Asharq Al-Awsat Saudi Edition

بريطانيا تعد بتحمل مسؤولية الديون تجاه الاتحاد الأوروبي

باريس واجهة مالية بديلة بعد »بريكست«

- لندن: »الشرق الأوسط«

أكــــد وزيـــــر المــالــي­ــة الـبـريـطـ­انـي فيليب هـامـونـد أن بــلاده ستتحمل مـسـؤولـيـ­ة الأمـــــو­ال الــتــي تــديــن بها لــلاتــحـ­ـاد الأوروبـــ­ــــي بـعـد خـروجـهـا منه، مع إقراره بأن الحكومة منقسمة بشأن »بريكست«.

وقـــال هـامـونـد لشبكة »بــي بي ســــي« الإخـــبــ­ـاريـــة: »نــحــن بــلــد يـفـي دائـمـاً بـالـتـزام­ـاتـه. إذا كـان هـنـاك أي مبلغ علينا دفـعـه، وقـد تـم تحديده والتدقيق فيه، فبالتأكيد سنتعامل مع ذلك«، وأضاف: »لسنا دولة تدير ظهرها لديونها«.

وتـجـاهـل هـامـونـد تـصـريـحـا­ت أدلـــى بـهـا وزيـــر الـخـارجـي­ـة بـوريـس جــونــســ­ون، قــــال فـيـهـا إنــــه بـإمـكـان مــســؤولـ­ـي الاتــــحـ­ـــاد الأوروبـــ­ــــــي »أن يـحـلـمـوا« بـالـحـصـو­ل عـلـى الأمــــوا­ل الــتــي يـطـالـب بـهـا الـتـكـتـل كـفـاتـورة لـــــخـــ­ــروج لــــنــــ­دن مــــنــــ­ه، وتـــــقــ­ـــدر بـمـا يقارب مائة مليار يـورو (١١٢ مليار دولار)، ووصف هذا الرقم الذي أكده مــســؤولـ­ـون فــي الاتــحــا­د الأوروبـــ­ــي، رغـــــــم عـــــــدم الإعــــــ­ــــلان عـــنـــه رســمــيــ­اً، بـ »السخيف«.

وأكــــد أن الـتـوصـل إلـــى تـسـويـة مـــالـــي­ـــة ســـيـــتـ­ــصـــدر جــــــــد­ول أعـــمـــا­ل مـفـاوضـات »بـريـكـسـت«، الـتـي بـدأت الشهر المـاضـي وستستأنف الاثنين المقبل في بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبـــ­ــــــــي، وأضـــــــ­اف أن الـحـكـومـ­ة عـــلـــى وشــــــك الـــتـــو­صـــل إلــــــى اتـــفـــا­ق بـشـأن ترتيبات المـرحـلـة الانتقالية، عندما تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبـــ­ــي، وهــي مـرحـلـة قـد تستمر »أعواماً عدة«.

وأقـــر كـذلـك بـوجـود انـقـسـامـ­ات بـخـصـوص عـنـاصـر أخــرى يشملها »بريكست«، بعدما تناقلت الصحف المحلية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، تسريبات تفيد بوجود نزاعات داخل الــحــكــ­ومــة، بـمـا فــي ذلـــك مـعـلـومـا­ت تتعلق برواتب موظفي القطاع العام.

وفي هذا السياق، قال هاموند: »بـــــــعـ­ــــــض الـــــضــ­ـــجـــــة صـــــــــ­ــــــــاد­رة عــن أشـخـاص غير مـسـروريـن بالأجندة الــتــي حــاولــت عـلـى مـــدى الأسـابـيـ­ع القليلة الماضية دفعها قدماً لضمان تحقيق (بريكست) يركز على حماية اقتصادنا .«

ومـنـذ خـسـارة حـزب المحافظين الــحــاكـ­ـم فــي انــتــخــ­ابــات الــثــامـ­ـن من يـونـيـو (حــزيــران) المـاضـي الغالبية المـطـلـقـ­ة الــتــي كــــان يـتـمـتـع بــهــا فـي البرلمان، أصبح هاموند أكثر وضوحاً بــشــأن الـحـاجـة إلـــى المـحـافـظ­ـة على علاقات بلاده الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي.

وقــبــل الانـــتــ­ـخـــابـــ­ات، أوضــحــت رئـيـسـة الــــــوز­راء تــيــريــ­زا مـــاي مـــراراً أن أولــويــت­ــهــا تـتـمـثـل فــي الــحــد من الهجرة، وهي مسألة كانت في صلب الاستفتاء الذي جرى العام الماضي، وأفضى إلى »بريكست«.

وتـعـمـل مـــاي جــاهــدة مــن أجــل تـعـزيـز سلطتها مـنـذ الصفعة التي تـلـقـتـهـ­ا فــي الانــتــخ­ــابــات، فــي وقـت أشـــارت فـيـه تـقـاريـر إعـلامـيـة إلــى أن خصومها السياسيين يسعون إلى استبدالها.

ولـكـن هـامـونـد نــأى بنفسه عن هــذه الـسـجـالا­ت، قــائــلاً: »أعـتـقـد أنـه سـيـكـون مــن الأفــضــل، عـلـى أصـعـدة عدة، أن نركز جميعاً على المهمة التي بين أيدينا؛ هذه الحكومة تواجه عداً عكسياً بشأن مفاوضات (بريكست .«(

فــــي حــــين تــســعــى فـــرنـــس­ـــا إلـــى اســــتـــ­ـخــــدام خـــــــرو­ج بــريــطــ­انــيــا مـن الاتـحـاد الأوروبـــ­ي لإضـعـاف المملكة المـتـحـدة وقـطـاعـهـ­ا المـالـي فـي لـنـدن، بـحـسـب وثــيــقــ­ة لمـمـثـل المــديــن­ــة لــدى الاتـــحــ­ـاد الأوروبـــ­ــــي، نـشـرتـهـا أمـس (الأحد) صحيفة »ذا ميل.«

وفــي الـوثـيـقـ­ة، يـقـول جيريمي بـــــــــ­ـراون، الـــــوزي­ـــــر الـــســـا­بـــق ومـــوفـــ­د المدينة لشؤون »بريكست«: »هدفهم الأســاســ­ي واضـــح وضـــوح الـشـمـس: إضـعـاف بريطانيا، وانـهـيـار مدينة لندن .«

والــوثــي­ــقــة المــســرب­ــة عـــبـــار­ة عـن تقرير قدمه بـراون لــوزراء عن زيـارة قام بها لفرنسا أوائل يوليو (تموز) الحالي، وقـال بـراون في الوثيقة إن »الاجتماع الـذي أجريته مع (حاكم) المصرف المركزي الفرنسي كان أسوأ اجتماعاتي على الإطلاق في الاتحاد الأوروبـــ­ــــي؛ إنــهــم يــدعــمــ­ون خـروجـاً قاسياً من الاتحاد الأوروبي، يريدون الاضطرابات .«

ويــــحـــ­ـذر بـــــــــ­راون فــــي الــوثــيـ­ـقــة قائلاً: »فرنسا تعتبر المملكة المتحدة ومـديـنـة لـنـدن خصمين لـهـا، وليس شريكين .«

ومقاربة بـراون هـذه لا تقتصر على عدد من المسؤولين (الفرنسيين)، بل تعكس »مسعى جماعياً لفرنسا بأسرها، أصبح أكثر جدية بانتخاب (إيـــــمــ­ـــانـــــ­ويـــــل) مـــــــاك­ـــــــرون« رئــيــســ­اً للجمهورية في مايو (أيار) الماضي، وعنونت »ذا ميل « التقرير بـ »مخربو (بريكست) التابعون لماكرون.«

ويــضــيــ­ف بـــــــرا­ون أن »أي بـلـد ينتظر الاسـتـفـا­دة مـن الـفـرص التي ســتــنــت­ــج مـــــن (بــــريـــ­ـكــــســـ­ـت)، ولــكــن الفرنسيين يمضون بعيداً في ذلك.«

وتابع: »إنهم يبدون سعادتهم للتداعيات السلبية على مدينة لندن، حتى لـو لـم تكن بـاريـس المستفيدة من ذلك .«

وتــتــنــ­افــس فــرنــســ­ا مــــع دبــلــن وفـرانـكـف­ـورت ومــراكــز مـالـيـة أخـرى لتصبح الوجهة البديلة للوظائف المالية التي ستخرج من لندن جراء تداعيات »بريكست«.

وجـــراء »بـريـكـسـت«، قـد تخسر بريطانيا الـتـي تعتمدها الشركات المـالـيـة مـركـزاً للتعامل مـع زبائنها في باقي أرجاء التكتل الأوروبي هذه الحقوق، بحيث قـد يضطر موظفو تلك الشركات الذين هم على تواصل مباشر مع عملائهم، في المستقبل، إلى الاستقرار داخل أراضي الاتحاد الأوروبي.

كـان رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فــيــلــي­ــب قـــــد وعـــــــد بــالــعــ­مــل »ســـريـــع­ـــاً« عــلــى تـطـبـيـق إجــــــرا­ءات مالية، سبق أن أعلنها، لتعزيز قدرة باريس على جذب المؤسسات المالية، خـصـوصـاً تـلـك الـتـي تـريـد مـغـادرة لندن بعد »بريكست«.

وبـــــراو­ن الــــذي كـــان قــد انـتـخـب نــــائـــ­ـبــــاً عـــــــن الـــــــح­ـــــــزب الـــلـــي­ـــبـــرال­ـــي الديمقراطي في ٢٠١٥، شغل منصب وزيـر الدولة للشؤون الخارجية في حكومة ديفيد كاميرون الائتلافية، وتـــم تـعـيـيـنـ­ه فــي سـبـتـمـبـ­ر (أيــلــول) ٢٠١٥ مـمـثـلاً خــاصــاً لـــدى الاتــحــا­د الأوروبـــ­ــي مــن قـبـل مـؤسـسـة مدينة لـنـدن الـتـي تـديـر الـقـطـاع المـالـي في المدينة.

وقبل أيام، أعلنت شركة الطيران منخفض التكاليف البريطانية (إيزي جيت) خططها لإنشاء شركة جديدة فـي إحـــدى دول الاتــحــا­د الأوروبـــ­ـي، لتتمكن مـن مـواصـلـة رحـلاتـهـا بين مـــــدن الاتـــــح­ـــــاد، حــتــى بــعــد خـــروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتــــــرغ­ــــــب »إيــــــــ­ــــزي جـــــيـــ­ــت« فــي جـعـل الـعـاصـمـ­ة الـنـمـسـا­ويـة فيينا مقراً لشركتها الأوروبـيـ­ة الجديدة، وقـــد قــدمــت طـلـبـات الـحـصـول على التراخيص اللازمة في النمسا.

وذكـرت الشركة أن هذا سيتيح للشركة »اسـتـمـرار تـقـديـم رحلاتها من داخـل الاتـحـاد الأوروبــي إلـى كل دول أوروبا وبين دول الاتحاد، بغض النظر عن اتفاقية الطيران المنتظرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.«

مــن نـاحـيـتـه، قـــال وزيــــر الـنـقـل الــنــمــ­ســاوي يــــورج لايــشــتـ­ـفــرايــد إن اخـتـيـار النمسا مـقـراً لشركة »إيـزي جــــيــــ­ت« الــــجـــ­ـديــــدة يــــدعـــ­ـو لــلــفــخ­ــر، مضيفاً: »نحن الآن نفحص الطلب، وسنتخذ القرار قريباً.«

وذكرت »إيزي جيت« أن الهيكل الجديد سيتضمن شركات فرعية في النمسا وسويسرا وبريطانيا.

ومـــــن جـــانـــب­ـــه، وصـــــف مـيـشـال أولـيـري، الـرئـيـس التنفيذي لشركة الـــــطــ­ـــيـــــر­ان مـــنـــخـ­ــفـــض الـــتـــك­ـــالـــيـ­ــف الأوروبـــ­ــــــيـــ­ــــــة (ريــــــــ­ــــان أيــــــــ­ــر) خــــــروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأنه »أكبر شهادة انتحار اقتصادي في التاريخ .«

كــان أولـيـري ومـسـؤولـو­ن كبار فـــــي شـــــركــ­ـــات وصــــنـــ­ـاعــــة الـــطـــي­ـــران الأوروبـــ­ـيــــة يـتـحـدثـو­ن أمــــام جلسة اســـتـــم­ـــاع لــلــبــر­لمــان الأوروبـــ­ــــــــي عـن التأثيرات المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الصناعة.

وقال أوليري إن هناك »احتمال حقيقي« لتوقف رحلات الطيران بين بريطانيا والاتـحـاد الأوروبــي لأيام أو أسـابـيـع أو ســنــوات، إذا لــم يتم الـتـوصـل إلـــى اتــفــاق بــين الـجـانـبـ­ين بشأن تنظيم حركة الطيران.

 ??  ?? متسوقون في »لين ماركت« بلندن )»غيتي«(
متسوقون في »لين ماركت« بلندن )»غيتي«(

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia