Asharq Al-Awsat Saudi Edition

انفجارات سورية محتملة

- فايز سارة

والأقرب إليهما من تنظيمات مسلحة رفــــعـــ­ـت شــــعــــ­ارات »إسلامية«، ذهبت إلــــــــ­ــــــى مـــــمـــ­ــارســـــ­ة الــقــتــ­ل والاعــتــ­قــال والـــــــ­ـتــــــــ­هــــــــج­ــــــــيـ­ـــــــر وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها.

وفــــــي خـلـفـيـة مـــــــــ­ــــــــــ­ـــــا أصــــــــ­ــــــــــ­ــــــاب الـــــــس­ـــــــوري­ـــــــين فـــي السنوات الماضية، تــوســع ظـــاهـــر­ة الـتـشـبـي­ـح. ولأن الظاهرة كانت صفة لأهل النظام، وأحـد مظاهر الحياة في مناطق سيطرته، فقد انتقلت إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، وفي هذا لم يكن ثمة فارق كبير بين التشبيح فـــي مــنــاطــ­ق الــنــظــ­ام أو مـنـاطـق سيطرة قـوى التطرف والإرهــاب، وفـي مناطق سيطرة التشكيلات المسلحة المعتدلة، وفيها جميعاً، ولـدت ظاهرة التشبيح عصابات إجرامية وأمــراء حـرب، صـار لهم تأثير كارثي في حياة السوريين.

كما أن فـي خلفية مـا أصـاب الـــــســ­ـــوريــــ­ـين، اســــتـــ­ـمــــرار ظـــاهـــر­ة الـفـسـاد، وتـصـاعـده­ـا عـلـى نحو غير مسبوق باعتبار الفاسدين جـــــــــ­ـــزءاً مـــــــن آلـــــــي­ـــــــات الـــســـي­ـــطـــرة والـــضـــ­بـــط فــــي مــنــاطــ­ق سـيـطـرة الـنـظـام وخـارجـهـا، وتـحـول جـزء من الفاسدين إلـى مافيات، يمتد نـفـوذهـا ومصالحها فـي سوريا وعـبـر حـدودهـا إلــى دول الـجـوار والأبـــعـ­ــد مـنـهـا، ولـيـسـت ظـاهـرة تــهــريــ­ب الـــســـو­ريـــين إلا تـعـبـيـراً واضـــحـــ­اً عـــن وحـــــدة تــلــك المـافـيـا ونفوذها.

ولـــــم تــســلــم بــــلــــ­دان الــلــجــ­وء مـــن ظـــواهـــ­ر سـلـبـيـة عــلــى حـيـاة الـــســـو­ريـــين فــيــهــا؛ فـــإلـــى جــانــب الـــســـي­ـــاســـات الــرســمـ­ـيــة المـقـنـعـ­ة بالظروف السياسية والاقتصادي­ة والاجـــــ­تـــــمـــ­ــاعـــــي­ـــــة بـاعـتـبـا­رهـا سبباً فـــي مــنــع وتـقـيـيـد وصــول السوريين إلـــى تـلـك الـبـلـدان، وفـي تفسير سوء وتـــــردي المـمـارسـ­ة حــــيــــ­ال الـــلاجــ­ـئـــين والــــتــ­ــقــــصــ­ــيــــر فــي تلبية الاحتياجات الأســــــ­ـــــــــا­ســـــــــ­ــــــيـــ­ــــــــــ­ــة لـــلاجـــ­ئـــين، فـتـمـت عمليات التضييق عــلــيــه­ــم وحـــشـــر­هـــم فــــي مــنــاطــ­ق وظــروف تتعارض مـع متطلبات الــعــيــ­ش والاجـــتـ­ــمـــاع الإنــســا­نــي البسيط، وشـيـوع سـرقـة وتبذير المــوارد المـحـدودة المخصصة لهم مـن الـــدول والمـنـظـم­ـات الإنسانية المانحة، وفـي ظل هـذه السياسة، تـــــقـــ­ــارب الـــــبــ­ـــؤس الــــــــ­ذي يـصـيـب الـسـوريـي­ن فـي بـلـدان الـلـجـوء مع مــا يـصـيـب أقـرانـهـم مــن المقيمين فــي ســوريــا، ولـعـل الأقــــرب مـثـالاً فــي هـــذا المــجــال حـالـة الـسـوريـي­ن فــــي لـــبـــنـ­ــان الــــــــ­ذي يــضــيــق عـلـى اللاجئين فـي دخولهم وإقامتهم وفـي حركتهم، ومحدودية تلبية احــتــيــ­اجــاتــهـ­ـم لــلــغــذ­اء والــســكـ­ـن والـــصـــ­حـــة والــتــعـ­ـلــيــم والـــعـــ­مـــل، وتقوم بعض قواته وميليشيات طائفية باقتحام مخيمات اللجوء، وتجرح وتعتقل، وتقتل معتقلين تحت التعذيب، وتدمر المخيمات عـلـى رؤوس سـكـانـهـا، وتـسـعـى إلـــى تـرحـيـل الــســكــ­ان بـمـا يـخـدم سياسات نظام الأسد.

ورغـــــم أهــمــيــ­ة مـــا يـظـهـر مـن مآسٍ ومشكلات تصيب السوريين في حياتهم، فإن الأهم مما سبق، يبدو في الظروف السياسية، التي تحيط بمستقبل السوريين، وهي ظروف محاطة بتناقضات، تدفع القطاعات الأوســع مـن السوريين نحو الإحـبـاط والـيـأس. وإذا كان مسار نظام الأسد وحلفائه، يعمل على استعادة القبضة الحديدية عــلــى ســــوريــ­ــا والــــســ­ــوريــــي­ن بـكـل الـــوســـ­ائـــل المــمــكـ­ـنــة، فـــــإن المــســار الآخـــــر، لا يــطــرح خــيــاراً مختلفاً فــي نـتـائـجـه، خــاصــة فــي ظــل ما يــبــدو مــن طــروحــات حــل ســوري يقبل ببقاء الأســد ونـظـامـه، مما يعني أن ترديات الحياة السورية مستمرة، وأنه لا أفق لمعالجة أي منها، خاصة في ظل نظام يعرف العالم كله أن لا حدود لوحشيته ودمويته وفساده، وإصراره على الاسـتـمـر­ار فـي ذات الـطـريـق ولـو بتعديلات شكلية طفيفة.

لــقــد أدت ســـيـــاس­ـــات نــظــام الأســـــد فـــي عـــهـــدي الأب والابــــن إلــــى خـــــروج الــســوري­ــين ثـائـريـن عـــلـــيـ­ــه فــــــي مـــــــــ­ارس (آذار) مــن الــعــام ٢٠١١ مـطـالـبـي­ن بـالـحـريـ­ة والتغيير نحو مستقبل أفضل، وقــــاد قـمـع الـنـظـام الــدمــوي إلـى ولادة تشكيلات مسلحة لمواجهة دمويته وإجرامه، وفتحت بوابات الصراع الدموي في سوريا الباب أمـــــام مــجــيء قـــيـــاد­ات وعـنـاصـر التنظيمات الإرهـابـي­ـة المتطرفة إلـى سـوريـا، وانـضـمـام سوريين إلــيــهــ­ا. ووســــط تــــردي وتــدهــور الأداء فــــي الـــســـي­ـــاســـة الـــدولــ­ـيـــة حـول القضية السورية، اتسعت الــــكـــ­ـارثــــة الــــســـ­ـوريــــة وتــشــعــ­بــت تـفـاعـلات­ـهـا، مـمـا يـعـنـي تصاعد احتمالات الانفجارات السورية. ولأن الـسـوريـي­ن، لـم يـعـودوا كما في السابق ضمن بلد واحد وفي ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية واحدة، فإن احتمالات انـفـجـارا­تـهـم ستكون مختلفة... وهـــــذا يـنـبـغـي أن يـشـكـل دافــعــاً للعالم من أجل البحث عن سياق آخـر لمعالجة القضية الـسـوريـة، بدل الاستمرار في الطريق الحالي الـذي لـن يقود إلا إلـى انفجارات وكوارث في أكثر من مكان.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia