Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﻫﻤﺠﻴﺔ ﻏﲑ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ

-

ﻣﺎ إن أﻧﻬﻴﺖ ﻗﺮاء ة ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺑﻌﺪد »اﻷوﺑﺰﻳﺮﻓﺮ« اﻷﺣﺪ اﳌﺎﺿﻲ، ﺣﺘﻰ ﺗﺮدد ﺻﺪى أﺑﻲ اﻟﻌﻼء اﳌﻌﺮي ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻤﻌﻲ: »ﻫﺬا ﻣﺎ ﺟﻨﺎه أﺑﻲ ﻋﻠﻲ... وﻣﺎ ﺟﻨﻴﺖ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ«. ﻣﻦ اﻟﺮﻗﺔ، اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﳌﺰﻋﻮﻣﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ داﻋـﺶ، ﻛﺘﺐ ﻣﺎرﺗﻦ ﺗﺸﻮﻟﻮف ﻋﻦ ﻣﺂﺳﻲ أﻃﻔﺎل وﻟﺪوا ﻵﺑــﺎء ﻳﻨﺘﻤﻮن ﻟﺘﻮﺣﺶ ﻣـﻦ زﻋـﻤـﻮا أﻧﻬﻢ »ﻣـﺠــﺎﻫـﺪو­ن«، ﺛـﻢ إﻣﺎ أﻧﻬﻢ ﻗﺘﻠﻮا، أو ﻫﻢ ﻓـﺎرون ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﻘﻬﻘﺮوا، إذ ﺗﻮاﻟﺖ ﻫﺰاﺋﻤﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق، وﺑﺎﺗﻮا ﻳﻮاﺟﻬﻮن اﻟﻔﻨﺎء اﻟﺘﺎم ﻓﻮق ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻴﻮب ﺑﺴﻮرﻳﺎ.

ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ، ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ، ﻣﺎذا ﻗﺼﺪ أﺑﻮ اﻟﻌﻼء اﳌﻌﺮي ﺑﻤﺎ »ﺟﻨﺎه« أﺑﻮه ﻋﻠﻴﻪ، وﳌﺎذا أراد وﺿﻊ ﺻﻴﺤﺔ اﻟﻔﺰع ﺗﻠﻚ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮه. إﻧﻤﺎ واﺿﺢ ﻟﻜﻞ ذي ﺑﺼﺮ وﺑﺼﻴﺮة ﻣﺪى إﺟﺮام ﻣﻦ اﻧﺘﺴﺒﻮا ﻷﺣﺪ أﺑﺸﻊ ﺻﻮر ﺗﻨﻈﻴﻤﺎت »اﻟﺠﻬﺎد«، ﺛﻢ ﻧﺴﺒﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ، وﺳﻮء أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻺﺳﻼم، دﻳﻨﴼ وﻣﻨﻬﺎﺟﴼ، ﺑﻞ وﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ، أﻣﺔ وﺗﺎرﻳﺨﴼ. أن ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻦ اﻟﺤﺮوب ﻣﺂﺳﻲ ﺗﺮﻣﻞ أﻣﻬﺎت وﻳﺘﻢ أﻃﻔﺎل، ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟﺠﺪﻳﺪ. ﻣﺎ ﻣﻦ ﺣﺮب - ﻣﺬ ﻋﺮف اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻴﺖ إﻧﺴﺎﻧﻴﺘﻪ ﻓﻴﺒﺴﻂ ﻳﺪه ﺑﻘﺘﻞ إﻧﺴﺎن آﺧﺮ - إﻻ ﺷﺮﻋﺖ اﻷﺑــﻮاب ﻟﻠﻤﻮت، واﻟﻨﻮاﻓﺬ. اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، ﺛﻜﺎﻟﻰ وأﻳﺘﺎم وأراﻣﻞ. ﻟﻜﻦ ﻫﻤﺠﻴﺔ »داﻋﺶ« ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ. ﻣﺜﻼ، أن ﻳﺤﺮق ﺣﻴﴼ اﻟﻄﻴﺎر اﻷردﻧــﻲ ﻣﻌﺎذ اﻟﻜﺴﺎﺳﺒﺔ، ﺑﺎﺳﻢ ﺧﺎﻟﻖ اﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﴼ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻳﺤﻤﻞ وزر ﺣﺮق ﻗﻠﻮب أﺑﻮﻳﻪ وأﺣﺒﺎﺋﻪ، ﺑﻞ ﻓﻴﻪ ﺟﺮم أﻗﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل ﻓﻲ وﺻﻔﻪ ﻫﻮ أﻧﻪ اﺟﺘﺮاء ﻓﻈﻴﻊ ﻋﻠﻰ رﱢب اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌﲔ، اﻟﺬي ﻫﻮ وﺣﺪه ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺮار، ﳌﻦ ﻫﻲ اﻟﻨﺎر وﻣﻦ ﻫﻢ وﻫﻦ أﻫﻞ اﻟﻔﺮدوس اﻷﻋﻠﻰ. ﻗﺪ ﺗﻜﻮن ﻣﻼﺣﻈﺘﻲ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮة، ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻗﻮﻟﻬﺎ. اﻟﻮاﻗﻊ أن ﻣﺎ ﺟﺮى ﻣﻦ ﺗﺴﺎﺑﻖ ﺑﲔ وﺳﺎﺋﻞ إﻋﻼم ﻋﺪة ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻤﻴﻢ ﻓﻴﺪﻳﻮ ذﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺸﻨﻴﻊ ﻋﺒﺮ ﻓﻀﺎء اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻔﻬﻮﻣﴼ آﻧﺬاك )٣-١-٥١٠٢(، وﻟﻴﺲ ﻣﺒﺮرﴽ، ﺗﺤﺖ أي ﺗﺬرع ﻣﻬﻨﻲ، اﺳﺘﻤﺮار ﺗﻮﻓﺮه، ﺑﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹﺳﻬﺎم ﻓﻲ ﺗﺮوﻳﺞ ﺟﺮﻳﻤﺔ، واﻷﺳـﻮأ أﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻌﺮض، ﺿﻤﻦ ﻣﻨﺎﻫﺞ ﺗﻄﺮف داﻋﺸﻲ ﻳﻘﻠﺐ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﻳﺰﻳﻦ ﺳﻮء اﻷﻋﻤﺎل، أﻣﺎم ﺻﺒﻴﺔ وأﻃﻔﺎل، إﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ اﻟﺘﺮﻏﻴﺐ، أو ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﺘﺮﻫﻴﺐ.

ﺗـﻠـﻚ ﺑـﺸـﺎﻋـﺔ ﻟــﻢ ﻳﻬﻀﻤﻬﺎ أي ﻋـﻘـﻞ ﺣــﲔ وﻗــﻮﻋــﻬـ­ـﺎ، ﺑـﻴـﺪ أن ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﺎ ﻟــﻢ ﻳــﻚ ﻣــﻦ اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ. ﺗـﻤـﺎﻣـﴼ ﻛـﻤـﺎ ﺣـﺼـﻞ ﻣــﻊ ﻣﻌﻈﻢ ﺳــﺎﺑــﻘــ­ﺎﺗــﻬــﺎ. ﺣــﻘــﴼ، ﻣـــﺎ أﺳــﻬــﻞ اﻟــﻨــﺴــ­ﻴــﺎن، وﻣــــﺎ أﺳـــــﺮع أن ﺗﺠﺐ وﻗﺎﺋﻊ ﻳﻮم ﻣﺎ ﻓﻈﺎﺋﻊ أﻣﺲ ﻗﺮﻳﺐ، دع ﻋﻨﻚ اﻟﺒﻌﻴﺪ، ﻓﻬﻞ ﺳﻮف ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ ﻣﺂﺳﻲ أﻳـﺘـﺎم ﻣﺠﺮﻣﻲ »داﻋـــﺶ« ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻴﺎن ﻫﻲ أﻳﻀﴼ؟ اﻷرﺟﺢ ﻛﻼ. إﻧﻤﺎ، أﻟﻴﺲ ﻣﻤﻜﻨﴼ ﻋﻤﻞ ﺷﻲء ﻣﺎ ﻳﻨﻘﺬ أوﻟﺌﻚ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻨﺎه آﺑﺎؤﻫﻢ؟ ﺑﻠﻰ، ﺑﻮﺳﻊ ﻋﻮاﺻﻢ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋـﺪة - ودﻣﺸﻖ ﻫﻲ اﻷوﻟــﻰ - أن ﺗﻔﺘﺢ أﺑــﻮاب رﺣﻤﺔ ﺗﻮﻓﺮ اﳌﻼذ اﻵﻣﻦ ﻷﻳﺘﺎم ﻣﺎ ﺟﻨﻰ أي ﻣﻨﻬﻢ ذﻧﺐ أﻧﻪ وﻟﺪ ﻷب إﻣﺎ ﺿﻠﻞ، أو ﻫﻮ ﺿﺎل ﻣﻦ اﻷﺻﻞ. ﻟﺴﺖ أدري ﻣﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻨﻊ إﻧﻘﺎذ أوﻟﺌﻚ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ اﺣﺘﻤﺎل اﻟﺘﺸﺮد، أو اﻟﻀﻴﺎع، أو ﺣﺘﻰ اﺣﺘﻤﺎل اﻷﺧﺬ ﺑﻤﻨﻬﺞ ﺿﻼل اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻷﻳﺎم، ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺪا اﻵن أﻧﻪ ﺿﺌﻴﻞ.

ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق ذاﺗﻪ، أﻣﺎ آن وﻗﺖ ﺗﺼﺪي ﻋﻮاﺻﻢ اﻟﻐﺮب ﺑﺠﺪﻳﺔ أﻛﺜﺮ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺾ ﻋﻠﻰ اﻹرﻫﺎب ﺑﺎﺳﻢ دﻳﻦ اﻹﺳﻼم، أو أي ﻣﻨﻬﺎج ﻣﺘﻄﺮف، أﻳﴼ ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺎر أو اﻟﺮاﻳﺔ؟ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﺘﺴﺎؤل ﺗﺤﻘﻴﻖ إﺧـﺒـﺎري ﺻــﺎدم أﺟــﺮاه ﻣـﺎرﺗـﻦ ﺑﺸﻴﺮ، ﻣـﺮاﺳـﻞ اﻟﺸﺆون اﻟـﺪﻳـﻨـﻴـ­ﺔ ﻟـﺘـﻠـﻔـﺰﻳ­ـﻮن »ﺑـــﻲ ﺑــﻲ ﺳـــﻲ« اﻷﺳــﺒــﻮع اﳌــﺎﺿــﻲ، وأﺛـﺒـﺖ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ وﺟﻮد ﻣﻄﺒﻮﻋﺎت ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷردﻳﺔ ﺗﻮزع ﻣﺠﺎﻧﴼ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺴﺎﺟﺪ ﻟﻨﺪن، وﺗﺤﺮض ﺻﺮاﺣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﻞ ﻏﻴﺮ اﳌﺴﻠﻢ. أﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻫﻜﺬا اﺳﺘﺨﻔﺎف ﺑﺤﻴﺎة اﻟﺒﺸﺮ، وأﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ، ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ ردع ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺴﺎء اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ؟

ﻧﻌﻢ، إذا أراد اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ اﺳﺘﺌﺼﺎل ﺳﺮﻃﺎن اﻹرﻫﺎب ﻗﺒﻞ أن ﻳﺴﺘﻔﺤﻞ أﻛﺜﺮ، ﻓﻼ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺟﺎدة ﻣﻊ ﻛﻞ أﺳﺒﺎﺑﻪ، وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﻬﺎ وﻗﻒ اﺳﺘﺪراج اﳌﺮاﻫﻘﲔ إﻟﻰ ﺷﺒﺎك ﻣﻨﺎﻫﺞ اﻟﺘﻄﺮف. ﻗﺒﻞ »اﻷوﺑﺰﻳﺮﻓﺮ«، إﺣـﺪى أﻋـﺮق ﺻﺤﻒ اﻷﺣـﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، أﺷﺎرت »اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳــﻂ« إﻟـﻰ ﻣﺂﺳﻲ أﻃﻔﺎل ﻃﺎﻟﻬﻢ ذﻟـﻚ اﻟﺴﺮﻃﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻛﺘﺒﺘﻪ ﻫـﺪى اﻟﺤﺴﻴﻨﻲ وﻧـﺸـﺮ ﺑﺘﺎرﻳﺦ ٧١-٣-٦١٠٢ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان: »ﻫﺬا ﻫﻮ )داﻋﺶ( وﻫﺆﻻء ﻫﻢ أﻃﻔﺎﻟﻪ«. ﺗﻀﻤﻦ ذﻟﻚ اﳌﻘﺎل ﻣﻦ ﺻﻮر اﻟﺘﻮﺣﺶ ﻓﻲ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ وﺗﺸﻮﻳﻬﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻔﺰع ﻛﻞ ذي ﻗﻠﺐ وﺿﻤﻴﺮ. ﺗﺄﺧﺮت اﳌﻮاﺟﻬﺔ؟ ﻧﻌﻢ. ﻟﻜﻦ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﺖ ﺑﻌﺪ. ﻟﻴﺲ اﳌﻄﻠﻮب ﻓﻘﻂ إﻧـﻘـﺎذ أﻳـﺘـﺎم ﻣﺠﺮﻣﻲ »داﻋــﺶ«، ﺑﻞ أﻳﻀﴼ اﻟﺤﻴﻠﻮﻟﺔ دون إﻧﺠﺎب اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ أﻣﺜﺎﻟﻬﻢ، ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻣﺤﺘﻤﻼ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia