ﺻﺮﺧﺔ ﻓﻴﻠﺴﻮف ﻓﻲ وﺟﻪ »اﻻﺧﺘﻼل اﻷﺧﻼﻗﻲ ﻟﻠﻐﺮب«
اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻴﻨﺘﻮن ﻋﻦ ﺧﺪﻳﻌﺔ اﻟﻔﺮد اﳌﺘﻮج ﻣﻦ دون ﺻﻼﺣﻴﺎت
اﻷزﻣـــــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻤــﺮ ﺑــﻬــﺎ اﻟــﺤــﻀــﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮد اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮض أن ﺳــﻌــﺎدﺗــﻪ ﻫــﻲ اﳌــﺤــﻮر ﻳـﻌـﻴـﺶ أزﻣــﺔ ﻫــﻮﻳــﺔ ﺗـﻌـﺼـﻒ ﺑــﻪ وﺗــﻌــﺮﺿــﻪ ﻟﻀﻴﺎع ﻛﻤﺎ ﺗﺠﺮه إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ذاﺗﻪ
»ﺑـﺪءﴽ ﻣﻦ ﻋﺎم ٠٦٩١ دﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪة، ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ أن ﻋﺎش ﻣﺜﻴﻼ ﻟﻬﺎ، أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﺎدر أن ﻧﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ وﺿـﻊ ﻣﺸﺎﺑﻪ، ﺣــﻴــﺚ ﺻــــﺎر ﻛـــﻞ ﻣــﻨــﺎ ﻣــﺘــﻮﺟــﴼ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش ﺳﻠﻄﺔ ﻓﺮدﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ. اﻟـــــﻔـــــﺮد ًاﻟــــﻐــــﺮﺑــــﻲ ﺗــــﺤــــﺪﻳــــﺪﴽ، ﺻـــﺎر ﻣﺴﺘﻘﻼ، ﻣـﺘـﺤـﺮرﴽ، ﻣـﻦ أي ﻋﻮاﺋﻖ ﻋﻠﻮﻳﺔ أو ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﺗﻜﺒﺢ ﺟﻤﺎﺣﻪ. ﻛــﻞ ﻓـــﺮد ﻫــﻮ ﺑـﺸـﻜـﻞ ﻣــﻦ اﻷﺷــﻜــﺎل، إﻣــﺒــﺮاﻃــﻮر ﻋــﻠــﻰ ﻣـﻤـﻠـﻜـﺘـﻪ، ﻳﻔﻌﻞ ﺑــﺤــﻴــﺎﺗــﻪ اﻟـــﺨـــﺎﺻـــﺔ ﻣــــﺎ ﻳـــﺸـــﺎء.« ﺑــﻬــﺬه اﳌــﻘــﺪﻣــﺔ ﻳــﺒــﺪأ اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف وأﺳــــــﺘــــــﺎذ اﻟــــﻌــــﻠــــﻮم اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻴــﺔ ﻓـــﻲ »ﺟــﺎﻣــﻌــﺔ رﻳـــــﻦ« اﻟــﻔــﺮﻧــﺴــﻴــﺔ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺑﻴﻨﺘﻮن، ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻨﻘﺪي اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ »اﻻﺧــــﺘــــﻼل اﻷﺧــﻼﻗــﻲ ﻟﻠﻐﺮب« اﻟﺬي ﻳﺤﺎول ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻓـــﻬـــﻢ »اﳌـــــــــــﺄزق اﻟــــــــﺬي ﺗــﻌــﻴــﺸــﻪ اﳌــﺠــﺘــﻤــﻌــﺎت اﻟــﻐــﺮﺑــﻴــﺔ ﺑــﻌــﺪ أن ﺳﺠﻨﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺤﺪدة ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻗﻴﻮد ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻔﻜﺎك ﻣﻨﻬﺎ.« وﻫﻲ ﻗـﻴـﻮد اﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣﺴﻠﻤﺎت ﻻ ﺗــﻨــﺎﻗــﺶ ﺳــﻠــﺒــﻴــﺎﺗــﻬــﺎ ﻣــﺜــﻞ »اﻟـــﺤـــﺮﻳـــﺔ« و»اﳌﺴﺎواة« وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن.« اﻟﻌﻨﻮان ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻜﺘﺎب أﻣﲔ ﻣﻌﻠﻮف »اﺧﺘﻼل اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﻟﻜﻦ ﻫـﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻳﺮﻛﺰ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ وﻳﺸﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺠﻮﻣﴼ ﻋﻨﻴﻔﴼ.
ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﻜﺘﺎب أﻧﻪ ﻳﺴﺄل –وﻫﻮ ﻧﺎدرﴽ ﻣــﺎ ﻳــﺤــﺪث- إن ﻛـﺎﻧـﺖ ﻫــﺬه اﳌـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻬﺎ اﻟﻐﺮب وﻳﻌﻤﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺧﻴﺮﴽ ﻣﻄﻠﻘﴼ؟
ﻳﻔﺮق اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﲔ »اﻟﺤﺮﻳﺔ« ﻛﻤﻔﻬﻮم، و»اﻟﺘﺤﺮر« اﻟـﺬي ﺳﻤﺢ ﻟﻠﻔﺮد ﺑﺄن ﻳﺬﻫﺐ إﻟـــﻰ ﺣــﺪ اﻟـﺘـﻬـﺘـﻚ أﺣــﻴــﺎﻧــﴼ واﻟــﺘــﻌــﺪي ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ أﺣﻴﺎﻧﴼ أﺧﺮى. ﻳﺠﺪ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﺆال إذا ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺴﺎواة ﺗﻌﻨﻲ أﻳﻀﴼ أن ﻧﻌﺎﻣﻞ اﻟﻼﻣﺘﺴﺎوﻳﻦ ﻓﻲ اﳌﻮﻫﺒﺔ واﳌﻬﺎرات، ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ؟ وﻣﻦ ﺑﲔ ﻣﺎ ﻳﺴﺄل إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻨﺎوﻳﻦ ﺗﻨﻀﻮي ﺗﺤﺖ راﻳﺔ »ﺣﻘﻮق اﳌﺮأة« ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻠﺮﺟﻞ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼل اﻟﻨﺴﺎء وﺗﺴﻠﻴﻌﻬﻦ ﻓـﻲ ﻣـﻮاﺿـﻊ ﻋﺪﻳﺪة، وﻗﺒﻮﻟﻬﻦ ﺑﻬﺬا ﻃﻮﻋﴼ ﺑﺤﺠﺔ »اﻟـﺘـﺤـﺮر.« ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺘﻌﺮي ﻋﺪة ﻣﺮات، وﻳـﻔـﺮد ﺑﺎﺑﴼ ﻟـــ »اﳌــﺮأة« وﻣـﻮﺿـﻮع اﻟﺬﻫﺎب ﻓﻲ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺤﻘﻮﻗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ، وﺗـﺤـﺪث ارﺗـﺠـﺎﺟـﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة .
اﻟــﻜــﺘــﺎب ﻳـــﺮى أن ﻣــﺎ اﻋــﺘــﺪ ﺑــﻪ اﻟــﻐــﺮب ﺑـﺎﺳـﺘـﻤـﺮار، ﺻـﺎر ﺗـﺤـﺪﻳـﺪﴽ ﻣــﺼــﺪر اﻟـﺨـﻄـﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟـــﺬي ﻗﺪ ﻳﻮدي ﺑﻪ، وأن اﻟﺤﺠﺐ ﺑﺪأت ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻣﻊ ﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﺘﺮاﺟﻊ اﻷﺧﻼﻗﻲ. ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻜﺎﺗﺐ إﻟﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﺮﻳﺌﺔ، وأﻛﺜﺮ واﻗﻌﻴﺔ، ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻮازن ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺎ اﻋﺘﺒﺮ ﻣـﻦ اﳌـﺪاﻣـﻴـﻚ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ .
ﺑــﻴــﻨــﺘــﻮن ﻳــﻌــﺘــﺒــﺮ أن ﺛـــﻤـــﺔ ﻧـــﻮﻋـــﴼ ﻣـﻦ اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ، ﻳﺠﺮ إﻟﻰ اﻧﺤﺮاﻓﺎت ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻮك واﻫﺘﺰاز ﻓﻲ اﳌﻌﺎﻳﻴﺮ. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓــﺈن ﻫــﺬه اﻷزﻣــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﺗﺠﻌﻞ ﻣـﻦ اﻟـﻔـﺮد اﻟــﺬي ﻳﻔﺘﺮض أن ﺳﻌﺎدﺗﻪ ﻫﻲ اﳌﺤﻮر ﻳﻌﻴﺶ أزﻣﺔ ﻫﻮﻳﺔ ﺗﻌﺼﻒ ﺑـﻪ وﺗﻌﺮﺿﻪ ﻟﻀﻴﺎع ﻛﻤﺎ ﺗﺠﺮه إﻟﻰ إﻋﺎدة اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ذاﺗﻪ.
وﻣــــﻦ ﻫــﻨــﺎ ﻳــﻔــﺘــﺢ اﻟـــﺒـــﺎب ﻟــﻔــﻬــﻢ ﺳﺒﺐ اﻧـﺠـﺮار ﺑﻌﺾ اﻷوروﺑــﻴــﲔ إﻟـﻰ اﻻﻧـﺨـﺮاط ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎت إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ. وﻫﻮ أﻳﻀﴼ ﻣـﺎ ﻳﺄﺧﺬ ﺣﻴﺰﴽ ﻣـﻦ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺎﺗﺐ، اﻟـﺬي ﻳـﺘـﺤـﺪث ﻋــﻦ ﻓـــﺮاغ ﻓــﻲ اﻻﻧــﺘــﻤــﺎء، ﺗﻌﻴﺸﻪ اﻷﺟـﻴـﺎل اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة. وﻫــﻮ ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﺟـﺰءﴽ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻷﺟﻴﺎل اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺘﻬﺎ.
ﻓﻜﻴﻒ ﳌﺠﺘﻤﻊ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺘﻮازﻧﴼ، ﺣﲔ ﻳﺮﺑﻲ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ أن ﻟﻴﺲ ﺛﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻀﺤﻮا ﻣﻦ أﺟﻠﻪ، وأن اﻟﺬات ﻫﻲ اﳌﺤﻮر واﻟﻬﺪف واﻟﻐﺎﻳﺔ.
ﺑﺤﻜﻢ اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﺒﺪو اﻹﻧﺴﺎن اﻷوروﺑﻲ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺑﻨﻴﺘﻮن ﻛﺄﻧﻪ ﻣﻨﺢ ﻛﻞ ﺷﻲء، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻖ ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ، ﻷن اﻟﻔﺮد ﻣﺤﻜﻮم ﺑﻤﺆﺛﺮات وﻗﻴﻮد ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ، واﻷﻫـﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ، ﻷﻧـﻪ ﻣﻨﺴﺎق ﺑﺘﻴﺎر ﺟﺎرف، وﻫﺬا ﻓﻲ رأﻳﻪ ﻣﻦ أﻫﻢ ﺳﻤﺎت اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ . ﻋـــﻨـــﺎوﻳـــﻦ ﺳــــﺎﺧــــﺮة، أﺳــﻠــﻮب ﻳــــﻌــــﺘــــﻤــــﺪ ﻋـــــﻠـــــﻰ إﺑــــــــــــــﺮاز ﻓـــــﺪاﺣـــــﺔ اﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﺟﻨﺒﴼ إﻟـﻰ ﺟﻨﺐ، دون أن ﺗﺜﻴﺮ اﻋﺘﺮاض أﺣـــــﺪ أو ﺣــﺘــﻰ ﺗــﺴــﺘــﺪﻋــﻲ ﻧــﻘــﺎﺷــﴼ واﺳــﻌــﴼ. ﻧـﻘـﺮأ ﻓــﻲ ﺑــﺎب »اﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ اﻟـﻼﻣـﺘـﻌـﻘـﻠـﺔ« ﻋــﻦ اﻟــﺨــﻄــﺮ اﻟــﻨــﻮوي اﻟﺬي ﻳﺘﻮﺳﻊ، اﻟﺘﻠﻮث اﻟﺬي ﻳﺰداد، اﻟــــﺒــــﺬخ اﻟـــﻔـــﺎﻗـــﻊ ﻣــــﻊ ارﺗــــﻔــــﺎع ﻧـﺴـﺒـﺔ اﻟﻔﻘﺮ، اﻟﻌﻤﺮان وﻫﻮ ﻳﺄﻛﻞ اﳌﺴﺎﺣﺎت اﻟـﺨـﻀـﺮاء، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﺗﺒﺪو ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻠﺤﻆ ﻛـﻞ ﻫــﺬه اﳌﺨﺎﻃﺮ أو ﺗــﺄﺧــﺬﻫــﺎ ﺑــﻌــﲔ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺔ. وﻓــــﻲ ﺑــﺎب »اﻷﻗــــــﻮﻳــــــﺎء واﻟـــﻀـــﻌـــﻔـــﺎء« ﻳـــﺸـــﺮح أن اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺑﲔ اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻟﻔﻘﺮاء، ﺑﻞ أﺻﺒﺤﺖ اﳌﺸﻜﻠﺔ أﻓﻘﻴﺔ، ﺑـــﻌـــﺪ أن اﻧـــﺘـــﺸـــﺮ اﻟــــﻔــــﺴــــﺎد واﻟـــﺘـــﻬـــﺮب اﻟﻀﺮﻳﺒﻲ، واﻟﺘﻼﻋﺐ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻛﻤﺎ ﻓـــﻲ اﻟــﺸــﺮﻛــﺎت اﻟــﺨــﺎﺻــﺔ، ﻓـــﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟـــﺪول اﻷوروﺑــﻴــﺔ، ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﴼ أن ﺗﺤﺘﺞ وزارة اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﺔ ﻣﻦ أم أو أب ﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﻔﺎه، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﺒﺄ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻟﻠﺼﻮر وأﻓﻼم اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺪﻣﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﻮاﺗﻒ اﻟﺘﻼﻣﺬة. ﻳــﺪﻋــﻮ ﻫــــﺬا اﻟــﻜــﺘــﺎب اﻟـــــﺬي ﻫـــﻮ أﺷـﺒـﻪ ﺑﺼﺮﺧﺔ اﺣـﺘـﺠـﺎج، إﻟــﻰ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺟﺮﻳﺌﺔ، وأﻛﺜﺮ واﻗﻌﻴﺔ، ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻮازن، ﻟﻠﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﺑﺴﺒﺐ اﳌـﺴـﺎواة اﳌﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺪ اﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﻋﻦ اﻟﺠﺪارة واﳌﻮﻫﺒﺔ ﻓــﻲ ﺑـﻌـﺾ اﻷﺣــﻴــﺎن. وﻣـﻌـﺮﻓــﺔ اﻟــﻔــﺮق ﺑﲔ ﻣــﺎ ﻳــﺮﺟــﻊ إﻟـــﻰ اﻟــﺤــﺮﻳــﺔ وﻣـــﺎ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟــﻰ اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗـﻄـﺎق. وﻣﺎ ﻫــــﻲ اﻟــﺘــﻜــﻨــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺎ وﻛــﻴــﻔــﻴــﺔ اﳌــﺤــﺎﻓــﻈــﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻔﺮدﻳﺔ وﻣـﺎ ﻳﺴﺘﺘﺒﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺰاﻣﺎت اﳌﻮاﻃﻦ، ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻣﻌﻠﻤﴼ أو أﺑﴼ أو ﻃﻔﻼ . أﺳــﺌــﻠــﺔ ﻛــﺜــﻴــﺮة وإﺷــﻜــﺎﻟــﻴــﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗﺼﺐ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻨﺎة واﺣﺪة ﻫﻲ: ﻛﻴﻒ اﺳﺘﻄﺎع اﻟﺴﻠﻮك اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أن ﻳﺘﻼﻋﺐ ﺑﻤﺎ ﻛـﺎن ﻳﻈﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أﻧـﻪ ﻣﺒﺎدئ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﺨﻠﻖ ﻣﺠﺘﻤﻌﴼ أﻛﺜﺮ ﺳـﻌـﺎدة وﻋـﺪاﻟـﺔ. ﻟﻴﺘﻀﺢ ﺑﻌﺪ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ أن اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﻌــﻤــﻖ ﻟــﻴــﺴــﺖ ﺗــﻘــﻨــﻴــﺔ وﻻ ﻓـﻠـﺴـﻔـﻴـﺔ ﺑـــﻞ ﻓـــﻲ اﻟــﻨــﻔــﺲ اﻟــﺒــﺸــﺮﻳــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﺘـﺤـﺎﻳـﻞ ﻋــﻠــﻰ ﻛـــﻞ ﻗـــﺎﻧـــﻮن وﻣـــﻔـــﻬـــﻮم ﻟــﺘــﺬﻫــﺐ إﻟــﻰ ﻫـﻮاﻫـﺎ وﻣﺒﺘﻐﺎﻫﺎ. وﺑﻨﻴﺘﻮن ﻳﺸﺮح ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻮل: »إن ﺟﺬر اﻟﺸﺮ، ﺧﻼﻓﴼ ﻻدﻋــﺎءات اﻷﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﲔ، ﻻ ﺗﻤﻜﻦ إزاﻟـﺘـﻪ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟــﻈــﺮوف اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ. ﻫـﺬا اﻟـﺸـﺮ ﻣﺘﺄﺻﻞ ﻓــﻲ اﻹﻧــﺴــﺎن، ﻫــﻮ ﻓــﻲ ﻗﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن. ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف.«