سوريا: هل هو الفصل الأخير؟
من شرق حلب إلى جنوب الرقة المدن والأرياف تـخـضـع تـبـاعـا لــقــوات نـظـام الأســـد وميليشيات إيــــــــران، عــلــى وقــــع قــصــف الـــطـــائـــرات الــروســيــة، وصـواريـخـهـا مـن بـوارجـهـا فـي الـبـحـر المـتـوسـط. المعارضة السورية، أو ما تبقى منها، تقاتل ببسالة في ظروف صعبة تكالبت عليها القوات الإيرانية، والميليشيات الموالية لها مع قوات النظام، ومن دون إسناد يذكر للمعارضة منذ غلق الممرات التركية والأردنية.
والـوضـع الـسـوري فـي أســوأ حـالاتـه، حيث لم تدم طويلاً الوقفة الأميركية المبهرة أمام معسكر مـوسـكـو فــي ســوريــا، كـمـا أن لـلـرئـيـس الـفـرنـسـي الجديد أسـوأ موقف صـدر عن باريس منذ بداية الحرب السورية، يضاف إلى نشاط مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي كان دائما سلبياً في حق السوريين وخاصة في تعريفه لمن يمثل المعارضة.
لقد نجح الإيرانيون والروس في تحويل قضية الشعب السوري إلى معركة ضد الإرهاب الدولي، مستفيدين مــن أخــطــاء حـلـفـاء الــثــورة الـسـوريـة، مثل قطر التي كعادتها لم تقدر الأمور ولا عواقب أفعالها. فمعظم القوى السورية المقاتلة لا علاقة لها بالجماعات الإرهابية، ولا بالتطرف إنما كان كافيا وجود هذه الجماعات على الأرض، وبروزها إعلامياً، حتى تصبح فـزاعـة للعالم على حساب الشعب السوري وقضيته.
ورغـم هـذا المناخ القاتم، لا تـزال قـوات النظام السوري، وقيادات إيران العسكرية، وميليشياتها المختلفة الجنسيات، غير قادرة على إخضاع معظم سـوريـا، ولا قــادرة على ضمان أمـن المناطق التي استولت عليها. لكن إيران يهمها في هذه المرحلة تأمين المناطق الاستراتيجية لها بالدرجة الأولى أكثر مما يهمها رفع علم النظام على كل المناطق، لهذا هي تحارب في مناطق النفط جنوب الرقة، وتـسـتـعـين بـالمـيـلـيـشـيـات الـعـراقـيـة مــع اللبنانية لتأمين المعابر البرية السورية مع محافظات الغرب الـعـراقـي لتأمين السيطرة على الــعــراق، وضمان الدرب الطويل من حدود إيران جنوب العراق إلى لـبـنـان. وخـصـصـت إيـــران جــزء ا مـن تـركـيـزهـا في استهداف درعا باتجاه الحدود الأردنية معتقدة أن هناك مشروعا للمعارضة السورية، بدعم أميركي، للزحف نحو دمشق لاحقا وفرض شروط من بينها إبعاد يشار الأسد من الحكم.
محافظة درعا كانت ساحة حرب كبيرة، كانت المقاومة السورية قـد كسبتها فـي ظـروف فاجأت ثــلاثــي دمــشــق، ومـنـيـت فـيـهـا مـيـلـيـشـيـات إيـــران بخسائر كبيرة. إنما التبدلات السياسية الأخيرة باعت تلك الانتصارات، فالموقف الأميركي الأخير تراجع أمام مطالب الروس وحلفائهم، رغم أن الدعم العسكري الأميركي كان الأفضل في السنوات الست الماضية لولا أن السياسيين خذلوا العسكريين في التفاهمات الأخيرة.
ومـــع الــتــراجــع الأمــيــركــي الــجــديــد، والمــوقــف الفرنسي السلبي، والاشتباك الخليجي، والتقارب التركي مـع موسكو فـإن المـعـارضـة الـسـوريـة أمـام وضع فريد في صعوباته. والمراهنة المتبقية هي عـلـى أن نـظـام ســوريــا لا يملك وســائــل السيطرة وإدارة المناطق التي يستولي عليها، واستمراره في الاستعانة بالإيرانيين و»حزب الله« والميليشيات العراقية، وكذلك الروس، سيذكي الرفض السوري ويحرض عليه محليا وإقليميا.
غــداً، أقــدم مراجعة للنزاع الـسـعـودي القطري في سوريا.