إردوغان يُغضب أوروبا مجدداً بتعهده »قطع رؤوس« الانقلابيين
أيّد معاملتهم كمعتقلي غوانتانامو... ومجلس الأمن القومي يجتمع اليوم لطلب تمديد »الطوارئ«
أثــــــــــارت تـــصـــريـــحـــات الـــرئـــيـــس الـــتـــركـــي رجـــــب طــيــب إردوغــــــــــان عـن إعــادة عقوبة الإعــدام لتركيا و»قطع رؤوس« المــــســــؤولــــين عــــن مــحــاولــة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها بلاده العام الماضي، ردّ فعل فورياً من جانب الاتحاد الأوروبي الذي عدّ أنه لا يمكن لـتـركـيـا الاســتــمــرار فــي مـفـاوضـاتـهـا لـنـيـل عـضـويـة الاتــحــاد فــي ظــل عـدم احـتـرام الـديـمـقـراطـيـة وقـيـم ومـبـادئ الاتحاد.
وتــعــهــد إردوغـــــــــــان فــــي خــطــاب أمـــام حـشـود كـبـيـرة فــوق جـسـر »١٥ يــولــيــو«، )الــبــوســفــور ســابــقــا)، فـي إطـار فعاليات إحياء ذكـرى المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت ليلة ١٦ يوليو (تموز) الماضي، بقطع رؤوس المـــســـؤولـــين عــــن مـــحـــاولـــة الانـــقـــلاب الفاشلة الذين وصفهم بـ »الخونة«.
وقـــال إردوغـــــان: »قـبـل كــل شـيء سـنـنـتـزع رؤوس هـــــؤلاء الــخــونــة«، مــؤكــدا أنــه سـيـصـادق مـبـاشـرة على إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا إذا صوت البرلمان على ذلك. وأضاف: »نحن دولة قانون، إذا طلب مني هذا الشيء بعد أن يكون قد مرره البرلمان، فسأوافق عليه«.
وأسـقـطـت تركيا عقوبة الإعــدام مـــن أجــنــدتــهــا عــــام ٢٠٠٤ فـــي إطـــار مـفـاوضـاتـهـا مــع الاتــحــاد الأوروبــــي الـتـي انطلقت آنـــذاك، وذلــك فـي إطـار عــمــلــيــة إصــــــلاح قــانــونــيــة مــــن أجــل التوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي. وتسبب تلويح الرئيس التركي بإعادة عقوبة الإعدام مرة أخرى في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ عام، في إثارة مخاوف لدى الاتحاد الأوروبـي الذي قـــال مــســؤولــوه إن الــعــودة إلـــى هـذه العقوبة معناها انتهاء المفاوضات مع تركيا بشكل فوري.
وأيــــــد إردوغــــــــــان فـــكـــرة تـوحـيـد زي الأفــــــراد الــذيــن يـشـتـبـه فــي أنـهـم انـقـلابـيـون ويـخـضـعـون للمحاكمة الآن على غــرار غوانتانامو؛ المعتقل العسكري الأمـيـركـي فـي كـوبـا، حيث يرتدي السجناء زيا برتقاليا. وقال: »من الآن فصاعدا، فلنقدم الانقلابيين المشتبه فيهم إلى المحكمة بزي موحد كما في غوانتانامو.«
وفــــــي أول رد فـــعـــل عـــلـــى هـــذه التصريحات، دعـا رئـيـس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر تركيا إلى احترام القيم الديمقراطية إذا أرادت أن تنضم إلى الاتحاد الأوروبي.
وقــــال يــونــكــر فـــي مــقــال نـشـرتـه صحيفة »بيلد« الألمانية أمس الأحد: »إنــه بعد عـام مـن محاولة الانـقـلاب، فإن يد أوروبا تبقى ممدودة لتركيا. فــــي المـــقـــابـــل، لا بــــد لــتــركــيــا مــــن أن تثبت بوضوح عزمها على أن تكون أوروبـــيـــة وأن تـحـتـرم بـشـكـل حـاسـم القيم الأوروبــيــة الأسـاسـيـة«. وتابع أن »اتـحـادا لحقوق الإنـسـان وحرية الـصـحـافـة ودولـــة الـقـانـون (الاتـحـاد الأوروبي) لا ينسجم مثلا مع الاعتقال الانـــفـــرادي لـصـحـافـيـين طـــوال أشـهـر مــن دون تـوجـيـه اتّــهــام إلــيــهــم«، في إشـــارة خـصـوصـاً إلــى نـحـو ١٥٠ من الصحافيين المعتقلين في تركيا بتهم إرهابية.
وقـــال إردوغــــان فـي تجمع آخـر، أمس، بمناسبة افتتاح نصب تذكاري لضحايا المحاولة الانقلابية الفاشلة أمـــــام الــقــصــر الــرئــاســي بـالـعـاصـمـة أنـقـرة، إن »شـهـداءنـا سيعيشون في قلوبنا دائما حتى لو دفنت أجسادهم فـي الـتـراب، بينما الخونة مـن أتباع (حــركــة) فـتـح الـلـه غـولـن الإرهـابـيـة، سيفنون فـي السجون ويـمـوتـون كل يوم «. وكان الرئيس التركي يشير إلى »حركة الخدمة « التي يتزعمها الداعية المـقـيـم فــي أمــيــركــا. ولــفــت إردوغـــــان إلـــى أن الـشـعـب الــتــركــي سـيـحـاسـب »العسكريين الخونة « التابعين لغولن.
ويتهم إردوغـان خصمه الحالي وحليفه السابق فتح الله غولن (٧٩ عــامــا)، المـقـيـم فــي ولايـــة بنسلفانيا الأمـيـركـيـة مـنـذ عـــام ١٩٩٦، بـتـدبـيـر مــحــاولــة الانـــقـــلاب لــلإطــاحــة بــه من الحكم بعد أن توترت العلاقات بينهما ابــتــداء مــن عــام ٢٠١١. وبـلـغ الـتـوتـر ذروتـــــــه مـــع تـحـقـيـقـات مــوســعــة فـي فضائح فساد ورشوة طالت وزراء في حكومة إردوغــان ومسؤولين ورجـال أعـمـال مـقـربـين لـه وكـــادت تـمـتـد إلـى محيط عائلته، فيما عرفت بـ »عمليات الـفـسـاد«، ١٧ - ٢٥ ديـسـمـبـر (كـانـون الأول) ٢٠١٣. وعــــــدّ إردوغـــــــــان ذلــك محاولة مـن جانب غولن عبر أذرعـه فــي الـقـضـاء وجــهــاز الأمـــن لـلإطـاحـة بـحـكـومـتـه، واتّــهــمــه بـتـشـكـيـل كـيـان مواز للدولة عبر التغلغل في مختلف أجهزتها ومؤسساتها.
وحـول حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ وقوع المحاولة الانقلابية الــعــام المــاضــي، أشــــار إردوغــــــان إلـى أن »مـجـلـس الأمــن الـقـومـي سيقترح على الحكومة تمديد حالة الطوارئ مـجـدداً خـلال اجتماعه« الـيـوم. وأكّـد إردوغان أنهم سيصلون إلى أهدافهم لــعــام ٢٠٢٣. وقــــال فــي هـــذا الــصــدد: »ســنــصــل مـــع شـعـبـنـا إلــــى أهــدافــنــا لعام ٢٠٢٣ ولن يثنينا عن تحقيقها خـونـة منظمة غـولـن، ولا قتلة حزب العمال الكردستاني ولا (داعش)، ولا حـلـفـاؤنـا المـزعـومـون الـذيـن يعملون على محاصرتنا على طول حدودنا،« في إشـارة إلى الدعم الأميركي المقدم للميليشيات الكردية في سوريا. وفي انتقاد لأوساط معارضة داخل تركيا، شدد إردوغان على أنه لن يعفوا »أبداً عن من يتحدثون بلسان أعداء تركيا، وبنسلفانيا«، في إشارة لغولن.
كــمــا انــتــقــد إردوغـــــــــان مـمـاطـلـة الاتحاد الأوروبـي في منح عضويته لــتــركــيــا، وقـــــال إن مـــوقـــف الاتـــحـــاد الأوروبــــــي ظــاهــر لـلـعـيـان: »إنــهــم لا يوفون بتعهداتهم«، مستشهداً بعدم إلــغــاء تـأشـيـرة دخـــول دول الاتـحـاد لـلـمـواطـنـين الأتـــــــراك، وعـــــدم الــوفــاء بـالـتـعـهـدات المـالـيـة الـتـي الــتــزم بها الاتــحــاد بـمـوجـب اتـفـاقـيـة الـلاجـئـين الموقعة مع تركيا في ١٨ مارس (آذار) .٢٠١٦
وتـــوتـــرت الــعــلاقــات بــين تـركـيـا والاتحاد الأوروبي على خلفية حملة اعتقالات وإقالات غير مسبوقة بحق مـــن تـشـتـبـه ســلــطــات أنـــقـــرة بـأنـهـم أنـصـار لـغـولـن. وشـمـل ذلــك توقيف أكثر من ٥٠ ألف شخص وإقالة أكثر مــن مـائـة وخـمـسـين ألـفـا آخــريــن في إطــار الحملة الـتـي لا تــزال مستمرة حتى الآن.
وعـــــدّ إردوغــــــــان فــشــل الانــقــلاب »انـتـصـارا للديمقراطية،« لكن رده، الـــــذي تـمـثـل بــاعــتــقــالات وعـمـلـيـات تـــســـريـــح واســـــعـــــة فـــــي إطــــــــار حــالــة الــطــوارئ، كــان قـاسـيـا، مـا أثـــار قلق عـدد من الـدول الأوروبـيـة ومنظمات غير حكومية بشأن »احـتـرام حقوق الإنسان .«
وفــي إطــار هــذه الحملة، تـم حل أكثر من ألفي هيئة ومؤسسة، وإغلاق أكثر من ألف مؤسسة تعليمية، و١٥ جامعة، وأكثر من ١٢٠٠ جمعية أهلية، و١٩ نقابة، بدعوى تبعيتها لغولن.