ﻓﺘﺎة ﺻﻐﻴﺮة ﺟﺎﺳﻮﺳﺔ ﺗﻀﺮب اﳌﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺸﺠﺎﻋﺔ
ﺗـــﻮﻓـــﻴـــﺖ اﻷﺳــــﺒــــﻮع اﳌـــﺎﺿـــﻲ ﻓـــﻲ ﻓــﺮﻧــﺴــﺎ، ﺟــﻴــﻨــﻲ روﺳـــــﻮ دي ﻛــﻼرﻳــﻨــﺲ، اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻌـﺪ أﺣـــﺪ أﺑــﺮز اﻟـــﺠـــﻮاﺳـــﻴـــﺲ ﻓــــﻲ زﻣـــــﻦ اﻟـــﺤـــﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻋـﻦ ﻋﻤﺮ ﻧﺎﻫﺰ ٨٩ ﻋﺎﻣﴼ. وﺷﺄن ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﳌــﺨــﺎﺑــﺮات، ﻛـﺎﻧـﺖ ﺟﻴﻨﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﻮﻫﺒﺔ دﻓـﻊ اﻟﻨﺎس إﻟـﻰ اﻟﺒﻮح؛ ﻟﻜﻦ ﺟﻴﻨﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟـﻚ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺤﻠﻰ ﺑــﺸــﺠــﺎﻋــﺔ ﻣـﻨـﻘـﻄـﻌـﺔ اﻟــﻨــﻈــﻴــﺮ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺪو.
ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺟﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺳﺮﻗﺔ أﺣﺪ أدق أﺳـــــﺮار اﻟـــﺤـــﺮب، وﻛــــﺎن ذﻟــﻚ اﻟﺴﺮ ﻫﻮ ﺧﻄﻂ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻟﺘﺼﻨﻴﻊ واﺧﺘﺒﺎر ﻗﻨﺎﺑﻞ »ﻓﺎو ١« و»ﻓﺎو ٢« اﻟﺼﺎروﺧﻴﺔ، ﺑﺠﺰﻳﺮة ﺑﻴﻨﻴﻤﻨﻮد اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ.
وﻛـــــﺸـــــﻒ ﺟـــﻴـــﻤـــﺲ وﻟــــﺴــــﻲ، ﻣـــــﺪﻳـــــﺮ وﻛــــــﺎﻟــــــﺔ اﻻﺳــــﺘــــﺨــــﺒــــﺎرات اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ )ﺳـﻲ آي إﻳـﻪ( ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟــﻮﻗــﺖ، ﺧــﻼل ﺣـﻔـﻞ ﺧــﺎص أﻗﻴﻢ ﻓﻲ أﻛﺘﻮﺑﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( ٣٩٩١ ﻟـﺘـﻜـﺮﻳـﻢ ﺟـﻴـﻨـﻲ، ﻋــﻦ أن ذﻛــﺎءﻫــﺎ ﺷﺠﻊ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﻒ اﻟــﺠــﺰﻳــﺮة، ﻣــﺎ ﺗـﺴـﺒـﺐ ﻓــﻲ إﻳـﻘـﺎف اﻟــﺒــﺮﻧــﺎﻣــﺞ، وﺳـــﺎﻋـــﺪ ﻓـــﻲ »إﻧــﻘــﺎذ آﻻف اﻷرواح ﻓﻲ اﻟﻐﺮب«.
ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻴﻨﻲ ﺗﺘﺤﺪث اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﺑﻄﻼﻗﺔ، وﻓـﻲ ﻋـﺎم ٣٤٩١ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣـﻦ اﺳﺘﻨﺒﺎط اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻷوﻟــﻰ ﻋــــﻦ ﺑـــﺮﻧـــﺎﻣـــﺞ اﻟـــــﺼـــــﻮارﻳـــــﺦ، ﻣــﻦ ﺧـــــﻼل ﺑـــﻌـــﺾ اﻟـــﻀـــﺒـــﺎط اﻷﳌـــــﺎن اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺎﻣﺖ ﻣﻌﻬﻢ ﺻﺪاﻗﺎت ﻓﻲ ﺑــﺎرﻳــﺲ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ، ﺛﻢ واﺻـﻠـﺖ ﺳﺤﺐ اﻟـﺨـﻴـﻮط إﻟــﻰ أن أﳌﺖ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ.
وﺧﻼل ﻟﻘﺎﺋﻲ ﺑﻬﺎ ﻋﺎم ٨٩٩١، ﺣــﻜــﺖ ﻟـــﻲ ذﻛـــﺮﻳـــﺎت ﺗــﻠــﻚ اﻷﻳـــــﺎم، ﻗﺎﺋﻠﺔ: »ﻛﻨﺖ ﻓﺘﺎة ﺻﻐﻴﺮة ﺗﺠﻠﺲ ﻣــﻌــﻬــﻢ، وﻟــــﻢ أﻛــــﻦ أﻗــــــﺎوم اﻟــﺮﻏــﺒــﺔ ﻓـــﻲ ﺳــﻤــﺎع ﻣـــﺎ ﻳـــﻘـــﺎل، وﺣــﺘــﻰ ﻣﺎ ﻟــﻢ ﻳـﻘـﻮﻟـﻮه ﻛـﻨـﺖ أدﻓـﻌـﻬـﻢ ﻟﻠﺒﻮح ﺑـﻪ. ﻛﻨﺖ أﻏﻴﻈﻬﻢ وأﺳﺨﺮ ﻣﻨﻬﻢ وأﻧــﻈــﺮ إﻟـﻴـﻬـﻢ ﺑـﻌـﻴـﻮن ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ. ﻛــﻨــﺖ أراﻫــــــﻢ ﻛــﺎﳌــﺠــﺎﻧــﲔ ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻳــﺘــﺤــﺪﺛــﻮن ﻋـــﻦ اﻟـــﺴـــﻼح اﳌــﺬﻫــﻞ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﻟــﺬي ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻄﻴﺮان ﳌﺴﺎﻓﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ، وﺑﺴﺮﻋﺔ ﺗﻔﻮق اﻟــــﻄــــﺎﺋــــﺮات ﺑــﻜــﺜــﻴــﺮ. ﻛـــﻨـــﺖ أردد ﻟـﻬـﻢ: ﻣـﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ أن ﻳـﻜـﻮن ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻟﻮﻧﻪ ﻟﻲ ﺣﻘﻴﻘﻴﴼ. ﻛﺮرﺗﻬﺎ ٠٠١ ﻣﺮة«.
وﻓــــــــﻲ اﻟــــﻨــــﻬــــﺎﻳــــﺔ ﻗــــــــﺎل أﺣــــﺪ اﻷﳌــــــــــــﺎن، ﻓـــــﻲ ﻣــــﺤــــﺎوﻟــــﺔ ﻹﻗـــﻨـــﺎع اﻟــــﻔــــﺘــــﺎة اﻟـــﻔـــﺮﻧـــﺴـــﻴـــﺔ اﻟــﺠــﻤــﻴــﻠــﺔ ﺑـــﺼـــﺤـــﺔ ﻣــــــﺎ ﻳــــــﻘــــــﻮل: »ﺳـــــﺄدﻋـــــﻚ ﺗــﺮﻳــﻦ ﺑـﻨـﻔـﺴـﻚ«. وﻋـــﺮض اﻟـﺮﺟـﻞ
ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﺄ ﺟﻴﲏ أن ﲣﱪﻧﻲ ﺑﻪ ﰲ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ اﻷول وﺣﱴ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ﻟﻘﺎءاﺗﻨﺎ ﻫﻮ ﺣﺠﻢ اﳌﻌﺎﻧﺎة اﻟﱵ ﻋﺎﺷﺘﻬﺎ
أﻣــﺎﻣــﻬــﺎ وﺛــﻴــﻘــﺔ ﺗــﻮﺿــﺢ ﺟــﺰﻳــﺮة ﺑﻴﻨﻴﻤﻮﻧﺪ، واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ذاﻛﺮﺗﻬﺎ اﻟﻔﻮﺗﻮﻏﺮاﻓﻴﺔ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء، وﻗـــــﺎﻣـــــﺖ ﺑــــــﺈرﺳــــــﺎل اﳌـــﻌـــﻠـــﻮﻣـــﺎت إﻟـــــــﻰ ﻟـــــﻨـــــﺪن ﻣـــــﻦ ﺧـــــــﻼل ﺿـــﺎﺑـــﻂ اﻻﺳــــﺘــــﺨــــﺒــــﺎرات اﻟـــــــﺬي ﻳــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣﻌﻬﺎ.
ﻛــﺎن اﺳــﻢ ﺟﻴﻨﻲ روﺳـــﻮ دي ﻛــﻼرﻳــﻨــﺲ اﻟــﺤــﺮﻛــﻲ »أﻣــﻨــﻴــﺎري« وﻛـﺎﻧـﺖ ﺟــﺰءﴽ ﻣـﻦ ﺣﻠﻘﺔ ﺗﺠﺴﺲ ﺑــﺮﻳــﻄــﺎﻧــﻴــﺔ ﻓـــﻲ ﺑـــﺎرﻳـــﺲ، ﺗـﻌـﺮف ﺑﺎﺳﻢ »درودز«. وﻛﺎن ﺑﺮوﻓﻴﺴﻮر ﺳــﺎﺑــﻖ ﻓــﻲ اﻟــﺮﻳــﺎﺿــﻴــﺎت ﻣــﻦ ﻗــﺎم ﺑﺘﺠﻨﻴﺪﻫﺎ ﻋﺎم ١٤٩١، ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﻤﺎ وﺻﻔﻪ ﺑـ »اﳌﻬﺎم اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ«. ﻛﺎﻧﺖ ﺗـﺘـﺠـﺴـﺲ ﻋــﻠــﻰ اﻷﳌـــــﺎن ﺑــﺼــﻮرة ﻏﻴﺮ رﺳﻤﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻏﺰوﻫﻢ ﻟﻔﺮﻧﺴﺎ ﻋـــﺎم ٠٤٩١، ﺑـﺘـﻤـﺮﻳـﺮ اﳌـﻌـﻠـﻮﻣـﺎت ﻟﻮﺳﻄﺎء ﻓﺮﻧﺴﻴﲔ.
ﻛــﺎن ﻋﻤﻠﻲ ﻣـﻊ ﺟﻴﻨﻲ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺳﻬﻮﻟﺔ وﻳﺴﺮ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﺳﻬﻞ ﻣـــﻦ ﻏـــﻴـــﺮﻫـــﺎ. ﻓــﻔــﻲ اﳌــــــﺮة اﻷوﻟـــــﻰ اﻟــــﺘــــﻲ أﺟـــــﺮﻳـــــﺖ ﻣـــﻌـــﻬـــﺎ ﻣــﻘــﺎﺑــﻠــﺔ ﺻﺤﺎﻓﻴﺔ ﻋﺎم ٨٨٩١، »ﺳﺎر اﻟﻠﻘﺎء ﺑـــﺴـــﻼﺳـــﺔ«. ﻟــــﻢ ﺗـــﻜـــﻦ ﻗــــﺪ اﻟــﺘــﻘــﺖ ﺑﺼﺤﺎﻓﻲ ﻣــﻦ ﻗـﺒـﻞ، ﻟـﻜـﻦ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻗـﺎﺑـﻠـﺘـﻬـﺎ ﻋــﻦ ﻃــﺮﻳــﻖ ﻣــﺪﻳــﺮ »ﺳـﻲ آي إﻳﻪ« اﻟﺴﺎﺑﻖ اﻟﺬي ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻟﻲ، ﺗﺪﻓﻘﺖ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻘﺼﺔ وواﺻﻠﺖ ﺟﻴﻨﻲ اﻟﺴﺮد ﺣﺘﻰ ﺻﺒﺎح اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ. وﻧﺸﺮت ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻘﺼﺔ اﳌـــﺪﻫـــﺸـــﺔ، ﻟــﻜــﻦ ﺣــﻴــﺎﺗــﻬــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ أﺳﻌﺪ ﻓـﻲ اﻟـﻈـﻞ. وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻬﺎ ﻛــﺮرت ﺳـﺮد اﻟـﺮواﻳـﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﺮة أﺧﺮى. ﻛﺎﻧﺖ اﻣﺮأة ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟﺒﻘﺔ وأﻧــﻴــﻘــﺔ وﻛــﺄﻧــﻬــﺎ ﻧــﺠــﻤــﺔ ﺳﻴﻨﻤﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﻛﺎن ﻋﻤﻴﻘﴼ وذا ﻧﺒﺮة ﻣﺘﻨﺎﻓﺮة أﺣﻴﺎﻧﴼ.
ﺧﻼل إﺣﺪى زﻳﺎراﺗﻲ اﻟﻼﺣﻘﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﻪ، أﺧﺎﻓﺖ ﺟﻴﻨﻲ إﺣــــﺪى ﺑــﻨــﺎﺗــﻲ، ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﺗـﺤـﺪﺛـﺖ ﺑﻨﺒﺮة اﻟــﺼــﻮت اﻟﺨﺸﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻗﺎﺋﻠﺔ: »إن ﻟﻢ ﺗﺤﻀﺮي ﻟﻲ ﺷﺮاﺑﴼ اﻵن، ﺳﺄﺳﺘﺸﻴﻂ ﻏﻀﺒﴼ ﻣﻨﻚ«.
وﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺸﺄ ﺟﻴﻨﻲ أن ﺗﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑــﻪ ﻓــﻲ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ اﻷول، وﺣـﺘـﻰ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻟﻘﺎء اﺗﻨﺎ اﻟﻼﺣﻘﺔ، ﻫﻮ ﺣﺠﻢ اﳌـــﻌـــﺎﻧـــﺎة اﻟــﺘــﻲ ﻋــﺎﺷــﺘــﻬــﺎ. ﻓﺒﻌﺪ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ ﺗﻘﺎرﻳﺮﻫﺎ ﻋﻦ اﻟﻘﻨﺎﺑﻞ اﻟﺼﺎروﺧﻴﺔ، ﻋﻤﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻘﺪاﻣﻬﺎ ﻟﻠﻨﺪن ﻻﺳﺘﺠﻮاﺑﻬﺎ. وﺑــــﺎﻟــــﻔــــﻌــــﻞ ﺟــــــــﺮت اﻟـــﺘـــﺮﺗـــﻴـــﺒـــﺎت ﻹﺟـﻼﺋـﻬـﺎ ﻋـﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ ﺑـﺮﻳـﺘـﻨـﻲ اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻴــﺔ، ﻓﻲ رﺑﻴﻊ ﻋــﺎم ٤٤٩١؛ ﻟﻜﻦ ﻛــﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﻦ أوﺷﻰ ﺑﻬﺎ ﻟﻸﳌﺎن ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﺸﺎﻃﺊ، وﻗﻀﺖ اﻟﻌﺎم اﻷﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب ﻣﺘﻨﻘﻠﺔ ﺑــــﲔ ﺛـــﻼﺛـــﺔ ﻣـــﻌـــﺴـــﻜـــﺮات اﻋــﺘــﻘــﺎل ﻧﺎزﻳﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺒﺸﺎﻋﺔ.
وﻋــــﻨــــﺪﻣــــﺎ ﺗـــﻤـــﻜـــﻦ اﻟــﺼــﻠــﻴــﺐ اﻷﺣﻤﺮ اﻟﺴﻮﻳﺪي ﻣﻦ إﻧﻘﺎذﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ وﺷـﻚ اﳌﻮت ﺟــﻮﻋــﴼ وﺑـﺴـﺒـﺐ اﳌــﻌــﺎﻧــﺎة ﻣــﻦ داء اﻟﺴﻞ، ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻸﳌﺎن ﻣﻄﻠﻘﴼ ﻋـﻦ أي ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺳﺮﻗﺘﻬﺎ وﺳﺮﺑﺘﻬﺎ ﻋﻨﻬﻢ.
وﻋﻨﺪﻣﺎ دﻓﻌﺘﻬﺎ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﻗﻀﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻌﺴﻜﺮات اﻻﻋﺘﻘﺎل، ارﺗﻌﺶ ﺻﻮﺗﻬﺎ وﺑﺎﺗﺖ ﻧــﺒــﺮﺗــﻪ ﻏــﻴــﺮ ﻣــﻨــﺘــﻈــﻤــﺔ، وﻛــﺄﻧــﻬــﺎ ﺗـﺘـﺄﻟـﻢ ﻣــﻦ ﻣــﺠــﺮد اﺳــﺘــﺪﻋــﺎء ﺗﻠﻚ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت؛ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺬﻛﺮ أﻧــﻬــﺎ اﻟــﻮﺣــﻴــﺪة اﻟــﺒــﺎﻗــﻴــﺔ ﺑــﻌــﺪ أن ﻣـــــﺎت ﻛـــﺜـــﻴـــﺮون ﻏـــﻴـــﺮﻫـــﺎ. ﻗـــﺎﻟـــﺖ: »ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب أﺳـﺪل اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻠﻰ ذﻛــﺮﻳــﺎﺗــﻲ«، وﺑـﻌـﺪ ﻣـﻌـﺎﻧـﺎة، وﻓﻲ ﻛــﻠــﻤــﺎت ﻣــﺘــﻮاﺿــﻌــﺔ ﻗــــﺎﻟــــﺖ: »ﻣــﺎ ﻗﺪﻣﺘﻪ ﻛــﺎن ﻗﻠﻴﻼ، ﻓﻬﻨﺎك ﻏﻴﺮي ﻣﻤﻦ ﻗﺪﻣﻮا اﻟﻜﺜﻴﺮ. ﻟﻢ أﻛﻦ ﺳﻮى ﻟﺒﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء«.
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ، اﻟﻐﻤﻮض اﻟﺬي ﻳﻜﺘﻨﻒ ﻗﺼﺔ ﺟﻴﻨﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ أﻳﻦ أﺗــــﺖ ﺑــﻜــﻞ ﺗــﻠــﻚ اﻟــﺸــﺠــﺎﻋــﺔ؟ ﳌـــﺎذا ﻓﻌﻠﺖ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﲔ آﺛﺮ ﻏﻴﺮﻫﺎ اﻟﺴﻼﻣﺔ؟ ﻫﻨﺎ ﻫﺰت ﺟﻴﻨﻲ رأﺳﻬﺎ وﻛﺄﻧﻨﻲ أﺳﺄت اﻟﻔﻬﻢ، وﻗﺎﻟﺖ: »ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﻴﺎرﴽ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻣﻔﺮ. ﻓﻔﻲ ذﻟـﻚ اﻟﻮﻗﺖ اﻋﺘﻘﺪﻧﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻤﻮت ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ. اﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺪاﺧﻠﻲ ﻫﻮ: ﻛﻴﻒ ﻟﻲ أﻻ أﻓﻌﻞ ذﻟﻚ«؟
ﻛــــــــــﺎﻧــــــــــﺖ ﺟـــــــﻴـــــــﻨـــــــﻲ اﻣــــــــــــــــﺮأة اﺳــﺘــﺜــﻨــﺎﺋــﻴــﺔ، وﺑــﺎﻟــﻔــﻌــﻞ ﺷــﻌــﺮت ﺑﺴﻌﺎدة ﻛﺒﻴﺮة؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺎﻋﺪﺗﻨﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻨﻄﺎﻗﻬﺎ وﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺴﺮد اﻟـــﻘـــﺼـــﺔ أﻣــــﺎﻣــــﻲ، ﺣـــﺘـــﻰ ﻳــﻘــﺮأﻫــﺎ اﻟﻨﺎس وﻳﺴﺘﺤﻀﺮوا ﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ داﺋﻤﴼ.
* ﺧﺪﻣﺔ »واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ«