أﺑﺤﺎث ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻣﻴﺪاﻧﻴﺔ ﺣﻮل ﺟﺬور اﻹرﻫﺎب
اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻳﺤﺎوﻟﻮن اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ دواﻓﻊ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ
ﻣﺎ ﺟﺬور اﻹرﻫﺎب؟ وﻣﺎ اﻟﺪواﻓﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪو ﺑﺎﻷﻓﺮاد ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل إرﻫﺎﺑﻴﺔ؟ وﻫﻞ ﻧﺠﺤﺖ اﻟﺤﺮب ﺿﺪ اﻹرﻫـــﺎب؟ ﺗـﺴـﺎؤﻻت ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺤﻮرا ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻟﻠﻘﺎدة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ، وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء واﳌﺤﻠﻠﲔ اﻟﻨﻔﺴﻴﲔ.
وﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﺗﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﺪد اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ »ﻧﻴﻮﺳﺎﻧﺘﻴﺴﺖ« اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﺗﻨﺎول اﻟﻜﺎﺗﺐ واﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻲ ﺑـﻴـﺘـﺮ ﺑــﺎﻳــﺮن ﻇــﺎﻫــﺮة اﻟـﺘـﻄـﺮف واﻟــﺘــﺸــﺪد، وآراء اﻟﻌﻠﻤﺎء واﻻﺧــﺘــﺼــﺎﺻــﻴــﲔ ﺣــــﻮل ﻣـﺨـﺘـﻠـﻒ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ. وﻛﺘﺐ ﺑﺎﻳﺮن، اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓــﻲ وﻻﻳـــﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ، ﻣـﻘـﺎﻟـﺘـﻪ أﺛــﻨــﺎء وﺟـــــﻮده ﻓــﻲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ اﳌﻮﺻﻞ أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ »داﻋﺶ«، وﻫﻮ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﻟﻨﺸﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﳌﻮﺳﻮم »ﻋﻠﻮم دوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ The Science of ISIS »اﻟﻌﺎم اﳌﻘﺒﻞ.
ﻳــﺘــﻔــﻖ اﻟـــﻜـــﺎﺗـــﺐ أوﻻ ﻣــــﻊ رأي ﻣﺎرﺛﺎ ﻛﺮﻳﻨﺸﻮ، اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ اﳌﺨﻀﺮﻣﺔ ﻓـﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺳﺘﺎﻧﻔﻮرد اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، اﻟﺘﻲ درﺳﺖ ﻇﺎﻫﺮة اﻹرﻫﺎب ﻟﻨﺤﻮ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ، ﺑﺄن »اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺪﻳﻬﺎ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﳌﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫـــﺎب«، ﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﻳﺎ ﻓﺤﺴﺐ؛ ﺑﻞ وﺣﺘﻰ ﻓﻲ داﺧﻞ أﻣﻴﺮﻛﺎ. وﺗﻘﻮل اﻟﺒﺎﺣﺜﺔ: »إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻛﻴﻒ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻼﻣﺢ اﻟــﻨــﺠــﺎﺣــﺎت ﺿـــﺪ اﻹرﻫـــــــﺎب، وإﻧــﻨــﺎ ﻧﻠﻌﺐ ﻟﻌﺒﺔ ﺧﻄﺮة؛ إذ ﺣﺎﳌﺎ ﻳﻈﻬﺮ اﻹرﻫﺎﺑﻴﻮن، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺪﻣﺮﻫﻢ، آﻣﻠﲔ ﻓﻲ اﺳﺘﺴﻼﻣﻬﻢ«.
وﻋــــﻦ اﻟـــﺘـــﺴـــﺎؤل ﺣــــﻮل دواﻓــــﻊ اﻹرﻫـﺎﺑـﻴـﲔ؛ أي اﻟـﺴـﺆال: »ﻣـﺎ اﻟـﺬي ﻳﺪﻓﻊ اﻟﻔﺮد إﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻣــﻦ أﺟـــﻞ ﻓـــﻜـــﺮة؟«، ﻳــﻌــﺮض اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ ﻣـــﺎ ﻳــﻘــﻮﻟــﻪ ﺳـــﻜـــﻮت أﺗـــــــﺮان، اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ ﻓــــﻲ اﻷﻧـــﺜـــﺮوﺑـــﻮﻟـــﻮﺟـــﻴـــﺎ ﺑــﺠــﺎﻣــﻌــﺔ أﻛﺴﻔﻮرد اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺬي ﺷﻤﻠﺖ أﺑـﺤـﺎﺛـﻪ ﻣـﻨـﺎﻃـﻖ ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻓــﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻣـــــﻦ ﺑــﻴــﻨــﻬــﺎ ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ اﳌــــﻮﺻــــﻞ؛ إذ ﻳـﻔـﺘـﺮض أﺗـــﺮان أن اﻹﺟــﺎﺑــﺔ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺷﻘﲔ: »اﻟﺠﻬﺎدﻳﻮن« ﻳﺪﻣﺠﻮن ﻫﻮﻳﺘﻬﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻣﻊ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ، وإﻧﻬﻢ ﻳﺘﻘﺒﻠﻮن »اﻷﻓﻜﺎر اﳌﻘﺪﺳﺔ«. واﻷﻓـــــﻜـــــﺎر اﳌـــﻘـــﺪﺳـــﺔ ﻗــﻴــﻢ ﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ ﻟــﻬــﺆﻻء اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻨﻬﺎ أو ﺗﺒﺪﻳﻠﻬﺎ ﺑــﻘــﻴــﻢ ﻣـــــﺎدﻳـــــﺔ. وﻳــــﻘــــﻮل أﺗـــــــــﺮان إن اﻷﻓــــﺮاد اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳـﺆﻣـﻨـﻮن ﺑﻤﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟــﻘــﻴــﻢ ﻳــﺘــﺒــﻮأون ﻣــﻜــﺎﻧــﺔ ﻋــﺎﻟــﻴــﺔ؛ إذ إن ﻛـﻞ أﻓــﺮاد اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت اﳌﺘﺸﺪدة ﻳـــﻌـــﺪوﻧـــﻬـــﻢ أﺷـــﺨـــﺎﺻـــﺎ ﻳــﺘــﻤــﺘــﻌــﻮن ﺑـﻘـﻮى روﺣــﻴــﺔ ﺗﻠﻬﻢ ﻛــﻞ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ.
وﻟــﺬا ﻳﺠﺐ ﻓﻬﻢ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺆﻻء »اﻟـــﺠـــﻬـــﺎدﻳـــﲔ« اﻧــﻄــﻼﻗــﺎ ﻣـــﻦ أﻧــﻬــﻢ »ﻻﻋﺒﻮن ﻣﺆﻣﻨﻮن« وﻟﻴﺲ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣــﻦ اﻟــﻘــﻮاﻋــﺪ اﻟـﻌـﻘـﻼﻧـﻴـﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ؟ وﻟــــﺬا »وﻣــــﺎ إن ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ ﻫــــﺆﻻء إﻟــﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻻﻋﺒﲔ ﻣﺆﻣﻨﲔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﺪو أن ﻛﻞ اﻟﺘﺪﺧﻼت اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻹﻋﺎدﺗﻬﻢ إﻟﻰ رﺷﺪﻫﻢ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺪﻳﺔ«.
ﻣــــــــﻦ ﺟـــــﻬـــــﺘـــــﻪ، ﻳـــــــﻘـــــــﻮل ﻣــــــــﺎرك ﺳـــــﻴـــــﻐـــــﻤـــــﺎن ﻃـــــﺒـــــﻴـــــﺐ اﻷﻋـــــــﺼـــــــﺎب اﳌﺘﺨﺼﺺ ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ، إن اﻟــــــﺪراﺳــــــﺎت اﻟــﻨــﻔــﺴــﻴــﺔ ﻻ ﺗـﻌـﺪ أن اﻹرﻫـــــــــــﺎب ﻳــﻨــﻄــﻠــﻖ ﻣـــــﻦ أﺳـــﺲ آﻳــﺪﻳــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺔ أو دﻳــﻨــﻴــﺔ وﺣــﺪﻫــﺎ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﺪ اﻹرﻫﺎب ﺳﻤﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻔﺮد. وﻫـﻮ ﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧـﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻤﺎت ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻺرﻫﺎﺑﻲ ﺑﻞ »ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻔﻬﻮم )إرﻫﺎﺑﻲ( ﻣﻦ دون ارﺗــﺒــﺎﻃــﻪ ﺑــﺸــﺨــﺺ ﻣـــﺎ ﻳﻨﻔﺬ ﻋﻤﻠﻴﺔ إرﻫــﺎﺑــﻴــﺔ«. وﻫـــﺬا ﻣــﺎ ﻳﻄﺮح ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻫﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓـﺮاد وﻋﻠﻰ أﺧﻄﺎر ﺗﺤﻮﻟﻬﻢ إﻟﻰ اﻹرﻫﺎب.
وﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻳﻨﺘﻤﻲ اﻹرﻫﺎﺑﻴﻮن إﻟــﻰ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺎت ﻣــﻦ أﻓـــﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ أو ﻣــﻦ اﻷﺻـــﺪﻗـــﺎء اﳌــﺘــﻌــﺎﻃــﻔــﲔ ﻣﻊ اﻹرﻫﺎب. إﻻ أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳــﻌــﺎﻧــﻮن ﻣــﻦ اﻟــﻈــﻠــﻢ أو ﻳﺘﻤﺴﻜﻮن ﺑﺄﻫﺪاف ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻻ ﻳﻠﺠﺄون إﻟﻰ اﻹرﻫﺎب.