انقسام المعارضة الجزائرية إزاء دعوة رئيس الوزراء لـ »الحوار«
أثــارت دعــوة رئيس الــوزراء الجزائري عبد المجيد تبَون لعقد مؤتمر لــ »الـحـوار والـتـشـاور مع الأحزاب والفاعلين في المجتمع« انقساماً بين أحزاب المعارضة؛ إذ رفض أقدم حزب معارض الفكرة، بينما أبـدى أكبر حـزب إسلامي معارض تأييده لها.
وتـــريـــد الــحــكــومــة مـــن عـقـد المـؤتـمـر المـقـتـرح إشــــراك الطبقة الـــســـيـــاســـيـــة والـــــنـــــقـــــابـــــات فــي ســيــاســتــهــا الـــجـــديـــدة المـتـعـلـقـة بـــالـــبـــحـــث عـــــن مــــــــــوارد مـــالـــيـــة، لمواجهة أزمة أسعار النفط.
وقــــال حـــزب »جـبـهـة الـقـوى الاشتراكية «، )علماني معارض)، أمـس فـي أعـقـاب انتهاء اجتماع لـــكـــوادره، إن الـحـكـومـة »بـصـدد تمييع المبادرة النبيلة الخاصة بــإعــادة بـنـاء الإجــمــاع الـوطـنـي، المــســتــوحــاة مــن خــطــاب وأفــكــار الـراحـل حسين آيـت أحـمـد (رجـل الثورة ومؤسس الحزب)، والتي تهدف إلى إعادة تأسيس الدولة عـــلـــى قــــاعــــدة الــــحــــق والمــــبــــادئ الــديــمــقــراطــيــة. وهــــذه المـحـاولـة مــــن جـــانـــب الـــحـــكـــومـــة، تــهــدف إلـى الاسـتـحـواذ على مبادرتنا، وليس لها من مغزى إلا تحريف طــبــيــعــتــهــا ومــــعــــنــــاهــــا، وذلـــــك بــاخــتــصــار الأزمـــــــة فـــي بـعـدهـا المــــــالــــــي، وفـــــــي تــقــلــيــص حـلـهـا فــي اتــخــاذ مـجـمـوعـة إجـــــراءات اقـــتـــصـــاديـــة، رغـــــم أنـــنـــا نــعــرف والــكــل يــعــرف بـــأن أصـــل الأزمـــة سياسي، وحلها ينبغي أن يكون سياسيا .«
وطـــــرحـــــت »جـــبـــهـــة الـــقـــوى الاشـتـراكـيـة« فـكـرة »إعـــادة بناء الإجماع الوطني« عام ٢٠١٣، لكن السلطات تعاملت معها ببرودة شـــديـــدة عــلــى أســــــاس أن نـظـام الحكم لا يعاني من أزمة شرعية، كـــمـــا يـــشـــيـــر إلــــيــــه الـــــحـــــزب فـي أدبياته، تستدعي عقد اجتماع للأحزاب والحكومة والجمعيات لإيـــــجـــــاد حـــــل لـــــلأزمـــــة. وتـــقـــول السلطات إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة انـتـخـبـه الـجـزائـريـون بأغلبية كبيرة، لولاية رابعة عام ٢٠١٤، وإنه يمارس مهامه بشكل عادي حتى لو كان مريضا. وذكر الـــحـــزب المــــعــــارض أن »الـــحـــوار المصطنع الــذي تـريـده السلطة، لا يهدف في نهاية الأمـر إلا إلى المصادقة على حصيلة فشلها في التسيير، وعلى الإجـــراءات غير الشعبية المتخذة سلفا، في حين أن مشروعنا الخاص بإعادة بناء الإجـمـاع الوطني يقترح تغيير النظام ونسق الحكم في أسسه، وفــــي بـنـيـتـه حــتــى يــعــمــل وفــق القاعدة الديمقراطية .«
بـــــدورهـــــا، أعــلــنــت »حــركــة مــجــتــمــع الـــســـلـــم« الإســـلامـــيـــة المــعــارضــة، تـرحـيـبـهـا بـمـبـادرة رئــــيــــس الــــــــــــــــوزراء، وواجـــهـــهـــا »حزب العمال« اليساري بتحفظ شـــديـــد. أمــــا الأحـــــــزاب المــوالــيــة للرئيس مـثـل »جـبـهـة التحرير الــوطــنــي« و»الـتـجـمـع الـوطـنـي الـــديـــمـــقـــراطـــي« و»تـــجـــمـــع أمــل الـجـزائـر«، فلم يصدر عنها أي موقف، لكن يرجح أنها ستوافق على الفكرة ما دام أنها مشاركة فــي الـطـاقـم الـحـكـومـي بــــوزراء، وأن بـرلمـانـيـيـهـا صــادقــوا على برنامج الحكومة.
وصــــــــــــرَح رئـــــيـــــس الــــــــــــوزراء فـــي مــؤتــمــر صــحــافــي، أول مـن أمـس بالعاصمة، بـأن السلطات »تعتزم إطلاق حوار وتشاور بين مكونات النسيج الوطني«. وقال إن المبادرة جاهزة وتم رفعها إلى الرئيس بوتفليقة بهدف الموافقة عليها، على أن ينطلق تنفيذها فــي مـرحـلـة لاحــقــة. وذكـــر تـبـون أن المبادرة »ستتجسد بداية عن طــريــق اتـــصـــالات بـــين الأطـــــراف المعنية بالحوار الوطني، بمجرد أن يزكيها رئيس الجمهورية«. ومـــــن بــــين المــعــنــيــين بـــالـــحـــوار، حــســبــه، الأحــــــزاب المــشــاركــة في الـــبـــرلمـــان والـــجـــمـــعـــيـــات، »وكــــل الأطــــــــــراف ســـتـــشـــارك فــــي نــــدوة مفتوحة ستكون فرصة للتعبير عــن مـخـتـلـف الآراء«. وسـتـتـوج الندوة بـ »تقرير نهائي سيخضع لنقاش مع الخبراء«.
وطــــرح تــبــون فــكــرة الــحــوار مـع الأحــــزاب، قـبـل شـهـر، عندما عـرض »مخطط الحكومة« على الـبـرلمـان للتصويت عليه. وقـال حـيـنـهـا إن الـــهـــدف هـــو »كـسـب ثــقــة الأحــــــــزاب وانـــخـــراطـــهـــا فـي رؤيــة الـحـكـومـة، حــول تعاطيها مــع أزمــــة شــح المــــــوارد المــالــيــة«. وتحفظت المعارضة في البرلمان على هذا المسعى، ورأت فيه إرادة من الحكومة في أن تشركها في تحمل مسؤولية فشل سياساتها بخصوص الخروج من التبعية المفرطة لريع النفط والغاز.