ارتفاع في الطلب على مستحضرات التجميل الطبيعية الهندية
الكركم والقرنفل والعسل وخشب الصندل والزعفران عناصر أساسية
لـسـنـوات، حـرصـت سـونـداريـا عــــلــــى اســـــتـــــخـــــدام مـــســـتـــحـــضـــرات تـجـمـيـل مـصـنـوعـة مـــن الأعـــشـــاب، فــي الــوقــت الـــذي فـضـلـت شقيقتها إيــشــواريــا الأخـــــرى المـصـنـوعـة من مــــــــواد كــيــمــيــائــيــة. وفــــــي غــضــون سنوات قلائل، فقدت بشرة إيشواريا جمالها الطبيعي، بينما ظلت بشرة شقيقتها شابة ومتألقة.
كــان هــذا واحـــداً مـن الإعـلانـات الــتــي عـرضـهـا الـتـلـفـزيـون الـهـنـدي فـــــي الــــفــــتــــرة الأخــــــيــــــرة لــلــتــرويــج لمستحضرات تجميل مصنوعة من مواد طبيعية وعضوية، ما يعكس رغبة الهنود في العودة إلى الجذور، عـــلـــى الأقـــــــل فــيــمــا يـــخـــص المــظــهــر والرائحة. ويعتبر الكركم والقرنفل والبصل والعسل وخشب الصندل والـزعـفـران مـن العناصر المـوجـودة في غالبية المطابخ الهندية ويفضل الـهـنـود الاعــتــمــاد عـلـيـهـا لأغـــراض الــتــجــمــيــل. وبــالــفــعــل، ثــمــة تـوجـه مــتــنــام هـــــذه الأيـــــــام نــحــو تـجـاهـل المنتجات المعتمدة على الحيوانات والـكـحـولـيـات. ويـتـطـلـع الـهـنـود لما وراء المـنـتـجـات الـفـرنـسـيـة للعناية بــالــبــشــرة والــــــروائــــــح الإيــطــالــيــة. وأصـبـحـت كـلـمـات مـثـل »طـبـيـعـي« و»عــضــوي« و»نـبـاتـي« و»خـــال من المــــواد الـكـيـمـيـائـيـة« كـفـيـلـة بـالـدفـع نــحــو زيـــــــادة كــبــيــرة فـــي مـبـيـعـات منتجات للرعاية الشخصية، مثل »الشامبو« وصبغة الشعر وكريمات الــجــســم والـــبـــلـــســـم. والمـــــلاحـــــظ أن الطلب على المنتجات المصنوعة من الأعـشـاب لـم يتراجع قـط، حتى في الفترات التي أغرقت خلالها الأسماء التجارية العالمية من مستحضرات التجميل الأسواق الهندية.
الـــــــــــــيـــــــــــــوم، تـــــــضـــــــم صـــــنـــــاعـــــة مستحضرات التجميل الهندية تحت مظلتها مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسماء التجارية المعتمدة على خلاصة الأعشاب والفواكه والزيوت الأساسية. ومن بين الأسماء الهندية المشهورة بهذا المجال »نيتشرز كو« و»ســولــفــلاور« و»جـسـت هيربس« و»شـاهـنـاز هـيـربـالـز« و»بـيـوتـيـك« و»نـيـاسـا« و»أورغـانـيـك هارفست« و»فــــورســــت إســنــشــالــز« و»إرايــــــــا« و»هــيــمــالايــا« و»كـــامـــا أيــورفــيــدا« و»باتانجالي« و»بلوزوم كوشنار« و»أروما ماجيك« و»مانترا«.
المـلاحـظ أن أهمية »أيـورفـيـدا« (التقاليد الطبية الهندية القديمة) تــــــــزداد يـــومـــاً بــعــد يـــــــوم، حـسـبـمـا أكـــــــدت شـــركـــة »شـــاهـــنـــاز حــســين« التي تعد رائدة فكرة الاعتماد على الأعشاب بمجال العناية الشخصية والتجميل. ويحظى الاسم التجاري »شاهناز حسين« بشهرة عالمية لما يـنـتـجـه مــن مـسـتـحـضـرات تجميل تـمـزج الـتـقـالـيـد الـقـديـمـة بأساليب علمية. وبـنـاءً على مـبـدأ »الـرعـايـة والــــــعـــــلاج الـــطـــبـــيـــعـــيـــين«، تــتــألــف منتجات »شاهناز حسين« من مزيج مـــن الأعـــشـــاب والــــزهــــور وخــلاصــة الفاكهة. وتطرح هذه الشركة بعض أكثر منتجات الرعاية بالبشرة نقاءً وفـاعـلـيـة، مــع تـجـنـبـهـا فــي الـوقـت ذاتـه التورط في أعمال قسوة بحق الحيوانات لعدم احتواء منتجاتها عــلــى دهــــــون خــنــزيــر أو مـشـتـقـات حيوانية.
المــثــيــر أن شــاهــنــاز، مـؤسـسـة الـشـركـة، تـعـلـمـت كـيـفـيـة اسـتـخـدام المـنـتـجـات الطبيعية مـن والـدتـهـا، سـيـدة بيجوم سليلة عائلة نظام الــعــريــقــة فــــي حـــيـــدر آبــــــــاد. وعــن هــذا، قـالـت: »عـنـدمـا كنت أستخدم الـــصـــابـــون، كـــانـــت أمـــــي تـــقـــول لـي دوماً: استخدمي مسحوق الأرز في غسل وجهك. وهذا صحيح بالفعل، فـالأمـهـات والــجــدات يمتلكن دومـاً مـعـرفـة أفــضــل. إن مـسـحـوق الـلـوز والكركم والـلـبن والـزعـفـران، هـي ما يـنـبـغـي لــنــا اســتــخــدامــه فـــي غـسـل وجوهنا، فهي كل ما نحتاج إليه«.
وأوضـــحـــت شــاهــنــاز أنـــه على امـتـداد العقد المـاضـي، كـان النشاط الــتــجــاري المــرتــبــط بـمـسـتـحـضـرات التجميل المصنوعة من أعشاب الدافع وراء نــمــو صــنــاعــة مـسـتـحـضـرات التجميل الهندية. وقالت إنـه »منذ أربــعــة عــقــود مــضــت، عـنـدمـا بــدأت عـمـلـي الـتـجـاري بـمـجـال الأعــشــاب، لـــــم يـــكـــن لمـــســـتـــحـــضـــرات الــعــنــايــة الشخصية المعتمدة على الأعشاب بالصورة التي نراها حالياً وجود.«
مــن نـاحـيـة أخـــــرى، فــإنــه تبعاً لـتـقـريـر أصـــدرتـــه مــؤســســة معنية بأبحاث الأسواق الدولية خلال العقد الماضي، ظهر النشاط الــتــجــاري المــرتــبــط بـمـسـتـحـضـرات الــتــجــمــيــل والـــعـــنـــايـــة الـشـخـصـيـة المـعـتـمـدة عـلـى الأعــشــاب بـاعـتـبـاره مـــســـتـــوى جـــــديـــــداً لــنــمــو صــنــاعــة التجميل في الهند.
ومــن المـعـتـقـد أن حـجـم الـسـوق الــهــنــديــة لمــســتــحــضــرات الـتـجـمـيـل والـعـنـايـة الـشـخـصـيـة سـتـصـل إلـى ٢٠ مليار دولار بحلول عـام ٢٠٢٥. بــــدلاً عــن ٦٫٥ مـلـيـار دولار حـالـيـاً، بـــفـــضـــل تــــنــــامــــي الــــدخــــل الـــصـــافـــي لأبــــنــــاء الـطـبـقـة المـتـوسـطـة وتــنــام تطلعات الأفــــــراد نـحـو حــيــاة أفـضـل والـــــحـــــصـــــول عــــلــــى مــظــهــر أفضل، تبعاً لما خلصت إليه مؤسسة »أسوتشام« الهندية الــتــجــاريــة. وتـــقـــود صـنـاعـة مــــســــتــــحــــضــــرات الــتــجــمــيــل المـعـتـمـدة عـلـى الأعـشـاب نمو صـنـاعـة التجميل بـوجـه عـام داخــل الـهـنـد، ومــن المـتـوقـع أن تنمو بمعدل ١٢ في المائة. في هذا الصدد، قال فينيتا جـين، رئيس شركة »بيوتيك«: »لقد ترعرع المستهلكون الهند وهــم عـلـى درايـــة جـيـدة بـفـوائـد المكونات الشائعة داخـل المطبخ مثل الكركم والقرنفل وما إلى غير ذلك. وعليه، فإنهم ينجذبون إلى المـنـتـجـات المـعـتـمـدة عليها. ومـع هـــذا، فــإن بـعـض الـشـركـات تـحـاول استغلال هذا التوجه المتنامي نحو الاعـتـمـاد عـلـى الأعــشــاب مــن خـلال الـــتـــرويـــج لمـنـتـجـاتـهـا بـاعـتـبـارهـا طبيعية لمجرد أنها أقحمت عنصراً مــن الأعــشــاب فــي مـزيـج كيميائي، لكن العملاء اليوم أصبح بمقدورهم اكتشاف هذه الحيل«. مـــــن نـــاحـــيـــة أخـــــــــــرى، تـشـيـر الأرقــــــــام إلـــــى أن ســـــوق مـنـتـجـات العناية الشخصية الطبيعية تنمو حـالـيـاً بـمـقـدار ١٫٧ مــرة أســرع عن القطاع كـكـل، وتبلغ قيمته حالياً ٣ مليارات دولار، ما يشكل ٤١ في المائة من إجمالي السوق الهندية لمستحضرات العناية الشخصية. ويـــرى خــبــراء أن الـهـنـد يـمـن دون اهتماماً متزايدا إزاء العناصر التي تدخل منتجات العناية الشخصية والـتـجـمـيـل الــتــي يـسـتـخـدمـونـهـا، خاصة في ظل وفرة المعلومات.
مــن جـانـبـهـا، قــالــت الـخـبـيـرة كالبانا سنغ، من شركة »نيلسن«: »دائـــــــمـــــــاً مــــــا شـــكـــلـــت الـــعـــنـــاصـــر الــطــبــيــعــيــة جــــــــــزءًا مـــــن الــثــقــافــة الآســيــويــة، خـصـوصـا فــي صــورة مـــــــواد خـــــام تــســتــخــدم فــــي صـنـع عــلاجــات مـنـزلـيـة وتــســتــخــدم في الطهي. أمـا ما نشهده حالياً فهو عملية تسويق ذات طابع تجاري محترف أكبر للعناصر الطبيعية، مـع شـــروع أســـواق مـثـل الـهـنـد في النمو واستمرار سعي المستهلكين وراء حـلـول أسـهـل تــوائــم أسـلـوب الحياة الحديث .«
عـــلـــى الـــجـــانـــب الآخـــــــــر، وفـــي الوقت الذي تتمتع أسماء تجارية هندية مثل »دابور« و»باتانجالي« و »هيمالايا« و»بيوتيك« بالهيمنة عــلــى ســـوق المــنــتــجــات الـطـبـيـعـيـة للعناية الشخصية، بــدأت بعض الأســـمـــاء الـعـالمـيـة تـلـتـفـت مـؤخـراً إلـى هـذا المجال وحاولت اقتحامه مـن خـلال الاسـتـحـواذ على أسماء تجارية محلية.
ومع ذلك، لم تتمكن الشركات الـدولـيـة الـكـبـرى إلا مـن السيطرة على جزء ضئيل للغاية من السوق الهندية بهذا المجال، وذلك لتفضيل المستهلكين الأسماء الهندية عندما يتعلق الأمر بالعناصر الطبيعية.
مــن نـاحـيـتـهـا، قــالــت بــلــوزوم كـوشـار، التي أنشأت شركة بـارزة بمجال المنتجات الطبيعية للعناية بالبشرة والشعر، أن مجموعة من الـراهـبـات فـي مدرستها الداخلية هـي الـتـي ألهمتها فـكـرة الاعتماد على عناصر طبيعية في منتجات التجميل التي تنتجها شركتها.
وفي عام ٢٠١٥، شهدت الهند انطلاق أول علامة تجارية لإنتاج مــســتــحــضــرات تــجــمــيــل »حـــــلال« وطبيعية. وعـن هــذا، أكـد أبراتيم غـــويـــل، الــــجــــراح المــتــخــصــص فـي جـراحـات الليزر أنــه: »هــذا المطلب لا يخص المسلمين فحسب، وإنما مطلب أعـداد متنامية من الهنود. والمـــــلاحـــــظ أن غـــالـــبـــيـــة الــعــمــلاء غـيـر المـسـلـمـين يــطــرحــون طـلـبـات تــفــصــيــلــيــة لـــتـــجـــنـــب المـــنـــتـــجـــات المـعـتـمـدة عـلـى مشتقات حيوانية أو كحولية .«