ﻓﺮق ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﺗﺘﻨﺎزﻋﻬﺎ اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ
ﺻﺪر ﻋﻦ دار »ﻟﻨﺪن ﺗﺎﻏﺲ« ﻛﺘﺎب ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﺟﻌﻔﺮ ﻫــﺎدي ﺣﺴﻦ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »ﻓــﺮق ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻣـﻌـﺎﺻـﺮة«، وﻗـﺪ ﺿـﻢ اﻟﻜﺘﺎب ﺧﻤﺲ ﻓﺮق ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻌﺎدي ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء ﻓﺮﻗﺔ »اﻟﻔﻼﺷﺎ« اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت اﳌﺘﺨﺼﺼﺔ. أﻣـــﺎ اﻟـــﻔـــﺮق اﻷﺧـــــﺮى ﻓــﻬــﻲ ﻣـﺠـﻬـﻮﻟـﺔ ﻟـﻠـﻘـﺎرئ اﻟﻌﺮﺑﻲ وأن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻊ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﺔ واﺣﺪة ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻴﻬﻮد اﻷﻓﺎرﻗﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ، ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﻢ ﺑﺒﻘﻴﺔ اﻟﻔﺮق ﻣﺜﻞ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻴﺴﻮﻋﻴﲔ، واﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻓﺮﻗﺔ ﻣﻜﻮﻳﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ؟
ﻳﻨﻄﻮي ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻔﻜﺮي ﻋﻠﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻴﺔ ﻣـﻮزﻋـﺔ ﺑـﲔ ﺛﻨﺎﻳﺎه ﻟﻌﻞ أﺑﺮزﻫﺎ ﺷﺘﺎت ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺗﺪﻣﻴﺮ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟــﺮوﻣــﺎن، وﺗﺒﺪدﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أرﺟـﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻴﻤﺎ ﺿﺎﻋﺖ ﻣﻨﻬﻢ ٢١ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﺎ وﺟـﺪت ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﺪود اﻷﻓﻐﺎﻧﻴﺔ - اﻟﺒﺎﻛﺴﺘﺎﻧﻴﺔ، واﻟــﻴــﺎﺑــﺎن، وﺑـﻌـﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ. أﻣﺎ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺸﺘﺎت اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺑﺪأت زﻣـﻨـﻴـﴼ ﺑـﺎﻟـﻘـﺮﻧـﲔ اﻟـﺨـﺎﻣـﺲ ﻋـﺸـﺮ واﻟــﺴــﺎدس ﻋــﺸــﺮ ﺣـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻗـــﺎم اﻹﺳـــﺒـــﺎن واﻟـﺒـﺮﺗـﻐـﺎﻟـﻴـﻮن واﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻳﻮن واﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻻﺣﻘﴼ ﺑﺎﺳﺘﺮﻗﺎق اﻷﻓﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻧﺎ وأﺧﺬﻫﻢ ﻋﺒﻴﺪﴽ إﻟﻰ أوروﺑﺎ واﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ. وﻛـــﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد اﻟــﺬي ﺳــﻮف ﻳـﻘـﺮرون ﺑﻌﺪ ٠٠٤ ﺳﻨﺔ ﻣــﻦ اﻟﺘﻬﺠﻴﺮ اﻟـﻘـﺴـﺮي، واﻟــﻐــﺮﺑــﺔ، واﳌـﻌـﺎﻧـﺎة اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ »أرض اﻷﺟﺪاد« ﻟﻴﺒﻨﻮا ﻣﻤﻠﻜﺘﻬﻢ ﻣـﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮون اﳌﻨﻔﻰ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ رﻣــــﺰﴽ ﻟــﺒــﺎﺑــﻞ اﻟــﺘــﻲ ﺳـﺒـﺘـﻬـﻢ، واﺳـﺘـﻌـﺒـﺪﺗـﻬـﻢ، وزرﻋﺖ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻬﻢ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ذﻛﺮﻳﺎت ﺳﻴﺌﺔ ﻋﻦ اﻷﺳﺮ واﻟﻨﻔﻲ ﻓﻲ ﺑﻼد ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﻨﻬﺮﻳﻦ.
اﳌﻌﻠﻮﻣﺔ اﳌﺜﻴﺮة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن اﻟﻴﻬﻮد اﻟــﺴــﻮد ﻣــﻦ ﻧـﺴـﻞ اﻟـﻌـﺒـﺮاﻧـﻴـﲔ اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﲔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺨﺘﺎر وﻗﺪ اﺻﻄﻔﺎﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﺤﻖ وﻳﻌﻘﻮب، أﻣﺎ ﺳﺒﺐ ﺷﺘﺎﺗﻬﻢ ﻓﻴﺮدوﻧﻪ إﻟﻰ ﻛﺜﺮة ذﻧﻮﺑﻬﻢ، وﻳﺸﻜﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺒﻴﺾ وﻳﺮﺟﻌﻮﻧﻬﻢ إﻟﻰ ﻧﺴﻞ ﻋﻴﺴﻰ.
ﻳــﺸــﺘــﻤــﻞ اﻟـــﻔـــﺼـــﻞ اﻷول ﻋـــﻠـــﻰ ﺛــﻤــﺎﻧــﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت رﺋﻴﺴﺔ اﻧﺒﺜﻘﺖ ﻋﻦ ﻓﺮﻗﺔ اﻟﻴﻬﻮد اﻷﻓﺎرﻗﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﻧﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﺎ »ﻛﻨﻴﺴﺔ اﻟﻠﻪ اﻟﺤﻲ، ﻋﻤﻮد اﻟﺤﻖ وأﺳﺎﺳﻪ ﻟﻜﻞ اﻟﺸﻌﻮب«، »اﳌﻌﺒﺪ اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ اﳌﻮرﻳﺸﻲ«، »اﳌﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺸــﺮﻳــﻌــﺔ«، ﻓـــﺎﻷوﻟـــﻰ ﺗــﻠــﺘــﺰم ﺑﻔﺮﻳﻀﺔ اﻟﺴﺒﺖ، وﻋﻴﺪ اﻟﻔﺼﺢ، واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺠﺮة إﻟﻰ إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ، واﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ أرض اﻷﺟﺪاد.
ﻳﺘﻤﺤﻮر اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ »اﻟــﺸــﻌــﺐ اﻷﻓــﺮﻳــﻘــﻲ اﻟــﻌــﺒــﺮاﻧــﻲ اﻹﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻲ اﻷورﺷﻠﻴﻤﻲ« اﻟﺘﻲ أﺳﺴﻬﺎ ﺑﻦ ﻋﺎﻣﻲ، وﻗﺪ وﺿـــﻌـــﺖ ﻫـــــﺬه اﳌـــﺠـــﻤـــﻮﻋـــﺔ ﺧــﻄــﻄــﴼ ﻹﻧـــﺸـــﺎء دوﻟﺔ ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأوا ﺑﺮﺣﻠﺔ ﻣﻌﺎﻛﺴﺔ ﻣﻦ أﻣﻴﺮﻛﺎ إﻟﻰ ﻟﻴﺒﻴﺮﻳﺎ ﻗﺒﻞ ذﻫﺎﺑﻬﻢ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ. وﻓــﻲ ﻋــﺎم ٥٦٩١ ﺻــﺮح ﺑـﻦ ﻋـﺎﻣـﻲ ﻗــﺎﺋــﻼ: »إن إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﻫـﻲ أرض ﺗﺮاﺛﻨﺎ وﻟـﺬﻟـﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧـﺮﺟـﻊ إﻟﻴﻬﺎ اﻵن« )ص٠٥(. وﻗــﺪ ادﻋــﻰ ﺑﺄن اﻟﻠﻪ ﻗـﺪ أوﺣــﻰ إﻟﻴﻪ وأﻣـــﺮه ﺑـﻀـﺮورة اﻟﻌﻮدة إﻟــﻰ إﺳـﺮاﺋـﻴـﻞ ﻟﻴﻨﺸﺊ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻷرض ﺷـــﺮط أن ﻳـﺒـﻘـﻰ ﻓــﻲ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺮﻳـﺎ ﺛـــﻼث ﺳــﻨــﻮات وﻧــﺼــﻒ اﻟــﺴــﻨــﺔ ﺣــﺘــﻰ ﻳــﺘــﻄــﻬــﺮوا ﻣــﻦ اﻟـﻌـﻔـﻦ اﻟـــﺬي أﺻــﺎﺑــﻬــﻢ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻛــﺎﻧــﻮا ﻳـﻌـﻴـﺸـﻮن ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ. وﻗﺪ رﻓﻀﻮا ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻻت اﻻﻧﺪﻣﺎج واﻟــﺘــﺠــﻨــﺲ ﻷﻧــﻬــﻢ ﻋــﺒــﺮاﻧــﻴــﻮن إﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﻮن وﻳــﺘــﺤــﺮﻗــﻮن ﺷـــﻮﻗـــﴼ »ﻟـــﻠـــﻌـــﻮدة إﻟــــﻰ وﻃـﻨـﻬـﻢ اﻷم«. وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﺎدوا أﺻﻴﺒﻮا ﺑﺼﺪﻣﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻘﺪ أﺳﻜﻨﻮﻫﻢ ﻓـﻲ ﺻـﺤـﺮاء اﻟﻨﻘﺐ واﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، وﻟﻢ ﻳﺴﻤﺤﻮا ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ واﻟﺪراﺳﺔ ﻷﻧـﻬـﻢ ﻣﻘﻴﻤﻮن ﻏـﻴـﺮ ﺷـﺮﻋـﻴـﲔ، وﻟــﻢ ﺗﻌﺘﺮف رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺤﺎﺧﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﻴﻬﻮدﻳﺘﻬﻢ، وﻟﻢ ﺗﻤﻨﺢ ﻣﻮاﻟﻴﺪﻫﻢ اﻟﺠﺪد ﺷﻬﺎدات ﻣﻴﻼد. وﻣـﻊ ذﻟـﻚ ﻓﻘﺪ ﺷﺠﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﳌــﻔــﻜــﺮﻳــﻦ ﻋــــﻮدة اﻷﻓـــﺎرﻗـــﺔ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﲔ إﻟـﻰ اﻟﻘﺎرة اﻟﺴﻤﺮاء وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻐﺎﻧﻲ ﻧــﻜــﺮوﻣــﺎ اﻟـــــﺬي ّدﻋــــﺎ اﻟــﻐــﺎﻧــﻴــﲔ ﻟــﻠــﻌــﻮدة إﻟــﻰ اﻟــﺒــﻼد، ﻛﻤﺎ ﺣـــﺮض ﺑــﻮل ﻛــﻮﻓــﻲ، وﻫــﻮ أﺛــﺮي أﻣﻴﺮﻛﻲ أﻓﺮﻳﻘﻲ ﻓـﻲ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ ﻋـــﻮدة اﻷﻓــﺎرﻗــﺔ إﻟــﻰ ﺳــﻴــﺮاﻟــﻴــﻮن، ﻛـﻤـﺎ ﺷﺠﻊ إدوار وﻳﻠﻤﻮت ﺑﻼﻳﺪن إﻟﻰ ﻋﻮدة اﻷﻓﺎرﻗﺔ إﻟﻰ ﺑﻠﺪاﻧﻬﻢ اﻷﺻﻠﻴﺔ. وﺑﺎﳌﻘﺎﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻋﺎرض ﻓﻜﺮة اﻟﻌﻮدة وأﻳﺪ ﻓﻜﺮة اﻻﻧﺪﻣﺎج ﻣﻊ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﺑﻴﺾ أﻣﺜﺎل ﻓﺮدرﻳﻚ دوﻏﻼس وﻣﺎرﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ ﻛــﻨــﻎ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛـــﺎن ﺑــﻦ ﻋــﺎﻣــﻲ ﻳـﻄـﺎﻟـﺐ اﻹدارة اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﺔ ﺑـﻤـﺴـﺎﻋـﺪة اﻟــﺮاﻏــﺒــﲔ ﻓــﻲ اﻟــﻌــﻮدة اﻟﻄﻮﻋﻴﺔ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻠﻮا ﻣﻦ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺤﺔ ﻗـﺪرﻫـﺎ ﻣﻠﻴﻮن دوﻻر ﻹﻧﺸﺎء ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﺔ ﺑﻌﺪ أن واﻓﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ.
ﻛـــــــﺮس ﻫـــــــﺎدي ﺣـــﺴـــﻦ اﻟـــﻔـــﺼـــﻞ اﻟــﺜــﺎﻟــﺚ ﻟﻴﻬﻮد إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ »اﻟﻔﻼﺷﺎ«. وﺑﺤﺴﺐ اﻟﺮﺣﺎﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدي اﳌﻐﺎﻣﺮ إﻟــﺪاد ﻫﺎداﻧﻲ اﻟــﺬي ﺳﺎﻓﺮ إﻟﻰ ﻫﻨﺎك واﻟﺘﻘﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮد وذﻛﺮ ﺑﺄن ﻗﺒﻴﻠﺔ »دان« ﻗﺪ ﻫﺎﺟﺮت إﻟـﻰ إﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻟــﻢ ﺗــﺮد أن ﺗﺸﺘﺮك ﻓــﻲ اﻟــﺤــﺮب اﻷﻫـﻠـﻴـﺔ ﺑﻌﺪ وﻓــﺎة ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺑﻦ داود، ﻛﻤﺎ ﻫﺎﺟﺮت ﻣﻌﻬﺎ ﺛﻼث ﻗﺒﺎﺋﻞ أﺧﺮى وﻫﻲ ﻧﻔﺘﺎﻟﻲ وآﺷﺮ وﺟﺎد ﻏـﻴـﺮ أن رﺋــﺎﺳــﺔ اﻟـﺤـﺎﺧـﺎﻣـﻴـﺔ اﻋـﺘـﺒـﺮت ﻗﺒﻴﻠﺔ »دان« ﻣـﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ. وﻳﻌﺘﻘﺪ ﺟﺎك ﻓﻴﺘﻠﻮﻓﺘﺶ أن اﻟﻔﻼﺷﺎ ﻳﻬﻮد ﺣﻘﻴﻘﻴﻮن ﺑﺎﻟﺪم واﻟﻨﺴﺐ وﻟﻴﺴﻮا ﻣﺘﺤﻮﻟﲔ ﻛﻤﺎ ﻳﺮى اﻟﺒﻌﺾ. وﻛﻠﻤﺔ ﻓﻼﺷﺎ ﺗﻌﻨﻲ أﺟﺎﻧﺐ أو ﻣﻨﻔﻴﲔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﺠﻌﺰﻳﺔ، وﻫﻢ ﻳﺨﺘﻨﻮن أوﻻدﻫﻢ، وﻳﻠﺘﺰﻣﻮن ﺑﺄﺣﻜﺎم اﻟﺴﺒﺖ وﻗﻀﻴﺔ اﻟـﻄـﻬـﺎرة، وﻳﻌﺘﻘﺪ ﻗﺴﺴﻬﻢ »ﺑﺄن اﻹﺛﻴﻮﺑﻴﲔ ﻫﻢ اﻟﺸﻌﺐ اﳌﺨﺘﺎر ﺑـــﺪل اﻟــﻴــﻬــﻮد ﻷن اﻟــﺘــﺎﺑــﻮت ﻓــﻲ ﺣـﻤـﺎﻳـﺘـﻬـﻢ« )ص٥١١(. ﻳﺴﻜﻦ اﻟﻔﻼﺷﺎ ﻓﻲ ﻗـﺮى ﻣﻨﻌﺰﻟﺔ ﻋـﻨـﺪ اﻷﻧـــﻬـــﺎر وﻣـــﺼـــﺎدر اﳌـــﻴـــﺎه، وﻳﻤﺘﻬﻨﻮن اﻟـﺤـﺪادة وﺻﻨﺎﻋﺔ اﻷواﻧــﻲ اﻟﻔﺨﺎرﻳﺔ. وﺑﻤﺎ أن اﻟﺤﺪادﻳﻦ ﻣﺘﻬﻤﻮن ﺑﺎﻟﺴﺤﺮ ﻓﻘﺪ ﻧﺴﺠﺖ ﺣﻮﻟﻬﻢ اﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺘﺤﻮﻟﻮن ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ إﻟﻰ ﺿﺒﺎع ﺗﺄﻛﻞ اﻟﺠﺜﺚ ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﺮ. وﻳـﻘـﺪر ﻋـﺪدﻫـﻢ ﺑـﺤـﺪود ﻣﺎﺋﺘﻲ أﻟــﻒ ﻳﻬﻮدي وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻢ ﻧﻘﻠﻬﻢ إﻟﻰ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﻨﻬﻢ رﺋـﺎﺳـﺔ اﻟﺤﺎﺧﺎﻣﻴﺔ أن ﻳـﺘـﺰوﺟـﻮا ﻋﻠﻰ وﻓﻖ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷرﺛﻮدﻛﺴﻴﺔ، وأن ﻳﺮﺗﻤﺴﻮا ﺑﺎﳌﺎء، وأن ﻳــﺨــﺘــﺘــﻨــﻮا أﻣـــــﺎم اﻟــﺤــﺎﺧــﺎﻣــﲔ، وﻛــﺎﻧــﺖ أوﺿﺎﻋﻬﻢ اﻟﺴﻜﻨﻴﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ ﻣﺰرﻳﺔ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻓﻊ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﻼﻧﺘﺤﺎر.
ﻳـﺮﻛـﺰ اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ ﻓــﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟــﺮاﺑــﻊ ﻋﻠﻰ »اﻟﻴﻬﻮد اﻟﻴﺴﻮﻋﻴﲔ« Messianic Jews وﻻ ﻳﺘﺮﺟﻢ اﺳﻢ ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺣﺮﻓﻴﺔ وﻫﻲ »اﻟﻴﻬﻮد اﳌﺴﻴﺤﺎﻧﻴﲔ« ﻷن اﳌﻌﻨﻰ اﻷول أدق، ﻓـﻬـﻢ ﻳــﻬــﻮد وﻳــﺆﻣــﻨــﻮن ﺑﻌﻴﺴﻰ »اﻟــﻴــﺴــﻮع« ﻛﻨﺒﻲ وﻣﺨﻠﺺ وﻳﻨﺘﻈﺮ أﺗﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻇﻬﻮره اﻟﺜﺎﻧﻲ وﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﺴﻴﺤﴼ آﺧﺮ. وﻫﻨﺎك اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻮﻟﻮا ﻣـﻦ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ إﻟــﻰ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﻗــﺮأوا اﻟﻌﻬﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﺜﻞ اﳌﺒﺸﺮ ﻫﻨﺮي ﺷﺘﻴﺮن، واﻟـﺤـﺎﺧـﺎم اﳌـﺠـﺮي أﻏــﺎز ﻟﻴﻨﺨﺸﺘﺎﻳﻦ اﻟـﺬي دﻋﺎﻫﻢ ﻟﻺﻳﻤﺎن ﺑﻌﻴﺴﻰ دون أن ﻳﺘﺨﻠﻮا ﻋﻦ ﻳﻬﻮدﻳﺘﻬﻢ. ﻟﻜﻦ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺤﺎﺧﺎﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺑـﺎﳌـﺮﺻـﺎد ﻓــﺄﺻــﺪرت ﻋـﻘـﻮﺑـﺎت ﺻﺎرﻣﺔ ﺿــﺪ ﻛــﻞ ﻳــﻬــﻮدي ﻳـﺆﻣـﻦ ﺑﻌﻴﺴﻰ ﺗـﺼـﻞ إﻟـﻰ ﻃﺮده ﻣﻦ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ. ﻻ ﺗﺆﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑـﺎﻟـﺘـﺒـﺸـﻴــﺮ ﻟــﺬﻟــﻚ ﻳــﺘــﻨــﺎﻗــﺺ ﻋـــﺪدﻫـــﻢ ﻳـﻮﻣــﴼ ﺑــﻌــﺪ ﻳـــــﻮم. ﻳـﻌـﺘـﻘـﺪ اﻟــﻴــﺴــﻮﻋــﻴــﻮن »أن وﻋــﺪ اﻟﺮب ﻟﻠﻴﻬﻮد ﻛﺎن ﻗﺪ أﻟﻐﻲ ﺑﻤﺠﻲء اﻟﻴﺴﻮع ﻋــﻴــﺴــﻰ، وأن ﺷــﻌــﺐ اﻟـﻜـﻨـﻴـﺴـﺔ ﻫــﻮ اﻟـﺸـﻌـﺐ اﳌﺨﺘﺎر« )ص٣١٢(.
ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻨﻊ اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ ﺑـــﺘـــﺮﺟـــﻤـــﺔ ﻓــــﺮﻗــــﺔ Humanistic Judaism ﺑــــﺎﻟــــﻴــــﻬــــﻮدﻳــــﺔ اﻹﻧــــﺴــــﺎﻧــــﻴــــﺔ، ﺑـــــﻞ ﺗــﺮﺟــﻤــﻬــﺎ ﺑـ»اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ« ﻷن اﳌﻘﺼﻮد ﻫﻨﺎ »أن اﻟﺒﺸﺮ اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ أوﺟﺪوا ﻫﺬه اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ دون ﺗﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻖ« )ص٥٢٢(. وﻳﻌﺘﺒﺮ أﺗﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ أن اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻟﻴﺴﺖ دﻳﻨﴼ، ﻛﻤﺎ ﻳﻨﺘﻘﺪون اﻟﺘﻮراة ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻷن ﻗﺼﺼﻬﺎ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ، وﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ اﻻرﺗﺒﺎك واﻟﺘﺸﻮﻳﺶ، وأن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻫﻲ ﻧﺘﺎج اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻴﻬﻮدي وﻟﻴﺲ ﻧﺘﺎج اﻟﺘﻮراة. وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل »إن اﻟﺘﻮراة ﻫﻲ ﻛﺘﺎب أدﺑﻲ وﺣــﻘــﻬــﺎ أن ﺗــﻮﺿــﻊ ﻓـــﻲ ﻣــﻜــﺎن ﻣــﺸــﺮف ﻓﻲ ﻣﺘﺤﻒ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ« )ص١٣٢(.
أﻣــﺎ اﻟﻔﺼﻞ اﻟـﺴـﺎدس واﻷﺧـﻴـﺮ ﻓﻴﺴﻠﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻜﻮﻳﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﻞ اﻟﻌﺒﺮي ﻟﻠﻌﻘﻴﺪة اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﺗﺮى أن ﺑﻨﺎء ﻣﻌﺒﺪ اﻟﺸﻨﺘﻮ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻋﻦ ﺷﻜﻞ اﳌﻌﺒﺪ اﻟﻴﻬﻮدي. ﻻ ﻳﺘﺰوج أﺗﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺧﺎرج ﻓﺮﻗﺘﻬﻢ وﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄﻧﻬﻢ أﺣﻔﺎد ﻗﺒﻴﻠﺔ زﺑﻮﻟﻮن، وﻫﻲ إﺣﺪى ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ. وﻳﻌﺘﻘﺪ إﻳﻜﻮرو ﺗﺸﻴﻤﺎ، ﻣـــﺆﺳـــﺲ ﻫــــﺬه اﻟــﻔــﺮﻗــﺔ ﺑــــﺄن »ﺳـــــﻮر اﻟــﺼــﲔ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻗﺪ ﺑﻨﺎه ﻳﻬﻮد اﻟﺸﺘﺎت« )ص٦٦٢(. ﻟﻢ ﻳﺸﺮ اﻟﺒﺎﺣﺚ إﻟـﻰ ﻓـﺮق ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﻣــﺜــﻞ اﻟـــﻘـــﺮاﺋـــﲔ، واﻟـــﺪوﻧـــﻤـــﺔ، واﻟــﺤــﺴــﻴــﺪﻳــﻢ، واﻟﺤﺮﻳﺪﻳﻢ ﻷﻧـﻪ أﺻــﺪر ﻛﺘﺒﴼ ﻋﻨﻬﺎ. ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ اﻟﻔﺮق اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ واﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ أﺑﺤﺎث ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻣﻄﻮﻟﺔ.
اﳌﻌﻠﻮﻣﺔ اﳌﺜﲑة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺴﻮد ﻣﻦ ﻧﺴﻞ اﻟﻌﱪاﻧﻴﲔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ اﻟﺸﻌﺐ اخملﺘﺎر وﻗﺪ اﺻﻄﻔﺎﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻷﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺴﻞ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وإﺳﺤﻖ وﻳﻌﻘﻮب