دراﺳﺔ ﺗﻨﺘﻘﺪ »اﻟﺤﻠﻮل ﻗﺼﻴﺮة اﳌﺪى« ﻟﻸوﺿﺎع ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ
رﺻﺪت دراﺳﺔ أﻋﺪﻫﺎ »ﻣﺮﻛﺰ ﻛﺎرﻧﻴﻐﻲ« ﻟﻸﺑﺤﺎث، اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﺠﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟــﺠــﺰاﺋــﺮﻳــﺔ اﻟـﺤـﺎﻟـﻴـﺔ، ﻣـﻌـﺘـﺒـﺮة أﻧــﻬــﺎ »ﺗﻤﺜﻞ ﺣــﻼ ﻗﺼﻴﺮ اﳌـــﺪى ﻟﻠﻤﺸﻜﻼت اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ وﻟﻠﺘﻮازن اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﻬﺶ«.
وﻧــﺸــﺮ »ﻣــﺮﻛــﺰ ﻛــﺎرﻧــﻴــﻐــﻲ« اﳌﺘﺨﺼﺺ ﻓــﻲ اﻷﺑــﺤــﺎث ﺣــﻮل اﻟــﺴــﻼم، ﺗـﻘـﺮﻳـﺮﴽ ﺣﺪﻳﺜﴼ ﺣـﻮل اﻷوﺿــﺎع ﺑﺎﻟﺠﺰاﺋﺮ، ﺟـﺎء ﻓﻴﻪ اﻋﺘﻤﺎد اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ ﻋـــﻠـــﻰ ﻃـــﺒـــﻊ اﻷوراق اﻟــﻨــﻘــﺪﻳــﺔ ﳌﻮاﺟﻬﺔ أزﻣــﺔ ﺷـﺢ اﳌـــﻮارد اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻧﺨﻔﺎض أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ، »ﻳﺘﻴﺢ ﺗﺴﺪﻳﺪ اﻟــﺪﻳــﻮن اﳌــﺘــﺄﺧــﺮة اﳌﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻄﺒﻘﺔ اﻷﻋﻤﺎل، واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺎدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﳌﺤﻠﻲ، وزﻳﺎدة اﻟﺮأﺳﻤﺎل واﻹﻧﻔﺎق ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﻔﺎﺋﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮﻛﺎت واﻷﺳﺮ اﻟﺠﺰاﺋﺮﻳﺔ«.
وأﺷــــﺎر إﻟـــﻰ أن ﻫـــﺬه اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ »ﺗﻤﻨﺢ ﺑﻌﺾ اﳌﺘﻨﻔﺲ ﻟﻘﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺆدي إﻟــﻰ إرﺟــﺎء أي ﺗﺨﻔﻴﻀﺎت ﻣﺆﳌﺔ ﺳــﻮاء ﻓﻲ رواﺗﺐ ﻣﻮﻇﻔﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم، اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻘﻮض اﻟﺪﻋﻢ ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ اﻟﺨﺪﻣﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ، وﻓــﻲ رواﺗـــﺐ اﳌﻌﻠﻤﲔ، أو ﻓــﻲ اﻹﻧــﻔــﺎق ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻣﻦ ﺷـــﺄن اﻟـﺘـﺨـﻔـﻴـﻀـﺎت أن ﺗـﺜـﻴـﺮ ﻏـﻀــﺐ اﻟـــﺮأي اﻟﻌﺎم«.
وﺻـﺮح أوﻳﺤﻴﻰ، اﻟﺸﻬﺮ اﳌﺎﺿﻲ، أﻣﺎم اﻟﺒﺮﳌﺎن، ﺑـﺄن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟﻦ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﺪﻳﺪ أﺟــــــﻮر ﻣـــﻼﻳـــﲔ اﻟـــﻌـــﻤـــﺎل واﳌـــﻮﻇـــﻔـــﲔ ﻟـﺸـﻬـﺮ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗـﺸـﺮﻳـﻦ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ( اﳌـﻘـﺒـﻞ، ﻓــﻲ ﺣﺎل ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺣﻼ ﻋﺎﺟﻼ ﻷزﻣـﺔ اﻟﺴﻴﻮﻟﺔ. واﻟﺤﻞ اﻟــــﺬي اﻗــﺘــﺮﺣــﻪ ﻫــﻮ ﻃــﺒــﻊ ﻣــﺰﻳــﺪ ﻣــﻦ اﻷوراق اﻟﻨﻘﺪﻳﺔ، ورﻓﺾ ﺑﺸﺪة ﺗﺤﺬﻳﺮات ﺧﺒﺮاء ﻓﻲ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد، ﻣـﻤـﺎ ﺳﻴﺨﻠﻔﻪ ﻫــﺬا اﻹﺟــــﺮاء ﻣﻦ ارﺗــﻔــﺎع ﻓــﻲ ﻣـﻌـﺪل اﻟﺘﻀﺨﻢ وﺗــﺪﻫــﻮر ﻗﻴﻤﺔ اﻟﺪﻳﻨﺎر.
وذﻛﺮت اﻟﺪراﺳﺔ أن أوﻳﺤﻴﻰ »ﻳﺘﺼﺮف ﺑﺤﺬر أﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻮاردات، ﻣﺤﺎوﻻ اﻟــﺘــﻮﻓــﻴــﻖ ﺑــﲔ ﻣــﺼــﺎﻟــﺢ ﻟــﻮﺑــﻲ اﻻﺳــﺘــﻴــﺮاد اﻟﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﻈﻞ إﻧﻤﺎ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﻨﻔﻮذ، واﻟــﺤــﺎﺟــﺔ إﻟـــﻰ ﺧــﻔــﺾ ﻣــﺸــﺘــﺮﻳــﺎت اﻟﺴﻠﻊ اﻷﺟـﻨـﺒـﻴـﺔ. وﻗــﺪ ﻋـﻤـﺪ رﺋــﻴــﺲ اﻟـــــﻮزراء إﻟـﻰ إﻟــﻐــﺎء اﻟــﻘــﻴــﻮد اﻟــﺘــﻲ ﻓـﺮﺿـﻬـﺎ ﻋـﺒـﺪ اﳌﺠﻴﺪ ﺗـــﺒـــﻮن )رﺋــــﻴــــﺲ اﻟــــــــــﻮزراء اﻟـــﺴـــﺎﺑـــﻖ( ﻋـﻠـﻰ اﻟﺘﺠﺎرة، ﻟﻜﻨﻪ أﻋﻠﻦ أﻳﻀﴼ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻣﻦ أﻛﺘﻮﺑﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( أﻧﻪ ﻳﻨﻮي ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺷﺮوط أﺷﺪ ﺻﺮاﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﻮاردات ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﺼﺎرف اﳌﺤﻠﻴﺔ«.
وأﻗــﺎل اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ، ﺗﺒﻮن، ﻓﻲ ٥١ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳﻠﻮل( اﳌﺎﺿﻲ ﺑﻌﺪ ٣ أﺷـﻬـﺮ ﻣــﻦ ﺗﻌﻴﻴﻨﻪ ﻋـﻠـﻰ رأس اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﻳــﻌــﻮد اﻟـﺴـﺒـﺐ إﻟــﻰ إﺟـــــﺮاءات اﺗـﺨـﺬﻫـﺎ ﻓﻲ ﻣــﺠــﺎل اﻟـﺘـﺼـﺪﻳـﺮ واﻷﻋــﻤــﺎل اﻟــﺤــﺮة، أﺿــﺮت ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ رﺟﺎل أﻋﻤﺎل ﻣﻘﺮﺑﲔ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ، ﺧـــﺼـــﻮﺻـــﴼ ﺷــﻘــﻴــﻘــﻪ وﻛـــﺒـــﻴـــﺮ ﻣــﺴــﺘــﺸــﺎرﻳــﻪ، اﻟﺴﻌﻴﺪ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ اﻟــﺬي ﻳﻤﻠﻚ ﻧﻔﻮذﴽ ﻛﺒﻴﺮﴽ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد إﻟﻰ درﺟﺔ أن ﻣﺮاﻗﺒﲔ ﻳﺮﺷﺤﻮﻧﻪ ﻟﺨﻼﻓﻪ أﺧﻴﻪ.
ووﺻﻔﺖ اﻟﺪراﺳﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﺒﻮن ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﺎﺷﻠﺔ، وﻗـﺎﻟـﺖ إﻧــﻪ »ﺣـــﺎول ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷزﻣــﺔ ﺑــﻄــﺮﻳــﻘــﺘــﲔ اﺛـــﻨـــﺘـــﲔ: اﻟـــﺘـــﺸـــﺪد ﻓـــﻲ اﻟــﻘــﻴــﻮد واﻟﺤﺼﺺ اﳌﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟــﻮاردات ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺎب اﳌﺎﻟﻲ، واﺳﺘﻬﺪاف اﻷوﻟـــﻴـــﻐـــﺎرﺷـــﻴـــﲔ اﻟـــﺠـــﺰاﺋـــﺮﻳـــﲔ وﺗــﺪﺧــﻠــﻬــﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﳌﺰﻋﻮم، ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟـﺪﻋـﻢ ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﺘﻘﺸﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ. ﻓﻲ ﺣــﲔ أﻧـــﻪ ﻟـﻴـﺲ واﺿــﺤــﴼ ﻣــﺎ اﻻﺳـﺘـﺮاﺗـﻴـﺠـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻛـــﺎن ﺗــﺒــﻮن ﻳــﻨــﻮي اﺗـﺒـﺎﻋـﻬـﺎ ﻓــﻲ اﳌــﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ )وﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ أﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ أي اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ(، وﻗــﺪ ﺗﻀﻤﻦ ﺟــﺪول أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻋـﺘـﺮاﺿـﴼ واﺿــﺤــﴼ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻬﺮﻳﺐ واﳌﺤﺴﻮﺑﻴﺎت اﻟﻔﻮﺿﻮﻳﺔ، اﻟﺘﻲ اﻧﻄﺒﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﺒﻼد ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت. ﻓــﻬــﻮ اﻋــﺘــﺒــﺮ أﻧـــﻪ ﻳــﺠــﺐ أن ﻳــﺪﻓــﻊ اﳌــــــﻮردون وﻃﺒﻘﺔ اﻷﻋــﻤــﺎل ﺛﻤﻦ اﻟﺘﻌﺪﻳﻞ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﳌﺆﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد«.
وأﺿــﺎﻓــﺖ اﻟـــﺪراﺳـــﺔ أن »اﻟـﻨـﻘـﻄـﺔ اﻷﻫــﻢ )ﻓــﻲ ﺳـﻴـﺎﺳـﺔ أوﻳــﺤــﻴــﻰ( ﻫــﻲ أن اﻟــﻬــﺪف ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺴﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻫﻮ ﺗﻔﺎدي اﻟﺘﺪاﺧﻞ ﺑﲔ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻧﺘﻘﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﺒﺎق ﻣﻊ اﻟﻮﻗﺖ، ﺗﺤﺎول اﻟـﺴـﻠـﻄـﺎت ﺿــﻤــﺎن اﻟــﺪﻋــﻢ ﻟـﻬـﺎ ﻣــﻦ اﻟـﺸـﺮاﺋـﺢ اﻷﺳــــﺎﺳــــﻴــــﺔ اﳌــــﻮاﻟــــﻴــــﺔ ﻟـــﻠـــﻨـــﻈـــﺎم، ﻛــﻤــﻮﻇــﻔــﻲ اﻟـﻘـﻄـﺎع اﻟــﻌــﺎم وﻋــﻤــﺎل اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد اﻟﻨﻈﺎﻣﻲ واﻷوﻟــﻴــﻐــﺎرﺷــﻴــﲔ، واﳌــﺴــﺘــﻮردﻳــﻦ. ﻳـﺤـﺪث ﻫﺬا واﻟﺠﺰاﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرف اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺰال ﻣﺤﺎﻃﴼ ﺑﻘﺪر ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺒﺎس، ﺳﻮاء ﺗﺮﺷﺢ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻮﺗﻔﻠﻴﻘﺔ ﻟــﻮﻻﻳــﺔ ﺧﺎﻣﺴﺔ ﻓــﻲ اﻻﻧـﺘـﺨـﺎﺑـﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﻓـﻲ ﻋــﺎم ٩١٠٢، أو اﺳـﺘـﺒـﺪل ﺑﺮﺋﻴﺲ ﻳﺠﺮي اﺧــﺘــﻴــﺎره ﺑــﺘــﺄن، وﺳـــﻮف ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﺟــــــﺎﻫــــــﺪة ﻟـــﺘـــﺠـــﻨـــﺐ ﻣــــﻮاﺟــــﻬــــﺔ اﻟـــﺘـــﺪاﻋـــﻴـــﺎت اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ، اﻟــﺘــﻲ ﻳـﻤـﻜـﻦ أن ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻦ اﻋﺘﻤﺎد إﺟﺮاء ات ﺗﻘﺸﻔﻴﺔ«.