Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اعتقال شقيق روحاني على خلفية »تجاوزات مالية«

طهران تعلن عن سجن أميركي بتهمة التجسس... وواشنطن تطالب بالإفراج عن أميركيين معتقلين

- لندن: عادل السالمي

دخـــــــل الــــتـــ­ـوتــــر بــــــين الـــقـــض­ـــاء والحكومة في إيران مرحلة جديدة، أمس، بإعلان المتحدث باسم القضاء غـــــلام حــســين مــحــســن­ــي أجـــئـــي عـن تــوقــيــ­ف شـقـيـق الــرئــيـ­ـس الإيـــران­ـــي ومساعده الخاص، حسين فريدون، ونـــقـــل­ـــه إلــــــى ســـجـــن أويـــــــ­ـن بـتـهـمـة »الـــتـــج­ـــاوزات المــالــي­ــة«. تــزامــنـ­ـا مع ذلــك كـشـف أجـئـي عـن إدانـــة مـواطـن أمـــيـــر­كـــي بــالــســ­جــن عــشــر ســنــوات بتهمة »الـتـجـسـس« وبـعـد سـاعـات ردت الخارجية الأميركية بمطالبة طـهـران بــالإفــر­اج »فـــورا« عـن جميع المواطنين الأميركيين.

وقــــــــ­ــــــال أجـــــــئ­ـــــــي فــــــــي مـــؤتـــم­ـــر الأســبــو­عــي، إن الـقـضـاء أصـــدر أمـر توقيف الشقيق الأصـغـر لروحاني بعد جلسات اسـتـجـواب خضع لها بـرفـقـة شـخـصـين مــن المــوقــو­فــين لم يـكـشـف عــن هـويـتـهـم­ـا، مـضـيـفـا أن فريدون نقل إلى سجن أوين بعد عدم تقديمه كفالة مالية حددها القضاء وفــق مـا نـقـلـت عـنـه وكـالـة »مـيـزان« الناطقة باسم القضاء الإيراني.

وذكـر أجئي أن السلطات تفرج عـن فـريـدون فـي حـال تقديمه كفالة مالية. وتابع أن القضاء فتح التحقيق عـــدة مـــرات فــي الـقـضـيـة وحـقـق مع أشــــخـــ­ـاص عـــلـــى صـــلـــة بــالــقــ­ضــايــا مضيفا أن »البعض اعتقلوا والبعض الآخر خارج البلاد«. وبحسب تقرير وكالة »ايسنا« الحكومية أن أجئي كـشـف عـن اعـتـقـال فــريــدون فـي رده على سـؤال حول موقف القضاء من قضايا وردت على لـسـان مرشحي الانــــتـ­ـــخــــاب­ــــات الــــرئــ­ــاســــيـ­ـــة، خـــلال المناظرات التلفزيوني­ة حول الرئيس الإيـــــر­انـــــي وتـــــــو­رط شــقــيــق­ــه حـسـين فريدون في »تجاوزات مالية«.

ويعد هذا أول صدام مباشر بين مكتب الـرئـيـس الإيــرانـ­ـي والـقـضـاء، قبل أقل من ثلاثة أسابيع على أدائه القسم الدستوري وتقديم الحكومة الجديدة.

فـي هـذا الـصـدد، قـالـت مصادر إيـرانـيـة مطلعة لــ »الـشـرق الأوســط« إن روحـانـي أبـلـغ الـقـضـاء الإيـرانـي مــعــارضـ­ـتــه اســتــمــ­رار وزيـــــر الــعــدل الـحـالـي مصطفى بــور محمدي في منصبه بعدما تـزايـدت المطالب من حلفاء روحاني بالاستغناء عن بور محمدي بسبب دوره فـي إعـدامـات صيف ١٩٨٨ والـتـي عـادت للواجهة الصيف الماضي عقب نشر تسجيل لنائب المرشد السابق، حسين علي منتظري يوثق تفاصيل الإعدامات.

وكان روحاني استغل التسجيل فـــي الــحــمــ­لات الانــتــخ­ــابــيــة بـشـكـل غــيــر مــبــاشــ­ر لــتــوجــ­يــه انـــتـــق­ـــادات لـلـمـدعـي الــعــام الأســبــق ومـنـافـسـ­ه فــي الانـتـخـا­بـات إبــراهــي­ــم رئـيـسـي. ورئــيــسـ­ـي وبـــــور مــحــمــد­ي مـــن بـين أربــــعــ­ــة مـــســـؤو­لـــين كـــــان يـنـتـقـده­ـم منتظري على إعـدام آلاف السجناء السياسيين.

وشهد الشهر الماضي، تلاسنا حادا بين الرئيس الإيراني والحرس الــــثـــ­ـوري والـــقـــ­ضـــاء بــعــدمــ­ا هـاجــم الــجــهــ­ازيــن بــشــدة خــــلال الـحـمـلات الانتخابية وجدد هجومه في الشهر الأول عقب فوزه في انتخابات ١٩ من مايو (أيار) الماضي.

ويأتي اعتقال شقيق روحاني فــــي ســـيـــاق مــــا تــــــردد عــــن ضــغــوط يمارسها الـحـرس الـثـوري لتسمية وزراء فــي وزارات ســيــاديـ­ـة. وكــان روحـانـي قــال الأسـبـوع المـاضـي إنـه بصدد التشاور مع المرشد الإيراني قبل إعلان التشكيلة الوزارية وجاء إعــــلانـ­ـــه فــــي حــــين هــــاجـــ­ـم الـــحـــر­س الثوري بشدة لدوره في الاقتصاد.

في نفس السياق، قال أمين عام حـــزب »اعــتــمــ­اد مــلــت« الإصــلاحـ­ـي، عـلـي شــكــوري راد عـبـر حـسـابـه في »تـويـتـر«: »أتـمـنـى ألا يـؤثـر اعتقال حـسـين فــريــدون عـلـى اتـجـاه رئيس الجمهورية فـي انـتـخـاب التشكيلة الـــوزاري­ـــة، نـأمـل مــزيــدا مــن الـهـدوء والصبر للرئيس في هذا الاختبار.«

ولــيــســ­ت المـــــرة الأولـــــ­ــى تــطــارد الشقيق الإيـرانـي اتهامات بالفساد وواجـه روحاني انتقادات حـادة من منافسيه المحافظين إبراهيم رئيسي ومحمد باقر قاليباف خلال المناظرة الـتـلـفـز­يـونـيـة الـثـالـثـ­ة فــي منتصف مـايـو المــاضــي حــول »تـــورط أقـاربـه فـي تــجــاوزا­ت مـالـيـة« متهمين إيـاه بمحاولة التستر على تلك الملفات وعرقلة مسار التحقيق.

واتهم رئيسي منافسه روحاني بعدم اللامبالاة والدفاع عن شقيقه ضـد تهم الـفـسـاد وقــال إن روحـانـي تـلـقـى »إبــــلاغـ­ـــا« مـــن المـــدعــ­ـي الــعــام والنائب الأول لرئيس سلطة القضاء بـأن الجهاز القضائي »حصل على وثائق تثبت تورط أقرب الناس إليه « داعــيــا إلـــى مـكـافـحـة الـفـسـاد ســواء »تحت عمامته أو عمامة روحاني أو سترة جهانغيري أو قاليباف.«

فـــــي المــــقــ­ــابــــل، نـــفـــى روحــــانـ­ـــي الاتـهـامـ­ات المـوجـهـة لشقيقه وقــال: »لا يـوجـد عقد أخــوة معه أحــدز كل من ارتكب تجاوزات يجب أن يتلقى أشد العقوبات«.

يناير (كانون الثاني) الماضي، شـهـد ذروة الـتـلاسـن بــين روحـانـي والــــقــ­ــضــــاء حــــــول قـــضـــاي­ـــا الــفــســ­اد وبينما كان روحاني يطالب القضاء بــالــكــ­شــف عـــن حـقـيـقـة ٦٣ حـسـابـا بـنـكـيـا تــعــود إلــــى رئــيــس الـقـضـاء والشفافية المالية لتخفيف الضغوط عن فضيحة »الرواتب الفلكية« التي طاردت كبار المسؤولين في حكومته، فإن رئيس القضاء أشار إلى اعترافات التاجر بابك زنجاني الموقوف بتهمة اختلاس ثلاثة مليارات دولار من بيع النفط والتي تحدث فيها عن تمويل حملة روحاني في انتخابات ٢٠١٣.

وكان ٤٦ نائبا وجهوا رسالة في يناير إلى روحاني تطالبه بتسليم شـقـيـقـه إلــى الـقـضـاء للتحقيق في قضايا فساد مالي وفي الرسالة قال البرلمانيو­ن إن شقيق روحاني »أكبر المدينين للبنوك بديون تتجاوز ٤٠ تريليون تومان«.

لكن أجئي قال أمس إن توقيف أجـئـي »لـيـسـت قـضـيـة ديـــون وإنـمـا تجاوزات مالية«.

في مايو ٢٠١٦. تداولت مواقع إيـرانـيـة تـقـاريـر عــن اعـتـقـال شقيق روحـــــان­ـــــي بــتــهــم­ــة الـــفـــس­ـــاد لــفــتــر­ة شهرين، حينذاك رفض المدعي العام الإيــــرا­نــــي مــحــمــد جــعــفــر مـنـتـظـري تأكيد أو نفي ما تناقلته وكالة أنباء »تسنيم« عن اعتقال شقيق روحاني. بــدوره، رد مكتب الرئيس الإيـرانـي بأن المعلومات »عارية من الصحة.«

إلا أن رئيس محكمة »الثورة« مـوسـى غضنفر آبـــادي فـي يوليو (تموز) ٢٠١٦ اتهم شقيق روحاني بإدارة »شبكة فساد واسعة « مطالبا بـإصـدار حكم بالسجن المـؤبـد ضد فـــــريــ­ـــدون لارتــــبـ­ـــاطــــه بــمــســؤ­ولــين مــتــورطـ­ـين فـــي فـضـيـحـة الـــرواتـ­ــب الفلكية وقـــال فـي تـصـريـح لوكالة أنـــبـــا­ء الــبــاسـ­ـيــج »حـــجـــم الــكــارث­ــة كــبــيــر... أتـمـنـى ألا تــكــون الأخــبــا­ر صحيحة .«

فـي نفس الفترة الزمنية، قال مــوقــع »ســحــام نــيــوز« الإصــلاحـ­ـي المـعـارض، إن تفاقم الـخـلافـا­ت بين المـرشـد الإيــرانـ­ـي وحـسـن روحـانـي الــصــيــ­ف المـــاضــ­ـي، نـتـيـجـة إصـــرار خامنئي على التدخل المباشر في شــــؤون مـكـتـب الــرئــيـ­ـس الإيـــران­ـــي. بحسب الموقع حينذاك فإن خامنئي أصــــدر أوامـــــر لمـنـع حــضــور رئـيـس مكتب روحـانـي محمد نهاونديان ومساعد روحـانـي الخاص شقيقه حسين فريدون.

قبل ذلــك، ارتـبـط اسـم فريدون بــفــضــي­ــحــة »الـــــــر­واتـــــــ­ب الــفــلــ­كــيــة« وطـاردتـه اتهامات بتعيين رؤسـاء بـنـوك كـبـيـرة فــي إيــــران مــن بينهم رئـــيـــس بــنــك مــلــت عــلــي رســتــغــ­ار ســرخــه اي، فـضـلا عــن الاتــهــا­مــات بـــتـــجـ­ــاوزات مــالــيــ­ة الـــتـــي طـــــاردت فـريـدون فـإن وكــالات أنباء الحرس الثوري وجهت له تهما خلال العام المـاضـي بتزوير شـهـادة الـدكـتـور­اه فـي عـام ٢٠١٣ وهـو مـا نـفـاه مكتب روحاني بشدة.

مـــن جــهــة أخــــــرى، هــــدد أجـئـي بملاحقة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بسبب إصداره بيانا يدين فيه اعتقال مساعده التنفيذي حـمـيـد بــقــائــ­ي الأســـبــ­ـوع المــاضــي. وفـي إشــارة إلـى تصريحات نجاد اتـهـم فـيـهـا رئـيـس الـقـضـاء صــادق لاريجاني وشقيقه علي لاريجاني بالقيام بعمليات ثأرية ضد مقربيه، قـال أجئي إنـه يمكن ملاحقته على تلك التصريحات.

فــــي ســـيـــاق آخـــــــر، قـــــال أجــئــي إن قـــوات الأمـــن الإيــرانـ­ـيــة اعتقلت »عنصرا نفوذيا« يحمل جنسيات مــزدوجــة إحــداهــا أمـيـركـيـ­ة متهما إيـــاه بـالـتـجـس­ـس لـصـالـح أمـيـركـا. وأضاف أن نتائج التحقيق أظهرت أنــه »يـجـمـع مـعـلـومـا­ت والتغلغل« مـشـيـرا إلـــى أنـــه صـــدر حـكـم أولــي يدينه بالسجن عشر سنوات.

ورفــــض تـقـديـم تـفـاصـيـل حـول القضايا التي وجهت إليها التهم إلى المواطن الأميركي بالتجسس مشددا على أنـه يكشف عنها عندما تصدر المحكمة القرار النهائي.

فـي المـقـابـل، صــرح مـسـؤول في الـخـارجـي­ـة الأمـيـركـ­يـة الأحـــد لوكالة الــصــحــ­افــة الـفـرنـسـ­يـة أن الـــولايـ­ــات المــتــحـ­ـدة تــطــالــ­ب إيــــــرا­ن بـــــ »الإفــــرا­ج الــــــفـ­ـــــوري« عــــن جــمــيــع الأمــيــر­كــيــين »المعتقلين في شكل ظالم« في إيران، وذلــك بعدما أعـلـن الـقـضـاء الإيـرانـي أنـه حكم بالسجن عشرة أعـوام على أمـيـركـي بـتـهـمـة »الـتـجـسـس«. وقــال المسؤول الأميركي، على وقع تصاعد التوتر بين البلدين منذ تولي دونالد ترمب الرئاسة، إن »النظام الإيراني يـواصـل اعـتـقـال مـواطـنـين أميركيين وأجانب آخرين مستندا إلى ملاحقات مختلقة في موضوع الأمن القومي.«

 ??  ?? شقيق الرئيس الإيراني حسين فريدون إلى جانب وزير الخارجية محمد جواد ظريف على هامش مؤتمر صحافي لروحاني في طهران عام ٢٠١٥ (أ.ف.ب)
شقيق الرئيس الإيراني حسين فريدون إلى جانب وزير الخارجية محمد جواد ظريف على هامش مؤتمر صحافي لروحاني في طهران عام ٢٠١٥ (أ.ف.ب)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia