Asharq Al-Awsat Saudi Edition

حكام ولايات أميركية يلتفون على سياسات البيت الأبيض

شاركوا في جولات دبلوماسية بدول صديقة لتطمينها حيال التجارة والمناخ

- بروفيدنس (رود آيلاند): ألكسندر برنز*

اجــــــتـ­ـــــمــــ­ــع عــــــضــ­ــــو الــــــحـ­ـــــزب الديمقراطي جـاي إنسلي، حاكم واشــنــطـ­ـن، مـــع عـــدد مـــن قــيــادات المـكـسـيـ­ك وكـــنـــد­ا فـــي غــضــون ٤٨ ســاعــة هـــذا الــربــيـ­ـع، وســافــر إلـى مكسيكو سيتي قادماً من سياتل لإجراء مناقشات حول التغييرات المناخية وقضايا تجارية.

كما أجـرى حاكم أركنساس، الــجــمــ­هــوري إيــســا هـتـشـنـسـ­ون، جـولـة فـي أوروبــا الشهر الماضي لطرح ما وصفه برسالة »طمأنة« لـقـيـادات عالم الأعـمـال، معلناً أن الأمـيـركـ­يـين لــن »يـنـسـحـبـ­وا« من التجارة الدولية.

كــمــا أعــلــن حــاكــم نـبـراسـكـ­ا، الـجـمـهـو­ري بـيـت ريـكـيـتـس، منذ وقـــــت قـــريـــب عـــزمـــه عــلــى زيـــــارة كندا هـذا الصيف، حـامـلاً رسالة شكر بخصوص اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية، المعروفة اخــتــصــ­ارا بــاســم »نــافــتــ­ا«، الـتـي انتقدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشدة، وقال إنه ينوي إعادة التفاوض بشأنها.

وفي الظروف العادية، يميل غالبية حكام الولايات الأميركية إلــى تجنب التفاعل مـع الـخـارج، ويـركـزون أنـظـارهـم على تحقيق تـــــوازن فــي مـــوازنــ­ـات ولايــاتــ­هــم، وتـشـغـيـل آلـــة الـحـكـومـ­ة المـحـلـيـ­ة بكفاءة. وعندما تتجه أنظارهم نـحـو الــخــارج، فــإن هــذا غـالـبـاً ما يـــــــدو­ر بــــصــــ­ورة أســـاســـ­يـــة حـــول الترويج لمنتجات ولاياتهم.

إلا أنــه فــي ظــل إدارة تـرمـب، بــدأ هــذا الــوضــع يـتـغـيـر، ذلــك أن الــقــيــ­ادة عـلـى مـسـتـوى الــولايــ­ات اكـتـسـبـت بُـــعـــداً عــالمــيـ­ـاً مــتــزايـ­ـداً، مــع حـــرص حـكـام الـــولايـ­ــات على الــــتـــ­ـأكــــيــ­ــد عــــلــــ­ى وجـــــــو­دهـــــــم فــي مـجـالات يــرون أن تـرمـب تجاهل فـي إطـارهـا الأولـويـا­ت التقليدية للحكومة الفيدرالية. وقد شكّلوا شراكات عبر الولايات والأحزاب، في محاولة للتغلب على تأثيرات سياسات إدارة ترمب التي يرون أنها تضر بناخبيهم.

والـواضـح أن حكام الولايات ساورهم القلق إزاء الشكوك التي أبـــداهــ­ـا الــرئــيـ­ـس تــجــاه الـتـجـارة العالمية، ما دفعهم لإصدار دعوات ومـــنـــا­شـــدات جـــديـــد­ة لــلــشــر­كــات الــــدولـ­ـــيــــة، بــــل وعــــمـــ­ـدوا أحــيــانـ­ـاً لتوجيه توبيخ ضمني إلى البيت الأبـــيــ­ـض لــتــصــد­يــره وجــهــاً غـيـر ودود للعالم.

يــذكــر أنـــه فـــي أعـــقـــا­ب رفــض تــرمــب اتـفـاقـيـ­ة بــاريــس لـلـمـنـاخ، أعلن العشرات من حكام الولايات بناء تحالف لتنفيذ الاتفاقية على نحو جزئي، مع اضطلاع الحاكم الـديـمـقـ­راطـي جــيــري بـــــراون، من كاليفورنيا، بدور قيادي على هذا الصعيد؛ وقــد سـافـر إلــى الصين لـــحـــضـ­ــور اجـــتـــم­ـــاع بــخــصــو­ص التغييرات المناخية مـع الرئيس الصيني شي جينبينغ.

من ناحيته، قال هتشنسون، الذي لم ينضم إلى تحالف المناخ، إن التوجه الـذي أبـداه ترمب إزاء التجارة أثار قلق شركاء تقليديين للولايات المتحدة. ورغـم إشادته بــالــرئـ­ـيــس لــــ »تـــعـــزي­ـــزه مـوقـفـنـا الــتــفــ­اوضــي«، فــإنــه أكــــد أنــــه مـن المهم كذلك إبـداء بعض المجاملة، وأضاف : »أود انتهاز هذه الفرصة لـطـمـأنـة الـجـمـاهـ­يـر الأوروبـــ­يـــة، وكـذلـك الآسـيـويـ­ة، بـأنـه لا يمكن خفض التجارة العالمية.«

وقــــــد تـــجـــلّـــى هــــــذا الــتــحــ­ول باتجاه الـخـارج مـن جانب حكام الــــولاي­ــــات المــتــحـ­ـدة فـــي اجـتـمـاع للاتحاد الوطني لحكام الولايات الأميركية فـي بروفيدنس (بـرود آيلاند)، الأسبوع الماضي. فخلال الاجــتــم­ــاع، وجّـــه رئـيـس الــــوزرا­ء الـــكـــن­ـــدي جـــاســـت­ن تــــــــر­ودو كـلـمـة إلـــــى الـــحـــض­ـــور، لــيــصــب­ــح بــذلــك أول قائد أجنبي يلقي كلمة أمام اتـحـاد الـحـكـام الأمـيـركـ­يـين. ومـن ناحيته، قال الحاكم الديمقراطي تـيـري مـكـولـيـف، مــن فيرجينيا، الـذي يترأس الاتحاد، إن ممثلين عـن عـدد مـن دول أخــرى حضروا الاجتماع، منها الصين واليابان وفيتنام والمكسيك.

عـــــــلا­وة عـــلـــى ذلـــــــك، تــبــاحــ­ث عـدد من معاوني الحكام، بينهم مساعدي بــراون وإنسلي، بعيداً عـن الصعيد المعلن لـوضـع خطة للمشاركة فـي مـؤتـمـر عـن المـنـاخ في بون بألمانيا. وأوضـح ترودو أن كــلــمــت­ــه أمــــــام الاتــــحـ­ـــاد تــأتــي تأكيداً على العلاقات المتينة بين كندا والـولايـا­ت المتحدة، مسلطاً الــضــوء عـلـى الأهـــــد­اف المـشـتـرك­ـة بين الجانبين بخصوص قضايا المـــنـــ­اخ والأمـــــ­ــن الـــوطـــ­نـــي. وحــث تـرودو حكام الـولايـات الأميركية على عـدم الانــزلاق نحو مناصرة »سباق نحو الهاوية«، في صورة إجراءات تجارية حمائية. وكذلك أشــــــاد رئـــيـــس الــــــــ­ــوزراء الــكــنــ­دي بـالـحـكـا­م لسعيهم نـحـو تحقيق الـرخـاء الاقـتـصـا­دي، عبر »توجه بــــرغـــ­ـمــــاتــ­ــي يــــتــــ­جــــاوز الـــــحــ­ـــدود الــحــزبـ­ـيــة الــفــاصـ­ـلــة«، وأضـــــاف: »سواء كنت من الحزب الجمهوري أو الـديـمـقـ­راطـي، مـن المحتمل أن تـكـون أولـويـتـك الأولـــى فــي إطــار الاقــتــص­ــاد هـــي ذاتـــهـــ­ا أولــويــت­ــي الأولى .«

وجاءت هذه الكلمة من جانب رئيس الـوزراء الكندي في أعقاب شـهـور مــن الاتــصــا­لات المتنامية بـــين حــكــام الــــولاي­ــــات الأمـيـركـ­يـة وعــــدد مــن الــقــيــ­ادات الـسـيـاسـ­يـة والتجارية الكندية، بعد انتخاب ترمب.

مــــــن نــــاحـــ­ـيــــتـــ­ـه، قــــــــا­ل حـــاكـــم فيرمونت فيل سكوت، الذي أجرى عدة رحلات عبر الحدود الكندية منذ انتخابه في نوفمبر (تشرين الـثـانـي)، إنـه وضـع نصب عينيه أولــويــة بـث الطمأنينة فـي نفس الشريك التجاري الأول للولاية.

وأضــاف سكوت، وهـو حاكم جمهوري من الذين انضموا إلى مبادرة المناخ، إلى جانب تشارلي بــيــكــر حـــاكـــم مــاســاتـ­ـشــوســتـ­ـس، إن ثـمـة مـنـاخـاً عـامـاً داخـــل كـنـدا يغلب عليه »القلق، خصوصاً في البداية، إزاء هذه الإدارة الجديدة ،« وتــابــع: »لـقـد كــانــوا بـحـاجـة إلـى بعض الطمأنة، ما دفعنا للوجود هناك للدفاع عنهم، وعنا أيضاً. لقد رغبنا في التأكيد على ذلك، ومنحنا الكنديين تأكيدات بأننا نقف إلى صفهم.«

وفـــــــي ســــيــــ­اق مـــتـــصـ­ــل، قـــال مكوليف إنه عاد منذ فترة قريبة من جولة عبر ٧ دول أوروبية، إذ انهالت عليه التساؤلات من قبل جميع الـقـيـادا­ت الأوروبــي­ــة التي التقاها حول سياسات ترمب إزاء التجارة والهجرة. وقال مكوليف: »ما حاولت قوله للجميع: انسوا الحكومة الفيدرالية، عليكم القدوم مباشرة إلى الولايات «، مضيفاً أنه خــلال الاجـتـمـا­عـات الـتـي قضاها بالخارج »اضطر لقضاء أول ٣٠ دقـيـقـة فــي الـــدفـــ­اع عــن أمــيــركـ­ـا،« مشدداً على »أننا جميعاً نسعى وراء الــفــرص الــتــجــ­اريــة. ونـحـن نرغب في التجارة معكم.«

من الجانب الآخر، ومع تركز أنظارهما على محادثات »نافتا«، حــرص تــــرودو وعــمــدة مكسيكو سيتي، ميغيل أنغيل مانسيرا، عـلـى تـقـديـم بـيـانـات ومـعـلـومـ­ات حــول قيمة الـتـجـارة فـي بلدانهم أمــام قـيـادات الـولايـات الأميركية في بروفيدنس.

وخلال مقابلات أجريت معهم، أكــد ديـمـقـراط­ـيـون وجـمـهـوري­ـون أنهم عمدوا إلـى تكثيف نفوذهم الدولي بهدف التخفيف من وطأة مـا اعـتـبـروه »انـسـحـابـ­اً« مـن قبل واشنطن.

* خدمة »نيويورك تايمز«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia