»أﺻﻴﻠﺔ« ﺗﻨﻬﻲ ﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﻨﻘﺎش ﺣﻮل اﻹﺳﻼم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻟﻌﻨﻒ
ﺑﺤﺜﺖ اﻟﺠﻠﺴﺔ اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ ﻟﻨﺪوة »اﻟــﻔــﻜــﺮ اﻟــﻌــﺮﺑــﻲ واﳌــﺴــﺄﻟــﺔ اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـﺔ«، أﻣﺲ، دور اﻹﺳﻼم ﻓﻲ اﻟﺪوﻟﺔ، وﺳﺒﻞ إﺧـــــﺮاج اﻹﺳـــــﻼم ﻣـــﻦ أزﻣــــﺔ اﻟــﺘــﻄــﺮف، وذﻟــﻚ ﺧــﻼل آﺧــﺮ ﻧــﺪوة ﺿﻤﻦ ﻣﻮﺳﻢ »أﺻﻴﻠﺔ« اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟـ٩٣.
واﺳﺘﻬﻞ ﻓﻬﺪ اﻟﻌﺮاﺑﻲ اﻟﺤﺎرﺛﻲ، رﺋـــﻴـــﺲ ﻣـــﺮﻛـــﺰ »أﺳــــﺒــــﺎر« ﻟـــﻠـــﺪراﺳـــﺎت واﻟــــﺒــــﺤــــﻮث واﻹﻋــــــــــــﻼم، ﺣـــﺪﻳـــﺜـــﻪ ﻋــﻦ اﻟـــﺪﻳـــﻦ اﻹﺳــــﻼﻣــــﻲ اﻟــــــﺬي ارﺗـــﺒـــﻂ ﻓـﻲ اﻟﺬاﻛﺮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ دﻳﻦ ﺑﻨﺎء وﺣـــﻀـــﺎرة وﻓــﺘــﻮح وﻋــﻠــﻢ وﺳــﻴــﺎﺳــﺔ، وﺻﻨﻊ ﺣﻀﺎرة ﻛﺒﻴﺮة أﻣﺪت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﺎﻷﺳﺲ واﻟﻘﻴﻢ، وﻛﺎن ﻳﺸﻜﻞ ﻗﻮة ﻓﻲ ﺗــﺎرﻳــﺦ اﻟـﺒـﺸـﺮﻳـﺔ، ﻓـﺘـﺤـﻮل اﻟــﻴــﻮم إﻟـﻰ »أﻫــﻢ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗـﻮاﺟـﻪ اﻟـﺒـﺸـﺮﻳـﺔ«، ﻣﻤﺎ أﺻﺎب اﳌﺜﻘﻔﲔ ﺑﺎﻟﻔﻮﺑﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻹﺳﻼم، ورﻏﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺒﺮؤ ﻣﻨﻪ، وﺗﺤﺎﺷﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﻴﻪ.
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ، ﺗﺤﺪث أﺣﻤﺪ اﻟﺼﻴﺎد اﻟــﺴــﻔــﻴــﺮ واﳌــــــﻨــــــﺪوب اﻟـــــﺪاﺋـــــﻢ ﻟـﻠـﻴـﻤـﻦ ﻟـــﺪى اﻟـﻴـﻮﻧـﻴـﺴـﻜـﻮ ﺳــﺎﺑــﻘــﺎ، ﻋــﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ وﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫــــﺎب، وأوﺿـــﺢ أﻧــﻪ ﻣـﻦ اﻟﺼﻌﺐ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺮاه ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻹﻃﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟﺪﻳﻨﻲ. وﻳﺮى اﻟـــﺼـــﻴـــﺎد أن اﻟـــﻌـــﻨـــﻒ ﻟـــﻴـــﺲ ﻇـــﺎﻫـــﺮة ﺟــــﺪﻳــــﺪة ﻋــــﻦ اﻟــــﺘــــﺎرﻳــــﺦ واﻟـــــﺪﻳـــــﻦ ﻷن ﻣﺎﺿﻲ وﺣﺎﺿﺮ اﻹﺳﻼم ﺗﺄﺳﺲ ﺑﺤﺪ اﻟﺴﻴﻒ، وﻣﺎت ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻔﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺘﻼ أو ﺑﺎﻟﺴﻢ وﻛﺎن اﻟﻌﻨﻒ ﻣﺮاﻓﻘﺎ ﻟﻜﻞ اﻟﻐﺰوات واﻟﻔﺘﻮﺣﺎت.
ﻣــــﻦ ﺟـــﺎﻧـــﺒـــﻪ، أﻓــــــﺎد ﻣــﺤــﻤــﺪ ﻋـﺒـﺪ اﻟـــﻮﻫـــﺎب رﻓــﻴــﻘــﻲ، اﻟــﻔــﺎﻋــﻞ واﻟــﺒــﺎﺣــﺚ اﳌﻐﺮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، أن ﻣـﺤـﺎرﺑــﺔ اﻟـﻌـﻨـﻒ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻋـﺰﻟـﻬـﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﺮار اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻷن ﻣﻦ ﻳﺮوج ﻟﺒﻨﻴﺎت اﻟﻔﻜﺮ اﳌﺘﻄﺮف ﻫﻲ اﻟﻘﺮارات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻗﺮﻳﺒﺔ وﺗﻮازﻧﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، داﻋـﻴـﺎ إﻟـﻰ اﻋﺘﻤﺎد ﻗــﺮارات ﺑﻌﻴﺪة اﳌـﺪى. وأوﺿـﺢ رﻓﻴﻘﻲ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺑــﲔ اﻟــﻌــﻮاﻣــﻞ اﳌـﻐـﺬﻳـﺔ ﻟﻠﻌﻨﻒ، ﻫﻨﺎك إﺷــﻜــﺎل اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺰ ﻋـﻠـﻰ اﳌــﺎﺿــﻲ وﻋﻠﻰ أﻣﺠﺎد اﻟﻐﺰوات واﻟـﺤـﺮوب، وﺗﺠﺎﻫﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء واﳌـﻔـﻜـﺮﻳـﻦ ﻟﺒﻨﺎء اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، وﺗﻤﺠﻴﺪ اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﻼﺣﻢ واﻟﻔﱳ، وأﻋﻄﻰ ﻣﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑـ »ﻛﺘﺎب اﻟﻔﱳ« ﻟﻨﻌﻴﻢ ﺑﻦ ﺣﻤﺎد. أﻣـﺎ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ واﻟـــﺮواﺋـــﻲ اﻟــﻜــﻮﻳــﺘــﻲ، ﻋﻀﻮ اﳌــﺠــﻠــﺲ اﻟــﻮﻃــﻨــﻲ ﻟـﻠـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ واﻟــﻔــﻨــﻮن واﻵداب، ﻓﺎﻧﺘﻘﺪ ﺑـﺸـﺪة اﳌـﺤـﺎﺿـﺮات اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﳌﻔﻜﺮون واﻟﺒﺎﺣﺜﻮن داﺧـــــــﻞ اﻷﺳـــــــــﻮار اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻴـــﺔ واﻟــــﺘــــﻲ ﻻ ﺗـــﻼﻣـــﺲ أﺑـــــﺪا اﳌــــﻮاﻃــــﻦ ﻓـــﻲ اﻟـــﺸـــﺎرع، ﻣــﻮﺿــﺤــﺎ أن اﻟـــﺤـــﻮار ﻣـﻨـﻘـﻄـﻊ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑــﲔ اﳌــﺜــﻘــﻒ واﳌــﺠــﺘـﻤــﻊ وﺑـــﲔ اﳌﺜﻘﻒ واﳌﺜﻘﻒ ﻧﻔﺴﻪ. وأﺿــﺎف اﻟﺮﻓﺎﻋﻲ أن اﻟﻔﻜﺮ ﻣﻨﻘﻄﻊ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻤﺎ ﻳـﺠـﺮي ﻣﻦ ﻗـﺘـﻞ وﺳــﻔــﻚ اﻟــﺪﻣــﺎء اﻟـــﺬي ﻳــﺤــﺪث ﻓﻲ اﻟﺸﺎرع اﻟﻌﺮﺑﻲ، واﳌﻔﻜﺮ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﻳﺘﻮاﺿﻊ وﻳﻨﺰل إﻟﻰ اﻟﺸﺎرع، ﻣﻮﺿﺤﺎ أﻧــﻪ ﻋــﺎش ﻓــﻲ ﺟـﻴـﻞ ﻛــﺎن ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻘﻄﺮ ﻋﺮﺑﻲ واﺣﺪ وأﻣﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ واﺣﺪة، ﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﻠﻢ ﺗﻼﺷﻰ اﻵن وأﺻﺒﺢ ﻳﺤﻠﻢ ﻓﻘﻂ ﺑﺄن ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻌﺮاق ﻋﺮاﻗﺎ وﺳﻮرﻳﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻫﻲ ﺳﻮرﻳﺎ وﻳﺒﻘﻰ اﻟﻴﻤﻦ ﻳﻤﻨﺎ وﻳﺒﻘﻰ ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺎ.
ﻓــــــﻲ ﺳـــــﻴـــــﺎق آﺧـــــــــﺮ، ﻗــــــــﺎل ﻫــﻴــﺜــﻢ اﻟــــﺰﺑــــﻴــــﺪي، رﺋـــﻴـــﺲ ﺗـــﺤـــﺮﻳـــﺮ ﺟـــﺮﻳـــﺪة اﻟﻌﺮب اﻟﻠﻨﺪﻧﻴﺔ وﻣﻮﻗﻊ »ﻣﻴﺪل إﻳﺴﺖ أوﻧﻼﻳﻦ«، إن اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺪﻳﻨﻲ اﳌﻌﺎﺻﺮ ﻳــــﺤــــﺎول أن ﻳـــﻜـــﻮن ﻣــﻨــﻄــﻘــﻴــﺎ ﺑــﺮﺑــﻄــﻪ اﻟــﻮﻋــﻆ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ أو ﺑﺘﺒﻨﻲ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد اﻹﺳـﻼﻣـﻲ واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟــﺪﻋــﻮة ﻟﻠﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣــﻦ أﺟــﻞ اﻟﺘﻘﺮب ﻟـﻠـﻐـﺮب، ﻓـﻴـﻘـﺪﻣـﻮن اﻟــﻐــﺮب ﻋـﻠـﻰ أﻧﻬﻢ اﻟﻨﻤﻮذج واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻷﻣـﺜـﻞ ﺑﻌﺪ أن ﻋﺎﻧﺖ أوروﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻔﺎﺷﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟـــﺜـــﺎﻧـــﻴـــﺔ، وﻳــــﺤــــﺎوﻟــــﻮن أن ﻳــﻘــﺪﻣــﻮا دﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺘﻬﻢ رﻏـﻢ أﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻜﺮة ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻹﺳﻼﻣﻲ.
وﺷـــﺪد ﻣﺤﻤﺪ اﻟــﺤــﺎرﺛــﻲ رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣﺠﻠﺘﻲ »ﺳﻴﺪﺗﻲ« و»اﻟﺮﺟﻞ«، ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻮﻓﺮ ﻓــــﺮص اﻟــﺸــﻐــﻞ ﻟــﻠــﺸــﺒــﺎب ﻷن اﻟــﺒــﻼد اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ٥ ﻣﻼﻳﲔ وﻧﺼﻒ ﻣﻠﻴﻮن ﻓـﺮﺻـﺔ ﻋـﻤـﻞ، وﺗـﺤـﺘـﺎج ﻛﺬﻟﻚ إﻟــﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟـﺘـﺪرﻳـﺐ ﻟﻠﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ واﻻﻫــــﺘــــﻤــــﺎم ﺑـــﺎﻟـــﺠـــﺎﻧـــﺐ اﻟــﺘــﻄــﺒــﻴــﻘــﻲ وﺑــــﻨــــﺎء اﻟــــﺸــــﺮاﻛــــﺎت وﺗـــﻘـــﺪﻳـــﻢ اﻟـــﺪﻋـــﻢ ﻟــﻠــﺼــﻨــﺎﻋــﺎت اﻟــﺼــﻐــﻴــﺮة واﳌـﺘـﻮﺳـﻄـﺔ وﺗﻮﻓﻴﺮ اﻷﻣـﻦ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻄﺮف، ﻣـﺸـﻴـﺮا إﻟــﻰ أن اﻟـﻌـﻄـﺎﻟـﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺘﺞ ﻣﻔﻜﺮا أو ﻋﺎﳌﺎ، ﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻞ أن ﺗﻨﺘﺠﺎ ﻣﺘﻄﺮﻓﺎ وإرﻫـﺎﺑـﻴـﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺤﻘﺪ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ اﻟــﺬي ﻳﺨﻠﻔﻪ اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ.