Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اﺳﺘﻔﺘﺎءات اﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑﲔ ﻣﻔﻬﻮﻣﻲ اﻷﻣﺔ واﻟﺪوﻟﺔ

-

أﺛﺎرت اﺳﺘﻔﺘﺎء ات اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﻛﺮدﺳﺘﺎن اﻟﻌﺮاق وإﻗﻠﻴﻢ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ، وردود اﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻐﺪاد وﻣﺪرﻳﺪ، اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ اﻟـﺘـﺴـﺎؤﻻ­ت اﳌﻠﺤﺔ ﺣــﻮل ﻣﻌﻨﻰ اﻷﻣــﺔ ﻓـﻲ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺤـﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ. ﻣـﺎ ﻫﻲ اﻷﻣﺔ؟ وﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ؟ وﻫﻞ ﺗﺘﺴﺎوى ﻓﻲ اﳌﻌﻨﻰ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ؟ وﻫﻞ اﻟﺸﻌﺐ، أو اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ، ﻳﺘﺴﺎوﻳﺎن ﻓﻲ اﳌﻌﻨﻰ ﻣﻊ اﻷﻣـﺔ؟ وﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﻮﳌﻲ، ﻣﺎذا ﺗﻌﻨﻲ اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ؟

أﻏﻠﺐ اﻟﻈﻦ ﻋﻨﺪي أن ﺟﻞ اﳌﻮاﻃﻨﲔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﻻ ﺗﻌﻨﻴﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﻓﻲ ﺷﻲء. ﻓﻬﻢ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺗﺤﺖ ﻇﻼل أﻣﺔ واﺣﺪة ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺠﺰؤ، ﺣﺘﻰ وإن ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺑﻼدﻫﻢ ﺗﺴﺎورﻫﺎ ﻫﺬه اﳌﺸﺎﻋﺮ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﻴﺮة. وﻟﻜﻦ »ﻣﺎ ﻫﻲ اﻷﻣﺔ؟« ﻫﻮ ﺳﺆال ﻇﻞ ﻣﻄﺮوﺣﴼ ﺑﺈﻟﺤﺎح ﺷﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺟﺰء ﻣﻦ أﺟﺰاء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ﺛﻼﺛﲔ ﺳﻨﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة.

وﻟﻘﺪ ﺗﻤﺨﻀﺖ ٥١ دوﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪة - ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻋﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ وﺣﺪه. وﻟﻘﺪ أﻋـﺎدت دول اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺗﻌﺮﻳﻒ ذاﺗﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ. وﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻓﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺳﻘﻮط ﺣﺎﺋﻂ ﺑﺮﻟﲔ، واﻓﻘﺖ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ »ﺑﻴﻊ اﻟﺬات« إﻟﻰ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. وﺗﺠﺰأت ﺗﺸﻴﻜﻮﺳﻠﻮﻓﺎ­ﻛﻴﺎ إﻟﻰ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺘﲔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺘﲔ إﺛﺮ ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺑﻬﺬا اﻟﺸﺄن. ﺛﻢ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻳﻮﻏﻮﺳﻼﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ اﳌﻄﺎف إﻟﻰ ﺳﺒﻊ دول ﻛﺎن ﻣﺨﺎﺿﻬﺎ ﻋﺴﻴﺮﴽ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ إذ ﺿﻤﺨﺘﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎء واﻷﺷﻼء.

وﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ أﻏﻠﺐ اﳌﺠﻤﻮﻋﺎت ﻓﻲ ﺟﻬﻮد ﻗﻴﺎم اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﺬاﺗﻴﺔ. واﻷﻛﺮاد، ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻘﻤﻊ اﳌﺮﻳﻌﺔ، ﻟﻢ ﺗﻨﻬﺮ ﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ أﺑﺪﴽ ﺳﻌﻴﴼ وراء ﻗﻴﺎم »أﻣﺔ« ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ.

وﻟﻔﻬﻢ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ اﳌﻠﺤﺔ ﻹﻋﺎدة رﺳﻢ اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ، ﻋﻠﻴﻨﺎ إﻣﻌﺎن اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺪود ﻛﻞ ﻣﻦ ﻛﺮدﺳﺘﺎن وﻳﻮﻏﻮﺳﻼﻓﻴﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻊ اﻧﻬﻴﺎر اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳ­ﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ واﻟﻨﻤﺴﺎوﻳﺔ اﻟﻬﻨﻐﺎرﻳﺔ إﺑـﺎن ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﻟﻰ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﺤﺪودﻳﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺼﺎﻟﺢ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳ­ﺎت اﳌﻨﺘﺼﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﻜﺒﺮى. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺪود ﺗﺤﺖ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻘﻮى اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳ­ﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، وﻧﻌﻨﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ.

ﻛــﺎﻧــﺖ اﻟـﺘـﺤـﺪﻳـ­ﺎت اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻮاﺟــﻪ اﻟــﻔـﻜــﺮ­ة اﻟـﻘـﺎﺋـﻤـ­ﺔ ﻟــﻸﻣــﺔ ﻗــﺪ ﺑـــﺪأت ﻣــﻊ اﻧـﻬـﻴـﺎر اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ. ﺛـﻢ ﺗﻮﺳﻌﺖ رﻗﻌﺔ اﻟﻔﻜﺮة ﻣـﻊ ﺑــﺪء ﺗﺼﺪع اﻟــﺪول اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻓـﻲ أﻋﻘﺎب اﻷزﻣﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻌﺎم ٨٠٠٢.

وﺗﻤﺨﻀﺖ ﻓﻜﺮة اﻟﺒﺮﻳﻜﺴﺖ )اﻟﺨﺮوج اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ( ﻋﻦ اﻟﺠﺪال اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺘﻤﻞ ﻓﻲ ﺻﺪور اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ ﻣﻨﺬ اﻷزﻣﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﺑﺸﺄن »ﻣﺎﻫﻴﺔ أﻣﺘﻬﻢ« وﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ.

وﻋﺰزت اﻷزﻣﺔ اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي، اﻟﺬي ﺣـﺎز اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻷﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي ﻓـﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋـﺎم ١١٠٢ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ. وﻓﻲ ﻋﺎم ٤١٠٢ ﻃﻮﻟﺐ اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن اﻷﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳ­ﻮن ﻓﻲ اﺳﺘﻔﺘﺎء ﺷﻌﺒﻲ ﺑﺎﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺘﺎﻟﻲ: »ﻫﻞ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن أﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا دوﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ، ﻧﻌﻢ أم ﻻ؟« وﺟﺎءت ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء ﺳﻠﺒﻴﺔ. وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﺼﻞ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺼﺔ ﻧﻈﺮﴽ ﻷن ﻧﺰﻋﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻗﺪ أﺛﻴﺮت.

ﻣــﻦ وﺟــﻬــﺔ ﻧـﻈـﺮ رﺋـﻴـﺴـﺔ وزراء ﺑـﺮﻳـﻄـﺎﻧـ­ﻴـﺎ اﻟــﺮاﺣــﻠ­ــﺔ ﻣــﺎرﻏــﺮﻳ­ــﺖ ﺛــﺎﺗــﺸــ­ﺮ، ﻓـﺈن اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ أوروﺑﺎ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ ﻛﺎن ﻳﻌﻨﻲ زوال اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ. وﻛﺎﻧﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﻧﻈﺮﴽ ﻟﺤﺠﻤﻬﺎ وأﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺿﻤﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ، ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻣﻦ اﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎت اﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻷوروﺑﺎ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ واﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺷﻨﻐﻦ، اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪود اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﺪول اﻻﺗﺤﺎد، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻠﺔ اﳌﻮﺣﺪة، اﻟﻴﻮرو.

ﻓﻌﻠﺖ اﳌﺨﺎوف ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎدة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي اﻟﺒﺮاﻏﻤﺎﺗﻲ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻠﻪ اﳌﺨﺎوف ﺑﺄﻏﻠﺐ اﻟﻌﻘﻮل؛ ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﺗﺘﺼﺮف ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻏﻴﺮ »ﻋﻘﻼﻧﻴﺔ«.

إﻟــﻰ أي ﻣــﺪى ﻛــﺎن ﻗــﺮار ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ ﺑﻌﻘﺪ اﻻﺳـﺘـﻔـﺘـ­ﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳـﺘـﻘـﻼل ﻣﺪﻳﻨﴼ ﻟﻠﺘﺼﻮﻳﺖ اﻷﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي؟ وﻫﻞ ارﺗﻜﺐ ﻛﺎرﻟﻴﺲ ﺑﻮﺗﺸﻴﻤﻮن، زﻋﻴﻢ اﻟﺒﺮﳌﺎن ﻓﻲ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ، ﺧﻄﺄ ﻓﺎدﺣﴼ ﺑﺎﻓﺘﺮاض أن ﺳﺎﺑﻘﺔ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺴﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺣﻮل اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻷﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي ﺗﻌﻨﻲ أن ﺷﻌﺐ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﺎل ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻷﺟﻮاء اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ؟

أﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻌﻠﻢ أن اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑﻲ ﻗﺪ ﺗﻌﻬﺪ ﺑﺎﺣﺘﺮام ﺳﻴﺎدة اﻟﺪول اﻷﻋﻀﺎء اﻟﺤﺎﻟﻴﲔ ﻓﻲ اﻻﺗﺤﺎد، وأﻧـﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺮﺳﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮات اﻟﺤﺮس اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻹﻳﻘﺎف اﻻﺳﺘﻔﺘﺎء؟

ﻟﻘﺪ أﺳﻔﺮت أزﻣﺔ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ ﻋﻦ ﻃﺮح ﺳﺆال أﺧﻴﺮ ﺣﻮل ﻣﺎﻫﻴﺔ اﻷﻣﺔ؛ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟــﺪول أوروﺑـــﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻄﻠﻊ إﻟــﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺛـﺮواﺗـﻬـﺎ وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﳌﻌﻴﺸﺔ اﳌﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﻮﳌﻲ ﻣﻦ دون ﺣﺸﺪ اﻷﻣﻢ ﺻﻮب ﻏﺎﻳﺔ أﻛﺒﺮ؟

إن ﺑﺪاﻳﺔ اﻹﺟـﺎﺑـﺔ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬا اﻟـﺴـﺆال اﳌﻌﺎﺻﺮ ﺗﺄﺗﻲ ﻣﻦ اﳌـﺎﺿـﻲ. ﻗﺒﻞ ﻧﺤﻮ ٥ ﻗﺮون، وﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺪﻓﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﺳـﺌﻞ أﺣﺪ اﻟﻨﺒﻼء ﻣﻦ ﺑﻮﻟﻨﺪا، اﻟﺬي أﻏﻔﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ذﻛﺮ اﺳﻤﻪ، ﺣﻮل ﻫﻮﻳﺘﻪ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ. ﻓﺄﺟﺎب ﻗﺎﺋﻼ: »إﻧﻨﻲ أﻧﺘﻤﻲ ﻟﻸﻣﺔ اﻟﺒﻮﻟﻨﺪﻳﺔ، وﻟﻠﻮﻃﻦ اﻟﻠﻴﺘﻮاﻧﻲ، وﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﺮوﺛﻴﻨﻲ، وﻟﻸﺻﻮل اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ«.

واﺗﻔﻘﺖ ﺗﻠﻚ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣﻊ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ أﻟﺒﺮت رﻳﻔﻴﺮا، اﻟﺬي ﻳﻘﻮد ﺣﺰب ﻳﻤﲔ اﻟﻮﺳﻂ ﻓﻲ ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ اﳌﻨﺎﻫﺾ ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، واﻟﺬي ﻗﺎل: »ﻛﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﻣﻮﻃﻨﻲ، وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﺑﻠﺪي، وأوروﺑﺎ ﻫﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻨﺎ«.

ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻷوروﺑﺎ أن ﺗﺼﺒﺢ أﻣﺔ واﺣﺪة؟ إﻧﻪ أﺣﺪ أﻛﺒﺮ اﻷﺳﺌﻠﺔ اﳌﻄﺮوﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.

* ﺧﺪﻣﺔ »ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﺗﺎﻳﻤﺰ«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia