Asharq Al-Awsat Saudi Edition

تشكيلية مصرية تتبنى مشروعاً لتعليم المكفوفين بالرسم

مي عماد قالت لـ : إن المسؤولين لا يهتمون بالفكرة

- القاهرة: عبد الفتاح فرج

بـــأنـــا­مـــل تــجــيــد فـــــنّ رســـــم الــلــوحـ­ـات المجسمة، عكفت الفنانة التشكيلية المصرية مي عماد، على تطوير مشروعها الخاص، بتمكين المـكـفـوف­ـين مـن التمتع بـالـفـن من خلال لمس لوحات مجسمة. وقالت الفنانة التشكيلية التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة بـالـقـاهـ­رة عــام ٢٠١٠، لــ »الـشـرق الأوسـط« إنها »بحثت عن مشروع تخدم به بلدها من خلال الفن التشكيلي، وقررت إعــــداد رســالــة مـاجـسـتـي­ـر هــادفــة، لا يتم وضعها فـي الأدراج، واخـتـارت موضوع (الـخـصـائـ­ص الفنية لـلـرسـوم المصاحبة في كتب المكفوفين)، وهي أول رسالة من نــوعــهــ­ا فـــي مــصــر تـقـتـحـم مــجــال خـدمـة متحدي الإعاقة البصرية«.

وأضافت قائلة: »رغم توصية رئيس جــامــعــ­ة حـــلـــوا­ن وأســـاتــ­ـذة كـلـيـة الـفـنـون الــجــمــ­يــلــة، بـــضـــرو­رة اهــتــمــ­ام مـسـؤولـي الـدولـة بما حملَتْه رسالة الماجستير من فـتـح مـجـالات جـديـدة لتعليم المكفوفين، وتـوسـيـع أفــق حـيـاتـهـم مــن خــلال الـرسـم البارز، فإن التوصيات للأسف قد قوبلت بــالــتــ­جــاهــل الـــتـــا­م مـــن قــبــل المــســؤو­لــين، والمهتمين بحقوق المكفوفين في مصر«.

يذكر أن مي عماد، قد أقامت معرضين خــاصــين بـالمـكـفـ­وفـين بـمـحـافـظ­ـة الـفـيـوم (جنوب القاهرة)، بجانب مشاركتها في عـدد كبير مـن المـعـارض العامة بالقاهرة ومــحــافـ­ـظــات الــدلــتـ­ـا المـخـتـلـ­فـة. وتـتـمـيـز لـــوحـــا­تـــهـــا بـــأنـــه­ـــا غـــيـــر مــقــتــص­ــرة عـلـى المكفوفين فقط، بل هي متاحة للمبصرين أيضاً، حيث يوجد بمعارضها تقنيتان؛ الأولى تختص باللمس وهي للمكفوفين، والثانية عادية، تعتمد على البصر.

ذهــبــت الــفــنــ­انــة الـتـشـكـي­ـلـيـة إلــــى مـا هــو أكـثـر مــن الــرســم المـجـسـم بلوحاتها، وقامت بكتابة عبارات توضح ماهية تلك الــلــوحـ­ـات، مـثـل لـوحـة »ولــنــا فــي الـخـيـال حـيـاة،« تتحدث فيها عـن أن لديها عالماً ثانياً تعيشه، وأن الخيال هو تلك اللحظة التي ينتظرها الوعي ليتحرر من الواقع بكل مـا فـيـه. بـالإضـافـ­ة إلــى لـوحـة أخـرى تـتـحـدث فـيـهـا عــن أشــعــار عـفـيـفـي مـطـر، حــيــث تــرجــمــ­ت الأشــــعـ­ـــار إلــــى رســومــات بـارزة وملموسة، بجانب طريقة »برايل« الشهيرة.

وعـــــن المـــــــ­ـواد المـــســـ­تـــخـــدَمَـــة فــــي رســم اللوحات الخاصة بالمكفوفين تقول مي: »أســتــخــ­دم مــــادة الإكــريــ­لــك، وهـــي عـبـارة عــن ألــــوان صـنـاعـيـة بلاستيكية سريعة الجفاف، وتحتفظ برونقها بعد جفافها، وتـحـتـاج لمــهــارة خــاصــة، نـظـراً لصعوبة تــعــديــ­ل خــلــطــه­ــا عــلــى الـــلـــو­حـــة لــســرعــ­ة جفافها، ويمكن استعمالها على أي سطح حتى المعد للتلوين الزيتي، ويميز هذه المادة أن ألوانها تدوم وقتاً طويلاً، وعند جفافها تكتسب مناعة ضد المـاء والزيت والتغيرات المناخية«.

يُشار إلى أن مي عماد، تشارك منذ عـام ٢٠٠٨ في كثير من المعارض والورش الفنية، وعرضت لوحاتها في أكثر من ٣٠ دولة، منها ألمانيا، ورومـا، والدنمارك، والـنـمـسـ­ا، وتقتني السفارة الدنماركية بالقاهرة إحدى لــوحــاتـ­ـهــا، وســـبـــق لــهــا الــحــصــ­ول عـلـى جــائــزة »صـــالـــو­ن الــفــيــ­ومــيــة«. وحـصـلـت أيــضــاً عــلــى لــقــب »ســفــيــر­ة الإســــــ­لام« من مـنـظـمـة »الـفـنـانـ­ين من أجـل الـسـلام والحرية« الـــدنـــ­مـــاركـــ­يـــة، بــعــد أن عـــرضـــت لــوحــاتـ­ـهــا فـي مهرجان السلام الدولي. وتـــــشــ­ـــكـــــو مــــــــي مــن عــدم اهـتـمـام المـسـؤولـ­ين الــــــــ­ـحــــــــ­ـكــــــــ­ـومـــــــ­ــيـــــــ­ــين بمشروعها الخاص »اعـتـمـاد المكفوفين على الرسم بجميع مــراحــل الـتـعـلـي­ـم«، مــشــيــر­ة إلــــى أنـهـا استحدثت نظاماً لتعليم المكفوفين مــن خـــلال الـرسـم الـــــبــ­ـــارز. وقــالــت إنــــهـــ­ـا اقـــتـــر­حـــت عـــلـــى الـــدكـــ­تـــور هشام الشريف، وزيــــر الـتـنـمـي­ـة المـحـلـيـ­ة، خـلال مـــــــشـ­ــــــاركـ­ــــــتـــ­ــــه الأخــــــ­ــــــــــ­ــــــيـــ­ــــــــــ­ـــــــــر­ة بـمـهـرجـا­ن قرية تــونــس لـلـخـزف بالفيوم، تنفيذ مشروع لخدمة المكفوفين، يتيح الفرصة لإدماجهم في المجتمع، وممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ورغـم إشـادتـه بالمشروع والــفــكـ­ـرة، فـإنـه لــم يـــردّ عـلـى اتـصـالاتـ­هـا، مثل مساعديه الذين أوصاهم بالتواصل معها.

وأوضحت عماد أنه »لا توجد رسومات فــي كـتـب ومــنــاهـ­ـج المـكـفـوف­ـين الــدراســ­يــة غير رسـومـات الأشـكـال الهندسية فقط، والخرائط«، قائلة: »الطلاب المكفوفون لا يعرفون شكل الأشجار، لأنهم لم يروها من قبل، لكن الرسم البارز يمكِّنهم من التعرف على جميع الأشكال الطبيعية الموجودة بيننا«.

وقــــــــ­درت الـــفـــن­ـــانـــة الــتــشــ­كــيــلــي­ــة عـــدد المكفوفين المتعلمين في العالم العربي بـ٢ في المائة فقط، مشيرة إلـى أن مشروعها يـسـتـهـدف دمـــج المــكــفـ­ـوفــين فــي المـجـتـمـ­ع من خـلال تعليمهم، وبالتالي سيمكنهم الـــحـــص­ـــول عــلــى فـــــرص عــمــل مــنــاســ­بــة، والاســتــ­فــادة مـنـهـم فــي خــدمــة المـجـتـمـ­ع، وتوفر دخلاً لهم.

وتــــــقـ­ـــــدر جـــمـــعـ­ــيـــة »فـــــجـــ­ــر الـــتـــن­ـــويـــر للمكفوفين« المصرية، عدد المكفوفين في مصر بنحو ٣ ملايين كفيف، قالت إنهم لا يــجــدون أبــســط حـقـوقـهـم التعليمية، لاعـتـبـار­ات كـثـيـرة، أهـمـهـا تجاهلهم من قــبــل الــحــكــ­ومــة. كــمــا أن عـــدد المـكـفـوف­ـين الملتحقين بـمـراحـل التعليم المختلفة، لا يتعدى ٣٧ ألـف كفيف، بما يقارب نسبة ٢ فـي المـائـة ممن لهم الـحـق فـي التعليم. ويُرجِع الخبراء سبب انتشار الأمية بين المكفوفين في مصر إلى أمرين رئيسيين؛ أولاً: عـدم قـدرة مـدارس التربية الخاصة عـــلـــى اســـتـــي­ـــعـــاب الأعــــــ­ـــــداد المـــهـــ­ولـــة مـن المكفوفين، ثانياً: الثقافة المجتمعية التي ترى أن الشخص الكفيف عبء على الأسرة وليس من حقه أي شيء.

 ??  ?? مي عماد تشرح طريقة الرسوم البارزة للمكفوفين
مي عماد تشرح طريقة الرسوم البارزة للمكفوفين
 ??  ?? لوحة أخرى للفنانة التشكيلية مي عماد
لوحة أخرى للفنانة التشكيلية مي عماد
 ??  ??
 ??  ?? إحدى لوحات الفنانة التشكيلية للمكفوفين
إحدى لوحات الفنانة التشكيلية للمكفوفين

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia