Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ارتفاع في الطلب على مستحضرات التجميل الطبيعية الهندية

الكركم والقرنفل والعسل وخشب الصندل والزعفران عناصر أساسية

- نيودلهي: براكريتي غوبتا

لـسـنـوات، حـرصـت سـونـداريـ­ا عــــلــــ­ى اســـــتــ­ـــخـــــد­ام مـــســـتـ­ــحـــضـــ­رات تـجـمـيـل مـصـنـوعـة مـــن الأعـــشــ­ـاب، فــي الــوقــت الـــذي فـضـلـت شقيقتها إيــشــوار­يــا الأخـــــر­ى المـصـنـوع­ـة من مــــــــو­اد كــيــمــي­ــائــيــة. وفــــــي غــضــون سنوات قلائل، فقدت بشرة إيشواريا جمالها الطبيعي، بينما ظلت بشرة شقيقتها شابة ومتألقة.

كــان هــذا واحـــداً مـن الإعـلانـا­ت الــتــي عـرضـهـا الـتـلـفـز­يـون الـهـنـدي فـــــي الــــفـــ­ـتــــرة الأخــــــ­يــــــرة لــلــتــر­ويــج لمستحضرات تجميل مصنوعة من مواد طبيعية وعضوية، ما يعكس رغبة الهنود في العودة إلى الجذور، عـــلـــى الأقــــــ­ـل فــيــمــا يـــخـــص المــظــهـ­ـر والرائحة. ويعتبر الكركم والقرنفل والبصل والعسل وخشب الصندل والـزعـفـر­ان مـن العناصر المـوجـودة في غالبية المطابخ الهندية ويفضل الـهـنـود الاعــتــم­ــاد عـلـيـهـا لأغـــراض الــتــجــ­مــيــل. وبــالــفـ­ـعــل، ثــمــة تـوجـه مــتــنــا­م هـــــذه الأيــــــ­ـام نــحــو تـجـاهـل المنتجات المعتمدة على الحيوانات والـكـحـول­ـيـات. ويـتـطـلـع الـهـنـود لما وراء المـنـتـجـ­ات الـفـرنـسـ­يـة للعناية بــالــبــ­شــرة والــــــر­وائــــــح الإيــطــا­لــيــة. وأصـبـحـت كـلـمـات مـثـل »طـبـيـعـي« و»عــضــوي« و»نـبـاتـي« و»خـــال من المــــواد الـكـيـمـي­ـائـيـة« كـفـيـلـة بـالـدفـع نــحــو زيـــــــا­دة كــبــيــر­ة فـــي مـبـيـعـات منتجات للرعاية الشخصية، مثل »الشامبو« وصبغة الشعر وكريمات الــجــســ­م والـــبـــ­لـــســـم. والمـــــل­احـــــظ أن الطلب على المنتجات المصنوعة من الأعـشـاب لـم يتراجع قـط، حتى في الفترات التي أغرقت خلالها الأسماء التجارية العالمية من مستحضرات التجميل الأسواق الهندية.

الــــــــ­ـــــيــــ­ـــــــــو­م، تـــــــضـ­ــــــم صـــــنـــ­ــاعـــــة مستحضرات التجميل الهندية تحت مظلتها مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسماء التجارية المعتمدة على خلاصة الأعشاب والفواكه والزيوت الأساسية. ومن بين الأسماء الهندية المشهورة بهذا المجال »نيتشرز كو« و»ســولــفــ­لاور« و»جـسـت هيربس« و»شـاهـنـاز هـيـربـالـ­ز« و»بـيـوتـيـك« و»نـيـاسـا« و»أورغـانـيـ­ك هارفست« و»فــــورســ­ــت إســنــشــ­الــز« و»إرايــــــ­ــا« و»هــيــمــا­لايــا« و»كـــامـــا أيــورفــي­ــدا« و»باتانجالي« و»بلوزوم كوشنار« و»أروما ماجيك« و»مانترا«.

المـلاحـظ أن أهمية »أيـورفـيـد­ا« (التقاليد الطبية الهندية القديمة) تــــــــز­داد يـــومـــاً بــعــد يـــــــوم، حـسـبـمـا أكـــــــد­ت شـــركـــة »شـــاهـــن­ـــاز حــســين« التي تعد رائدة فكرة الاعتماد على الأعشاب بمجال العناية الشخصية والتجميل. ويحظى الاسم التجاري »شاهناز حسين« بشهرة عالمية لما يـنـتـجـه مــن مـسـتـحـضـ­رات تجميل تـمـزج الـتـقـالـ­يـد الـقـديـمـ­ة بأساليب علمية. وبـنـاءً على مـبـدأ »الـرعـايـة والــــــع­ـــــلاج الـــطـــب­ـــيـــعــ­ـيـــين«، تــتــألــ­ف منتجات »شاهناز حسين« من مزيج مـــن الأعـــشــ­ـاب والــــزهـ­ـــور وخــلاصــة الفاكهة. وتطرح هذه الشركة بعض أكثر منتجات الرعاية بالبشرة نقاءً وفـاعـلـيـ­ة، مــع تـجـنـبـهـ­ا فــي الـوقـت ذاتـه التورط في أعمال قسوة بحق الحيوانات لعدم احتواء منتجاتها عــلــى دهــــــون خــنــزيــ­ر أو مـشـتـقـات حيوانية.

المــثــيـ­ـر أن شــاهــنــ­از، مـؤسـسـة الـشـركـة، تـعـلـمـت كـيـفـيـة اسـتـخـدام المـنـتـجـ­ات الطبيعية مـن والـدتـهـا، سـيـدة بيجوم سليلة عائلة نظام الــعــريـ­ـقــة فــــي حـــيـــدر آبــــــــ­اد. وعــن هــذا، قـالـت: »عـنـدمـا كنت أستخدم الـــصـــا­بـــون، كـــانـــت أمـــــي تـــقـــول لـي دوماً: استخدمي مسحوق الأرز في غسل وجهك. وهذا صحيح بالفعل، فـالأمـهـا­ت والــجــدا­ت يمتلكن دومـاً مـعـرفـة أفــضــل. إن مـسـحـوق الـلـوز والكركم والـلـبن والـزعـفـر­ان، هـي ما يـنـبـغـي لــنــا اســتــخــ­دامــه فـــي غـسـل وجوهنا، فهي كل ما نحتاج إليه«.

وأوضـــحــ­ـت شــاهــنــ­از أنـــه على امـتـداد العقد المـاضـي، كـان النشاط الــتــجــ­اري المــرتــب­ــط بـمـسـتـحـ­ضـرات التجميل المصنوعة من أعشاب الدافع وراء نــمــو صــنــاعــ­ة مـسـتـحـضـ­رات التجميل الهندية. وقالت إنـه »منذ أربــعــة عــقــود مــضــت، عـنـدمـا بــدأت عـمـلـي الـتـجـاري بـمـجـال الأعــشــا­ب، لـــــم يـــكـــن لمـــســـت­ـــحـــضــ­ـرات الــعــنــ­ايــة الشخصية المعتمدة على الأعشاب بالصورة التي نراها حالياً وجود.«

مــن نـاحـيـة أخـــــرى، فــإنــه تبعاً لـتـقـريـر أصـــدرتــ­ـه مــؤســســ­ة معنية بأبحاث الأسواق الدولية خلال العقد الماضي، ظهر النشاط الــتــجــ­اري المــرتــب­ــط بـمـسـتـحـ­ضـرات الــتــجــ­مــيــل والـــعـــ­نـــايـــة الـشـخـصـي­ـة المـعـتـمـ­دة عـلـى الأعــشــا­ب بـاعـتـبـا­ره مـــســـتـ­ــوى جـــــديــ­ـــداً لــنــمــو صــنــاعــ­ة التجميل في الهند.

ومــن المـعـتـقـ­د أن حـجـم الـسـوق الــهــنــ­ديــة لمــســتــ­حــضــرات الـتـجـمـي­ـل والـعـنـاي­ـة الـشـخـصـي­ـة سـتـصـل إلـى ٢٠ مليار دولار بحلول عـام ٢٠٢٥. بــــدلاً عــن ٦٫٥ مـلـيـار دولار حـالـيـاً، بـــفـــضـ­ــل تــــنــــ­امــــي الــــدخــ­ــل الـــصـــا­فـــي لأبــــنــ­ــاء الـطـبـقـة المـتـوسـط­ـة وتــنــام تطلعات الأفــــــ­راد نـحـو حــيــاة أفـضـل والـــــحـ­ــــصـــــ­ول عــــلــــ­ى مــظــهــر أفضل، تبعاً لما خلصت إليه مؤسسة »أسوتشام« الهندية الــتــجــ­اريــة. وتـــقـــو­د صـنـاعـة مــــســــ­تــــحــــ­ضــــرات الــتــجــ­مــيــل المـعـتـمـ­دة عـلـى الأعـشـاب نمو صـنـاعـة التجميل بـوجـه عـام داخــل الـهـنـد، ومــن المـتـوقـع أن تنمو بمعدل ١٢ في المائة. في هذا الصدد، قال فينيتا جـين، رئيس شركة »بيوتيك«: »لقد ترعرع المستهلكون الهند وهــم عـلـى درايـــة جـيـدة بـفـوائـد المكونات الشائعة داخـل المطبخ مثل الكركم والقرنفل وما إلى غير ذلك. وعليه، فإنهم ينجذبون إلى المـنـتـجـ­ات المـعـتـمـ­دة عليها. ومـع هـــذا، فــإن بـعـض الـشـركـات تـحـاول استغلال هذا التوجه المتنامي نحو الاعـتـمـا­د عـلـى الأعــشــا­ب مــن خـلال الـــتـــر­ويـــج لمـنـتـجـا­تـهـا بـاعـتـبـا­رهـا طبيعية لمجرد أنها أقحمت عنصراً مــن الأعــشــا­ب فــي مـزيـج كيميائي، لكن العملاء اليوم أصبح بمقدورهم اكتشاف هذه الحيل«. مـــــن نـــاحـــي­ـــة أخــــــــ­ـــرى، تـشـيـر الأرقـــــ­ـــام إلـــــى أن ســـــوق مـنـتـجـات العناية الشخصية الطبيعية تنمو حـالـيـاً بـمـقـدار ١٫٧ مــرة أســرع عن القطاع كـكـل، وتبلغ قيمته حالياً ٣ مليارات دولار، ما يشكل ٤١ في المائة من إجمالي السوق الهندية لمستحضرات العناية الشخصية. ويـــرى خــبــراء أن الـهـنـد يـمـن دون اهتماماً متزايدا إزاء العناصر التي تدخل منتجات العناية الشخصية والـتـجـمـ­يـل الــتــي يـسـتـخـدم­ـونـهـا، خاصة في ظل وفرة المعلومات.

مــن جـانـبـهـا، قــالــت الـخـبـيـر­ة كالبانا سنغ، من شركة »نيلسن«: »دائـــــــ­مـــــــاً مــــــا شـــكـــلـ­ــت الـــعـــن­ـــاصـــر الــطــبــ­يــعــيــة جـــــــــ­ـزءًا مـــــن الــثــقــ­افــة الآســيــو­يــة، خـصـوصـا فــي صــورة مـــــــوا­د خـــــام تــســتــخ­ــدم فــــي صـنـع عــلاجــات مـنـزلـيـة وتــســتــ­خــدم في الطهي. أمـا ما نشهده حالياً فهو عملية تسويق ذات طابع تجاري محترف أكبر للعناصر الطبيعية، مـع شـــروع أســـواق مـثـل الـهـنـد في النمو واستمرار سعي المستهلكين وراء حـلـول أسـهـل تــوائــم أسـلـوب الحياة الحديث .«

عـــلـــى الـــجـــا­نـــب الآخــــــ­ـــر، وفـــي الوقت الذي تتمتع أسماء تجارية هندية مثل »دابور« و»باتانجالي« و »هيمالايا« و»بيوتيك« بالهيمنة عــلــى ســـوق المــنــتـ­ـجــات الـطـبـيـع­ـيـة للعناية الشخصية، بــدأت بعض الأســـمــ­ـاء الـعـالمـي­ـة تـلـتـفـت مـؤخـراً إلـى هـذا المجال وحاولت اقتحامه مـن خـلال الاسـتـحـو­اذ على أسماء تجارية محلية.

ومع ذلك، لم تتمكن الشركات الـدولـيـة الـكـبـرى إلا مـن السيطرة على جزء ضئيل للغاية من السوق الهندية بهذا المجال، وذلك لتفضيل المستهلكين الأسماء الهندية عندما يتعلق الأمر بالعناصر الطبيعية.

مــن نـاحـيـتـه­ـا، قــالــت بــلــوزوم كـوشـار، التي أنشأت شركة بـارزة بمجال المنتجات الطبيعية للعناية بالبشرة والشعر، أن مجموعة من الـراهـبـا­ت فـي مدرستها الداخلية هـي الـتـي ألهمتها فـكـرة الاعتماد على عناصر طبيعية في منتجات التجميل التي تنتجها شركتها.

وفي عام ٢٠١٥، شهدت الهند انطلاق أول علامة تجارية لإنتاج مــســتــح­ــضــرات تــجــمــي­ــل »حـــــلال« وطبيعية. وعـن هــذا، أكـد أبراتيم غـــويـــل، الــــجـــ­ـراح المــتــخـ­ـصــص فـي جـراحـات الليزر أنــه: »هــذا المطلب لا يخص المسلمين فحسب، وإنما مطلب أعـداد متنامية من الهنود. والمـــــل­احـــــظ أن غـــالـــب­ـــيـــة الــعــمــ­لاء غـيـر المـسـلـمـ­ين يــطــرحــ­ون طـلـبـات تــفــصــي­ــلــيــة لـــتـــجـ­ــنـــب المـــنـــ­تـــجـــات المـعـتـمـ­دة عـلـى مشتقات حيوانية أو كحولية .«

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia