Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﻣﺬﻛﺮات ﻧﺠﻴﺐ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﺗﺼﺪر ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن

ﺗﻜﺸﻒ ﺟﻮاﻧﺐ ﺧﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ وﻣﻐﺎﻣﺮاﺗﻪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ وﻣﺴﲑﺗﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺸﺎﻗﺔ

- اﻟﻘﺎﻫﺮة: داﻟﻴﺎ ﻋﺎﺻﻢ

ﺑـﻌـﺪ ﻋـﺸـﺮ ﺳــﻨــﻮات ﻣــﻦ وﻓــﺎة ﻧــﺠــﻴــﺐ اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ أﺻــــــﺪر­ت دار اﻟــــﻬـــ­ـﻼل ﻣـــﺬﻛـــﺮ­اﺗـــﻪ اﻟـــﺘـــﻲ ﻛـــــﺎن ﻗـﺪ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺻﻮرة ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻت، ﻛــــﺎن ذﻟــــﻚ ﻓـــﻲ ﻳــﻮﻧــﻴــ­ﻮ )ﺣـــﺰﻳـــﺮ­ان( ٩٥٩١. وﻣﺆﺧﺮﴽ أﻋﺎدت دار اﻟﻬﻼل ﻧﺸﺮ ﻃﺒﻌﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺬﻛﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ إﺣﺪى رواﺋﻊ أدب اﻟﺴﻴﺮة اﻟﺬاﺗﻴﺔ؛ إذ ﻳﺒﺪو ﻓﻴﻬﺎ ﺟـﻠـﻴـﴼ ﺗـﻤـﻠـﻚ اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ ﻷﺳــﻠــﻮب أدﺑـــــــ­ﻲ ﻣــﻤــﺘــﻊ وﺣــﺼــﻴــ­ﻠــﺔ ﻟــﻐــﻮﻳــ­ﺔ ﻛــﺒــﻴــﺮ­ة، ﻛــﻤــﺎ ﻟــﻢ ﺗــﺨــﻞ ﻣــﻦ اﻟـﺤـﺲ اﻟﻔﻜﺎﻫﻲ اﻟﺴﺎﺧﺮ ﻟﻠﺮﻳﺤﺎﻧﻲ.

ﺗﻘﻊ اﳌﺬﻛﺮات ﻓﻲ ٦٦١ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﳌﺘﻮﺳﻂ وﺗﺒﺪأ ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﻟﺼﺪﻳﻖ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ورﻓـﻴـﻖ رﺣﻠﺔ ﻛﻔﺎﺣﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﺑﺪﻳﻊ ﺧﻴﺮي اﻟـﺬي ﻛـﺘـﺐ ﻓـﻴـﻬـﺎ: »ﺣـﻴـﻨـﻤـﺎ دﻋـﺘـﻨـﻲ دار اﻟــﻬــﻼل أن أﻗـــﺪم ﻟــﻬــﺬا اﻟـﻜـﺘـﺎب ﻋﻦ ﻣــﺬﻛــﺮات أﺧــﻲ وﺻـﺪﻳـﻘـﻲ اﻟــﺮاﺣــﻞ ﻧﺠﻴﺐ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ، ﻏﺮﻗﺖ ﻓﻲ ﻟﺠﺔ ﻣـــﻦ اﻟـــﺬﻛـــ­ﺮﻳـــﺎت، وﻋـــــﺎدت ذاﻛــﺮﺗــﻲ إﻟـــﻰ أﻳــﺎﻣــﻨـ­ـﺎ اﳌــﺎﺿــﻴـ­ـﺔ..«، وﻳﺸﻴﺮ إﻟـــــﻰ أن ﺻـــــﻮر اﻟـــﺮﻳـــ­ﺤـــﺎﻧـــﻲ اﻟــﺘــﻲ ﺗﻤﺜﻠﺖ أﻣﺎﻣﻪ ﻋﻨﺪ ﻗﺮاءة اﳌﺬﻛﺮات: اﻟــﺼــﻮرة اﻷوﻟـــﻰ أن اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺠﺮد ﻣﻤﺜﻞ ﻳﻜﺴﺐ ﻋﻴﺸﻪ ﻣﻦ ﻣﻬﻨﺔ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، ﺑﻞ ﻛـﺎن ﻓﻴﻠﺴﻮﻓﺎ وﻓــﻨــﺎﻧـ­ـﺎ. واﻟـــﺼـــ­ﻮرة اﻟــﺜــﺎﻧـ­ـﻴــﺔ ﻫﻲ ﺻﻮرة اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ اﳌﻤﺜﻞ اﻟﻜﻮﻣﻴﺪي اﻟﺬي أﺟﺒﺮه ﺟﻤﻬﻮره إﺟﺒﺎرا ﻋﻠﻰ اﻟــﺴــﻴــ­ﺮ ﻓـــﻲ اﻻﺗـــﺠـــ­ﺎه اﻟــﻜــﻮﻣـ­ـﻴــﺪي. واﻟـــــﺼـ­ــــﻮرة اﻟــﺜــﺎﻟـ­ـﺜــﺔ ﻫــــﻲ ﺻــــﻮرة اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟـﺜـﺎﺋـﺮ، اﻟـﺬي ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﳌﺴﺮح ﻣﻨﺒﺮا ﻟﻠﻮﻃﻨﻴﺔ.. اﻟـــــﺮﺟـ­ــــﻞ اﻟـــــــﺬ­ي ﻋــــﺎﻟـــ­ـﺞ اﻟــﺴــﻴــ­ﺎﺳــﺔ ﺑﺎﻟﻔﻜﺎﻫﺔ، وﻓﺘﺢ ﻋﻴﻮن اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ إﻟﻰ ﺳﻮء ﺣﺎﻟﻬﺎ، وﻫﺎﺟﻢ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ وأﻋﻮاﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ وﺗﻬﻜﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻓﻠﻘﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺖ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر، واﺿﻄﻬﺎد اﻟﺴﺮاي، اﻟﺸﻲء اﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻳـﺴـﺘـﻜـﻤـ­ﻞ ﺧــﻴــﺮي رﺳــــﻢ اﻟــﺼــﻮرة اﻟــﺮاﺑــﻌ­ــﺔ ﻟـﻠـﺮﻳـﺤـﺎ­ﻧـﻲ ﻗــﺎﺋــﻼ: »ﻫــﻲ ﺻـﻮرة اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻮﻓﻲ ﻷﺻـﺪﻗـﺎﺋـﻪ وأﺑــﻨــﺎء ﻣﻬﻨﺘﻪ. وﻟﻌﻞ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﺗﺒﺮز وﺗﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ أﺑﺮز ﺻﻮرﻫﺎ ﻓﻲ ﺟﻬﻮده اﻟﺘﻲ ﺑﺬﻟﻬﺎ أواﺧﺮ أﻳﺎﻣﻪ، ﻟﺤﺚ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋــــﻠــــ­ﻰ إﻗـــــﺎﻣـ­ــــﺔ ﻣـــﻠـــﺠـ­ــﺄ ﻟــﻠــﻤــﻤ­ــﺜــﻠــﲔ اﳌﺘﻘﺎﻋﺪﻳﻦ، وﺣﲔ ﺷﻴﺪ ﺑﻴﺘﻪ اﻟﺬي ﻣﺎت ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﻜﻨﻪ، ﻛﺎن ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﺨﺼﺼﻪ ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض اﻟﻨﺒﻴﻞ، ﻟﻮﻻ أن اﳌﻨﻴﺔ ﻋﺎﺟﻠﺘﻪ..«

»اﻟﻔﻨﺎن ﻻ ﻳﻤﻮت وﻟﻜﻨﻪ ﻳﺒﻘﻰ ﺧﺎﻟﺪا ﻓﻲ ﻗﻠﻮب ﻣﺤﺒﻴﻪ«... ﺑﻬﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ اﺧﺘﺘﻢ ﺑﺪﻳﻊ ﺧﻴﺮي رﻓﻴﻖ ﻛﻔﺎح اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻪ ﻟﻠﻤﺬﻛﺮات وﻫﻲ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻌﺒﺮة ﻋﻦ ﺷﻌﻮر ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﻘﺮأ ﻫﺬه اﳌﺬﻛﺮات اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﺻـــــﻮرة ﺑـــﺎﻧـــﻮ­راﻣـــﻴـــ­ﺔ ﻋـــﻦ اﻟــﺤــﻴــ­ﺎة اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﳌﺼﺮ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ وﺗﺆرخ ﻟﺤﻘﺒﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ اﻟـــﻔـــﻨ­ـــﻲ ﺣــــﲔ ﻛــــﺎﻓـــ­ـﺢ اﻟـــﻜـــﺜ­ـــﻴـــﺮ ﻣــﻦ اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ ﻟﻮﺿﻊ أﺳﺲ ﻓﻦ اﳌﺴﺮح واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ.

ﺟــــــﻮاﻧ­ــــــﺐ ﺧـــﻔـــﻴـ­ــﺔ ﻣــــــﻦ ﺣـــﻴـــﺎة اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﺗﺘﻜﺸﻒ ﺑﲔ اﻟﺴﻄﻮر، ﻓﺴﻮف ﺗﻌﺮف أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺮع اﻟﺨﻤﺮ ﻗﺒﻞ ﺻﻌﻮده ﻟﻠﻤﺴﺮح ﻛﻌﺎدة أﻫﻞ اﻟﻔﻦ آﻧﺬاك ﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ رﻫﺒﺘﻪ؛ ﺑﻞ ﻛــﺎن ﻳﻌﺘﻜﻒ ﻓـﻲ ﻏﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﳌﺴﺮح ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺑﻨﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗـــــﻞ ﻻ ﻳــﺴــﻤــﺢ ﻷي ﻣـــﻦ ﻛــــﺎن أن ﻳﻘﻄﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺰﻟﺘﻪ اﳌﻘﺪﺳﺔ، وﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺣﺒﻪ ﻟﻔﻨﻪ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﻨﺼﺎﺋﺢ اﻷﻃﺒﺎء ﻟﻪ ﺑﺎﻻﻋﺘﺰال ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ ﻓﻘﺎل: »ﺧﻴﺮا ﻟﻲ أن أﻗﻀﻲ ﻧﺤﺒﻲ ﻓــﻮق اﳌـﺴـﺮح ﻣـﻦ أن أﻣـﻮت ﻋــﻠــﻰ ﻓــــﺮاﺷــ­ــﻲ«. ﻛــــﺎن اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ ﻳﻬﺘﻢ ﺑـﺎﻟـﺘـﻤـﺮ­ن ﻋـﻠـﻰ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑــــﺈﺧـــ­ـﻼص ﺷـــﺪﻳـــﺪ ﻓـــﻜـــﺎن ﻳـﻘـﻀـﻲ ﺷﻬﺮا ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ إﺟــﺮاء اﻟﺒﺮوﻓﺎت ﻋــــﻦ ﻓــﺼــﻞ واﺣــــــﺪ ﻣــــﻦ اﻟــﻔــﺼــ­ﻮل، وﻛــﺎن داﺋـﻤـﺎ ﻣـﺎ ﻳـﻘـﻮل: »ﺧـﻴـﺮا ﻟﻲ أن أواﺟـــــﻪ اﻟــﺠــﻤــ­ﻬــﻮر ﺑـﻤـﺴـﺮﺣـﻴ­ـﺔ واﺣﺪة ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻣﻦ أن أﻗﺪم ﻟﻪ ﻋﺸﺮ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت ﺿﻌﻴﻔﺔ«.

وﻳــﺮوي ﺧﻴﺮي أن اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﺷﻬﺪ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻓﻨﻪ ﻓـﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻓﻘﺪ دﻋﺖ ﺷﺮﻛﺔ »ﺟﻮﻣﻮن« اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋـﺪدا ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﻔﻨﺎﻧﲔ وﻛـﺎن ﻣﻦ ﺑـﻴـﻨـﻬـﻢ راﻳــﻤــﻮ وﻓـﻴـﻜـﺘـﻮ­ر ﺑﻮﺷﻴﻪ ﻟــﻴــﺸــﻬ­ــﺪوا ﺗـﻤـﺜـﻴـﻠـ­ﻪ أﺛـــﻨـــﺎ­ء إﺧـــﺮاج ﻓــﻴــﻠــﻢ »ﻳــــﺎﻗـــ­ـﻮت ﺑـــﺒـــﺎر­ﻳـــﺲ« وﺑــﻠــﻎ إﻋﺠﺎﺑﻬﻢ ﺑﻪ أن ﻃﻠﺒﻮا إﻟﻴﻪ دﻋﻮة ﻓــﺮﻗــﺘــ­ﻪ ﻟـﺘـﻘـﺪﻳـﻢ ﺣــﻔــﻼت ﻓــﻲ اﳌــﺪن اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـ­ﻴـﺔ ﻛــﻠــﻮن ﻣــﻦ أﻟــــﻮان اﻟـﻔـﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ. ﻛﻤﺎ ﺷﻬﺪ اﻟﺴﻴﺮ ﺳﺎﻳﻤﻮر ﻫﻴﻜﺲ، ﻋﻤﻴﺪ اﳌﺴﺮح اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي آﻧﺬاك ﻣﺴﺮﺣﻴﺘﻪ »ﺣﻜﻢ ﻗﺮاﻗﻮش« ﺑــﻨــﺎدي اﻟـﻀـﺒـﺎط اﳌــﺼــﺮي وﻫـﻨـﺄه ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺜﻴﻠﻪ اﻟﺮاﺋﻊ.

ﻳــــﺒــــ­ﺪأ اﻟـــﻔـــﺼ­ـــﻞ اﻷول »أول اﻟﻄﺮﻳﻖ« ﺑﺮواﻳﺔ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻟﺒﺪاﻳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻗﺎﺋﻼ: »ﻟﺴﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن أرﺟﻊ ﺑﺎﻟﺬاﻛﺮة إﻟﻰ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺬي ﺗﻠﻘﻔﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻛﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ«، وﻳﺘﺤﺪث ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻋﻦ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺸﻘﻪ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ ﺣــﻴــﻨــﻤ­ــﺎ ﻛــــﺎن ﻓـــﻲ ﺳـــﻦ اﻟــﺴــﺎدﺳ­ــﺔ ﻋﺸﺮة ﺑﻌﺪ أن ﺗﺮك ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻔﺮﻳﺮ اﻟـــﻔـــﺮ­ﻧـــﺴـــﻴـ­ــﺔ ﺑـــﺎﻟـــﺨ­ـــﺮﻧـــﻔـ­ــﺶ وﺳـــﻂ اﻟـــﻘـــﺎ­ﻫـــﺮة، وﻣــﻴــﻠــ­ﻪ ﻟـــﺪراﺳــ­ـﺔ اﻷدب اﻟــﻌــﺮﺑـ­ـﻲ واﻟــﻠــﻐـ­ـﺔ اﻟــﻌــﺮﺑـ­ـﻴــﺔ ﺣـﻴـﺚ ﺟــﺎء أﻫــﻠــﻪ ﺑــﻤــﺪرس ﺧــﺎص اﺳﻤﻪ اﻟﺸﻴﺦ ﺑﺤﺮ اﻟﺬي دﻋﻤﻪ وﺷﺠﻌﻪ. ﻳﺸﻴﺮ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻷول رواﻳﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ »اﳌــﻠــﻚ ﻳـﻠـﻬـﻮ« اﻟــﺘــﻲ أﻃــﻠــﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »أول ﻏــــﺮام« وﻳـــــﺮوي: »ﻛــﺎﻧــﺖ ﻛﻞ ﻫــﻮاﻳــﺎﺗ­ــﻲ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻟــﺪراﻣــ­ﺎ، وﻛــﻨــﺖ أﺳـﺘـﻈـﻬـﺮ ﻗــﺼــﺎﺋــ­ﺪ ﻫﻴﺠﻮ وأﺷــﻌــﺎر اﳌﺘﻨﺒﻲ وﻟـﺰوﻣـﻴـﺎ­ت أﺑﻲ اﻟــﻌــﻼء اﳌــﻌــﺮي، ﺛــﻢ أﺧـﻠـﻮ ﺑﻨﻔﺴﻲ ﻓــﻲ اﳌــﻨــﺰل و»ﻫـــﺎت ﻳــﺎ إﻟــﻘــﺎء وﺧـﺪ ﻳـﺎ ﺗﻤﺜﻴﻞ« ﺣﺘﻰ ﺿﺠﺖ واﻟـﺪﺗـﻲ وﻛــﺎد »ﻳـﻬـﺞ« ﻣــﻦ اﻟﺒﻴﺖ أﺧـﻮﺗـﻲ، وﻣــــﻊ ذﻟــــﻚ ﻓــﺈﻧــﻨــ­ﻲ ﻟـــﻢ أﻋــﺒــﺄ ﺑﻤﺜﻞ ﻫــﺬه اﻟـﻌـﺮاﻗـﻴ­ـﻞ، وﻣــﺎ دﻣــﺖ أرﺿـﻲ ﻫﻮاﻳﺘﻲ ﻓﺒﻌﺪﻫﺎ اﻟﻄﻮﻓﺎن«.

ﻛــﺎن اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻮﻇﻔﺎ ﺑﺎﻟﺒﻨﻚ اﻟﺰراﻋﻲ وﺗﺰاﻣﻞ ﻣﻊ ﻋﺰﻳﺰ ﻋــﻴــﺪ اﻟــــﺬي ﻛـــﺎن ﻋــﺎﺷــﻘــ­ﺎ ﻟﻠﺘﻤﺜﻴﻞ أﻳــﻀــﺎ، اﺳــﺘــﻘــ­ﺎل ﻋــﺰﻳــﺰ ﻋـﻴـﺪ ٨٠٩١ وأﺳـــــﺲ ﻓـــﺮﻗـــﺔ ﻣــﺴــﺮﺣــ­ﻴــﺔ واﻧــﻀــﻢ ﻟﻬﺎ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻔﺮﻗﺔ ﺗﻘﻮم ﺑﺘﻤﺜﻴﻞ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎت ﻣﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟــﻔــﺮﻧـ­ـﺴــﻴــﺔ ﻣـــﻦ ﻧـــﻮع »اﻟــﻔــﻮدﻓ­ــﻴــﻞ« وﻛـــــﺎن ﻳــﺴــﻨــﺪ ﻟـــﻪ أدوارا ﺻـﻐـﻴـﺮة وﻳﻘﻮل ﺳﺎﺧﺮا: »ﻫﻨﺎ ﻛﺎن إﻫﻤﺎﻟﻲ ﻟﻌﻤﻠﻲ ﻓــﻲ اﻟـﺒـﻨـﻚ ﻗــﺪ ﺑـﻠـﻎ ﺣـــﺪا ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ أﺣــﺪ واﻟـﺸـﻬـﺎد­ة ﻟـﻠـﻪ. ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎت ﺑﻞ أﻳـﺎم ﻛﻨﺖ أﺗﻐﻴﺒﻬﺎ وﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﺗﻘﺘﺤﻢ ﻋﻠﻲ ﻣﻜﺘﺒﻲ، وﺧـــﺼـــﻮ­ﺻـــﺎ ﻣــﻨــﻴــﺔ اﻟــﻘــﻠــ­ﺐ اﻟــﺴــﺖ !«(ص) ﻟﻢ ﺗﺠﺪ إدارة اﻟﺒﻨﻚ إزاء ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺼﺎرﺧﺔ إﻻ أن ﺗﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋـــﻦ ﻋـﻤـﻠـﻲ وأي ﻋــﻤــﻞ ﻳـــﺎ ﺣــﺴــﺮة؟ ﻫﻮ أﻧـﺎ ﻛﻨﺖ ﺑﺎﺷﺘﻐﻞ؟!.« اﻟﺴﻴﺪة »ص« ﻫـﻲ أول ﺣﺒﻴﺒﺔ ﻟﻠﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻟــﻜــﻨــﻬ­ــﺎ ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻣــﺮﺗــﺒــ­ﻄــﺔ ﺑـﺼـﺪﻳـﻘـﻪ ﻋﻠﻲ ﻳﻮﺳﻒ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻨﺎﻓﺴﻪ ﻓﻲ ﺣﺒﻬﺎ، ودارت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـﻦ اﳌﻘﺎﻟﺐ اﻟﻄﺮﻳﻔﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. وﻳﺤﻜﻲ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟــﻚ اﺗـﺨـﺬ ﻣــﻦ ﻗـﻬـﻮة اﻟـﻔـﻦ ﺑﺸﺎرع ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻪ وﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﻘﻰ اﻷﺳﺘﺎذ أﻣﲔ ﻋﻄﺎ اﻟﻠﻪ اﻟﺬي ﻋﺮض ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻣﻌﻪ ﻟﻺﺳﻜﻨﺪرﻳﺔ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻓﺮﻗﺔ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﺳﻠﻴﻢ ﻋﻄﺎ اﻟﻠﻪ ﺑﺮاﺗﺐ ﻗﺪره ٤ ﺟﻨﻴﻬﺎت ﺷﻬﺮﻳﺎ وﻣـــﺜـــﻞ ﻣــﻌــﻪ ﻣــﺴــﺮﺣــ­ﻴــﺔ »ﺷـــﺎرﳌـــ­ﺎن اﻷﻛﺒﺮ« إﻻ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ أن ﺣﻘﻖ ﻧﺠﺎﺣﺎ ﻛﺒﻴﺮا ﻓﺼﻠﻪ ﺳﻠﻴﻢ ﻋﻄﺎ اﻟﻠﻪ. ﻋﺎد إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻫﺮة وﻇﻞ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻋﻤﻞ إﻟﻰ أن وﺟﺪ وﻇﻴﻔﺔ ﺑﺸﺮﻛﺔ اﻟﺴﻜﺮ ﻋــﺎم ٠١٩١ ﻓـﻲ ﻧﺠﻊ ﺣـﻤـﺎدي ﻟﻜﻨﻪ ﻟــﻢ ﻳـﻤـﺾ ﻓـﻴـﻬـﺎ أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ٧ أﺷﻬﺮ ﺣﻴﺚ ذﻛﺮ واﻗﻌﺔ أﻗﺮ ﺑﺨﺠﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ، وﻫـــﻲ إﻋــﺠــﺎﺑـ­ـﻪ ﺑــﺰوﺟــﺔ ﺑﺎﺷﻜﺎﺗﺐ اﻟــــﺸـــ­ـﺮﻛــــﺔ وﺣــــــﲔ ﺗـــﺴـــﻠـ­ــﻞ ﳌــﻨــﺰﻟــ­ﻬــﺎ ذات ﻟﻴﻠﺔ ﺻـﺮﺧـﺖ اﻟـﺨـﺎدﻣـﺔ؛ ﻇﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﺺ ﻓﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ وﺗﻢ رﻓﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺔ. ﳌﺎ ﻋﺎد ﻟﻠﻘﺎﻫﺮة رﻓﻀﺖ واﻟﺪﺗﻪ أن ﻳﻘﻴﻢ ﻣﻌﻬﺎ وﻇﻞ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ٨٤ ﺳﺎﻋﺔ ﺟﺎﺋﻌﺎ ﺷﺮﻳﺪا ﻛــﺎن ﻳﺠﻠﺲ إﻟــﻰ ﻗـﻬـﻮة اﻟـﻔـﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﻐﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺘﺠﻪ ﻟﻜﻮﺑﺮي ﻗﺼﺮ اﻟﻨﻴﻞ ﻳﺘﺠﻮل ﻓــﻲ اﺗــﺠــﺎه ﺟــﺰﻳــﺮة اﻟــﺰﻣــﺎﻟ­ــﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻴﻪ اﻟﺘﻌﺐ وﻳـﻌـﻮد ﻓـﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﻟﻠﻤﻘﻬﻰ وﻳﺒﻴﺖ ﺑﺎﻟﺸﺎرع.

وﻗﺪ وﺟﺪ ﻟﻪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﺤﻤﻮد ﺻــﺎدق ﺳﻴﻒ ﻋﻤﻼ ﻛﻤﺘﺮﺟﻢ ﻟﺪى ﻣـﻜـﺘـﺒـﺔ دار اﳌـــﻌـــﺎ­رف ﻳــﻌــﺮب ﻓﻴﻬﺎ أﺟـــــــﺰ­اء رواﻳــــــ­ـﺔ ﺑــﻮﻟــﻴــ­ﺴــﻴــﺔ »ﻧــﻘــﻮﻻ ﻛــﺎرﺗــﺮ« ﻣـﻘـﺎﺑـﻞ ٠٢١ ﻗـﺮﺷـﺎ ﻋــﻦ ﻛﻞ ﺟﺰء. ﻋﻤﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻛﻤﺘﺮﺟﻢ وﻣﻤﺜﻞ ﻟــﺪى ﻓﺮﻗﺔ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ اﻟﺸﺎﻣﻲ، وﺟــــﺎب ﻣـﻌـﻬـﻢ اﻷراﺿـــــ­ﻲ اﳌـﺼـﺮﻳـﺔ ﺷــﺮﻗــﺎ وﻏــﺮﺑــﺎ ﺣــﺎﻣــﻼ ﻣــﻌــﻪ ﻣﺮﺗﺒﻪ ووﺳـــــــ­ـﺎدة وﻏــــﻄـــ­ـﺎء ﻛــﻜــﻞ اﳌــﻤــﺜــ­ﻠــﲔ ﺣـﻴـﺚ ﻛــﺎﻧــﻮا ﻳـﻘـﻴـﻤـﻮن ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﻣـــﻨـــﺎز­ل ﺗــﺴــﺘــﺄ­ﺟــﺮﻫــﺎ اﻟــﻔــﺮﻗـ­ـﺔ دون أﺛﺎث ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ »ﺑﻴﺖ اﻹدارة«. وﻗــﺪ اﺳـﺘـﺪﻋـﺘـ­ﻪ ﺷـﺮﻛـﺔ اﻟـﺴـﻜـﺮ ﻣـﺮة أﺧـــــﺮى ﻟــﻠــﻌــﻤ­ــﻞ ﻓــﻴــﻬــﺎ ﻟـــ»ﺗــﻄــﻔــﻴ­ــﺶ اﻟﺒﺎﺷﻜﺎﺗﺐ« ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻮان ﻋﻦ اﻟﻌﻮدة ﻓﻮرا وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻌﺪاوة إﻟﻰ ﺻﺪاﻗﺔ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻟﺒﺎﺷﻜﺎﺗﺐ وﻛــــــﺎن اﻟـــﺮﻳـــ­ﺤـــﺎﻧـــﻲ ﻗـــﺪ ﺗــﺨــﻠــﻰ ﻋـﻦ ﻃــﻴــﺶ اﻟــﺸــﺒــ­ﺎب ﻓــﺤــﺎز ﻣــﺪﻳــﺮ ﺛﻘﺔ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺸﺮﻛﺔ وﺑﻠﻎ راﺗﺒﻪ ٤١ ﺟﻨﻴﻬﺎ ﺷﻬﺮﻳﺎ.

ﺑﻌﺪ ﻋـﺎﻣـﲔ ﺗﻠﻘﻰ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﻋــﺰﻳــﺰ ﻋـﻴـﺪ ﻳـﺨـﺒـﺮه ﻓـﻴـﻪ ﻋــﻦ ﻋــﻮدة ﺟـــــﻮرج أﺑـــﻴـــﺾ ﻣـــﻦ أوروﺑـــــ­ــﺎ وأﻧـــﻪ ﻳـــﻨـــﻮي ﺗــﺄﺳــﻴــ­ﺲ ﻓـــﺮﻗـــﺔ، ﻟـــﻢ ﻳـﻬـﺘـﻢ اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ ورﺿـــﻲ ﺑﻌﻤﻠﻪ ﺑﻨﺠﻊ ﺣـــﻤـــﺎد­ي إﻟـــﻰ أن وﺟـــﺪ اﻟـﺼـﺤـﺎﻓـ­ﺔ اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻔﻦ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻛﺒﻴﺮا، ﻓﺎﺳﺘﺴﻠﻢ ﻹﻏــﺮاء اﻟﻔﻦ وﻫﻨﺎ ﻳﺒﺪأ ﺳﺮد اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻟﺮﺣﻠﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺘﻲ ﺟﺴﺪﻫﺎ وﻛﻴﻒ ﻛﺎن ﻳﺤﻀﺮ ﻟﺘﻘﻤﺼﻬﺎ.

وﺗــﺤــﻔــ­ﻞ اﳌـــﺬﻛـــ­ﺮات ﺑـﺎﻟـﻄـﺮاﺋ­ـﻒ واﻟﺘﻌﺒﻴﺮات اﻟﺠﻴﺎﺷﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻛﻞ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺘﻌﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻨﺪر اﻟـــﺮﻳـــ­ﺤـــﺎﻧـــﻲ ﻋــﻠــﻰ ﺣـــﺎﻟـــﺔ وإﻓـــﻼﺳــ­ـﻪ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﺑﻌﺪ أن ﻳـﺘـﺮك اﳌــﺴــﺎرح أو اﻟــﻔــﺮق اﻟــﺘــﻲ ﻳـﻌـﻤـﻞ ﻣـﻌـﻬـﺎ، وﻳـــﺮوي ﺑـــﺄﺳـــﻠ­ـــﻮب ﻃـــﺮﻳـــﻒ ﺷــﻴــﻖ اﻧــﺒــﻬــ­ﺎره ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﺜﺮاء اﻟﺬي ﺣﻞ ﺑﺈﺳﺘﻴﻔﺎن روﺳﺘﻲ اﳌﻤﺜﻞ اﻟﺴﻜﻨﺪري ﻣﻦ أﺻﻞ إﻳـﻄـﺎﻟـﻲ اﻟـــﺬي اﺷـﺘـﻬـﺮ ﺑـــﺄداء أدوار اﻟﻴﻬﻮدي أو اﻟﺸﺨﺺ اﻟﺸﺮﻳﺮ اﳌﺎﻛﺮ، ﻓــﻴــﺮوي ﻓــﻲ اﳌـــﺬﻛـــ­ﺮات أﻧـــﻪ ﻓــﻲ أول ﻳﻮﻧﻴﻮ ﻋﺎم ٦١٩١ وﺟﺪ زﻣﻴﻞ اﻟﺸﻘﺎء واﻟﻌﻨﺎء وﻗﺪ ﺣﻠﺖ ﺑﻪ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺜﺮاء اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻲ: »إﻳـﻪ ﻳﺎ وﻟﺪ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﻠﻲ ﻇﻬﺮت ﻋﻠﻰ ﺟﺘﺔ اﻟﻠﻲ ﺧﻠﻔﻮك دي. وﻣـﻨـﲔ اﻟـﻌـﺰ ده ﻛـﻠـﻪ، ﺗﻜﻮﻧﺶ )ﺳـﻄـﻴـﺖ( ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺒـﻨـﻚ اﻷﻫــﻠــﻲ؟«... وﺑــﻜــﻞ ﺑــــﺮود ﻳــﻬــﺰ إﺳــﺘــﻴــ­ﻔــﺎن رأﺳــﻪ وﻗـــﺎل: »ﻻ ﻫــﺬا وﻻ ذاك. اﳌـﻬـﻢ رﺑﻨﺎ ﻓﺮﺟﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ واﻟﺴﻼم«. وﻛﺎن اﻟﺴﺮ ﻛﺒﺎرﻳﺔ »ﻻﺑﻴﻪ دي روز« اﻟــﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﻄﻴﻪ ٠٦ ﻗــﺮﺷــﺎ ﻛــﻞ ﻳــــﻮم.. ﻳﻘﻮل اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ ﺑـــﻤـــﺬﻛ­ـــﺮاﺗـــﻪ: »ﻳــــﺎ ﻧــﻬــﺎر أﺑـــﻮك زي اﻟــﻜــﺮﻧـ­ـﺐ ﻳــﺎ إﺳـﺘـﻴـﻔـﺎ­ن ﻳﺎ روﺳــﺘــﻲ؟ ﺳـﺘـﻮن ﻗـﺮﺷـﺎ ﻓــﻲ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻳــﻌــﻨــﻲ ﻗــــﺪ ﻣــﺎﻫــﻴــ­ﺔ اﻟــﻌــﺒــ­ﺪ ﻟــﻠــﻪ ﻓـﻲ ﺷﻬﺮ..« وﳌﺎ ﻋﺮف ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﻌﻤﻞ أﻧﻪ ﻳﻈﻬﺮ ﻛﺨﻴﺎل ﻇﻞ وﺑﻌﺪ أن أﺧﺬ إﺳﺘﻴﻔﺎن ﻧﺼﻴﺒﻪ ﻣﻦ »اﻟﺘﺮﻳﻘﺔ« ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ أي ﻋـﻤـﻞ ﻟـﻠـﺨـﺮوج ﻣــﻦ ﺣـﺎﻟـﺔ اﻹﻓـــﻼس. وﺑـــﺎﻟـــ­ﻔـــﻌـــﻞ ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﺑــــﺪاﻳــ­ــﺔ اﻟــﻄــﺮﻳـ­ـﻖ ﻟﺸﺨﺼﻴﺔ »ﻛﺸﻜﺶ ﺑﻚ«.

ﻳـــــــــ­ﺮوي اﻟــــﺮﻳــ­ــﺤــــﺎﻧـ­ـــﻲ ﻗــﺼــﺺ اﻟــﻜــﺜــ­ﻴــﺮ ﻣــــﻦ اﻟـــﺸـــﺨ­ـــﺼـــﻴــ­ـﺎت اﻟــﺘــﻲ ﺟﺴﺪﻫﺎ واﺷﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻔﻦ وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻷﺷﻬﺮ »ﻛﺸﻜﺶ ﺑـﻚ«، وأﻧـﻪ رأى ﺣﻠﻤﺎ أو رؤﻳـﺔ ﺑﻬﺎ ﺷﻴﺦ ﻳﺮﺗﺪي ﻋﻤﺎﻣﺔ رﻳﻔﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة واﻟـﺠـﺒـﺔ واﻟــﻘــﻔـ­ـﻄــﺎن، ﻓــﻘــﺎل ﻣﺤﺪﺛﺎ ﻧﻔﺴﻪ: »ﻣــﺎذا ﻟﻮ ﺟﺌﻨﺎ ﺑﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﻬﺬه وﺟﻌﻠﻨﺎﻫﺎ ﻋﻤﺎد رواﻳﺎﺗﻨﺎ؟« ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﺻﺒﺎﺣﺎ ﻣﻦ ذاك اﻟﻴﻮم، ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻮان ﻟﺤﻈﺔ وﻗﺎم وأﻳﻘﻆ ﺷﻘﻴﻘﻪ ﻳﻤﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ وﺧﻠﻔﻴﺘﻬﺎ »ﻋﻤﺪة ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ وﻓﺪ إﻟﻰ ﻣﺼﺮ وﻣﻌﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣــﻦ اﳌــــﺎل ﻓــﺎﻟــﺘــ­ﻒ ﺣــﻮﻟــﻪ ﻓــﺮﻳــﻖ ﻣﻦ اﻟﺤﺴﺎن أﺿﻌﻦ ﻣﺎﻟﻪ وﺗﺮﻛﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟـﺤـﺪﻳـﺪة. ﻓﻌﺎد إﻟــﻰ ﻗﺮﻳﺘﻪ ﻳﻌﺾ ﺑﻨﺎن اﻟﻨﺪم. وﻳﻘﺴﻢ أﻏﻠﻆ اﻷﻳﻤﺎن أن ﻳــﺜــﻮب إﻟـــﻰ رﺷــــﺪه. وأﻻ ﻳـﻌـﻮد إﻟﻰ ارﺗﻜﺎب ﻣﺎ ﻓﻌﻞ«. ﻇﻬﺮت ﻓﻜﺮة ﻫـــﺬه اﻟـﺸـﺨـﺼـﻴ­ـﺔ وﻛــــﺎن اﻟـﺨـﻮاﺟـﺔ اﻹﻳــﻄــﺎﻟ­ــﻲ روزاﺗــــﻲ ﺻـﺎﺣـﺐ ﻣﻠﻬﻰ »اﻻﺑﻴﻪ دي روز« ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﺗﺨﺎذ ﻗـــــﺮاره ﺑـــﺈﻏـــﻼ­ق اﳌــﻠــﻬــ­ﻰ اﻟــــﺬي ﺑــﺎت ﻳﻔﻠﺲ ﺑﻌﺪ ﻫﺮوب اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻋــﺮﻓــﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـ­ﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻦ رواء اﻟﺴﺘﺎر ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﻛﻤﺎ أوﻫﻤﻬﻢ »إﺳﺘﻴﻔﺎن روﺳﺘﻲ« ﺑــﻌــﺪ أن ﻇــﻬــﺮ ذات ﻟـﻴـﻠـﺔ ﻣـــﻦ أﻣـــﺎم اﻟﺴﺘﺎر. ﻃﻠﺐ أن ﻳﻤﻬﻠﻪ ﻗﻠﻴﻼ ﻟﻌﻞ »ﻛـــﺸـــﻜـ­ــﺶ ﺑـــــﻚ« ﻳــﻌــﻴــﺪ اﻟــﺠــﻤــ­ﻬــﻮر ﻟﻠﻤﺴﺮح وﻳﻨﺘﻬﻲ اﻟﻜﺴﺎد. وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﺿــــــﻊ اﻟـــﺮﻳـــ­ﺤـــﺎﻧـــﻲ أول رواﻳــــــ­ـﺎت »ﻛﺸﻜﺶ ﺑﻚ« ﻋﻤﺪة »ﻛﻔﺮ اﻟﺒﻼص )ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان( ﺗﻌﺎﻟﻲ ﻟﻲ ﻳﺎ ﺑﻄﺔ« وﻣﺪﺗﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ٠٢ دﻗﻴﻘﺔ، وﻧﺠﺤﺖ اﻟﺮواﻳﺔ اﻷوﻟﻰ وﺑﺪأ اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ ﻓﻲ اﺑــﺘــﻜــ­ﺎر اﻟــﺸــﺨــ­ﺼــﻴــﺎت اﻟــﻜــﻮﻣـ­ـﻴــﺪي ﻣـﻨـﻬـﺎ اﳌــﺴــﺎﻋـ­ـﺪ »ادﻟـــﻌـــ­ﺪي زﻋـــﺮب« ﺷــﻴــﺦ اﻟــﺨــﻔــ­ﺮ، وﻣـــﻦ ﺑــﻌــﺪ اﻟـﻨـﺠـﺎح اﻟـــــﺬي ﻻﻗـــــﺎه ﻋــــﺮف اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ أن ﻗﺪره اﻟﻔﻦ.

ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻧﺴﺘﺸﻌﺮ ﺻﻮت اﻟﺮﻳﺤﺎﻧﻲ اﻟﺨﺎص ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻣﺎ ﻣﺮ ﺑــﻪ ﻣــﻦ ﻣــﻮاﻗــﻒ وﺻــﻌــﺎب وﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑــﺎﻟــﻔــ­ﻨــﺎﻧــﲔ واﻟـــﺸـــ­ﻌـــﺮاء واﳌـﻤـﺜـﻠـ­ﲔ آﻧﺬاك، وﻣﻨﻬﻢ ﺳﻴﺪ دروﻳﺶ وﺑﺪﻳﻊ ﺧﻴﺮي وأﻣــﲔ ﺻـﺪﻗـﻲ، وﻣﺼﻄﻔﻰ أﻣـــــــﲔ، وﻋـــﻠـــﻲ اﻟـــﻜـــﺴ­ـــﺎر وﻳـــﻮﺳـــ­ﻒ وﻫـﺒـﻲ، وﻣﻄﺮﺑﺔ اﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﻓﺘﺤﻴﺔ أﺣﻤﺪ وﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب. ورﻏﻢ ﻛـــﻞ ﻣـــﺎ ﻋـــﺎﻧـــﺎ­ه ﻓـﺴـﺘـﺠـﺪ ﻛــﻴــﻒ ﻛــﺎن اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻳﻌﺸﻖ ﻓﻨﻪ ﻣـﺤـﺎوﻻ داﺋﻤﺎ ﻟـــــﻮم ﻧــﻔــﺴــﻪ وﻣــﺤــﺎﺳـ­ـﺒــﺘــﻬــ­ﺎ: ﻣــــﺎذا ﻗﺪﻣﺖ ﻟﻠﻔﻦ؟

ﻳــﻘــﻮل اﻟــﺮﻳــﺤـ­ـﺎﻧــﻲ ﻓـــﻲ ﺧـﺘـﺎم ﻣــــﺬﻛـــ­ـﺮاﺗــــﻪ ﻣــﺴــﺘــﺨ­ــﻠــﺼــﴼ اﻟــﻌــﺒــ­ﺮة اﻷﻫـــــﻢ ﻣـــﻦ ﺣــﻴــﺎﺗــ­ﻪ »ﺣــــﲔ أﺗــﻔــﺮغ ﻟـﻌـﻤـﻠـﻲ أﺟــــﺪ اﻟــﻨــﺠــ­ﺎح ﻳـﻮاﺗـﻴـﻨـ­ﻲ واﻟـــﺤـــ­ﻆ ﻣــﻘــﺒــﻼ ﻋــــﻠــــ­ﻲ... أﻣــــﺎ إذا اﺗﺠﻬﺖ ﺑﻘﻠﺒﻲ إﻟـﻰ ﺷـﻲء آﺧــﺮ... أو إذا ﺳﺎﻗﺖ ﻟﻲ اﻟـﻈـﺮوف ﻏﺮاﻣﺎ ﻃـــﺎﺋـــﺸ­ـــﺎ... ﻓـــﺈﻧـــﻪ ﻳــﺨــﻠــﻊ ﻧـﻌـﻠـﻴـﻪ؛ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﻣﻦ رأﺳﻲ ﻣﻨﻔﻀﺔ ﻟﻬﻤﺎ.. واﻟﻌﻴﺎذ ﺑﺎﻟﻠﻪ«.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia