اﻻﺧﺘﺒﺎء ﻣﻦ اﳌﻮﺗﻰ... ﺷﻌﺮﻳﴼ
أﺳﺎﻣﺔ ﺑﺪر ﻳﻌﻠﻖ ﺻﻮرﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران دﻳﻮاﻧﻪ اﳉﺪﻳﺪ اﻟﺘﻨﻮع ﰲ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﻀﻤﲑ اﻟﻐﺎﺋﺐ وﻣﺎ ﻳﺮاﻓﻘﻪ ﻣﻦ إﻳﻬﺎم أﺣﻴﺎﻧﴼ ﻻ ﻳﻌﻄﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ اﻷﺧﺮى أو ﻳﻀﻌﻬﺎ ﰲ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﻲ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ واﻟﺪﻻﻟﺔ
اﻟﻮاﻗﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﺑﻞ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﻌﺎدﻻ ﻟﻠﺼﻮرة واﳌــﺮآة ﻣﻌﴼ. ﻳﻌﺰز ذﻟﻚ إﺣﺴﺎس ﻣﺮﻫﻒ ﺑﺎﳌﻔﺎرﻗﺔ ﻛﻤﻘﻮم ﻓــﻨــﻲ، ﻓــﺘــﺄﺗــﻲ واﺧــــﺰة وﻣـﺒـﺎﻏـﺘـﺔ، ﻣــــﻦ ﻧــﺴــﻴــﺞ اﻟـــﻨـــﺺ ﻧـــﻔـــﺴـــﻪ، ﻣـﻦ ﺣﻴﻮﻳﺔ اﻟﻠﻐﺔ وﺳﻼﺳﺔ اﻟﺼﻮرة اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، وﻟﻴﺴﺖ ﻣﻘﺤﻤﺔ وﻧﺎﺗﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج.. وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﻋﻠﻰ ﺳــﺒــﻴــﻞ اﳌـــﺜـــﺎل: »ﺳــﺄﺑــﻨــﻲ ﻣـﻘـﺒـﺮة وأﺳﻤﻴﻬﺎ وﻃـﻦ / ﺣﲔ ﻳﻄﺮدﻧﻲ اﻟﻐﺰاة ﻣﻨﻬﺎ أﻋـﻮد ﺣﻴﺎ« أو ﺣﲔ ﻳـــــﻤـــــﺎزح اﳌــــــــﻮت ﺑـــﻘـــﻠـــﺐ اﻟـــﺸـــﺎﻋـــﺮ وﻳﻜﺘﺐ »رﺑﻤﺎ أﺳﺎﻣﺢ اﳌﻮت إن ﻟﻢ ﻳﻤﺮ اﻟﻠﻴﻠﺔ / أﻋﺮف أن ﺛﻤﺔ أﺣﺰاﻧﴼ ﻟﻢ أﻋﺸﻬﺎ ﺑﻌﺪ / ﺳﺄﻃﻬﻮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻟﻠﻌﺸﺎء.. وأﻧﺘﻈﺮ«.
وﻣــــﻦ ﺛــــﻢ، ﻻ ﺗــﻘــﺘــﺼــﺮ دﻻﻟـــﺔ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺒﺎء اﳌـﺮاوغ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﻳﺎ اﻷﺻــﺪﻗــﺎء أو ﺻـــﻮرة اﻷب واﻷم واﻟﺤﺒﻴﺒﺔ وأﺟــــﻮاء اﻟـﻌـﺎﺋـﻠـﺔ، ﺑﻞ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﺘﺸﻤﻞ اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﻟـــﻌـــﻨـــﺎﺻـــﺮ واﻷﺷـــــﻴـــــﺎء، وﻋــﻠــﻰ ﻧﺤﻮ ﺧﺎص اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻊ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ اﳌﺎﺿﻲ اﳌﺘﺠﺪد داﺋﻤﴼ ﻓـــﻲ ﻓـــﻀـــﺎء اﻟــــﺬاﻛــــﺮة واﻟـــﺤـــﻠـــﻢ... ﻓﺎﻷﺷﻴﺎء ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻜﺘﻔﻴﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ، وإﻧـــــﻤـــــﺎ ﺗـــﺴـــﻌـــﻰ إﻟــــــﻰ ذﻟــــــﻚ ﻋــﺒــﺮ ﻋـﻼﻗـﺘـﻬـﺎ ﺑـﻨـﻈـﺎﺋـﺮﻫـﺎ، وﻳــﺘــﻢ ذﻟـﻚ ﻋـــﺒـــﺮ ﺗـــﻮﻇـــﻴـــﻒ ﺿــﻤــﻴــﺮ اﻟــﻐــﺎﺋــﺐ اﻟﺬي ﻳﺤﺘﻞ اﳌﺴﺎﺣﺔ اﻷوﺳﻊ ﻣﻦ اﻟـﻠـﻌـﺐ ﺑﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻓــﻲ اﻟــﺪﻳــﻮان، ﺣـﻴـﺚ ﻳـﺘـﻢ اﻻﺗــﻜــﺎء ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻛﺤﻠﻘﺔ وﺻـــﻞ ﺑــﲔ ﻣــﺴــﺎﺣــﺎت اﻟـﺤـﻀـﻮر واﻟــﻐــﻴــﺎب، ﺑــﲔ ﻣـﻔـﺎﺻـﻞ اﻟــﺬاﻛــﺮة واﻟﺤﻠﻢ، ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﺪ ﻛﻼﻫﻤﺎ اﻵﺧﺮ ﺑﺮوح ﺟﺪﻳﺪة، ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻐﺔ وإﻳﻘﺎع اﳌﺸﻬﺪ واﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ، ﻓــﺘــﺒــﺪو ﻛــﺄﻧــﻬــﺎ ﻣــﺤــﺎوﻟــﺔ ﺷﻔﻴﻔﺔ ﻻﺳــﺘــﺤــﻀــﺎر اﳌــــﻼﻣــــﺢ اﻟــﻘــﺼــﻴــﺔ أو اﳌــﻔــﺘــﻘــﺪة اﻟــﻬــﺎرﺑــﺔ ﻣـــﻦ اﻟـــﺬات اﻟـــﺸـــﺎﻋـــﺮة ﻧــﻔــﺴــﻬــﺎ، ﻛــﻤــﺎ ﻧـﺤـﺲ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻫﺬا اﻟﻀﻤﻴﺮ أن ﺛﻤﺔ ﺣـﻜـﺎﻳـﺔ أو ﻇــﻼ ﻟـﻬـﺎ، ﻗـــﺎدرة ﻋﻠﻰ إﺛﺎرة اﻟﺪﻫﺸﺔ واﻷﺳﺌﻠﺔ، ﺑﺤﻴﻮﻳﺔ اﻟــﻨــﺺ ﻧــﻔــﺴــﻪ، وﻣـــﺎ ﻳـﺘـﺨـﻠـﻖ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺠﻪ ﻣﻦ دﻻﻻت ورؤى وأﻓﻜﺎر.
ﻳــﺘــﻨــﺎﺛــﺮ ﻫــــــﺬا اﳌـــﻨـــﺤـــﻰ ﻓـﻲ أﻏﻠﺐ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺪﻳﻮان، وﻧﻼﺣﻆ أن ﻓﻌﻞ اﻟﻜﻴﻨﻮﻧﺔ، ﺑﻜﻞ ﺻﻴﻐﻪ ﻣﺸﺪود ﺻـﻮب اﳌـﺎﺿـﻲ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳــــﺘــــﺒــــﺪى اﻟــــﺤــــﺎﺿــــﺮ ﻛــــﻈــــﻞ ﻟــــﻪ، وأﺣـــﻴـــﺎﻧـــﴼ ﻳــﺘــﺤــﻮل إﻟـــــﻰ ﺷـــﺮك، ﻣــﺸــﻜــﻼ ﻧــﻮﻋــﴼ ﻣــﻦ اﻟــﺤــﺼــﺎر أو اﳌــﻄــﺎردة ﻟــﻠــﺬات واﻟــﺰﻣــﻦ ﻣـﻌـﴼ.. )ﻛﺎن ﻳﻘﺴﻢ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺴﺎو وﻳـــﻮزﻋـــﻪ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺸــﺤــﺎذﻳــﻦ ﻓﻲ اﻟـــــﻄـــــﺮﻗـــــﺎت / واﻟـــــﺸـــــﻌـــــﺮاء ﻓــﻲ اﳌــــﻘــــﻬــــﻰ(، )ﻛـــــﺎﻧـــــﻮا ﻣـــﺴـــﺮﻋـــﲔ.. ﻻ ﺷـــﻚ / ﻟـــﻢ ﻳــﻜــﻦ ﻟــﺪﻳــﻬــﻢ وﻗــﺖ ﻟـــﻠـــﻘـــﺮاءة ﺟـــﻴـــﺪﴽ / ﺑــﺎﻟــﻄــﺒــﻊ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﺬا ﻗﺒﺮي / ﻣﻀﺤﻚ أﻧﻬﻢ ﺗﻮﻗﻔﻮا / ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءة: ﻫﻨﺎ ﻳﺮﻗﺪ ﺣﺰﻳﻨﴼ ﻛﻤﺎ ﻋــﺎش.. وﺣﻴﺪﴽ ﻛﻤﺎ أراد / وﻻ ﻳــﻨــﺘــﻈــﺮ دﻣـــﻌـــﺔ ﻣـﻦ أﺣـــﺪ(، )ﻟــﻢ ﻳﻜﻦ ﻻﻋــﺐ أﻛـﺮوﺑـﺎت ﻣــــﺎﻫــــﺮﴽ / رﻏـــــﻢ وﻟـــﻌـــﻪ اﻟــﺸــﺪﻳــﺪ ﺑــﺎﻟــﺤــﺒــﺎل واﻟــﺘــﺤــﻠــﻴــﻖ وﺗـﺴـﻠـﻖ اﻟـﺠـﺪران / واﻟـﺮﻗـﺺ ﺑﺎﻟﻔﺘﻴﺎت اﻟﻨﺤﻴﻼت / وﻟـﻢ ﻳﺤﺎول أﻳﻀﴼ ﺑــﺴــﺒــﺐ اﻟـــﺮوﻣـــﺎﺗـــﻴـــﺰم، أو وزﻧـــﻪ اﻟﺜﻘﻴﻞ اﳌــﻔــﺮط / رﺑـﻤـﺎ ﻟــﻢ ﻳﺠﺪ ﺳﻴﺮﻛﴼ ﻣﻨﺎﺳﺒﴼ ﺑﺴﺎرﻳﺔ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ(.
ﻫـــــــﺬا اﻟــــﺘــــﻨــــﻮع ﻓـــــﻲ اﻟــﻠــﻌــﺐ ﺑﻀﻤﻴﺮ اﻟﻐﺎﺋﺐ، وﻣﺎ ﻳﺮاﻓﻘﻪ ﻣﻦ إﻳﻬﺎم أﺣﻴﺎﻧﴼ، ﻻ ﻳﻌﻄﻞ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ اﻷﺧـــﺮى، أو ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﻲ اﻟـﻮﻇـﻴـﻔـﺔ واﻟــﺪﻻﻟــﺔ، ﻓﺎﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﺑـــﻜـــﻞ أﺷـــﻜـــﺎﻟـــﻬـــﺎ ﻣـــــﻦ اﻟــﺘــﺨــﻔــﻲ واﻟــﺘــﺠــﻠــﻲ ﺗــﺴــﺘــﻘــﻲ ﻓـﻌـﺎﻟـﻴـﺘـﻬـﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ﻧﻔﺴﻪ، وﺗﺤﻴﻞ إﻟﻴﻪ، ﻛـﻤـﺎ أن أﻳـــﺔ ﻣـﺮﺟـﻌـﻴـﺔ ﺧـﺎرﺟـﻴـﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﻈﻞ ﻣﺸﺘﺒﻜﺔ ﺑﻪ، وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻨﻪ، ﻓﺰﻣﻦ ﻣــﺎ ﻗـﺒـﻞ اﻟــﻨــﺺ ﻳـــﺬوب ﻓــﻲ زﻣـﻦ اﻟﻨﺺ اﻟﺮاﻫﻦ. زﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻜﻞ ﺗﺒﺪﻳﺎﺗﻬﺎ ﺻﻌﻮدﴽ وﻫﺒﻮﻃﴼ؛ ﻣﺎ ﻳﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اﻻﺧﺘﺒﺎء ﻣﻦ اﳌــﻮﺗــﻰ ﻏـﻼﻟـﺔ أﺷﺒﻪ ﺑﻘﻨﺎع اﻷﺳﻄﻮرة.
وﻋـــــﻠـــــﻰ ﻋــﻜــﺲ ﺿــــﻤــــﻴــــﺮ اﻟــــﻐــــﺎﺋــــﺐ اﳌـــــﺴـــــﻜـــــﻮن ﻏـــﺎﻟـــﺒـــﴼ ﺑﺼﻮر ﻣﻦ رﺣﻠﻮا، أو ﺿـــــــﺎﻋـــــــﻮا، أو ﻓــﻘــﺪوا، أو ﺻــﻮرة اﻟــــــــــــﺬات اﻟـــﺸـــﺎﻋـــﺮ ﻧــــــــﻔــــــــﺴــــــــﻬــــــــﺎ ﻓـــــﻲ ﻣــــــــﺮآة ﻣــﺎﺿــﻴــﻬــﺎ وﻃﻔﻮﻟﺘﻬﺎ، ﻳﺒﺪو ﻓـــﻌـــﻞ اﳌـــﺨـــﺎﻃـــﺐ ﻓــــــﻲ اﻟـــــــﺪﻳـــــــﻮان، ﺑـــﺸـــﻘـــﻴـــﻪ اﳌــــﺆﻧــــﺚ واﳌﺬﻛﺮ، ﻣﺘﻌﻠﻘﴼ ﺑﻔﻜﺮة اﻟﺮﻏﺒﺎت اﳌــﺸــﺘــﻬــﺎة، ﺳــــﻮاء ﻓــﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ اﻟـــــﺨـــــﺎص اﻟــــﻌــــﺎﻃــــﻔــــﻲ، أو ﻓــﻲ ﺳﻴﺎﻗﻬﺎ ذي اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم.
وﻧــﻼﺣــﻆ أن وﺗــﻴــﺮة اﻟـﺘـﻮﺗـﺮ واﻟــــﻮﺟــــﻊ ﺗــﺮﺗــﻔــﻊ ﻫــﻨــﺎ ﻓـــﻲ ﻫــﺬه اﻟــــــــﺪاﺋــــــــﺮة، وﺗــــﻘــــﺘــــﺮن ﺑــﻤــﺸــﺎﻋــﺮ ﻣـﺘـﺒـﺎﻳـﻨـﺔ ﻣــﻦ اﻟــﻴــﺄس واﻹﺣــﺒــﺎط واﻟـــﺨـــﻮف، ﺑــﻞ ﻓــﻘــﺪان اﻷﻣــــﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة، ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺘﻐﻴﻬﺎ اﻟﺸﺎﻋﺮ أن ﺗﻜﻮن. ﻓﻌﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻃﻔﻲ اﻟﺨﺎص، ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻓﻜﺮة اﻟﺤﺐ ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮة ﻣﺎ، ﺗﺼﻞ إﻟﻰ اﻹﺣﺴﺎس ﺑــﺎﻷﻟــﻢ ﺣﺘﻰ ﻓــﻲ أوج ﺗﻮﻫﺠﻬﺎ، ورﺑــــﻤــــﺎ درءﴽ ﻟــﻜــﻞ ﻫـــــﺬا ﻳـﺘـﻤـﻨـﻰ اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻣﻦ ﺣﺒﻴﺒﺘﻪ أن ﺗﺼﻄﺤﺐ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﻐﺎﻳﺮ، ﻳﻤﺘﺰج ﻓﻴﻪ ﻧـﺰق اﻟﺴﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻄﺢ اﻟﺨﻴﺎل، ﻗـــﺎﺋـــﻼ ﻓـــﻲ ﻧـــﺺ ﺑــﻌــﻨــﻮان »ﻗــﻠــﺐ أﻟﻴﻒ«: »اﺻﻄﺤﺒﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻛﻘﻂ أﻟﻴﻒ
إﻧﻪ ﻃﻴﺐ وﻣﺴﺘﺄﻧﺲ ﺑﺮيء.. ﻟﻢ ﺗﻠﻤﺴﻪ اﻣﺮأة ﻗﺒﻠﻚ ﻧﻈﻔﻴﻪ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ دﺧﺎن اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ وﻏﺒﺶ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﻗﺼﻲ أﻋﺸﺎب اﻟﻐﺮﺑﺔ اﻟﻀﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻸ اﻟﺤﻮاف ﻳﻤﻜﻨﻚ أن ﺗﻨﺎدﻳﻪ: رﻓﻴﻘﻲ ﺳﻮف ﻳﻤﻸ ﻇﻤﺄ اﻟﻮﻗﺖ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻌﻮﻻ ﻟﺘﺤﻄﻴﻢ ﺟﺪراﻧﻚ اﻟﺼﺪﺋﺔ دﻋﻴﻪ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻚ ﺑﺮﻫﺔ.. ﺳﻴﻄﻬﺮ وﻳــــﺄﺧــــﺬك ﻓــــﻲ ﻧـــﺰﻫـــﺔ إﻟـــﻰ اﻟﻐﺎﺑﺔ« وﻫـــــــﻜـــــــﺬا... ﻫــــﻨــــﺎك داﺋـــﻤـــﴼ اﻟﺸﻲء وﻇﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻫـﻨـﺎك ﺣﻠﻢ وﻇــﻞ ﻟﺤﻠﻢ، ﻫﻨﺎك ﻣـــــــــﺎض، وﻇـــــــﻞ ﳌـــــــﺎض، ﻫــﻨــﺎك ﺣـﺐ، وﻇــﻞ ﻟﺤﺐ، وﻛﺄﻧﻨﺎ إزاء ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ أو اﻟﺼﻔﺎء اﻟــﺪاﺧــﻠــﻲ ﺑــﲔ اﻟــــﺬات اﻟـﺸـﺎﻋـﺮة واﻟﻌﺎﻟﻢ واﻷﺷﻴﺎء ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ، ﺣــﺎﻟــﺔ ﺗـﻈـﻞ ﻗــــﺎدرة ﻋـﻠـﻰ إﺛـــﺎرة اﻷﻟﻔﺔ، ﺣﺘﻰ وﻫﻲ ﺗﺪﻳﻦ ﻓﺠﺎﺟﺔ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ وﻣــﺎ ﻳـﻨـﻄـﻮي ﻋﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺂس وﺧﺮاب. ﻟــــــﻜــــــﻦ اﻟـــــﺠـــــﻤـــــﻴـــــﻞ وﺳــــــﻂ ﻫـــــﺬا اﻟــﻨــﺴــﻴــﺞ اﳌـــﺘـــﺸـــﺎﺑـــﻚ ﻓـﻲ ﻋـــﻘـــﺪ وﻓـــــﻮاﺻـــــﻞ اﻟـــــ »ﻣــــﻊ« واﻟــــــــ»ﺿـــــــﺪ« أن اﻟـــﺸـــﺎﻋـــﺮ ﻗـــــــﺎدر ﻋـــﻠـــﻰ اﻟــﺘــﻌــﺒــﻴــﺮ ﻋـﻦ ﻧـــﻔـــﺴـــﻪ، واﻟـــﺘـــﻘـــﺎﻃـــﻬـــﺎ ﻓــﻲ أﺑـــﺴـــﻂ وأﺻـــﻐـــﺮ اﻷﺷـــﻴـــﺎء، وإﻳـــﻘـــﺎﻇـــﻬـــﺎ، وﻛـــﺄﻧـــﻬـــﺎ ﺣـﻠـﻢ ﻣﻤﺘﺪ ﺑﺎﺗﺴﺎع اﻷﻓـﻖ، ﺗﺒﻨﻲ اﻟــﻄــﺒــﻴــﻌــﺔ ﻓــﻴــﻪ أﻋــﺸــﺎﺷــﻬــﺎ، وﻳــــﺒــــﻨــــﻲ اﻟــــﺸــــﻌــــﺮ ﻣـــﻘـــﺪرﺗـــﻪ اﻟﻔﺎﺋﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺤﻴﺎة واﳌﻮت واﻟﺰﻣﻦ، وﻛﺄﻧﻬﺎ أﻧﺠﻢ ﺻﻐﻴﺮة ﺗﻨﻄﻔﺊ وﺗﻀﻲء ﻓﻲ ﻗﺪﻣﻴﻪ، وﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ داﺋﻤﴼ ﻷن ﻳﺤﺘﻮﻳﻬﺎ اﻟﺸﻌﺮ وﻳﻌﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ، ﺣــﺘـــﻰ ﺗــﺼــﻐــﻲ إﻟـــــﻰ ﻧــﻔــﺴــﻬــﺎ، وأﻳـﻀـﴼ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻗـــﺎدرﴽ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺘﻤﺔ واﻟــﻘــﺒــﺢ، وﻏـﻴـﺮﻫـﺎ ﻣﻦ اﻟـﺸـﺮور اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺘﺎح اﻟﻌﺎﻟﻢ.. ﻓﻲ ﻧﺺ ﺑﻌﻨﻮان »ﻗﺪم ﻓﻲ وﺟﻪ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ« ﻧﺠﺪ ﻣـﻼﻣـﺢ ﻣــﻦ ﻫﺬه اﻟــﺤــﻘــﻴــﻘــﺔ، ﻣــﺠــﺪوﻟــﺔ ﺑـﺸـﻌـﺮﻳـﺔ ﻟـﻬـﺎ ﻃـﻌـﻢ ﺧـــﺎص، وﺑـﻨـﺒـﺮة ﻣﻦ اﻟــﺘــﺤــﺪي واﻟــﺴــﺨــﺮﻳــﺔ اﻟﺸﻴﻘﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺿﺮﺑﺎت ﻓﺮﺷﺎت ﺷﺠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻄﺢ ﻟﻮﺣﺔ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﺔ.. ﻳﻘﻮل اﻟﺸﺎﻋﺮ: »ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻟﻦ أﻛﻮن ﻣﺪﻳﻨﴼ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﻲء ﺳﺄﻟﻘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﻣﺮﻳﺢ أﺳﻨﺪ ﻇﻬﺮي اﳌﺘﻌﺐ وأﻣﺪد ﻗﺪﻣﻲ ﺧﺎرج اﻟﻨﺎﻓﺬة ﻓﻲ وﺟﻬﻪ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﺣﺘﻰ أن ﻋﺼﺎﻓﻴﺮ، وﻃﻴﻮرﴽ ﺟﺎرﺣﺔ ﺳﺘﺒﻨﻲ أﻋﺸﺎﺷﴼ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻐﻴﻤﺔ أن ﺗﻤﺸﻲ ﻣﻦ ﻗﺪم إﻟﻰ ﻗﺪم آﻣﻨﺔ ﻻ ﺗﺨﺎف ﺻﺤﺮاء أو رﻳﺤﴼ ﻏﺎدرة وﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻬﻮاء أن ﻳﻤﺮ.. ﻛﺼﺪﻳﻖ«. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن دﻳﻮان اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻷول ﻓــــﻲ ﻋـــــﺎم ١٠٠٢ ﺑـــﻌـــﻨـــﻮان »ﻗــﻤــﺮ ﻳــﻐــﺎﻣــﺮ ﺑـــﺎﺳـــﺘـــﺪارﺗـــﻪ«، وﻫــــﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺪﻳﻮان ﻳﻐﺎﻣﺮ ﺑﺴﻤﺎﺋﻪ أﻳـــﻀـــﴼ، ﻣــﺨــﻠــﻔــﴼ ﻣــﺘــﻌــﺔ ﺷــﻌــﺮﻳــﺔ، ﺗـﺠـﻌـﻠـﻚ ﻛــﺜــﻴــﺮﴽ ﻣـــﺎ ﺗــﺼــﻐــﻲ إﻟــﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺤﺐ، وأﻧﺖ ﺗﻘﻔﺰ ﻛﻔﺮاﺷﺔ ﻣﻦ ﻧﺺ إﻟﻰ آﺧﺮ.