ﺗﺼﺤﻴﺢ أﺧﻄﺎء

أﺻﺪرت وزارة اﻟﺒﻴﺌﺔ واﳌﻴﺎه واﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، ﻓﻲ اﻷﻳﺎم اﻟﻔﺎﺋﺘﺔ ﻣﺸﺮوع ﻗﺮار ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﺳﺘﻬﻼك اﳌﻴﺎه ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ، وﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ إﺑﺪاء ﻣﺮﺋﻴﺎﺗﻬﻢ ﺣﻴﺎل اﻟﻨﻈﺎم، وﺣﺘﻰ ﻧﺤﻖ اﻟﺤﻖ ﻓﺈن ﻫﺬا اﳌﺸﺮوع ﻛﺎن ﻳﺘﺪاول ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﴼ ﺑﻬﺪف ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺑﻴﺌﺔ اﳌﻴﺎه ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻴﺔ. وﻟﻠﻨﻈﺎم ﻫﺪف أﺳﺎﺳﻲ ﻫﻮ ﺗﻘﻨﲔ اﺳﺘﻬﻼك اﳌﻴﺎه ﻓﻲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﻘﻴﺮة ﻣﺎﺋﻴﴼ، ﺣﺘﻰ وإن اﺳﺘﺪﻋﻰ اﻷﻣﺮ ﻓﺮض ﺿﺮﻳﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﳌﻴﺎه اﳌﺴﺘﺨﺮﺟﺔ ﻣﻦ اﻵﺑﺎر، وﺑﺬﻟﻚ ﻳﺘﻀﺢ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﻗﺪﻳﻢ وﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺮؤﻳﺔ ٠٣٠٢، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻬﻢ اﻟﺮؤﻳﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﺎءت ﻓﻘﻂ ﻟﺘﻔﺮض اﻟﻀﺮاﺋﺐ.

ﻓﻲ رأﻳﻲ أن اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺗﺒﲔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ وﺗﻔﺴﺮ ﻣﻮاد اﻟﻨﻈﺎم، ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﳌﺘﺪاول ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ أن ﻳﺘﻢ ﺗﻘﻨﲔ ﻣﻴﺎه اﻟﺰراﻋﺔ ﻋﺒﺮ وﺿﻊ ﻋﺪادات ﻋﻠﻰ آﺑﺎر اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺰراﻋﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى، ﻓﻤﺜﻼ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺳﺘﺰرع ﻃﻤﺎﻃﻢ ﻓﻴﻨﻈﺮ ﻛﻢ ﻳﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﻄﻤﺎﻃﻢ ﻣﻦ اﳌﻴﺎه ﻟﻠﻬﻜﺘﺎر ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟـﺮي اﻟﻌﻠﻤﻲ، وﻟﻨﻔﺮض أن ﻫﻜﺘﺎر اﻟﻄﻤﺎﻃﻢ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ٠١ آﻻف ﻣﺘﺮ ﻣﻜﻌﺐ ﻓﻲ اﳌﻮﺳﻢ، ﻫﺬه اﻟﻌﺸﺮة آﻻف ﺗﻜﻮن ﻣﺠﺎﻧﴼ وﻣﺎ زاد ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﻠﻴﻪ ﺿﺮﻳﺒﺔ. وﻳﻬﺪف ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻹﺟﺮاء إﻟﻰ ﺟﻌﻞ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪم أﻛﻔﺄ ﻧﻈﻢ اﻟــﺮي، وﻫــﺬا اﻟﺘﻘﻨﲔ ﻣﻌﻤﻮل ﺑﻪ ﻓﻲ ﺑـﻼد ﻋﺮﺑﻴﺔ أﺧــﺮى ﻣﺜﻞ اﻷردن وﺗﻮﻧﺲ، أي أﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺄت ﺑﺠﺪﻳﺪ.

ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟﻨﻈﺎم ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺟﻴﺶ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ اﳌﻮﻇﻔﲔ، أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟــﻮزارة ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﻮﻇﻴﻔﻬﻢ، ﻛﻤﺎ أن اﻟﻨﻈﺎم اﳌﻘﺘﺮح ﺣﺎول ﺗﺮﻗﻴﻊ ﺑﻌﺾ أﺧﻄﺎء اﻟﻮزارة ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﳌﺎﺿﻴﺔ، ﻓﻘﺪ اﺷﺘﺮط أﻻ ﺗﺒﺎع اﳌﺰرﻋﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺟﻮع ﻟﻠﻮزارة، وﻫﺬا ﻳﻬﺪف ﻓﻲ رأﻳﻲ إﻟﻰ رﻏﺒﺔ اﻟﻮزارة ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ أن آﺑﺎر اﳌﺰرﻋﺔ ﻗﺪ ﺣﻔﺮت ﺑﺮﺧﺺ، واﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﺧﺺ إﻣﺎ أن ﻳﻌﺎد ﺗﺮﺧﻴﺼﻪ أو ﻳﻐﻠﻖ. وﻫـﺬا اﻷﻣـﺮ ﻓﻲ رأﻳﻲ ﺑﻴﺮوﻗﺮاﻃﻲ وﺳﻴﺨﻠﻖ ﺗﺮاﻛﻤﴼ ﻓﻲ اﳌﻌﺎﻣﻼت ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻣﻨﻪ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﺳﻴﻌﻄﻞ اﻟﺒﻴﻮع وﻳﻀﺮ ﺑﺎﳌﻼك. وﻛﺎن اﻷﻓﻀﻞ أن ﺗﻨﻈﻢ اﻟﻼﺋﺤﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ذﻟﻚ، وﺗﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب اﻟﻌﺪل أﻻ ﻳﻔﺮﻏﻮا اﳌﺰارع إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺰرﻋﺔ ﺗﺤﻤﻞ رﺧﺼﺔ ﺗﺤﺪد ﻣﺪﺗﻬﺎ ﺑـ٣ ﺳﻨﻮات، ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮم اﳌﺎﻟﻚ اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻊ ﺑﺎﺳﺘﺼﺪار ﻫﺬه اﻟﺮﺧﺼﺔ، وﻣﻦ ﺛﻢ ﻋﺮض ﻣﺰرﻋﺘﻪ ﻟﻠﺒﻴﻊ.

ﻣﺴﻮدة اﳌﺸﺮوع اﳌﻘﺘﺮح ذﻛﺮت ﻓﻲ اﳌﺎدة٧٣، أﻧﻪ ﻟﻠﻮزارة اﻟﺤﻖ ﻓﻲ دﺧــﻮل اﳌﻠﻜﻴﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻛـﺎﳌـﺰارع واﻻﺳـﺘـﺮاﺣـﺎت ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺳﻼﻣﺔ وﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻣﺼﺎدر اﳌﻴﺎه، وﻫــﺬا اﻷﻣــﺮ ﻳﺤﺘﺎج إﻟـﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻔﺴﺮه اﻟﻼﺋﺤﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ، ﻣﺜﻞ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺑﺤﻀﻮر اﳌﺎﻟﻚ أو وﻛﻴﻠﻪ أو ﻣﻦ ﻳﻨﻴﺒﻪ، ﻓﺤﺘﻰ اﻟﺸﺮط )اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ( وﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺠﻨﺎﺋﻴﺔ ﻻ ﺗﻘﺘﺤﻢ اﻷﻣﻼك إﻻ ﺑﺈذن ﻣﻦ اﻹﻣـﺎرات ﺳﺎﺑﻘﴼ أو اﻟﻨﻴﺎﺑﺔ ﺣﺎﻟﻴﴼ.

اﻟـﺤـﻘـﻴـﻘـﺔ أن اﻟــﻨــﻈــﺎم ﻳــﺤــﺘــﺎج إﻟـــﻰ إﻋـــــﺎدة ﺻــﻴــﺎﻏــﺔ ﻣـﺘـﺄﻧـﻴـﺔ، ﻷن ﺗـﻨـﻈـﻴـﻢ اﳌــﻴــﺎه ذو ﺗــﺄﺛــﻴــﺮات ﻣــﺘــﺪاﺧــﻠــﺔ، أﻫــﻤــﻬــﺎ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، واﳌﻴﺎه ﺗﺴﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ: اﻟﺒﻠﺪي واﻟﺰراﻋﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ، وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﺎﺋﻴﴼ، ﻟﺬا ﻳﻔﺘﺮض أن ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺎء ﺗﺼﻞ إﻟﻴﻨﺎ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺸﺒﻜﺔ اﻟـﻮزارة اﻟﻨﺎﻗﻠﺔ ﳌﻴﺎه اﳌـﻨـﺎزل ﺗﻬﺪر ٠٣ ﻓـﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ، وﻳﻔﺘﺮض ﺑــﺎﻟــﻮزارة أن ﺗﺼﻠﺢ ﻫﺬا اﻟﺨﻠﻞ ﺛﻢ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺗﻘﻨﲔ اﳌﻴﺎه. وﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﺼﺎدر اﳌﻴﺎه اﳌﺘﺠﺪدة اﳌﻴﺎه اﳌﻌﺎﻟﺠﺔ، أو ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﻤﻴﺎه اﻟﺼﺮف اﻟﺼﺤﻲ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ ﺗﺴﺘﻔﻴﺪ اﻟﻮزارة ﺳﻮى ﻣﻦ ٦١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﳌﻴﺎه اﳌﻌﺎﻟﺠﺔ، واﻟﺒﺎﻗﻲ ﻳﺬﻫﺐ ﻫﺪرﴽ. ﻧﺤﻦ ﺑﻠﺪ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﺎﺋﻴﴼ، وأﻛﺮر ﻫﺬه اﻟﻌﺒﺎرة، وأﺷﺪد ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻧﺮى ﻫﺪرﴽ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﻜﺔ، وﻋﺪم اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﳌﻴﺎه اﳌﻌﺎﻟﺠﺔ وﻣﻴﺎه اﻷﻣﻄﺎر. ﻻ أﺣﻤﻞ اﻟﻮزارة ﻛﻞ ﻫﺬه اﻷﺧﻄﺎء، ﻷﻧﻬﺎ أﺧﻄﺎء ﻣﺘﺮاﻛﻤﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد، وﻟﻜﻨﻲ أﺣﻤﻠﻬﺎ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻓﺮض ﺿﺮﻳﺒﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺼﺤﺢ أﺧﻄﺎء ﻫﺎ.