اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴﺎد ودوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن!

ﻳـــﺘـــﺎﺑـــﻊ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ ﺑـــﺎﻫـــﺘـــﻤـــﺎم ﺷــﺪﻳــﺪ ﺟــﺪﴽ ﺗﺒﻌﺎت اﻟـﺤـﺮب ﻋﻠﻰ اﻟـﻔـﺴـﺎد اﻟﺘﻲ ﺗـــﻢ إﻃــﻼﻗــﻬــﺎ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻏــﻴــﺮ ﻣــﺴــﺒــﻮق ﻓﻲ اﻟـــﺴـــﻌـــﻮدﻳـــﺔ. ﻣـــﻊ ﻫــــﺬا اﻟــﻔــﻀــﻮل ﻫــﻨــﺎك ﺗــﺴــﻴــﺐ ﻓـــﻲ »اﻷﺧــــﺒــــﺎر« ﻏــﻴــﺮ اﻟـﺮﺳـﻤـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻳــﺘــﻢ ﺗـــﺪاوﻟـــﻬـــﺎ ﺑــﺤــﻖ اﻷﺷــﺨــﺎص اﳌــﻮﻗــﻮﻓــﲔ واﻟــﺠــﺎري اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻌﻬﻢ، وﻫﺬا ﻳﻨﺎﻓﻲ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﺮﺳﻤﻲ اﻟﺬي اﻟﺘﺰم اﻟﺨﺒﺮ ﺑﺎﻟﻌﻤﻮم ﻣـﻦ دون ﺗﻮﺿﻴﺢ وﻻ اﻹﻓـﺼـﺎح ﻋـﻦ اﻷﺳـﻤـﺎء، وﻫــﺬه اﻷﺣــﺪاث ﻫﻲ ﻓﺮﺻﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻹرﺳـﺎء دوﻟـﺔ اﻟﻌﺪل واﻟﻘﺎﻧﻮن، وأن ﻳﻜﻮن ﻟﻸﻧﻈﻤﺔ واﻟﻘﻀﺎء اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻹرﺳﺎء ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻘﺎﺿﻲ ﺑﺎﻟﻌﺪل وﻟﻴﺲ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﺄﺻﻮات اﻟﻌﺎﻣﺔ، ﻷﻧﻪ ﻣﻦ اﳌﻬﻢ ﺟﺪﴽ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك إدراك ﺗـــﺎم ﻟــﻠــﻔــﺮوﻗــﺎت اﻟــﺠــﻮﻫــﺮﻳــﺔ ﻓــﻲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻜﻠﻤﺎت؛ ﻓﺎﳌﺘﻬﻢ ﻏﻴﺮ اﳌﺪان ﻏﻴﺮ اﻟﺒﺮيء، وﺑــﺎﻟــﺘــﺎﻟــﻲ اﳌــﺘــﻬــﻢ ﺑـــــﺮيء ﺣــﺘــﻰ ﺗـﺜـﺒـﺖ إداﻧــﺘــﻪ، ﻛـﻤـﺎ ﺗـﻘـﻮل اﻟــﻘــﺎﻋــﺪة اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﳌﻌﺮوﻓﺔ.

ﻣــــﻦ اﳌــــﻬــــﻢ ﺟــــــﺪﴽ أن ﺗــــﺄﺧــــﺬ اﻷﻣــــــﻮر ﻣﺠﺮاﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ، ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﻟﻜﻞ اﻷﺣــﻜــﺎم ﻣﺼﺪاﻗﻴﺘﻬﺎ وﺟـﺪارﺗـﻬـﺎ، وذﻟــــﻚ ﺑــــﺪﻻ ﻣـــﻦ اﻻﻋــﺘــﻤــﺎد ﻋــﻠــﻰ ﺻــﻮت اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓـﻲ اﻟﺸﻤﺎﺗﺔ ﻣـﺜـﻼ. ﻓﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ أﺑﺪﴽ اﻻﻧﺘﻘﺎم.

ﻣـﻦ اﻟـﻀـﺮوري ﺟـﺪﴽ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك اﺳﺘﻐﻼل ﺣﻘﻴﻘﻲ وﺳﻠﻴﻢ وﺳـﻮي ﻟﻬﺬه اﻟــﻔــﺮﺻــﺔ اﻟــﺘــﺎرﻳــﺨــﻴــﺔ ﻟــﻀــﺮب اﻟــﻔــﺴــﺎد، ﺿــﺮﺑــﺔ ﻗــﻮﻳــﺔ ﻻ ﻳــﻘــﻮم ﻣــﻦ ﺑــﻌــﺪﻫــﺎ أﺑــﺪﴽ أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ ﻣﻦ ﺳﻴﺠﺮؤ ﻋﻠﻰ اﻹﻗــﺪام ﻋﻠﻰ أي ﺧﻄﻮة ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﺴﺎد اﳌﺮﻳﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ اﳌﺮة أﻟﻒ ﻣﺮة ﻓﻲ ﻋــﻮاﻗــﺐ ذﻟــﻚ اﻷﻣـــﺮ اﻟـﺸـﺎﺋـﻦ، وﻛــﻞ اﻷﻣــﻞ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴﺎد ﺣﺮﺑﴼ ﺑﻼ ﻫــــﻮادة وﻻ ﺗــﺮﺣــﻢ اﻟـﻔـﺎﺳـﺪ وﻻ اﳌﻔﺴﺪ، ﻓﻬﻨﺎك أﺟﻬﺰة ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ داﺧﻞ ﺑﻌﺾ اﻷﺟﻬﺰة اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ وأﻫﻤﻬﺎ وزارة اﳌﺎﻟﻴﺔ وﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻨﻘﺪ واﳌﺼﺎرف أﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ اﳌـﻨـﺎخ ﻟﻠﻔﺴﺎد، وﻏﻀﺖ اﻟﺒﺼﺮ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﺘﺠﺎوزات اﻟﺼﺮﻳﺤﺔ واﳌﻌﺎﻣﻼت ﻏﻴﺮ اﳌﻨﻄﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻣﺘﻸت ﺑﻬﺎ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﳌﺼﺮﻓﻴﺔ واﻟﺘﻨﺎﻗﻼت ﺑﲔ اﻷرﺻﺪة، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻣﺮ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺑﻼ ﻋﻘﺎب.

ﻣـــﺎ ﺗــﺸــﻬــﺪه اﳌــﻤــﻠــﻜــﺔ ﺣــﺎﻟــﻴــﴼ ﻓـﺮﺻـﺔ ﺗـــﺎرﻳـــﺨـــﻴـــﺔ وﻏـــﻴـــﺮ ﻣــﺴــﺒــﻮﻗــﺔ ﻟــﻼﻧــﺘــﻘــﺎل اﻹداري ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺮارات إﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗـﺮﺳـﻴـﺦ وإﻧــﺸــﺎء دوﻟـــﺔ اﻟــﻘــﺎﻧــﻮن ودوﻟــﺔ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪاﻋﻤﺔ واﳌﺴﺎﻧﺪة ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ رؤوس اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻜﻞ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻨﺰﻳﻪ واﳌﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ وﻓــﺮﺻــﺔ اﻻﺳـﺘـﺌـﻨـﺎف اﻟــﺴــﻮي، ووﻗﺘﻬﺎ وﺣﲔ ﺗﻮﻓﺮ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ واﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻼﻓﺘﺔ واﳌﻬﻤﺔ واﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ ﻓﻠﻦ ﺗﺒﻘﻰ أي ﺛﻐﺮة وﻻ ﻓﺘﺤﺔ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻳﻨﻔﺬ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻈﻠﻢ وﻻ ازدواﺟﻴﺔ اﳌﻌﺎﻳﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أي ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﻔﺴﺎد.

اﻟــــــﺤــــــﺮب ﻋــــﻠــــﻰ اﻟـــــﻔـــــﺴـــــﺎد ﻣـــﻌـــﺮﻛـــﺔ ﺗـــﺨـــﻮﺿـــﻬـــﺎ اﻟــــﺴــــﻌــــﻮدﻳــــﺔ ﺑـــﺸـــﻜـــﻞ ﻏــﻴــﺮ ﻣـﺴـﺒـﻮق، وآﺛــﺎرﻫــﺎ ﺳﺘﺼﻞ إﻟــﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺄﺳﺮه ﻣﻦ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء، وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﳌﻘﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﳌﻬﻢ ﺟﺪﴽ ﺗﺰﻛﻴﺔ روح اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻟﻀﺎﻣﻨﺔ ﻟـﺘـﺤـﻘـﻴـﻘـﻬـﺎ، وإﻇـــﻬـــﺎر أدوار ﻛـــﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻮﺿﻮح ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﺎح اﻟﺠﻤﻴﻊ وﻳﻄﻤﺌﻦ أن ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻛـﺎﻧـﻮا ﻳﺤﻠﻤﻮن ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﺣﺮب ﺿﺮوس ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺴﺎد ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ وﻧﺠﺢ ﺑﻀﻤﺎﻧﺔ اﳌﺆﺳﺴﺎت واﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺎﻧﻮن، وﻫﺬا ﻣﻄﻠﺐ ﺣﻴﻮي وﻻﻓﺖ وﻣﻬﻢ ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻼ أي اﺳﺘﺜﻨﺎء.