ﺷﻌﺐ ﻳﻘﺮأ... ﺷﻌﺐ ﻳﺒﻘﻰ
ﻟﻨﻨﺲ اﳌﺘﺪاول )ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ( ﻣﻦ أن ﻧﺴﺒﺔ اﻟـــﻘـــﺮاء اﻟـــﻌـــﺮب، ﻗــﻴــﺎﺳــﴼ ﺑــﺴــﻮاﻫــﻢ ﻣــﻦ اﻟــﺸــﻌــﻮب، ﻧﺴﺒﺔ ﺗـﺪﻋـﻮ ﻟـﻠـﺨـﺠـﻞ. أو رﺑـﻤـﺎ ﻣــﺎ ﻋــﺎدت ﺗﺪﻋﻮ ﻟﻠﺨﺠﻞ ﻷن ﻣـﻦ ﻻ ﻳـﻤـﺎرس ﺷﻴﺌﴼ ﻣﻔﻴﺪﴽ ﻳﻤﺤﻮ، ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟـﺤـﺎل، اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ أو اﻟﺨﺠﻞ أو اﻟﺘﻘﺼﻴﺮ. ﻟـﺴـﺎن ﺣــﺎﻟــﻪ، إذا ﻣــﺎ ﺳــﺌــﻞ، »ﻧـﻌـﻢ أﻧـﺎ ﻻ أﻗﺮأ، ﻟﻜﻨﻲ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﻐﺎﻟﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻓﻠﻤﺎذا ﺗﺮﻳﺪﻧﻲ أن أﻛﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﴼ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ؟.«
ﻟﻨﻨﺲ اﳌﺘﺪاول ﻟﻴﺲ ﻫﺮﺑﴼ ﻣﻦ ﺻﺤﺘﻪ، ﻟﻜﻦ ﺗـﻤـﻬـﻴـﺪﴽ ﻟـﻠـﺘـﻔـﺮﻳـﻖ ﺑــﲔ ﻗـــﺮاءة وأﺧــــﺮى. إذا ﻛﻨﺖ اﺷﺘﺮﻳﺖ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﻮرﻗﻲ، أو ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ، ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﻷﻧﻚ ﺗﻘﺮأ. ورﺑﻤﺎ ﺗﻘﺮأ ﻛﻞ اﻟﺼﻔﺤﺎت وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪة. ﻫﺬا راﺋﻊ. ﻟﻜﻦ اﳌﻘﺼﻮد ﻛﺎن، وﻻ ﻳﺰال، ذﻟﻚ اﻟﻨﻮع اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاءة واﻟﻘﺮاء... ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ اﻟﻜﺘﺐ.
ﻓــﻲ ﻣـﻘـﺎﺑـﻠـﺔ ﺗـﻠـﻔـﺰﻳـﻮﻧـﻴـﺔ ﻣــﻊ اﳌـﻔـﻜـﺮ اﳌـﺼـﺮي ﻳﻮﺳﻒ زﻳﺪان ﻓﻲ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻋﻤﺮو أدﻳﺐ »ﻛﻞ ﻳﻮم« ﻗﺒﻞ أﻳـﺎم ﻗﻠﻴﻠﺔ، ذﻛـﺮ اﻟﺴﻴﺪ زﻳــﺪان ﻣﺎ ﻣﻔﺎده أن اﻟــﺸــﻌــﺐ اﻟــــﺬي ﻻ ﻳــﻘــﺮأ ﻻ ﻳــﺒــﻘــﻰ... ﻃــﺒــﻌــﴼ ﻳـﺒـﻘـﻰ ﻛـﻜـﻢ ﻋـــﺪدي، ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻻ ﻳــﺘــﺠــﺎوز اﻟــﻜــﻢ إﻟــﻰ اﻟــﻨــﻮع. ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻻ ﻓﻲ ﺳﻮاه. اﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﳌﻔﻜﺮ زﻳﺪان ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺤﺪدة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: »ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺮج اﻟﻌﺮب ﻣﻤﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻬﻢ أن ﻳـﺸـﺘـﻐـﻞ «، ﺛــﻢ أﺿــــﺎف : »ﻣـﻔـﻴـﺶ أﻣـــﻢ ﻧـﻬـﻀـﺖ إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﻐﻠﺖ ﻣﺨﻬﺎ.«
ﻟﻨﺤﻮ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﺎﺑﻌﺖ ﺣﺪﻳﺜﴼ ﺷﻴﻘﴼ ﻣﻔﺎده أن اﻟـﺸـﻌـﻮب اﻟــﺘــﻲ ﺗـﺒـﻘـﻰ ﻫــﻲ اﻟـﺸـﻌـﻮب اﻟــﺘــﻲ ﺗﻠﺠﺄ ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻓﺘﻘﺮأه. ﻻ ﻳﻬﻢ ﻣـﺎ ﻧـﻮع اﻟﻜﺘﺎب. ﻻ ﻳﻬﻢ ﺣﺠﻤﻪ وﻻ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ، ﺑﻞ اﳌﻬﻢ ﻫﻮ ﺣﺎﻟﺔ رواﺟﻪ وﺣـــﺘـــﻰ ﻳـــﻜـــﻮن راﺋــــﺠــــﴼ، ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﻨـــﺎس أن ﺗــﻮﻟــﻴــﻪ اﻫــﺘــﻤــﺎﻣــﻬــﺎ. أن ﺗــﻤــﺎرس إﺣـــﺪى أﻓــﻀــﻞ اﻟــﻌــﺎدات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ إﻃﻼﻗﴼ وﻫﻲ ﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺐ.
ﻻ ﻧــﺤــﺘــﺎج ﻟــﺘــﺄﻛــﻴــﺪ اﻷﺳــــﺒــــﺎب اﻟـــﺪاﻋـــﻴـــﺔ ﻷن ﻧﺘﺤﻮل ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻪ ﻻ ﻳﻘﺘﻨﻲ اﻟﻜﺘﺐ إﻟﻰ ﺷـﻌـﺐ ﻣﺜﻘﻒ ﻳﻄﺎﻟﻌﻬﺎ وﻳـﺼـﺮ ﻋـﻠـﻰ اﻻﺳــﺘــﺰادة ﻣﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ.
ﻛــﺜــﻴــﺮون ﻳــﻌــﺘــﻘــﺪون أن اﻟـــﻘـــﺮاءة ﺗـــﺮف ﻳـﻘـﺪم ﻋﻠﻴﻪ ﻣــﻦ ﻻ ﻋـﻤـﻞ ﻟــﻪ أو اﳌـﺜـﻘـﻒ اﻟــﺬي ﻻ ﻳـﻤـﺎرس ﻓـــﻲ ﺣــﻴــﺎﺗــﻪ ﺷــﻴــﺌــﴼ آﺧــــﺮ. ﻟــﻜــﻦ اﻟــﺤــﻘــﻴــﻘــﺔ ﻫـــﻲ أن اﻟﻘﺮاءة ﺿﺮورﻳﺔ ﻛﻤﺎ اﻷﻛﺴﺠﲔ. ﻣﻬﻤﺔ ﻛﺎﻟﻄﻌﺎم وﻫـﻲ ﻣﺘﺎﺣﺔ وﺳﻬﻠﺔ ﻛﻤﺎ اﻟﻨﻬﻮض ﻣﻦ اﻟﻔﺮاش وﻓﺘﺢ ﻧﺎﻓﺬة اﻟﻐﺮﻓﺔ، وﺑﻞ أﺳﻬﻞ ﻣﻦ ﻏﺴﻞ اﻟﺸﻌﺮ وﺗﺼﻤﻴﻤﻪ . ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﻓﺘﺢ ﻋﻴﻨﻴﻚ وﻓﺘﺢ ﻛﺘﺎب. ﻫـــﺬا ﻓــﻲ اﳌـــﺒـــﺪأ. ﻣــﺎ ﻋـــﺪا ذﻟــــﻚ، ﻳـﻌـﺘـﻤـﺪ ﻋـﻠـﻰ اﻟــﻮﻗــﺖ اﳌــﻼﺋــﻢ وﻋـﻠـﻰ ﻓـﻨـﺠـﺎن اﻟــﺸــﺎي أو ﻓﻨﺠﺎن اﻟــﻘــﻬــﻮة، وﻛـــﺬﻟـــﻚ ﻋــﻠــﻰ اﳌـــﻜـــﺎن اﻟــــﺬي ﺗــﺸــﻌــﺮ ﻓـﻴـﻪ ﺑﺎﻷﻟﻔﺔ واﻟﺪفء.
اﻟﻌﺎﺋﻖ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟﻮﺣﻴﺪ ﻫﻮ اﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮار ﺑﺄن ﺗﻘﺮأ ﻛﺘﺎﺑﴼ واﺣﺪﴽ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺮ. ﻳﻠﻴﻪ ﻋﺎﺋﻖ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟــﻌــﺎدة واﻟــﺤــﻔــﺎظ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ. ﻟــﻜــﻦ ﻛــﻜــﻞ ﺷـــﻲء آﺧــﺮ ﻓـﻲ اﻟﺤﻴﺎة أﻧـﺖ ﺗـﻤـﺎرس ﻣـﺎ ﺗﻌﻮد ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻴﻪ. ﻣﻦ أﻛﺒﺮ اﻷﺷـﻴـﺎء، ﻣﺜﻞ أن ﺗـﺆم اﺟﺘﻤﺎع ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻛﻞ ﻳﻮم، إﻟﻰ أﺻﻐﺮﻫﺎ، ﻣﺜﻞ أن ﺗﺒﺪأ ﺑﺤﻠﻖ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻳﻤﻦ ﻣﻦ ذﻗﻨﻚ أو ﺗﺮدادك ﻟﻜﻠﻤﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﻮاﻫﺎ أو ﺣﺮﻛﺔ ﻳﺪ داﺋﻤﺔ، أﻧﺖ ﺗــﻤــﺎرس ﻋـــﺎدة ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣــﻦ اﺧــﺘــﻴــﺎرك وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻵﺧﺮ اﺳﺘﺤﻮذﺗﻬﺎ ﻣﻦ دون ﻗﺮار ﻣﻨﻚ. ﻣﺎ اﻟﻀﻴﺮ ﻓﻲ أن ﺗﻀﻴﻒ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﺎدة ﻗﺮاءة اﻟﻜﺘﺐ؟
ﻃــﺒــﻌــﴼ ﺗــﺒــﻘــﻰ ﻣــﺴــﺄﻟــﺔ أي ﻧــــﻮع ﻣـــﻦ اﻟــﻜــﺘــﺐ، واﳌــﻔــﻜــﺮ اﻷﺳــﺘــﺎذ زﻳــــﺪان ﻳــﺮﻳــﺪ ﺗـﺸـﺠـﻌـﻴـﻨـﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاءة ﻓﻴﻘﺘﺮح أي ﺷﻲء ﺑﺸﺮط اﳌﻮاﺻﻠﺔ. ﻟﻜﻦ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ وﻟﻴﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻷدب أو اﻟﻌﻠﻢ أو اﻟﺮواﻳﺔ أو اﻟﺸﻌﺮ... ﻛﻠﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻨﺎ ﺣﺜﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ ﺷـﻬـﺪﻫـﺎ ﻃــﻮﻳــﻼ. ﺣـﺎﺿـﺮﻧـﺎ ﻳـﺼـﺮخ ﻣـﻄـﺎﻟـﺒـﴼ ﺑﻬﺎ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ ﻻ ﻳﻘﻮم إﻻ ﺑﻬﺎ.