إسرائيل تعيد فتح الأقصى بعد تركيب نظام »فحص المصلين«
السلطة والأوقاف ترفضان المس بالسيادة على المكان... والفلسطينيون يرفضون التفتيش
أعــــادت إسـرائـيـل فـتـح بـوابـات المسجد الأقـصـى، أمـس، بعد اتخاذ إجـراءات أمنية مشددة في محيطه، تضمنت تركيب بوابات إلكترونية لتفتيش المصلين وفحصهم، وهي الخطوة التي أثارت خلافات شديدة، وحرباً على »السيادة« على المسجد.
وفـــتـــحـــت إســــرائــــيــــل بــوابــتــين لـلـمـسـجـد مــن أصـــل ٩، بـعـد إغــلاق اسـتـمـر يـومـين، بسبب هـجـوم وقـع قـرب المسجد، يـوم الجمعة الماضي، قتل فيه شرطيان إسرائيليان، لكنها أبقت البلدة القديمة في القدس تحت إجـــــراءات مــشــددة، شـمـلـت إخـضـاع الداخلين إليها للفحص الدقيق.
ووصـف مقدسيون الوضع في الـبـلـدة الـقـديـمـة، بـأنـه »فــرض نظام حظر تجول« غير معلن.
وجــــــــــــاء قــــــــــــرار فــــتــــح المـــســـجـــد أمــــام المـقـدسـيـين فــقــط، بـعـد إجـــراء مــــــشــــــاورات أمـــنـــيـــة فــــي إســـرائـــيـــل. وقــــال رئــيــس الـــــــوزراء الإسـرائـيـلـي بنيامين نتنياهو، إنه تقرر »افتتاح جـبـل الـهـيـكـل (الـتـسـمـيـة الـيـهـوديـة لـلـمـسـجـد الأقــصــى) تـدريـجـيـاً أمــام المصلين والزوار والسياح«، مضيفاً: »وتقرر وضع أجهزة كشف المعادن فــي مــداخــل جـبـل الـهـيـكـل، ونـصـب كاميرات خـارجـه ستراقب مـا يـدور فيه. وسيجري لاحقاً اتخاذ إجراءات أمنية أخرى .«
وشوهد أفراد أمن إسرائيليون يـركـبـون ٤ بــوابــات إلـكـتـرونـيـة قبل الوصول إلى المسجد، وأنهوا العمل في وقت قياسي. لكن رجال الأوقاف الإســـلامـــيـــة الــــذيــــن يــفــتــرض أنــهــم مـسـؤولـون عـن المسجد، وفـق اتفاق إسـرائـيـلـي - أردنـــي، بـالإضـافـة إلـى عدد من المصلين، رفضوا الخضوع لـلـتـفـتـيـش، وعــــــدوا الأمـــــر انـتـهـاكـاً لسيادة الأوقاف على المسجد.
وأدى مـسـلـمـون الــصــلاة أمــام الــبــوابــات، فــي تـعـبـيـر عــن رفـضـهـم لــــــــلإجــــــــراءات الأمــــنــــيــــة الــــجــــديــــدة. وســــرعــــان مـــا تـــحـــول الـــجـــدل حــول البوابات إلى مواجهات، قبل أن تعيد الشرطة الإسرائيلية إغلاق المكان.
وقال وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان: »الـبـوابـات التي يستخدمها المــســلــمــون لـــدخـــول جــبــل الـهـيـكـل، ستكون مغلقة مـؤقـتـاً... فـي الوقت الحالي، يمكننا التفتيش بحثاً عن أسلحة نـاريـة عند بعض البوابات فــقــط. نــأمــل بــوضــع بــوابــات كشف عـــن المـــعـــادن عــنــد كـــل المـــداخـــل إلــى جبل الهيكل، والوصول إلى مرحلة يمكن فيها تفتيش كل من يدخل إلى المكان«.
ورفـضـت السلطة الفلسطينية جــمــيــع الإجــــــــــــــراءات الإســرائــيــلــيــة فــي الأقـــصـــى. وقــــال وزيــــر الأوقــــاف الـفـلـسـطـيـنـي، يــوســف ادعـــيـــس، إن الـسـلـطـة لــن تـسـمـح بـالمـس بـسـيـادة المسجد. وأضاف: »الأقصى جزء من عقيدة المسلمين ولن نسمح لحكومة الاحتلال بالعبث فيه والانتقاص من السيادة الفلسطينية عليه«.
وحذر ادعيس من أن »الممارسات الاحــتـلالــيــة المــســعــورة فــي المـسـجـد الأقصى، تنوي تغيير الوضع القائم فـي المـسـجـد الأقــصــى، عـبـر مـبـررات وألاعيب مكشوفة لاستنساخ الواقع الـحـالـي للمسجد الإبـراهـيـمـي، من تـقـسـيـم زمــانــي ومــكــانــي للمسجد الأقـــصـــى، وتـحـكـم بــالــداخــلـين إلـيـه مــن المـسـلـمـين الـراغـبـين فــي الـصـلاة فـيـه، مـع مـا فـي هــذه الإجــــراءات من مخالفة واضحة للقوانين والمواثيق الدولية والقيم الأخلاقية التي تتيح المجال لحرية العبادة للمؤمنين في الوصول إلى أماكن العبادة الخاصة بــهــم«. وعــد ادعــيــس الــتــطــورات في الأقـــصـــى، »دلـــيــلاً واضــحــاً عـلـى ما تخطط لـه هــذه الحكومة اليمينية المـــتـــطـــرفـــة، مــــن تــأجــيــج لـلـمـنـطـقـة بـحـرب ديـنـيـة، سـتـكـون لـهـا عـواقـب وخــيــمــة عــلــى الأمــــــن والــــســــلام فـي المـنـطـقـة بـــأســـرهـــا.« وأضـــــــاف: »إن الحكومة الإسرائيلية إنما تعبر في ممارساتها هــذه عـن رفــض واضـح للمجتمع الدولي قاطبة، والقرارات التي اتخذها تجاه القدس والمسجد الأقصى وحائط البراق، التي أكدت حــق المـسـلـمـين الــخــالــص بــهــا، هـذا بـالإضـافـة إلــى مـا أعـلـنـتـه مؤسسة اليونيسكو من إضافة الخليل إلى قائمة التراث الإنساني.«
وطالب ادعيس المجتمع الدولي والمـؤسـسـات الـقـانـونـيـة والثقافية، بضرورة العمل بشكل عاجل، لوقف الاعــتــداء الإسـرائـيـلـي عـلـى المسجد الأقــصــى، ومـنـع أي تغيير للوضع الــقــائــم فــيــه. وأعــلــن عـضـو الـلـجـنـة المركزية، نائب رئيس حركة »فتح«، محمود العالول، إن الرئيس محمود عـبـاس يـجـري اتــصــالات مكثفة مع كل الأطـراف الدولية، من أجل إنهاء الإجراءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك.
واتهم العالول إسرائيل بالعمل على تنفيذ خطة التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، مستغلة عـمـلـيـة الـــقـــدس الأخــــيــــرة مـــن أجــل الـــشـــروع بـمـخـطـطـهـا. وأضـــــاف في اجــتــمــاع تـنـظـيـمـي وأمــنــي مـوسـع: »حــــمــــايــــة المــــســــجــــد الأقـــــصـــــى هــي بـمـنـع جـيـش الاحــتــلال الإسـرائـيـلـي والمـــســـتـــوطـــنـــين مــــن اقــتــحــامــاتــهــم المستمرة له«.
كـــــــمـــــــا وصــــــــفــــــــت الـــــحـــــكـــــومـــــة الفلسطينية كل ما تقوم به سلطات الاحـــتـــلال الإســرائــيــلــي فـــي مـديـنـة القدس العربية المحتلة، وفي القلب مــنــهــا المــســجــد الأقــــصــــى المــــبــــارك، بإجراءات »احتلالية باطلة ولاغية، وتـعـتـبـر مـسـاسـاً بـقـدسـيـة المـسـجـد الأقـصـى«. وجـدد المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المــحــمــود، المــطــالــبــة بــتــدخــل دولـــي وعــــربــــي وإســـــلامـــــي عـــاجـــل لــوقــف إجراءات الاحتلال المرفوضة، والتي لا تتوافق مع واقع وطبيعة وسمات وتاريخ مدينة القدس.
وقال المحمود: »إن أي خطوات يتخذها الاحـتـلال عـلـى الأرض، أو تـلـك الـتـي يسميها (قــوانــين) وغير ذلــــك، هــي بـاطـلـة ولاغـــيـــة، وتـعـتـبـر ضــــمــــن الإجــــــــــــــــــــراءات الاحـــتـــلالـــيـــة الــتــعــســفــيــة والــــجــــائــــرة«. وأردف: »الـسـيـادة الإسرائيلية على القدس التي يتحدث عنها بعض المسؤولين الإســــرائــــيــــلــــيــــين، لا تـــعـــنـــي ســـوى الاحـتـلال الـقـائـم بـالـقـوة، وبالتالي فــهــي إجــــــــراءات بــاطــلــة ومــرفــوضــة ولا أســاس لـهـا حـسـب كـل الـقـوانـين الدولية«.
ورد وزيــر الأمــن غلعاد أردان، عــلــى الاعـــتـــراضـــات المـــتـــزايـــدة على الإجـراءات الإسرائيلية في المسجد، بــقــولــه إن الـــســـيـــادة عــلــى المـسـجـد الأقصى هي لدولة إسرائيل فقط.
وقـال أردان فـي مقابلة إذاعـيـة: »إن إسرائيل غير ملزمة بأخذ موقف الأردن بعين الاعتبار، بكل ما يتعلق بتنفيذ القرارات التي تتخذها بشأن الحرم القدسي الشريف.« وأضـاف: »بـــمـــا أن إســــرائــــيــــل هــــي صــاحــبــة الــســيــادة فــي الــحــرم الــقــدســي، فـإن مــواقــف الــــدول الأخــــرى غـيـر مهمة، وعليه فإنه وبحال تم اتخاذ قرار له أسباب معينة، فعلينا تطبيقه دون الخضوع للضغوط الخارجية.«
وتـأتـي تصريحات أردان هـذه، بعد توتر إسرائيلي - أردني بسبب إغلاق الأقصى.
وأثــــار بـيـانـان شــديــدا اللهجة صـدرا عن الناطق بلسان الحكومة الأردنية ووزير الأوقاف، إلى جانب المظاهرات الغاضبة في عمّان، غضب المسؤولين الإسرائيليين الذين ردوا بــالــقــول إنــــه كــــان »مــــن المــفــضــل أن تـحـافـظ كـل الأطـــراف المـرتـبـطـة ومـن ضمنها الأردن، على ضبط النفس وتمتنع عن إلهاب وتأجيج الأرواح .«
وكان نتنياهو أجرى اتصالين مـــع الــعــاهــل الأردنـــــــي، الــــذي رفــض إغـــــــلاق المـــســـجـــد وكــــــل الإجـــــــــــراءات الإسرائيلية في المكان.