اﻟﻄﻮﻓﺎن ﰲ اﳌﺪﻳﻨﺔ
ﻻ أﺷــﺎﻫــﺪ »أﻓــــﻼم اﻟـــﺮﻋـــﺐ« ﻋــﻠــﻰ اﻹﻃـــــﻼق. وﻻ أﺧــﺒــﺎر اﻟــﻜــﻮارث اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ واﳌـﺠـﺎﻋـﺎت. وﻋﻨﺪ اﻻﺿــﻄــﺮار، اﺧﺘﺎر أن أﻗﺮأ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺪل ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺼﻮر. ﻟﻜﻨﻨﻲ أﻣﻀﻴﺖ اﻷﻳﺎم اﻷﺧــﻴــﺮة أﺷـﺎﻫـﺪ ﻃــﻮال اﻟـﻮﻗـﺖ أﺧـﺒـﺎر اﻟـﻄـﻮﻓـﺎن اﻟــﺬي ﻏﻤﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻫﻴﻮﺳﱳ، راﺑﻊ أﻛﺒﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﻣﻴﺮﻛﻴﺔ.
ﺛﻢ ﻟﻢ أﻋـﺪ أدري إن ﻛﻨﺖ ﻣﻬﺘﻤﴼ ﺑﺄﺣﻮال اﻟﻨﺎس ﻫﻨﺎك أم ﺑﺎﻟﺘﻐﻄﻴﺔ اﻟـﺨـﺎرﻗـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻘـﻮم ﺑﻬﺎ اﻟـﻌـﺸـﺮات ﻣـﻦ ﻓﺮق »ﺳﻲ إن إن«. واﻛﺘﺸﻔﺖ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف، أن ﻋﺎﳌﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻋﺒﻮدﻳﺔ ﺗﻠﻔﺰﻳﻮﻧﻴﺔ. ﺗﺎﺑﻌﺖ اﳌﺸﺎﻫﺪ ﻣﺜﻞ ﻃﻔﻞ ﻣﺬﻫﻮل ﻻ ﻣﺜﻞ ﺻﺤﺎﻓﻲ ﻗﺪﻳﻢ. ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺗﺤﺖ ُزخ اﻷﻣﻄﺎر إﻟﻰ ﺑﺤﺮ ﻋﺎﺋﻢ ﺗﺘﻨﻘﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﳌﺮاﻛﺐ، وﺗﻨﺘﺸﻞ ﺑﻄﺎﺋﺮات اﻟﻬﻠﻴﻜﻮﺑﺘﺮ.
٤٤ ﻗﺘﻴﻼ ﺣﺘﻰ اﻵن. وﻓـﻲ ﻓﻴﻀﺎن ﻣﻮﻣﺒﺎي ٤٤ ﻗﺘﻴﻼ ﻓﻲ اﻧﻬﻴﺎر ﺑﻨﺎﻳﺔ واﺣﺪة. واﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت ﺗﻌﻢ أﺟﺰاء ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻟﻜﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ ٠١ ﺳﺎﻋﺎت ﺗﻐﻄﻴﺔ ﻟﻄﻮﻓﺎن ﻫﻴﻮﺳﱳ، ٠١ دﻗﺎﺋﻖ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت اﻷﺧـﺮى. وﻟﻴﺲ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ ﺟﺪﻳﺪ.
ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺷﺎرع اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ »ﻓﻠﻴﺖ ﺳﺘﺮﻳﺖ« ﻗﺎﻋﺪة ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻓﻲ اﻷوﻟﻮﻳﺎت ﺗﻘﻮل: »ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻲ ﺑﺎﺗﻨﻲ )ﺿﺎﺣﻴﺔ ﻟﻨﺪﻧﻴﺔ( ﻳﺴﺎوي ٠١ ﻗﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ. ٠٠١ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻳﺴﺎوون أﻟﻒ ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ، و٠١ آﻻف ﻗﺘﻴﻞ ﻓﻲ اﻟﺼﲔ«، وﺳﻮف ﻳﻜﻮن اﳌﻘﻴﺎس ﻧﻔﺴﻪ إذا ﻧﻈﺮت إﻟﻰ اﻷﻣﻮر ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪ أو ﻣــﻦ ﺗـﺮﻛـﻴـﺎ. وإذا وﻗــﻊ ﻗﺘﻴﻞ ﻓــﻲ ﺑـﺎﺗـﻨـﻲ، ﻓﻠﻦ ﺗــﺬﻛــﺮه أي ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺑﺎرﻳﺴﻴﺔ.
ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ أﻧﺖ. ﻟﻜﻦ اﻟﻔﺎرق أﻧﻪ ﻟﻮ ﺿﺮب »ﻫﺎرﻓﻲ« اﻟﻬﻨﺪ، ﻓﺴﻮف ﻳﻜﻮن ﺿﺤﺎﻳﺎه ﺑــﺎﻵﻻف، ﻓﻲ ﺣﲔ ﺿﺒﻄﺖ اﳌﺎﻛﻴﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﺪد ﺿﺤﺎﻳﺎه ﻓﻲ ﻫﻴﻮﺳﱳ. ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻓﺮق اﻹﻧﻘﺎذ ﻣﻦ اﻟﺤﺮس اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﺠﻴﺶ واﻟﺒﺤﺮﻳﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﻮى اﳌﺤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺮﻃﺔ وإﻃﻔﺎء وإﺳﻌﺎف وﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻧﺰل إﻟﻰ اﻟﺸﻮارع اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺑﺤﻴﺮات، أﻟﻮف اﳌﺘﻄﻮﻋﲔ.
ﻛﻴﻒ ﻛﺎن اﳌﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن وﺑﻨﻐﻼدﻳﺶ واﻟﻬﻨﺪ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺴﻪ؟ اﻟﻔﻘﺮ ﻳﺸﻞ اﻟﻘﻮى، واﻷﻛﻮاخ ﻻ ﺗﺼﻤﺪ ﻟﻠﺮﻳﺢ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻺﻋﺼﺎر. وﻛـﺎن ﺷﺎﻋﺮ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎل ﻓﻴﺮﻧﺎﻧﺪو ﺑﻴﺴﻮا ﻳﻘﻮل: اﻟﺮﻳﺢ ﺗﻌﺜﺮ دوﻣﴼ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎن ﺗﻬﺐ ﻣﻨﻪ.
ﺳﻮف ﺗﻜﻠﻒ ﳌﻠﻤﺔ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ﻓﻲ ﻫﻴﻮﺳﱳ ﻧﺤﻮ ٥٢١ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر. ﻓﻲ ﻳﻮم واﺣﺪ ﻓﻘﻂ زﺧﺖ اﻷﻣﻄﺎر ﻋﻠﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ﻟﺘﺮ ﻣﻦ اﳌﻴﺎه. وﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻛﺜﻴﺮﴽ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﳌﺎل. ﺗﻜﻠﻔﺔ إﻋﺎدة اﻹﻋﻤﺎر ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ ﺿﻌﻒ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ. ﻃﻮﻓﺎن ﻣﻦ اﻟﺮﻛﺎم واﻟﺪﻣﺎء واﻟﻐﺒﺎر واﻟﺘﺸﺮد. وﻻ ﻧﻌﺮف أﻳﻦ ﺳﻴﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﳌﺎل. ﻓﺎﳌﺎل اﻟﺬي ﻳﺴﻬﻞ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻫﻮ ﻓﻘﻂ ﻣﺎل اﳌﻮت واﻟﺪﻣﺎر.