اﻟﺘﻐﻴﺮات اﳌﻨﺎﺧﻴﺔ ﻓﻲ أﻋﲔ ﻋﻠﻤﺎء اﳌﻨﺎخ
ﻓــﻲ إﻃــــﺎر ﺣــﺪﻳــﺚ ﺟـــﺮى ﻣﻌﻪ ﻓــﻲ اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻷﺧــﻴــﺮة ﺣــﻮل ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﳌـــــﻘـــــﻴـــــﺎس« ،(Scale) وﺻــــﻒ اﻟــــﻔــــﻴــــﺰﻳــــﺎﺋــــﻲ ﺟــــﻴــــﻔــــﺮي وﻳـــﺴـــﺖ اﻟــﺘــﻐــﻴــﺮات اﳌـﻨـﺎﺧـﻴـﺔ ﺑـﺄﻧـﻬـﺎ ﻧﻤﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ - ﺧﻠﻞ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﺜﻤﻦ ﻟـﻠـﻨـﻈـﺎم واﻟــﻄــﺎﻗــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻨـﻄـﻮي ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌــﺪن. وﻣــﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه، ﻻ ﺗــﻌــﺘــﺒــﺮ اﻟـــﺘـــﻐـــﻴـــﺮات اﳌــﻨــﺎﺧــﻴــﺔ ﻣﺠﺮد ﺗﻌﺒﻴﺮ ﻟﻄﻴﻒ ﻋـﻦ ﻇﺎﻫﺮة اﻻﺣـﺘـﺒـﺎس اﻟــﺤــﺮاري، وإﻧـﻤـﺎ ﻫﻲ ﻣـﺼـﻄـﻠـﺢ أوﺳــــﻊ ﻳـﻌـﻜـﺲ اﻟـﻨـﺤـﻮ اﻟـﻌـﺸـﻮاﺋـﻲ اﻟـــﺬي ﻳﺘﻌﺬر اﻟﺘﻜﻬﻦ ﺑﻪ ﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﻟﺘﻐﻴﺮات اﳌﻨﺎﺧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﳌﺤﻴﻄﺎت واﳌﻨﺎخ.
ﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧـﺮ، ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﻜﻮن ﻣﺤﻈﻮﻇﲔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻌﺎﻳﻦ زﻳــﺎدة ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺘﻮﺳﻂ درﺟﺔ ﺣﺮارة اﻷرض. ﺑـــــﺪﻻ ﻋـــﻦ ذﻟـــــﻚ، ﻧــﻌــﺎﻳــﻦ ﺗــﻐــﻴــﺮات ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻋـﺸـﻮاﺋـﻴـﺔ ﻓــﻲ اﻷﻧـﻤـﺎط اﳌﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻔﻬﺎ اﻟﻨﺎس ﻟﻘﺮون.
ﻋــﻠــﻰ ﺳــﺒــﻴــﻞ اﳌـــﺜـــﺎل، دﻋــﻮﻧــﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻔﺮﺿﻴﺎت اﳌﺜﻴﺮة اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎرﺗﻔﺎع درﺟﺎت ﺣــــﺮارة اﻷرض: إﻧــﻬــﺎ ﺳﺘﺘﺴﺒﺐ ﻓـﻲ ﺗﺒﺎﻃﺆ أﻧـﻤـﺎط ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺮﻳﺎح اﻟــﺘــﻲ ﻋـــﺎدة ﻣــﺎ ﺗـﻨـﻘـﻞ اﻟـﻌـﻮاﺻـﻒ ﻣـــﻦ ﻣــﻜــﺎن ﻵﺧــــﺮ، ﻣـــﺎ ﻳــــﺆدي إﻟــﻰ إﻃﺎﻟﺔ أﻣﺪ ﻓﺘﺮات ﻫﻄﻮل اﻷﻣﻄﺎر وﻛــــﺬﻟــــﻚ اﻟــــﺠــــﻔــــﺎف. وﻗــــــﺪ وردت إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـــﻦ اﻟــﻜــﺘــﺎﺑــﺎت اﻟــﻌــﻠــﻤــﻴــﺔ وﻛــﺬﻟــﻚ ﻣﺠﻠﺔ »ﺳﺎﻳﻨﺘﻴﻔﻴﻚ أﻣــﻴــﺮﻛــﺎن«، ﻟﻜﻦ ﻣﺜﻠﻤﺎ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر اﳌﺜﻴﺮة ﺑﺎﳌﺠﺎل اﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻟــﻢ ﺗــﻠــﻖ ﻫـــﺬه اﻟــﻔــﻜــﺮة ﺑـﻌـﺪ ﻗـﺒـﻮﻻ واﺳـــﻊ اﻟـﻨـﻄـﺎق، ذﻟــﻚ أن اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺪاﻋﻤﺔ ﻟﻬﺎ.
إﻻ أﻧـــــﻪ ﺑــﺎﻟــﻨــﺴــﺒــﺔ ﻟــﻠــﻌــﻠــﻤــﺎء اﻟــﺬﻳــﻦ اﻫــﺘــﻤــﻮا ﺑــﺪراﺳــﺔ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﺗـــﺒـــﺎﻃـــﺆ ﺣـــﺮﻛـــﺔ اﻟــــــﺮﻳــــــﺎح، ﻳـﺒـﻘـﻰ إﻋــــﺼــــﺎر ﻫــــﺎرﻓــــﻲ ﺣــــﺎﻟــــﺔ ﻣــﺜــﻴــﺮة ﻟــﻼﻫــﺘــﻤــﺎم. وﻣــــﻦ ﺑـــﲔ اﻷﺳـــﺒـــﺎب وراء اﻟﺪﻣﺎر اﻟﻬﺎﺋﻞ اﻟﺬي ﺳﺒﺒﻪ أن ﺳﺮﻋﺘﻪ ﺗﺒﺎﻃﺄت ﻓـﻮق ﻫﻴﻮﺳﱳ. ﻛـــﺎﻧـــﺖ اﻟــﻌــﺎﺻــﻔــﺔ ﻗـــﺪ ﺣــﻮﺻــﺮت ﺑـــــــﲔ ﻧـــــﻈـــــﺎﻣـــــﻲ ﺿـــــﻐـــــﻂ ﻣـــﺮﺗـــﻔـــﻊ ﻓـــﻲ أﻋـــﻘـــﺎب ﻣــــﺮورﻫــــﺎ ﺑـﺘـﻜـﺴـﺎس ﺑﻔﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة. وﻋﻠﻴﻪ، ﺑــﺪﻻ ﻣﻦ اﻛﺘﺴﺎﺣﻬﺎ اﳌﻨﻄﻘﺔ، ﻇﻠﺖ ﻋﺎﻟﻘﺔ ﻟﺒﻀﻌﺔ أﻳــﺎم، وﺗﺴﺒﺒﺖ ﺑﻬﻄﻮل أﻣﻄﺎر ﻏﺰﻳﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ - ﺑﺈﺟﻤﺎﻟﻲ ٩١ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮن ﻏﺎﻟﻮن. وﻛﻠﻤﺎ ﻃــﺎل أﻣــﺪ ﺑـﻘـﺎء اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ، زادت ﻛﻤﻴﺔ اﻷﻣﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﻬﺎ. وﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ، ﺗﻌﺮﺿﺖ أﺟﺰاء ﻣـﻦ اﻟـﻮﻻﻳـﺔ ﻟﻜﻤﻴﺔ اﻷﻣـﻄـﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﻨﻮﻳﴼ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن أﻗﻞ ﻋﻦ أﺳﺒﻮع.
ﻣــﻦ ﺟــﺎﻧــﺒــﻪ، ﻳـﻌـﺘـﻘـﺪ ﺗـﺸـﺎرﻟـﺰ ﻏـــﺮﻳـــﻦ، اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﳌــﺘــﺨــﺼــﺺ ﻓـﻲ ﺷــــــــــﺆون اﻟــــــﻐــــــﻼف اﻟــــــﺠــــــﻮي ﻓــﻲ ﺟــﺎﻣــﻌــﺔ ﻛــــﻮرﻧــــﻮﻳــــﻞ، أن ارﺗـــﻔـــﺎع درﺟــــــﺎت ﺣــــــﺮارة ﻣــﻨــﻄــﻘــﺔ اﻟـﻘـﻄـﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ أدى إﻟﻰ ﺗﺒﺎﻃﺆ اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ارﺗﻔﺎﻋﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻟﺮﻳﺎح ﺗﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻨﻔﺎث«، اﻟﺬي ﻳﺮى أﻧـــﻪ أﺳــﻬــﻢ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﻮة اﻟـﺘـﺪﻣـﻴـﺮﻳـﺔ ﻹﻋــﺼــﺎر ﻫــﺎرﻓــﻲ. وإذا اﺗﻀﺤﺖ ﺻـﺤـﺔ ﻫـــﺬا اﻻﻓـــﺘـــﺮاض، ﻓـــﺈن ﻫـﺬا ﻳﻨﺒﺊ ﺑﻮﻗﻮع اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﺣــــﺪاث. وﻳﺸﺘﺒﻪ ﻏـﺮﻳـﻦ ﻓــﻲ أن ﻣـــﻮﺟـــﺎت اﻟــﺠــﻔــﺎف اﻟــﺘــﻲ ﺿـﺮﺑـﺖ ﻏﺮب اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧـﻴـﺮة ﺗﻔﺎﻗﻤﺖ ﺟــﺮاء اﻟﻈﺎﻫﺮة ذاﺗــﻬــﺎ، ﻣــﻊ ﺗﺴﺒﺐ ﺗﺒﺎﻃﺆ ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻨﻔﺎث« ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺻﺮة ﻛﺘﻞ ﻣﻦ اﻟﻬﻮاء اﻟﺠﺎف داﺧﻞ اﳌﻨﻄﻘﺔ.
واﻟــﺘــﺴــﺎؤل ﻫــﻨــﺎ: ﳌــــﺎذا ﻳـﺆﺛـﺮ ارﺗــــﻔــــﺎع درﺟـــــــﺎت اﻟـــــﺤـــــﺮارة ﻋـﻠـﻰ اﻟــــــﺮﻳــــــﺎح واﻟـــــﻌـــــﻮاﺻـــــﻒ؟ ﻣــﺜــﻠــﻤــﺎ ﻳــﺸــﺮح ﻏــﺮﻳــﻦ، ﻻ ﻳــﺤــﺪث ارﺗــﻔــﺎع درﺟــــــــــﺎت ﺣــــــــــﺮارة اﻷرض ﻋــﻠــﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻨﺘﻈﻢ ﺛﺎﺑﺖ، وإﻧﻤﺎ ﺗﺮﺗﻔﻊ درﺟـــﺎت ﺣـــﺮارة اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻋــﻠــﻰ ﻧــﺤــﻮ أﺳــــــﺮع ﻋــــﻦ اﳌــﻨــﺎﻃــﻖ اﳌـﺘـﻮﺳـﻄـﺔ ﻓــﻲ ﻛـﻮﻛـﺒـﻨـﺎ. وﻋـﻠـﻴـﻪ، أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك ﺗﺒﺎﻳﻦ أﻛﺒﺮ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﲔ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ وﻓﻲ دواﺋــﺮ اﻟﻌﺮض اﳌﺘﻮﺳﻄﺔ. وﻗـﺎل: »ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻲ درﺟﺎت اﻟــــﺤــــﺮارة اﳌـــﺤـــﺮك ﻟــﻠــﺮﻳــﺎح داﺧـــﻞ اﻟــــﻐــــﻼف اﻟـــــﺠـــــﻮي«، اﻷﻣــــــﺮ اﻟــــﺬي ﻳﺘﻀﻤﻦ »اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻨﻔﺎث« وﻧﻤﻄﴼ آﺧـــﺮ ﻟـــــﺪوران اﻟــﺮﻳــﺎح ﻳــﻮﺟــﺪ إﻟـﻰ اﻟﺸﻤﺎل أﻛﺜﺮ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ »اﻟﺪواﻣﺔ اﻟــﻘــﻄــﺒــﻴــﺔ«. وﻋـــــــﺎدة ﻣــــﺎ ﺗـﺤـﺼـﺮ »اﻟﺪواﻣﺔ اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ« اﻟﻬﻮاء اﻟﺒﺎرد داﺧـــﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟـﻘـﻄـﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ. وﻋـــﻨـــﺪﻣـــﺎ ﻳــﻠــﺤــﻖ ﺑــﻬــﺎ اﻟــﻀــﻌــﻒ، ﻳــﺼــﺒــﺢ ﺑـــﻤـــﻘـــﺪور ﻫــــــﻮاء اﻟــﻘــﻄــﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ اﻟﺘﺤﺮك ﺟﻨﻮﺑﴼ وﺧﻠﻖ ﺣـــﺎﻟـــﺔ اﺳــﺘــﺜــﻨــﺎﺋــﻴــﺔ ﻣـــﻦ اﻟــﻄــﻘــﺲ اﻟﺒﺎرد ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺧﻂ اﻻﺳﺘﻮاء.
وﺷــــــــﺮح ﻏــــﺮﻳــــﻦ أن ارﺗــــﻔــــﺎع درﺟـــــــــﺎت اﻟــــــﺤــــــﺮارة ﻓــــﻲ ﻣــﻨــﻄــﻘــﺔ اﻟـــﻘـــﻄـــﺐ اﻟـــﺸـــﻤـــﺎﻟـــﻲ أﺳـــــــﺮع ﻣــﻤــﺎ ﻋــﻠــﻴــﻪ اﻟــــﺤــــﺎل ﻓــــﻲ ﺑـــﺎﻗـــﻲ أرﺟـــــﺎء اﻟــﻜــﻮﻛــﺐ ﻟــﻮﺟــﻮد ﻋـﻤـﻠـﻴـﺔ داﻋــﻤــﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ، ذﻟﻚ أن ذوﺑﺎن ﺟﻠﻴﺪ اﻟــﺒــﺤــﺮ ﻳــﻜــﺸــﻒ اﳌــﺤــﻴــﻂ اﳌــﻈــﻠــﻢ اﻟﻘﺎﺋﻢ وراءه، ﻣـﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻗـﺪرﴽ أﻛــﺒــﺮ ﻣــﻦ أﺷــﻌــﺔ اﻟـﺸـﻤـﺲ ﻳﺠﺮي اﻣــﺘــﺼــﺎﺻــﻪ داﺧــــــﻞ اﳌــﺤــﻴــﻄــﺎت، اﻷﻣــﺮ اﻟــﺬي ﻳﺴﺒﺐ ﺑــﺪوره ﻣﺰﻳﺪﴽ ﻣــــﻦ ارﺗــــﻔــــﺎع درﺟـــــــﺎت اﻟــــﺤــــﺮارة. ﺧﻼل اﻟﺨﺮﻳﻒ، ﺗﻌﻮد ﺑﻌﺾ ﻣﻦ اﻟــﺤــﺮارة اﻟــﺘــﻲ اﻣﺘﺼﻬﺎ اﳌﺤﻴﻂ إﻟﻰ اﻟﻐﻼف اﻟﺠﻮي. وﻳﺆدي ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻓﻲ درﺟﺎت ﺣﺮارة اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ إﻟﻰ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ »اﻟﺪواﻣﺔ اﻟﻘﻄﺒﻴﺔ«، ﻣـﺎ ﻳــﺆدي إﻟــﻰ إﻟﺤﺎق اﻟﻀﻌﻒ ﺑﻬﺎ وإﺑــﻄــﺎء ﺳﺮﻋﺘﻬﺎ. وﻗﺪ ﺗﺰاﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﻓﻲ ﻋﺪد اﻷﻋﺎﺻﻴﺮ اﻻﺳﺘﻮاﺋﻴﺔ وإﻋﺼﺎر »ﻧﻮرﻳﺴﺘﺮ«.
أﻳﻀﴼ، ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻏﺮﻳﻦ أن ارﺗﻔﺎع درﺟــﺎت ﺣــﺮارة اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻳــﺘــﺴــﺒــﺐ ﻛـــﺬﻟـــﻚ ﺑــﺘــﺒــﺎﻃــﺆ ﺣــﺮﻛــﺔ »اﻟـــﺘـــﻴـــﺎر اﻟـــﻨـــﻔـــﺎث«، اﻷﻣـــــﺮ اﻟـــﺬي ﻳﺴﻤﺢ ﺑـﺘـﻜـﻮن ﻣـﺰﻳـﺪ ﻣــﻦ »ﻛـﺘـﻞ« اﻟــﻀــﻐــﻂ اﳌــﺮﺗــﻔــﻊ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗﺤﺼﺮ اﻷﻋـــﺎﺻـــﻴـــﺮ ﻣــﺜــﻞ »ﻫـــــﺎرﻓـــــﻲ« ﻓـﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ. إﻻ أﻧﻪ أﻗﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮاﻓﺮ دﻟـــﻴـــﻞ ﻛــــــﺎف ﻳـــﺮﺑـــﻂ ﺑـــﲔ اﻟــﺴــﺒــﺐ واﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد.
ﻣــــــﻦ ﻧــــﺎﺣــــﻴــــﺘــــﻪ، ﻗــــــــﺎل ﻛــﻴــﻔــﻦ ﺗـﺮﻳـﻨـﺒـﻴـﺮث، اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﳌﺘﺨﺼﺺ ﻓـــﻲ ﺷــــــﺆون اﳌـــﻨـــﺎخ ﻟـــــﺪى اﳌــﺮﻛــﺰ اﻟــــﻮﻃــــﻨــــﻲ ﻷﺑـــــﺤـــــﺎث اﳌـــــﻨـــــﺎخ ﻓــﻲ ﺑــﻮﻟــﺪر ﺑــﻜــﻮﻟــﻮرادو، إﻧــﻪ ﻣــﺎ ﻳــﺰال ﻳﺘﻌﲔ ﻋﻠﻰ ﻏـﺮﻳـﻦ وزﻣــﻼﺋــﻪ ﺑﺬل ﻣﺠﻬﻮد أﻛﺒﺮ ﻟﺘﻮﺿﻴﺢ اﻟﺮواﺑﻂ ﺑﲔ ذوﺑﺎن ﺟﻠﻴﺪ اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ وأﻧـــﻤـــﺎط ﺣــﺮﻛــﺔ اﻟـــﺮﻳـــﺎح وﺻـــﻮر اﳌـــﻨـــﺎخ اﳌـــﺘـــﻄـــﺮف. إﻻ أﻧــــﻪ ﺗﺒﻘﻰ ﻫـــﻨـــﺎك رواﺑـــــــﻂ ﻣــــﺆﻛــــﺪة ﺑــﺎﻟــﻔــﻌــﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﲔ ارﺗﻔﺎع درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة ﻋﺎﳌﻴﴼ واﻟﻌﻮاﺻﻒ.
اﳌــﻼﺣــﻆ أن ﻋﻤﻞ ﺗﺮﻳﻨﺒﻴﺮث ﻳﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﳌﺤﻴﻄﺎت، اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ درﺟــــــــﺎت ﺣــــﺮارﺗــــﻬــــﺎ ﻣــــﻊ ارﺗـــﻔـــﺎع درﺟـــﺎت ﺣـــﺮارة اﻟــﻐــﻼف اﻟـﺠـﻮي. وﻓـــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ اﻟـــﺬي ﺗـﺮﺗـﻔـﻊ درﺟــﺔ ﺣﺮارة ﺳﻄﺢ اﳌﺤﻴﻄﺎت ﺑﺒﻂء ﻣﻨﺬ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﺣﻤﻠﺖ ﺗﺴﻌﻴﻨﺎت اﻟــﻘــﺮن اﳌــﺎﺿــﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﻇـــﺎﻫـــﺮة ﺟـــﺪﻳـــﺪة: ﺑـــــﺪأت درﺟــــﺎت ﺣﺮارة اﳌﺎء ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪ ﻳﺘﺮاوح ﺑﲔ ٠٠٧ و٠٠٠٢ ﻣﺘﺮ ﺗﺤﺖ اﻟـﺴـﻄـﺢ. وأﺷـــﺎر إﻟــﻰ أن اﻟــﺰﻳــﺎدة ﺿـــﺌـــﻴـــﻠـــﺔ، ﻟـــﻜـــﻦ ﻣـــﺠـــﻤـــﻞ اﻟـــﻄـــﺎﻗـــﺔ اﳌﺤﺼﻮرة ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻄﺢ ﻫﺎﺋﻠﺔ. ﻓــــﻲ اﻟـــــﻌـــــﺎدة، ﺗـــﺪﻓـــﻊ اﻟـــﻌـــﻮاﺻـــﻒ اﳌــﻴــﺎه اﻟـــﺒـــﺎردة ﻣــﻦ اﻷﻋـــﻤـــﺎق، ﻣﺎ ﻳـــﺆدي ﻻﻧــﺤــﺴــﺎر ﻗــﻮﺗــﻬــﺎ. واﻵن، ﻣﻊ اﻧﺘﻘﺎل اﳌﻴﺎه اﻷﻛﺜﺮ دﻓﺌﴼ إﻟﻰ أﺳـــﻔـــﻞ اﻟـــﺴـــﻄـــﺢ، ﺗــﺼــﺒــﺢ ﻫــﻨــﺎك ﺣﺮارة إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﻮﺟﻮدة، ﺣﺴﺒﻤﺎ أوﺿﺢ ﺗﺮﻳﻨﺒﻴﺮث، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻗﺪ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﺗﻌﻤﻖ اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ وإﻃﺎﻟﺔ أﻣﺪﻫﺎ.
وﻟﻴﺲ ﻫــﺬا اﻟﺴﺒﻴﻞ اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻟـــﺬي ﻳﻤﻜﻦ ﻟـﻈـﺎﻫـﺮة اﻻﺣـﺘـﺒـﺎس اﻟـــــﺤـــــﺮاري ﻣــــﻦ ﺧـــﻼﻟـــﻪ اﻟــﺘــﺴــﺒــﺐ ﻓــﻲ ﻋــﻮاﺻــﻒ أﻛــﺜــﺮ ﺗــﺪﻣــﻴــﺮﴽ. ﻣﻦ اﳌــﻌــﺮوف أن اﻟــﻬــﻮاء اﻷﻛــﺜــﺮ دﻓﺌﴼ ﻳـﺤـﺘـﺠـﺰ ﺑــﺪاﺧــﻠــﻪ رﻃـــﻮﺑـــﺔ أﻛــﺒــﺮ، اﻷﻣـــــﺮ اﻟـــــﺬي ﻳــﺴــﻤــﺢ ﻟــــ »ﻫـــﺎرﻓـــﻲ« وأﻋـﺎﺻـﻴـﺮ أﺧــﺮى ﺑﺘﺨﺰﻳﻦ ﻣﺰﻳﺪ ﻣــﻦ اﻷﻣـــﻄـــﺎر. ﻛـﻤـﺎ أن اﳌﺤﻴﻄﺎت اﻷﻛـــــﺜـــــﺮ دﻓــــﺌــــﴼ ﻣـــــﻦ اﳌـــﺤـــﺘـــﻤـــﻞ أن ﺗﻌﻄﻲ ﻣﺰﻳﺪﴽ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮد إﻟﻰ ﻫﺬه اﻟــﻌــﺎﺻــﻔــﺔ، وﺳـــﻮف ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻫـﺬا اﻟﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﻘﺮن.
ﻳﺬﻛﺮ أن ﻣﻴﺎه ﺧﻠﻴﺞ اﳌﻜﺴﻴﻚ ارﺗـــﻔـــﻌـــﺖ ﺑـــﻤـــﻌـــﺪل ﻳـــــﺘـــــﺮاوح ﺑـﲔ درﺟـــــﺘـــــﲔ وأرﺑــــــــــﻊ درﺟــــــــــﺎت ﻋــﻦ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟـﻮﻗـﺖ ﻣـﻦ اﻟـﻌـﺎم، ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺷﺮح ﻏــﺮﻳــﻦ. وﺗــﺴــﺎﻋــﺪ اﳌــﻴــﺎه اﻟــﺪاﻓــﺌــﺔ اﻷﻋﺎﺻﻴﺮ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺰداد ﻛﺜﺎﻓﺘﻬﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪث ﻣﻊ »ﻫﺎرﻓﻲ« ﻟـﺪى اﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻮى ٢ إﻟﻰ اﳌﺴﺘﻮى ٤ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺳﺎﻋﺎت. واﻟﻴﻮم ﻧﺠﺪ أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت اﻟـــﺪاﺋـــﺮة ﻓــﻲ أوﺳـــــﺎط اﻟــﻌــﻠــﻤــﺎء ﻻ ﺗــﺪور ﺣــﻮل ﻣـﺎ إذا ﻛـﺎﻧـﺖ ﻇﺎﻫﺮة اﻻﺣــﺘــﺒــﺎس اﻟـــﺤـــﺮاري ﺗـﺴـﻬـﻢ ﻓﻲ ﻣﻮﺟﺎت اﻟﻄﻘﺲ اﻟﺤﺎد، وإﻧﻤﺎ أي ﻣﻦ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة ﺳﻮف ﻳﺴﺒﺐ اﻟﺪﻣﺎر اﻷﻛﺒﺮ.
* ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ »ﺑﻠﻮﻣﺒﻴﺮغ«