ﻫﻞ ﻳﻤﻴﻞ اﻟﻮزﻳﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻣﻊ ﻗﻄﺮ؟
ﻓﻲ ﺟﺪة اﻟﻴﻮم، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺘﻘﻲ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ رﻳـــﻜـــﺲ ﺗــﻴــﻠــﺮﺳــﻮن وزراء اﻟـــﺮﺑـــﺎﻋـــﻴـــﺔ اﻟـــﻐـــﺎﺿـــﺒـــﲔ، ﻣـﺼـﺮ واﻟـﺴـﻌـﻮدﻳـﺔ واﻹﻣـــــﺎرات واﻟـﺒـﺤـﺮﻳـﻦ، ﻓـﺈﻧـﻪ ﺳـﻴـﻮاﺟـﻪ أﻣﺎﻣﻪ ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻗﺪ ﺣﺴﻤﺖ أﻣﺮﻫﺎ. ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون اﻟﺪوﺣﺔ ﺧﻠﻒ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺿﻄﺮاب اﻟﺨﻄﻴﺮة. وﻻ ﻧﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺘﺮاﺟﻊ ﻫﺬه اﻟﺪول ﺑﻌﺪ أن ﺗﻌﻬﺪت واﺗﺨﺬت ﻗﺮارات ﻋﻠﻨﻴﺔ ﺑﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﺳﻠﻄﺎت اﻟﺪوﺣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﺎ.
وﻻ ﺗـﺸـﺠـﻊ اﻟـﺘـﺼـﺮﻳـﺤـﺎت، وﻻ اﻹﻳـــﺤـــﺎءات، ﻓــﻲ ﻛﻠﻤﺔ وزﻳـﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮه اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺪوﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻔﺎؤل، ﺑﻞ ﺗﻌﻜﺲ ﺗﺒﺴﻴﻄﴼ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻤﺸﻜﻠﺔ، ﺣﻴﺚ اﺧﺘﺼﺮ اﻟﺤﻞ ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ ﻣﺬﻛﺮة ﺗﻌﻬﺪت ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺪوﺣﺔ ﺑﻤﺤﺎرﺑﺔ اﻹرﻫﺎب. ﻳﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ إﻧﺠﺎز!
اﻟﻘﻄﺮﻳﻮن ﺣﺎوﻟﻮا اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻪ ﺑﺘﻀﻴﻴﻊ أﺳﺒﺎب اﻟﺨﻼف اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎج ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺎط ﺷﻜﻠﻴﺔ، ﻣﺜﻞ إﻓﺸﺎء أﺳﺮار اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﺗﻔﺎق اﻟﺮﻳﺎض وﻣﻠﺤﻘﺎﺗﻪ، ﻷﻧﻪ أﺣﺮﺟﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺗﺴﺮﻳﺒﻪ ﻟـ»ﺳﻲ إن إن«، اﻟـﺬي ﻓﻀﺢ أن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮﻟﻪ ﻗﻄﺮ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم اﻟﺪوﻟﻲ ﻳﻨﺎﻗﺾ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﺮﻳﺔ. ﻃﺒﻌﺎ ﻗﻄﺮ ﺗﻼم ﻷﻧﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺣﺮب اﻟﺘﺴﺮﻳﺒﺎت ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ أﺳﺮار رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷرﺑﻊ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﺎﻃﺔ اﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﺖ اﻟﺜﻼﺛﺔ ﻋﺸﺮ ﻃﻠﺒﴼ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ إﺣﺮاﺟﻬﺎ.
وﻣــــﺎ ﻳــﺠــﻌــﻞ اﺟــﺘــﻤــﺎع ﺟــــﺪة اﻟـــﻴـــﻮم ﺻــﻌــﺒــﺎ أن اﻟــﻮزﻳــﺮ ﺗﻴﻠﺮﺳﻮن ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻷزﻣﺔ ﺑﺪا ﻣﻴﺎﻻ ﻟﻠﺠﺎﻧﺐ اﻟﻘﻄﺮي. وزاد اﻟﺸﻚ أﻧﻪ اﺳﺘﻌﺠﻞ إﻃﻼق اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺻﺮح ﺑﺄن ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻗﻄﺮ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ، ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﻄﺮف اﻵﺧــﺮ، ﻣﻤﺎ أﺛﺎر اﻻﺳﺘﻐﺮاب! ﺑﺈﻣﻜﺎن وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ أن ﻳﻤﻴﻞ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ ﻟـﻠـﻘـﻄـﺮي، إن ﺷـــﺎء، ﻟـﻜـﻦ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳـــﺪرك أﻧــﻪ ﺑــﺬﻟــﻚ ﺳﻴﻌﻘﺪ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﳌﻌﻘﺪة أﺻــﻼ، وﺳﻴﻄﻴﻞ ﻓﻲ زﻣـﻦ اﻷزﻣــﺔ. ﻓﺎﻟﺪول اﻷرﺑــــﻊ ﻣــﺘــﻀــﺮرة دﻣــﻮﻳــﺎ، وﻣـــﺎدﻳـــﺎ، وﺳــﻴــﺎﺳــﻴــﺎ، وإﻋـﻼﻣـﻴـﴼ ﻣـﻦ أﻓـﻌـﺎل ﻗﻄﺮ وﻧـﺸـﺎﻃـﺎﺗـﻬـﺎ، وﻗــﺪ ﺣﺴﻤﺖ دول اﻟﺮﺑﺎﻋﻴﺔ أﻣﺮﻫﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻄﻮرات أﺧﻴﺮة اﻋﺘﺒﺮﺗﻬﺎ اﺳﺘﻬﺪاﻓﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮا ﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺤﻜﻢ.
اﻟﻮزﻳﺮ ﺗﻴﻠﺮﺳﻮن ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﻔﺮض اﳌﺼﺎﻟﺤﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﺪر أن ﻳﻘﺮب اﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ، وﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﺣﻠﻔﺎؤه، ﺑﺪل أن ﻳﻨﺤﺎز إﻟﻰ ﻃﺮف واﺣﺪ ﺿﺪ آﺧﺮ، وﺧﺎﺻﺔ أن ﻗﻄﺮ اﻟﻄﺮف اﻟﺬي ﺗﻌﻬﺪ ﻣﺮات وﻟﻢ ﻳﻒ.
ووﺗــﻴــﺮة اﻟــﺘــﻮﺗــﺮ ﺳـﺘـﺮﺗـﻔـﻊ ﻃــﺎﳌــﺎ أن ﺳـﻠـﻄـﺎت اﻟــﺪوﺣــﺔ ﺗﺮﻓﺾ أن ﺗﺘﻐﻴﺮ، وﻧﺤﻦ ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﺗﻔﻜﺮ وﻛﻴﻒ ﺗﺘﺤﺎﻳﻞ وﻧﺪرك أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﻮي أن ﺗﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻈﺮوف اﻟﻌﺎدﻳﺔ. واﻟﺪول اﻷرﺑـــﻊ أﻳـﻀـﴼ ﻟــﻦ ﺗـﺘـﺮاﺟـﻊ ﻷﻧـﻬـﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗــﺪاﻓــﻊ ﻋﻦ وﺟﻮدﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﻌﻤﻬﺎ اﻟﻔﻮﺿﻰ، وﻻ ﻳﻌﻘﻞ أن ﺗﺤﺎرب إﻳﺮان ﻓﻲ وﻗﺖ ﺗﺘﺮك ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻗﻄﺮ ﺗﻬﺪد وﺟﻮدﻫﺎ وﺗﻄﻌﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻈﻬﺮ. ﻟﻸزﻣﺔ ﻫﺪف واﺿﺢ ﻫﻮ ردع ﻗﻄﺮ، واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوﻋﻬﺎ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮي، وﻣﻦ دون إﻧﺠﺎز اﳌﻬﻤﺔ ﺳﺘﻌﺮض ﻫﺬه اﻟﺪول وﺟﻮدﻫﺎ واﺳﺘﻘﺮارﻫﺎ ﻟﻠﺨﻄﺮ. ﻓﻤﺼﺮ ﺗﺨﻮض أﻛﺒﺮ ﺣﺮب ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﳌﻌﺎﺻﺮ ﺿﺪ اﻹرﻫﺎب، وﺗﻌﺘﺒﺮ ﻗﻄﺮ ﻃﺮﻓﺎ ﻓﺎﻋﻼ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ اﳌﺎﻟﻲ اﻟﺨﻔﻲ واﻟﺪﻋﺎﺋﻲ اﻟﻌﻠﻨﻲ ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ إﻋﻼﻣﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺮر ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹرﻫـﺎﺑـﻴـﺔ، وﺗﺤﺮض اﻟﺸﺎرع ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺿﺪ اﻟﻨﻈﺎم. واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺗﺘﻌﺮض ﻷﺧــﻄــﺎر ﻣـﻤـﺎﺛـﻠـﺔ، وﺛــﺒــﺖ أن ﻗـﻄـﺮ ﺿـﻠـﻊ ﻓـﻴـﻬـﺎ. واﻹﻣـــــﺎرات ﺗﺸﺎرﻛﻬﻢ اﳌﻮﻗﻒ وﻗﺪ ﺗﺪارﻛﺖ أﻣﺮﻫﺎ ﻣﺒﻜﺮا ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﻤﺪت ﺳـﻴـﺎﺳـﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﺻـﻔـﺮﻳـﺔ ﻓــﻲ اﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣــﻊ ﻫــﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﺘﻄﺮﻓﺔ وﻓﻜﺮﻫﺎ، واﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ أﻛﺒﺮ، وﻗﻄﺮ ﺧﻠﻔﻬﺎ. ﻛﻴﻒ ﻟﻠﻮزﻳﺮ ﺗﻴﻠﺮﺳﻮن أن ﻳﻘﻨﻊ أرﺑﻊ دول ﺗﺨﻮض ﺣﺮوب ﺑـﻘـﺎء ﺑﺎﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣـﻊ اﻟﺠﻬﺔ اﳌـﺴـﺆوﻟـﺔ، وإﻟــﻰ ﻣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻤﺮ اﺧﺘﺒﺎر ﺣﺴﻦ اﻟﻨﻴﺔ اﻟﺬي رﺳﺒﺖ ﻓﻴﻪ ﻗﻄﺮ ﻣﺮات؟
وﻟﻴﺴﺖ اﻟﺪول اﻷرﺑﻊ ﻫﻲ وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ ردع ﻗﻄﺮ، ﺑــﻞ إن ﻣﻌﻈﻢ دول اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ وﺧــﺎرﺟــﻬــﺎ ﺗــﺆﻳــﺪ وﻣﺘﺤﻤﺴﺔ، وﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺪوﺣﺔ ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫﺎب. ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ أن ﻳﻨﻘﺬ ﻗﻄﺮ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺄن ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺷﺮ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ.