اﻟﺨﻴﺎل واﻻﻗﺘﺼﺎد: ﻣﺸﺮوع اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ

اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎد ﻳــﺤــﻘــﻖ اﻟـــﻘـــﻔـــﺰات اﻟــﻨــﻮﻋــﻴــﺔ ﺑــﻘــﺪرة اﳌـﺠـﺘـﻤـﻌـﺎت اﻟـﺠـﺮﻳـﺌـﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺨـﻴـﺎل. اﺳـﺄﻟـﻮا ﺑﻴﻞ ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن وﺣﻘﺒﺘﻪ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﺖ ﻣـﺎ ﺑــﺎت ﻳـﻌـﺮف ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺮﻗﻤﻲ اﻟﺠﺪﻳﺪ وﺳﻠﺴﻠﺔ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻲ وادي اﻟﺴﻴﻠﻴﻜﻮن ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ، أو اﺳــﺄﻟــﻮا ﻟـﻲ ﻛــﻮان ﻳـﻮ ﻗـﺎﺋـﺪ ﻣﺴﻴﺮة اﻹﺻــﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة اﻟﺬي ﺣﻮل ﺑﻼده ﻣــﻦ ورﺷـــﺔ ﻟـﻼﻗـﺘـﺼـﺎد اﻟــﺮﺧــﻴــﺺ إﻟـــﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﺧـــﺪﻣـــﻲ ﻣــﺼــﺮﻓــﻲ وﺳــﻴــﺎﺣــﻲ ﻋـــﺎﳌـــﻲ ﻳﺸﻤﻞ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، وﻫﻮ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﻲء اﻟــﺬي ﺣــﺪث ﻓــﻲ دﺑــﻲ ﺑـﻘـﻴـﺎدة اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ وﻗﺼﺔ اﻟﻨﺠﺎح اﻟﻌﻈﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ أﻳﻀﴼ، وﻛﺬﻟﻚ اﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺎدة ﻣﻬﺎﺗﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ وﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﺎﻟﻴﺰﻳﺎ إﻟﻰ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻌﺎل وﻧﺎﺟﺢ وﻣﺆﺛﺮ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﻴﺮ، وﻫﻮ أﻳﻀﴼ ﻣﺎ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ وﺗﺤﻮﻳﻞ اﻗﺘﺼﺎدﻫﺎ ﺑﻨﺠﺎح إﻟﻰ اﻗﺘﺼﺎد ﻣﺆﺛﺮ وﻣﺘﻄﻮر وﺑﻘﻴﻤﺔ ﻣﻀﺎﻓﺔ.

إﻧــــﻬــــﺎ اﻟــــــﻘــــــﺪرة ﻋــــﻠــــﻰ اﻟـــﺘـــﻔـــﻜـــﻴـــﺮ ﺧـــــﺎرج اﻟــﺼــﻨــﺪوق واﻹﺗـــﻴـــﺎن ﺑــﺄﻓــﻜــﺎر ﻏـﻴـﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ وﺗﺤﺪ ﻛﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺄﻟﻮف. إﻧــﻬــﺎ اﻟــﻘــﺪرة ﻋـﻠـﻰ اﻟــﺨــﻴــﺎل واﻹﺑــــــﺪاع. وﻫــﺬا ﺗـﻤـﺎﻣـﴼ ﻣــﺎ ﻛـــﺎن ﻳـﻨـﻘـﺺ ﺑـﻌـﺾ اﳌــﺠــﺎﻻت ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻌﻮدي، ﻓﻬﻮ اﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻠﻌﺔ اﻟﻮاﺣﺪة وﻫﻲ اﻟﻨﻔﻂ، ﺗﻀﺦ ﻣﻦ اﻷرض وﺗﺒﺎع وﺗﻌﻮد ﺑﻔﻮاﺋﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ وﻳﺼﺮف ﻣﻨﻬﺎ ﻋــﻠــﻰ اﳌــﺸــﺎرﻳــﻊ. ﻟــﻢ ﻳــﻜــﻦ ﻫــﻨــﺎك »إﺑــــــﺪاع« أو »ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺧﺎرج اﻟﺼﻨﺪوق«، ﻓﺎﳌﻮﺿﻮع ﻳﺴﻴﺮ ﺑﺮﺗﻴﺒﺔ ﺟـﻴـﺪة وﻻ داﻋــﻲ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓـﻲ »ﻏﻴﺮ ذﻟـﻚ«. وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄة ﺳﺎرة ﺟﺪﴽ وﻗﺖ أن أﻋﻠﻦ ﻧﺎﺋﺐ اﳌﻠﻚ اﻟﺴﻌﻮدي اﻷﻣﻴﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﻋﻦ ﻣﺸﺮوع ﻋﻤﻼق ﺑﺎﺳﻢ ﻣﺸﺮوع اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣـﻤـﺮ، ﻷن ﻫـﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻳﻊ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺄﺗﻲ إﻻ ﺑﺈﻃﻼق اﻟﺨﻴﺎل ورﻓﻊ ﺳﻘﻒ اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت إﻟﻰ أﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪود.

وﺳﻴﺤﻘﻖ ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺳﻴﺎﺣﻴﺔ ﻓـــﺮﻳـــﺪة ﺟـــﺪﴽ ﻣـــﻦ ﻧــﻮﻋــﻬــﺎ ﺑــﺸــﻮاﻃــﺊ ﻧـﺎﺻـﻌـﺔ اﻟـــﺒـــﻴـــﺎض ﻋــﻠــﻰ أﻛـــﺜـــﺮ ﻣــــﻦ ﺧــﻤــﺴــﲔ ﺟــﺰﻳــﺮة ﻓــﻲ اﻟـﺒـﺤـﺮ اﻷﺣــﻤــﺮ ﺗــﻘــﺪم ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ اﳌــﻐــﺎﻣــﺮات واﻟﺮﻳﺎﺿﺎت اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ واﻻﺳﺘﺠﻤﺎم واﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ، وﺳﻴﺼﻨﻒ ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع ﻛــﻮاﺣــﺪ ﻣــﻦ أﻫـــﻢ ﺛــﻼﺛــﺔ ﻣــﻮاﻗــﻊ ﺣـــﻮل اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻓـﻲ رﻳـﺎﺿـﺔ اﻟـﻐـﻮص وذﻟــﻚ ﻟﺘﻨﻮع اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ اﳌﻮﺟﻮدة وﺟﻤﺎل اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺮﺟﺎﻧﻴﺔ اﳌﺤﻤﻴﺔ ﺑﻴﺌﻴﴼ، وﺳﻴﻘﺪم ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع اﻟﻌﻤﻼق زﻳﺎدة ﻣﻬﻤﺔ وﻻﻓﺘﺔ ﻓﻲ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﳌﺤﻠﻲ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻌﻮدي ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥١ ﻣﻠﻴﺎر رﻳﺎل ﺳـﻌـﻮدي ﺳﻨﻮﻳﴼ وﺳﻴﻮﻓﺮ أﻛﺜﺮ ﻣـﻦ ٥٣ أﻟﻒ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻤﻞ.

واﻷﻫــــــﻢ أﻧــــﻪ ﺳــﻴــﻀــﻊ اﻟــﺴــﻌــﻮدﻳــﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺎد وﻗﻮي. واﳌــﺸــﺮوع ﻳﻘﻊ ﺑـﲔ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ اﻟـﻮﺟـﻪ وأﻣﻠﺞ، وﺳﻴﻮﺿﻊ ﺣﺠﺮ اﻷﺳــﺎس ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻋﺎم ٩١٠٢ وﻳﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻋﺎم ٢٢٠٢ وﺳــﺘــﻜــﻮن اﳌــﺮﺣــﻠــﺔ اﻷوﻟــــﻰ ﺷـﺎﻣـﻠـﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ اﳌـــﻴـــﻨـــﺎء واﳌــــﻄــــﺎر واﻟــــﻔــــﻨــــﺎدق واﳌــﻨــﺘــﺠــﻌــﺎت واﳌـﺴـﺎﻛـﻦ اﻟـﻔـﺎﺧـﺮة وﺗﺠﻬﻴﺰ ﺧـﺪﻣـﺎت اﻟﻨﻘﻞ واﳌﺮاﻓﻖ واﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ.

اﳌﺸﺮوع ﺷﺒﻪ أﺳﻄﻮري ﻳﻮاﻛﺒﻪ ﻃﻤﻮح وﺛﻘﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ، وﻟﻜﻨﻪ دﻟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ أن اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺗﺘﻐﻴﺮ وﺗﺪرك أن ﻧﻤﻮذج اﻷﻋﻤﺎل اﻟـــﺬي ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﺴﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻣـــﻮر ﻗﺪﻳﻤﴼ ﻏﻴﺮ ﻗـﺎﺑـﻞ ﻟﻼﺳﺘﺪاﻣﺔ واﻻﺳـﺘـﻤـﺮارﻳـﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻳﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﺪى »اﻟﻨﻤﻄﻴﺔ اﻵﻣﻨﺔ« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺴﻌﻮدي ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪﴽ.

ﻣﺸﺮوع اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺣﻤﺮ ﻳﺨﺎﻃﺐ اﻟﺨﻴﺎل اﻟﺴﻌﻮدي وﺧﻴﺎل اﻟﺠﻴﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟـﺬي ﻛﺎن ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﺤﺼﻮرﴽ ﻓﻲ ﻗﻮاﻟﺐ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﺎ داع. اﻟﺨﻴﺎل اﻟـﺠـﺮيء ﻣـﻦ أﻫــﻢ ﻣﺤﻔﺰات اﻻﻗـﺘـﺼـﺎد اﻟـﻨـﺎﺟـﺢ وﻣـﺜـﻞ ﻫــﺬه اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﳌﺸﺎرﻳﻊ ﺗﻮﻟﺪ اﻷﻣﻞ وﺗﺤﻔﺰ وﺗﺸﺠﻊ وﻫﺬه ﺑﺤﺪ ذاﺗﻬﺎ إﻧﺠﺎزات ﻻﻓﺘﺔ وﻧﺠﺎﺣﺎت ﻓﻮرﻳﺔ ﻗﺒﻞ اﻧﻄﻼق اﳌﺸﺮوع اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻧﻔﺴﻪ.