ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ

ﻣﺎ أن اﻛﺘﻤﻞ ﻋﺪد رﻛﺎب ﺳﻴﺎرة اﻟﺴﺮﻓﻴﺲ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺑﻴﺮوت إﻟﻰ ﻣﺼﻴﻒ ﺻﻮﻓﺮ وﻣــﺎ ﺑــﻌــﺪه، وأﻣـــﻦ اﻟـﺴـﺎﺋـﻖ ﺗﺤﺼﻴﻞ اﻟـﻠـﻴـﺮات، ﺣﺘﻰ اﻧﻄﻠﻖ ﻳﺤﻜﻲ ﺣﻜﺎﻳﺘﻪ:

»ﻣﺎ رأﻳﻜﻢ ﻳﺎ ﺷﺒﺎب أن ﻫﺬا اﻟﺴﺎﺋﻖ اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﺑﻜﻢ اﻟﺴﻴﺎرة واﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﺐ؟« أﺣﺪﻧﺎ ﻗﺎل: »ﺻﺤﻴﺢ؟ ﻣﺒﺮوك«. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻧـﺎ ﻣﻦ ﻗـﺎل ذﻟـﻚ ﻷن اﻟـﻮﻗـﻮع ﻣﺆﻟﻢ واﻟﺤﺐ أﻛﺜﺮ أﳌﴼ.

ﻗﺎل اﻟﺴﺎﺋﻖ اﻟﻌﺸﺮﻳﻨﻲ ﻣﺆﻛﺪﴽ: »ﻧﻌﻢ، واﻟﻠﻪ. أﻧﺎ ﻋﺎﺷﻖ ﻣﺘﻴﻢ ﻟﻜﻦ ﺣﻈﻲ ﺗﻌﻴﺲ؛ ﻓﻮق رأﺳﻲ )ﻏﻄﻴﻄﺔ( )ﺿﺒﺎب داﻛﻦ( ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻻ أرى«.

ﺧـﺸـﻴـﺖ أن ﻳــﻜــﻮن ﻗـــﺪ ﻓــﻘــﺪ اﻟـــﺮؤﻳـــﺔ ﻓــﻌــﻼ، ﻓــﻨــﻈــﺮت إﻟــﻴــﻪ ﺛــﻢ إﻟـــﻰ اﻟــﺴــﻴــﺎرة ﻟـﻌـﻠـﻲ أﺷــﺎﻫــﺪ ﺣﺮﻳﻘﴼ ﻣﻨﺪﻟﻌﴼ ﻓﻲ أﺣﺪ اﳌﻨﺎزل ﻓﺄﺻﻴﺢ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﳌﻮﺿﻮع، ﻟﻜﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﺑﻴﺖ ﻣﺸﺘﻌﻞ. أﻣﺎ ﻫﻮ، ﻓﺄﺿﺎف ﺑﻌﺪ أن ﻗﺎل ﻟﻪ آﺧﺮ ﻣﺸﺠﻌﴼ وﻣﻠﺒﻴﴼ ﻓﻀﻮﻟﻪ اﻟﺨﺎص: »ﺧﻴﺮ إن ﺷﺎء اﻟﻠﻪ، ﺷﻮ ﻓﻲ؟«.

ﻗﺎل اﻟﺴﺎﺋﻖ وﻗﺪ ﺷﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ اﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ »اﻟﺠﻮ«:

»ﻳــﺎ ﻋــﻢ، أﺣﺒﻬﺎ. ﺑﻨﺖ ﻣـﺎ ﻓـﻲ أﺣﻠﻰ ﻣﻨﻬﺎ، وﻣـــــﺆدﺑـــــﺔ (…) ﻳــﻌــﻨــﻲ ﺑـــﻨـــﺖ ﻋـــﺎﺋـــﻠـــﺔ. أﺣــﺒــﻬــﺎ وﺗﺤﺒﻨﻲ، ﻟﻜﻦ واﻟﺪﻫﺎ ﻟﻸﺳﻒ ﻻ ﻳﻄﻴﻖ ﺧﻠﻘﺘﻲ. ذﻫﺒﺖ إﻟﻴﻪ ﺑﻤﻔﺮدي ﻷﻃﻠﺐ ﻳﺪ اﺑﻨﺘﻪ ﻓﺮﻓﺾ. ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ؟ ﺗﻠﻚ اﻟـﺰﻳـﺎرة داﻣــﺖ ﺛـﻼث دﻗـﺎﺋـﻖ، أﺣﻠﻒ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ. ﻳﻮم أﻣﺲ، ذﻫﺒﺖ ﻣﻊ ﻋﻤﻲ ﻷن واﻟﺪي ﻣﺘﻮﻓﻰ، وﻫﺬه اﳌﺮة ﺟﻠﺴﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻧﺤﺎول أن ﻧﻘﻨﻊ ذﻟﻚ اﻷب، ورﻓﺾ«. ﺳﺄﻟﻪ أﺣﺪﻧﺎ: »ﳌﺎذا رﻓﺾ؟«. أﺟـــﺎب اﻟــﺴــﺎﺋــﻖ وﻗـــﺪ ﺑـــﺪأ ﻳـﻠـﻒ ﺑـﻨـﺎ ﺣﺴﺐ اﻟﺘﻮاء ات اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺠﺒﻠﻲ:

»ﻗﺎل ﻟﻦ ﻳﺰوج اﺑﻨﺘﻪ ًﻟﺴﺎﺋﻖ ﺗﺎﻛﺴﻲ… ﻣﺎ رأﻳﻜﻢ؟ ﻫﻞ أﻧﺎ ﺣﺮاﻣﻲ ﻣﺜﻼ؟ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ أن أﺧﻄﻔﻬﺎ وأﻫﺮب ﺑﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻨﺪا«.

ﻗﻠﺖ ﻓـﻲ ﺑـﺎﻟـﻲ: »ﻛـﻨـﺪا ﺣﺘﺔ واﺣــــﺪة؟«. ﻫﻞ ﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺑﻤﻜﺎن ﻛﺒﻴﺮ اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ ﻛﻨﺪا؟ ﻻ. ﻛﻨﺪا ﻻ ﺗﻜﻔﻲ، ﻫﺎ ﻫﻮ ﻳﻀﻴﻒ: »أﺳﺘﺮاﻟﻴﺎ… أو ﺣﺘﻰ أﻣﻴﺮﻛﺎ«.

ﻫـﻨـﺎ ﺗــﻌــﺪدت اﻵراء. وﻛــﻞ ﻣــﻦ ﻗــﺎل ﻟــﻪ رأﻳــﴼ ﻛﺸﻒ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﺗﺤﻮل دون اﻷﺧﺬ ﺑﺬﻟﻚ اﻟـﺮأي. ﺛﻢ ﺗﺤﻮل اﻟﻜﻼم إﻟﻰ ﻧﻘﺎش ﺑﲔ راﻛﺒﲔ ﻋــﺎرض ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ رأي اﻵﺧــﺮ، واﻟﻨﻘﺎش ﺻﺎر ﺟـﺪاﻻ ﺣﺎﻣﻴﴼ، وﺑﺨﻴﺎﻟﻲ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﺗﺼﻮرت أن ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺮاﻛﺒﲔ ﺳﻴﻀﺮﺑﺎن ﺑﻌﻀﻬﻤﺎ ﺑﻌﻀﴼ داﺧﻞ اﻟﺴﻴﺎرة. ﻟﻜﻦ اﻟﻬﺪوء ﺳﺎد ﻣﻊ وﺻﻮﻟﻨﺎ إﻟﻰ ﺑﺤﻤﺪون، وﺑﻌﺪ أن أدﻟﻰ ﻛﻞ راﻛﺐ ﺑﺪﻟﻮه إﻻ أﻧﺎ… وﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻐﺐ ﻋﻦ ﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﺴﺎﺋﻖ، ﻓﻨﻈﺮ إﻟـﻰ اﳌــﺮآة، وﺳﺄﻟﻨﻲ ﻣﺘﻌﺠﺒﴼ ﻣﻦ ﺻﻤﺘﻲ: »ﻳﺎ أﺳﺘﺎذ، ﻟﻢ أﺳﻤﻊ ﻣﻨﻚ ﺑﻌﺪ. ﺷﻮ رأﻳﻚ؟«.

ﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر: »رأﻳﻲ أﻧﻲ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﺑــﺤــﻤــﺪون، وﺳـــﺄﻧـــﺰل ﻫـﻨـﺎ إذا ﺳــﻤــﺤــﺖ«، ﻗــﺎل: »ﻟﻜﻨﻚ ﻗﻠﺖ أﻧــﻚ ذاﻫــﺐ إﻟــﻰ ﺻـﻮﻓـﺮ، وأﺣــﺐ أن أﺳﻤﻊ رأﻳﻚ«، أﺟﺒﺖ: »ﻟﻸﺳﻒ، ﻻ أﺟﻴﺪ اﻟﻔﺘﻮى ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺴﺎﺋﻞ«؛ ﻟﻢ ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻫﺬا اﻟﻜﻼم، ﻓﺄوﻗﻒ اﻟـﺴـﻴـﺎرة ﺑﻀﺮﺑﺔ ﻗــﺪم ﻋﻠﻰ اﳌـﻜـﺒـﺢ، وﻗـــﺎل ﻟﻲ: »ﺗﻔﻀﻞ«.

ﺗــﻔــﻀــﻠــﺖ. ﻧــﺰﻟــﺖ ﻣـــﻦ اﻟـــﺴـــﻴـــﺎرة وﺗـﻨـﻔـﺴـﺖ اﻟــﺼــﻌــﺪاء؛ ﺛــﻼﺛــﺔ أرﺑــــﺎع اﻟـﺴـﺎﻋـﺔ ﻣــﻦ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟــــــﻔــــــﺎرغ ﻋـــــﻦ ﻣــﺸــﻜــﻠــﺔ رﺟــــــﻞ ﻻ ﻳــــﻌــــﺮف ﻛــﻴــﻒ ﺳـﻴـﺘـﺼـﺮف، وﻳــﺮﻳــﺪ ﻣــﻦ رﻛـــﺎب ﻻ ﻳـﻌـﺮﻓـﻮﻧـﻪ أن ﻳﻘﺘﺮﺣﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﺣـﻼ. اﺑﺘﻌﺪت اﻟﺴﻴﺎرة، وﺧﻴﻞ ﻟـﻲ أﻧـﻨـﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻟـﺐ اﻟﻨﻘﺎش اﻟـﺘـﺎﻟـﻲ. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻮاﺣﺪة واﻟﻨﺼﻒ، وأﻣﺎﻣﻲ ذﻟـــﻚ اﳌــﻄــﻌــﻢ اﳌــﻄــﻞ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــــــﻮادي. ﻫـــﺬا ﻣﻨﻈﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﻘﻊ اﳌﺮء ﻓﻲ ﺣﺒﻪ.