»اﳌﺴﺎﺟﺪ اﻟﺴﺒﻌﺔ«... ﻣﺤﻂ أﻧﻈﺎر زوار اﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌﻨﻮرة
ﺳﺘﺔ ﺳﺎﺑﻌﻬﺎ ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻘﺒﻠﺘﲔ اﻟﺬي ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻴﻠﻮﻣﱰﴽ
ﺗﺤﺘﻀﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌﻨﻮرة ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﺟﺪ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻰ ﺑﺎﻫﺘﻤﺎم ﺧﺎدم اﻟﺤﺮﻣﲔ اﻟﺸﺮﻳﻔﲔ اﳌـﻠـﻚ ﺳـﻠـﻤـﺎن ﺑــﻦ ﻋـﺒـﺪ اﻟــﻌــﺰﻳــﺰ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻬﺎ، واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻧﺘﻬﺎ اﳌﺴﺘﻤﺮة، وﺗﻮﻓﻴﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﻣﻦ ﻓﺮش ووﺳﺎﺋﻞ إﺿــــﺎءة وأﺟــﻬــﺰة ﺗﻜﻴﻴﻒ وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﺰاﺋﺮ أداء اﻟﺼﻼة ﺑﻬﺎ وزﻳﺎرﺗﻬﺎ واﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ.
ﻣـــﻦ ﻫــــﺬه اﳌــﺴــﺎﺟــﺪ )اﳌــﺴــﺎﺟــﺪ اﻟـــﺴـــﺒـــﻌـــﺔ( اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﻌـــﺪ ﻣــــﻦ اﳌــﻌــﺎﻟــﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺰورﻫﺎ اﻟﺤﺠﺎج واﳌﻌﺘﻤﺮون اﻟﻘﺎدﻣﻮن إﻟﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌﻨﻮرة، وﻫﻲ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻣــﻦ اﳌــﺴــﺎﺟــﺪ اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮة وﻋـﺪدﻫـﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ٦ وﻟﻴﺲ ٧ ﻛﻤﺎ ﻫــــﻲ ﺷـــﻬـــﺮﺗـــﻬـــﺎ، ﻟــﻜــﻨــﻬــﺎ اﺷــﺘــﻬــﺮت ﺑــﻬــﺬا اﻻﺳــــﻢ، وروى اﳌـــﺆرﺧـــﻮن أن »ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻘﺒﻠﺘﲔ« اﻟﺬي ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﴽ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ ﻳﻀﺎف إﻟﻴﻬﺎ، ﻷن اﻟﺬي ﻳﺰور ﺗﻠﻚ اﳌﺴﺎﺟﺪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺰوره أﻳﻀﴼ، ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻋﺪدﻫﺎ ﺳﺒﻌﺔ.
وﺗـــﻘـــﻊ اﳌـــﺴـــﺎﺟـــﺪ اﻟــﺴــﺒــﻌــﺔ ﻓـﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺒﻞ ﺳﻠﻊ ﻋﻨﺪ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺨﻨﺪق اﻟﺬي ﺣﻔﺮه اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻓـﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﻨﺒﻮة ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋــﻦ اﳌـﺪﻳـﻨـﺔ اﳌــﻨــﻮرة ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ زﺣﻔﺖ إﻟــﻴــﻬــﺎ ﺟـــﻴـــﻮش ﻗـــﺮﻳـــﺶ واﻟــﻘــﺒــﺎﺋــﻞ اﳌــــﺘــــﺤــــﺎﻟــــﻔــــﺔ ﻣـــﻌـــﻬـــﺎ ﺳــــﻨــــﺔ ﺧــﻤــﺲ ﻟــﻠــﻬــﺠــﺮة، وﻋــﻨــﺪﻫــﺎ وﻗــﻌــﺖ أﺣـــﺪاث ﻏـــﺰوة اﻟــﺨــﻨــﺪق اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻌــﺮف أﻳﻀﴼ ﺑﺎﺳﻢ ﻏــﺰوة اﻷﺣــﺰاب. وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﳌــﻮاﻗــﻊ ﻣــﺮاﺑــﻄــﺔ وﻣــﺮاﻗــﺒــﺔ ﻓــﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺰوة وﻗﺪ ﺳﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺠﺪ ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻦ راﺑﻂ ﻓﻴﻪ ﻋﺪا ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﺬي ﺑﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻗﺒﺔ ﺿﺮﺑﺖ ﻟﺮﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ، وﻫﺬه اﳌﺴﺎﺟﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻔﺘﺢ، وﻣﺴﺠﺪ ﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ، وﻣﺴﺠﺪ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟـﻰ ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب، وﻣﺴﺠﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، وﻣﺴﺠﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ.
ﻳـﻌـﺮف أﻛـﺒـﺮ اﳌﺴﺎﺟﺪ اﻟﺴﺒﻌﺔ ﺑﻤﺴﺠﺪ اﻷﺣﺰاب أو اﳌﺴﺠﺪ اﻷﻋﻠﻰ، وﻫــﻮ ﻣﺒﻨﻲ ﻓــﻮق راﺑـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟﺴﻔﺢ اﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻟﺠﺒﻞ ﺳـﻠـﻊ، وﺳـﻤـﻲ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﺧﻼل ﻏﺰوة اﻷﺣﺰاب ﻣﺼﻠﻰ ﻟﺮﺳﻮل اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳــﻠــﻢ، وﻷن ﺳــــﻮرة اﻟـﻔـﺘـﺢ أﻧـﺰﻟـﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﻪ، وﺗﻠﻚ اﻟﻐﺰوة ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻓﺘﺤﴼ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﻠﻤﲔ. ﻣﺴﺠﺪ ﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ ﺛﺎﻧﻲ اﳌـــﺴـــﺎﺟـــﺪ، وﻳـــﻘـــﻊ ﺟـــﻨـــﻮب ﻣـﺴـﺠـﺪ اﻟﻔﺘﺢ ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ٠٢ ﻣﺘﺮﴽ ﻣــﻨــﻪ ﻓــﻘــﻂ ﻓـــﻲ ﻗـــﺎﻋـــﺪة ﺟــﺒــﻞ ﺳــﻠــﻊ، وﺳــﻤــﻲ ﺑــﺎﺳــﻢ اﻟـﺼـﺤـﺎﺑـﻲ ﺳﻠﻤﺎن اﻟـــــﻔـــــﺎرﺳـــــﻲ ﺻـــــﺎﺣـــــﺐ ﻓـــــﻜـــــﺮة ﺣــﻔــﺮ اﻟﺨﻨﺪق ﻟﺘﺤﺼﲔ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﺰو اﻷﺣـــﺰاب، وﻳﺘﻜﻮن ﻣـﻦ رواق واﺣـﺪ ﻃﻮﻟﻪ وﻋﺮﺿﻪ ٧ م ودرﺟﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻣﺘﺮان وﺑﻨﻲ ﻫـﺬا اﳌﺴﺠﺪ ﻓﻲ إﻣﺎرة ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﻠﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ أﻳـﻀـﴼ، وﺟــﺪد ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻮزﻳﺮ ﺳﻴﻒ اﻟﺪﻳﻦ أﺑﻲ اﻟﻬﻴﺠﺎء ﻋﺎم ٥٧٥ﻫـ وأﻋـــﻴـــﺪ ﺑـــﻨـــﺎؤه ﻓـــﻲ ﻋــﻬــﺪ اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎن اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻋﺒﺪ اﳌﺠﻴﺪ اﻷول.
أﻣــــﺎ ﺛـــﺎﻟـــﺚ اﳌـــﺴـــﺎﺟـــﺪ اﻟـﺴـﺒـﻌـﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺠﺪ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﺟﻨﻮب ﻏﺮﺑﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺳﻠﻤﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ٥١ ﻣﺘﺮﴽ ﻣـــﻨـــﻪ، ﺑــﻨــﻲ وﺟـــــﺪد ﻣـــﻊ اﳌــﺴــﺠــﺪﻳــﻦ اﻟــﺴــﺎﺑــﻘــﲔ وﻗـــــﺪ ﻫـــــﺪم اﻵن ﻟــﻴــﻌــﺎد ﺑـــﻨـــﺎؤه وﺗـــﻮﺳـــﻊ ﻣــﺴــﺎﺣــﺘــﻪ. وﻳــﻠــﻲ ﻣﺴﺠﺪ أﺑــﻲ ﺑﻜﺮ ﺟﻨﻮﺑﴼ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ٠١ أﻣﺘﺎر ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب، وﻫــــﻮ ﻋــﻠــﻰ ﺷــﻜــﻞ رواق ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ وﻟﻪ رﺣﺒﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻘﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ رواق ﻣﺴﺘﻄﻴﻞ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ اﻷرض ٨ درﺟﺎت، وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺑﻨﺎﺋﻪ ﺗﻄﺎﺑﻖ ﺑﻨﺎء ﻣﺴﺠﺪ اﻟﻔﺘﺢ، وﻗــﺪ ﻳﻜﻮن ﻗـﺪ ﺑﻨﻲ وﺟــﺪد ﻣﻌﻪ. ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻊ ﻣﺴﺠﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺷﺮق ﻣﺴﺠﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻋﻠﻰ راﺑﻴﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻣﺴﺘﻄﻴﻠﺔ اﻟﺸﻜﻞ ﻃــﻮﻟــﻪ ٥٫٨ م وﻋــﺮﺿــﻪ ٥٫٦ م، وﻟــﻪ درﺟــﺔ ﺻﻐﻴﺮة وﺑـﻨـﻲ ﻫــﺬا اﳌﺴﺠﺪ وﺟــــــﺪد ﻋــﻠــﻰ اﻷرﺟـــــــﺢ ﻣــــﻊ ﻣـﺴـﺠـﺪ اﻟﻔﺘﺢ، وﻳﺮوى أن ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ رﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺘﻞ ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﻮﻗﻊ ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ود اﻟﻌﺎﻣﺮي اﻟﺬي اﺟﺘﺎز اﻟﺨﻨﺪق ﻓﻲ ﻏﺰوة اﻷﺣﺰاب.
اﳌــﺴــﺠــﺪ اﻟــﺴــﺎﺑــﻊ ﻫـــﻮ ﻣﺴﺠﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء وﻳﺴﻤﻰ ﻓﻲ اﳌﺼﺎدر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻣﺴﺠﺪ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎذ، وﻫﻮ أﺻﻐﺮ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺴﺎﺣﺔ ٤×٣م، وﻟﻪ درﺟﺔ ﺻﻐﻴﺮة، وآﺧــــــﺮ ﺑـــﻨـــﺎء ﻟــــﻪ ﻋــﻠــﻰ ﻧــﻤــﻂ أﺑــﻨــﻴــﺔ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻳـﺮﺟـﺢ أﻧـﻬـﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﳌﺠﻴﺪ اﻷول ١٥٨١.