــﻲ اﻟـﺒـﺮﳌـﺎن اﻟﺴﺎﺑﻖ. وإﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻣﻴﻨﻪ اﻟﻌﺎم، ﻓﻘﺪ ﺧﺮج ﻣـﻦ اﳌﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻨﺬ اﻟـــﺪورة اﻷوﻟــﻰ، ﻣـــﺮﺷـــﺢ اﻻﺷـــﺘـــﺮاﻛـــﻴـــﲔ ﻟــﻠــﺮﺋــﺎﺳــﺔ ﺑـــﻮﻧـــﻮا ﻫـــﺎﻣـــﻮن ووزراء ﺳـﺎﺑـﻘـﻮن ﺑﻴﻨﻬﻢ أورﻟـــﻲ ﻓﻴﻠﻴﺒﻲ، وﺑﺎﺳﻜﺎل ﻻﻣﻲ، وإﻟﻴﺰاﺑﻴﺖ ﻏﻴﻐﻮ، وﻣﺎﺗﻴﺎس ﻓﻴﻜﻴﻞ، وﻛﺮﻳﺴﺘﻴﺎن أﻳﻜﻴﺮت.
ﺟــﺪﻳــﺮ ﺑــﺎﻟــﺬﻛــﺮ أن اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣﻦ وﺟــــﻮه اﻟـــﺤـــﺰب اﻻﺷـــﺘـــﺮاﻛـــﻲ، ﻣﺜﻞ رﺋﻴﺴﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ﺑﺮﻧﺎر ﻛــــﺎزﻧــــﻮف وﺟـــــﺎن ﻣـــــﺎرك أﻳـــﺮوﻟـــﺖ، اﻣﺘﻨﻌﻮا ﻋﻦ اﻟﺘﺮﺷﺢ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺨﻮف ﻣـــﻦ اﻟــﻬــﺰﻳــﻤــﺔ ﻣـــﻦ ﺟــﻬــﺔ، وﺑـﺴـﺒـﺐ دﺧﻮل ﻗﺎﻧﻮن ﻣﻨﻊ ﺗﺮاﻛﻢ اﳌﻨﺎﺻﺐ ﺣـﻴـﺰ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ. وﺣــﺪﻫــﻢ ﻧـﺠـﻮا ﻣﻦ اﻟــﻌــﺎﺻــﻔــﺔ اﻟـــــــﻮزراء اﻟـــﺬﻳـــﻦ اﻣـﺘـﻨـﻊ ﻣﺎﻛﺮون ﻋﻦ ﺗﺮﺷﻴﺢ ﻣﻨﺎﻓﺴﲔ ﻟﻬﻢ ﻣــﻦ ﺣــﺰﺑــﻪ، أﻣــﺜــﺎل وزﻳــــﺮة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻧﺠﺎة ﻓﺎﻟﻮ ﺑﻠﻘﺎﺳﻢ، ووزﻳﺮ اﻟﺰراﻋﺔ ﺳﺘﻴﻔﺎن ﻟﻮ ﻓـﻮل، ورﺋﻴﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﺎﻧﻮﻳﻞ ﻓﺎﻟﺲ. ﻟــﻜــﻦ ﻟــﻴــﺲ ﺟــﻤــﻴــﻊ ﻫـــــﺆﻻء واﺛــﻘــﲔ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻨﺪوة اﻟﺒﺮﳌﺎﻧﻴﺔ. ووﺻــــــﻒ ﻛــﻤــﺒــﺎدﻟــﻴــﺲ ﻣــــﺎ أﺻــــﺎب ﺣـــﺰﺑـــﻪ ﺑـــﺄﻧـــﻪ »ﺗــــﺮاﺟــــﻊ ﻟــﻠــﻴــﺴــﺎر ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻼ«.
ﻣــﺎ ﻳـﺼـﺢ ﻋـﻠـﻰ اﻻﺷـﺘـﺮاﻛـﻴـﲔ، ﻳـــــﺼـــــﺢ أﻳــــــﻀــــــﺎ ﻋـــــﻠـــــﻰ اﻷﺣــــــــــــﺰاب اﻷﺧـــﺮى اﻟـﺘـﻲ ﻟــﻢ ﺗﻨﺞ ﻣــﻦ ﻣﺨﺎﻟﺐ »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم«. ﻓﺎﻟﻴﻤﲔ اﳌﻌﺘﺪل اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﻔﻮز ﺑــﺎﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت ﺑــﻌــﺪ ﻗــﻠــﺐ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﺮﺷﺤﻪ اﻟﺮﺋﺎﺳﻲ ﻓﺮﻧﺴﻮا ﻓﻴﻮن، أﺻـﻴـﺐ ﻫــﻮ اﻵﺧـــﺮ ﺑﻨﻜﺴﺔ ﻛﺒﻴﺮة، ﺣﻴﺚ ﻣﻦ اﳌﻘﺪر ﻟﻪ أن ﻳﺨﺴﺮ ﻧﺼﻒ ﻋــﺪد ﻧــﻮاﺑــﻪ ﻓــﻲ اﻟــﺒــﺮﳌــﺎن اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ. وﻟﻜﻦ ﺑﺤﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ٥٫١٢ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات، ﻋﺎد »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن« ﻟﻴﺤﺘﻞ اﳌﻮﻗﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺧﺴﺮه ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺣـــﺰب اﻟــﺠـﺒــﻬــﺔ اﻟــﻮﻃــﻨــﻴــﺔ )اﻟـﻴـﻤـﲔ اﳌــﺘــﻄــﺮف(. وإذا ﻣــﺎ ﺣـﺼـﻞ اﻷﺣــﺪ اﻟﻘﺎدم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﺮاوح ﻣﺎ ﺑﲔ ٠٠١ إﻟـــﻰ ٠٢١ ﻣــﻘــﻌــﺪا، ﺳـﻴـﺸـﻜـﻞ ﻧــﻮاب »اﻟــﺠــﻤــﻬــﻮرﻳــﻮن« ﻗــــﻮة اﳌــﻌــﺎرﺿــﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻟﻜﻦ ﺗﻤﺘﻊ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣـﺎﻛـﺮون ﺑﺎﻷﻛﺜﺮﻳﺔ اﻟــــﺴــــﺎﺣــــﻘــــﺔ ﺳـــﻴـــﺠـــﻌـــﻞ دور ﻫــــﺬه اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻫﺎﻣﺸﻴﺎ، وﻳﺪﻋﻬﺎ ﻋﺎﺟﺰة ﻋﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻗــﺮارات اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺗﺪاﺑﻴﺮﻫﺎ.
وﻓﻲ أي ﺣﺎل، ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﺆﻛﺪ أن ﻳﺒﻘﻰ »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن« ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﻛـﺤـﺰب ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺸﻈﻲ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ اﻟــــــــﺬي ﻳـــﻌـــﺎﻧـــﻲ ﻣـــﻨـــﻪ واﻟــــﺘــــﻴــــﺎرات اﳌﺘﺠﺎذﺑﺔ ﺑﲔ راﻏﺐ ﻓﻲ »اﻻﻧﻔﺘﺎح« ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻌــﻬــﺪ اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ، وﺑـــﲔ ﺗـﻴـﺎر ﻋﺎزم ﻋﻠﻰ اﳌﻮاﺟﻬﺔ اﳌﺒﺎﺷﺮة ﻣﻌﻪ ﻻ ﺑﻞ اﻟﺘﻘﺮب ﻣﻦ اﻟﻴﻤﲔ اﳌﺘﻄﺮف.
ﻋـــﻨـــﺪ اﻟــــﺤــــﺪﻳــــﺚ ﻋـــــﻦ اﻟــﻴــﻤــﲔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﳌﺘﻄﺮف، ﺗـﺮد إﻟـﻰ ذﻫﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺻﻮرة »اﻟﺴﻘﻒ اﻟﺰﺟﺎﺟﻲ« اﻟﺬي ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻲ أن اﻟــﺠــﺒــﻬــﺔ اﻟــﻮﻃــﻨــﻴــﺔ ﻟـــﻦ ﺗـــﻜـــﻮن ﻗـــــــﺎدرة ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﻮﺻـــﻮل إﻟـــــﻰ اﻟـــﺴـــﻠـــﻄـــﺔ، ﻷن »اﻟـــﺘـــﺮﻛـــﻴـــﺒـــﺔ« اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟـﻦ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻬﺎ ذﻟــﻚ وﻷن اﳌﺰاج اﻟﻌﺎم ﻟﻢ ﻳﺼﺒﺢ ﺑﻌﺪ ﻣﺘﻘﺒﻼ ﻹﻳﻼﺋﻬﺎ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ. وﺗﺄﻛﺪت ﻫﺬه اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻊ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ، ﺣــﻴــﺚ ﻋـــﺠـــﺰت ﻣـــﺎرﻳـــﻦ ﻟـــﻮ ﺑـــﻦ ﻋـﻦ اﺧــﺘــﺮاق ﺳﻘﻒ اﻟــــ٤٣ ﻓـﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ ﻣﻦ اﻷﺻــﻮات ﻓﻲ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ. أﻣﺎ ﻓـﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﺣــﺪ، ﻓــﺈن ﺣﺰﺑﻬﺎ ﻋﺎد ﻟﻠﺘﺮاﺟﻊ وﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ إﻻ ﻋﻠﻰ ٢٫٣١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻷﺻﻮات، وﻫﻮ ﻣـــﺎ ﺣــﺼــﻞ ﻋــﻠــﻴــﻪ ﻓـــﻲ ﻋــــﺎم ٢١٠٢، وﺑــــﺎﻟــــﺘــــﺎﻟــــﻲ ﻓــــــﺈن ﻧــــــــﻮاب اﻟــﺠــﺒــﻬــﺔ ﺳﻴﺘﺮاوح ﻋﺪدﻫﻢ ﻣﺎ ﺑﲔ ٢ إﻟﻰ ٠١ ﻧﻮاب. وﻣﺎ أﺻﺎب اﻟﻴﻤﲔ اﳌﺘﻄﺮف، ﺿﺮب أﻳﻀﺎ اﻟﻴﺴﺎر اﳌﺘﺸﺪد اﻟﺬي ﻳــﻤــﺜــﻞ رﺑــﻤــﺎ ﺗــﻘــﺪﻣــﻪ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺤــﺰب اﻻﺷـــﺘـــﺮاﻛـــﻲ ﻓـــﻲ ﻧــﺴــﺒــﺔ اﻷﺻـــــﻮات ﻋﺰاءه اﻟﻮﺣﻴﺪ. ذﻟﻚ أن ﻣﻴﻠﻮﻧﺸﻮن اﻟــــﺬي اﻋــﺘــﺮف اﻟـﺠـﻤـﻴـﻊ ﺑـــﺄن أداءه ﻓـــﻲ اﻻﻧـــﺘـــﺨـــﺎﺑـــﺎت اﻟــﺮﺋــﺎﺳــﻴــﺔ ﻛــﺎن »اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺎ«، وﺣـﺼـﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣـــﻦ ٩١ ﻓـــﻲ اﳌـــﺎﺋـــﺔ ﻣـــﻦ اﻷﺻــــــﻮات، ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﺣﺮﻛﺘﻪ »ﻓﺮﻧﺴﺎ اﳌﺘﻤﺮدة« إﻟﻰ ١١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ. وﻳﺮﺟﺢ أن ﻳﺘﺮاوح ﻋﺪد ﻧﻮاﺑﻪ، ﻣﻊ اﻟﻨﻮاب اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ، ﻣــــﺎ ﺑــــﲔ ٠١ إﻟـــــﻰ ﻋــﺸــﺮﻳــﻦ ﻧــﺎﺋــﺒــﺎ. وﻻﻛﺘﻤﺎل اﻟﺼﻮرة، ﺗﺘﻌﲔ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺣﺰب اﻟﺨﻀﺮ اﳌﻨﻘﺴﻢ أﺻﻼ إﻟﻰ ﺗﻴﺎرات ﻣﺘﻨﺎﺣﺮة ﻓﻘﺪ رؤوﺳﻪ اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﻟﻰ.
ﺑـﻴـﺪ أن اﻟـــﺰﻟـــﺰال اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ﻻ ﻳﺘﻨﺎول ﻓﻘﻂ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﻮازﻳﻦ اﻟﻘﻮى. ذﻟﻚ أن اﻟﻈﺎﻫﺮة اﳌﻬﻤﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓــﻲ ﻧـﺴـﺒـﺔ ﻣـﻘـﺎﻃـﻌـﺔ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت، اﻟـــﺘـــﻲ زادت ﻋــﻠــﻰ ١٥ ﻓــــﻲ اﳌـــﺎﺋـــﺔ، وﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟﺤﺪﻳﺚ.
وﻛـــــــــﺎن واﺿـــــﺤـــــﺎ ﻓـــــﻲ اﻟـــﺠـــﺪل اﻟــــﺴــــﻴــــﺎﺳــــﻲ اﻟـــــــــﺬي أﻋـــــﻘـــــﺐ إذاﻋـــــــﺔ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ، أن ﺧﺼﻮم اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺳﻌﻮا ﻻﺳﺘﻐﻼل اﳌﻘﺎﻃﻌﺔ اﳌﺮﺗﻔﻌﺔ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣـﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻧـﺘـﺼـﺎر ﺣﺰب ﻣﺎﻛﺮون، وﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﺻــﻮت ﻣـﻦ أﺻــﻞ ٧٤ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺎﺧﺐ ﻣﺴﺠﻞ. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻓﺈن اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﺤﻮه »ﺷﻴﻜﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺎض«.
أﻣﺎ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ اﻵﺧﺮ ﻓﺘﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﺤﻮل »اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻟﻰ اﻷﻣـــﺎم« إﻟــﻰ ﺣــﺰب أوﺣـــﺪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟـــﺪول اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ اﻟـﺴـﺎﺑـﻘـﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺨﺘﻔﻲ اﳌﻌﺎرﺿﺔ وﻳﺘﺤﻮل اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻨﻴﺎﺑﻲ إﻟﻰ ﻏﺮﻓﺔ ﻏﺮﺿﻬﺎ اﳌﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻘﻮاﻧﲔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﻘـــﺮرﻫـــﺎ اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ. وﻗــــﺎل اﻟـــﻮزﻳـــﺮ اﻟـﻴـﻤـﻴـﻨـﻲ اﻟــﺴــﺎﺑــﻖ ﺑـﺮﻳـﺲ ﻫﻮرﺗﻔﻮ إن ﻧﺎﺧﺒﺎ واﺣﺪا ﻣﻦ أﺻﻞ ﺳﺒﻌﺔ ﻧﺎﺧﺒﲔ أﻋﻄﻰ ﺻﻮﺗﻪ ﻟﺤﺰب ﻣﺎﻛﺮون، ﻣﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺿﻌﻒ ﻗﺎﻋﺪﺗﻪ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ.
ﻫـــــﺬه اﻟـــﺘـــﺤـــﺬﻳـــﺮات ﻟــــﻢ ﺗـﻤـﻨـﻊ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﺔ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻴــﺔ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻌـﺔ ﻣــﻦ إﺑــــﺮاز اﻟــﻈــﺎﻫــﺮة اﻻﺳـﺘـﺜـﻨـﺎﺋـﻴـﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﺒﻼد، إذ إن ﺣﺮﻛﺔ ﺳــﻴــﺎﺳــﻴــﺔ أﻃــﻠــﻘــﺖ ﻗــﺒــﻞ ٥١ ﺷـﻬـﺮا ﻓـــﻘـــﻂ وﺗـــﺤـــﻮﻟـــﺖ إﻟـــــﻰ ﺣـــــﺰب ﺑـﻌـﺪ اﻻﻧـــﺘـــﺨـــﺎﺑـــﺎت اﻟـــﺮﺋـــﺎﺳـــﻴـــﺔ ﻧـﺠـﺤـﺖ ﻓـــﻲ ﻗــﻠــﺐ اﻟـــﻮﺿـــﻊ اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ ﻓـﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ رأﺳــﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺐ. إﻧــﻪ ﻋﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ وﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ. ﻟﻜﻦ اﻻﻣﺘﺤﺎن اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺳﻴﺒﺪأ ﺑﻌﺪ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ واﻷﺧـــــﻴـــــﺮة، واﻻﺧــــﺘــــﺒــــﺎر ﺳــﻴــﻜــﻮن ﻓــــﻲ ﻗــــــﺪرة اﻟـــﻌـــﻬـــﺪ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺪ اﻟــــﺬي ﺳﻴﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﺳﺘﻘﺮار ﺳﻴﺎﺳﻲ ﳌﺪة ﺧﻤﺴﺔ أﻋﻮام ﻋﻠﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻷوﺿﺎع اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدﻳــﺔ واﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ وﻓــﻲ إﻋﺎدة اﻷﻣﻞ إﻟﻰ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ.