وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ واﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ
ﻣﻨﺬ ﺑـﺪء ﻇﻬﻮر اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺴﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪي اﳌﺘﻌﺎﻗﺪ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻊ ﺟﻬﺎز اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات إدوارد ﺳـﻨـﻮدن، ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت »واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ« واﻟــ»ﻏـﺎردﻳـﺎن«، ﺻﺎر اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﻮل دوﻟﺔ اﳌﺮاﻗﺒﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﺎﻟﻘﴼ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ.
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ، ﺧﺸﻲ ﺟﻤﻬﻮر اﳌﻮاﻃﻨﲔ ﻣﻦ ﻋﲔ اﳌــﺮاﻗــﺒــﺔ اﻟــﺴــﺮﻳــﺔ اﻟــﺸــﺎﻣــﻠــﺔ، أو اﻵﻟـــﺔ اﻟـﺒـﻴـﺮوﻗـﺮاﻃـﻴـﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻋﺒﺮ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﺗﺘﺒﻊ اﻷرﻗﺎم اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺼﻞ ﺑﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام ﻫﻮاﺗﻔﻨﺎ اﻟـﺬﻛـﻴـﺔ. إن اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ. وﺣــﺎن ﻋﺼﺮ اﻟﻮﺻﺎﻳﺔ، أو ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ ﺑـ »اﻷخ اﻷﻛﺒﺮ« اﻵن.
ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ، ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ ﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎب ﻟﺘﺴﺮﻳﺒﺎت ﻛﺸﻔﻬﺎ ﺳﻨﻮدن، ﺑﺘﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﺧﺒﺮاء ﺧﻠﺼﺖ إﻟﻰ أن اﻷﺳﻠﻮب اﻟﺬي ﺗﺒﺎﺷﺮ ﺑﻪ وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺗﺠﺎﻫﻞ اﳌﺨﺎوف اﳌﺸﺮوﻋﺔ ﺑﺸﺄن اﻟـﺤـﺮﻳـﺎت اﳌـﺪﻧـﻴـﺔ، وأن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻟـﻢ ﺗﻜﻦ ﻓـﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺗﺨﺰﻳﻦ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﻴﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﲔ، أو أرﻗﺎم اﻟﻬﻮاﺗﻒ، أو أوﻗﺎت وﺗﻮارﻳﺦ اﳌﻜﺎﳌﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺮﻳﻬﺎ.
واﺗﻀﺢ ﺑﻌﺪ ﺣﲔ أن اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﺘﻲ أﺛﺎرﺗﻬﺎ ﻗﻀﻴﺔ ﺳﻨﻮدن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺟﺰءﴽ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺔ... ﻓﺎﻟﻜﺸﻒ اﻷﺧـﻴـﺮ اﻟــﺬي أزاﺣـــﺖ ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﻧـﻴـﻮﻳـﻮرك ﺗــﺎﻳــﻤــﺰ« اﻟــﺴــﺘــﺎر ﻋــﻨــﻪً ﻳــﻄــﺮح ﻋـﻠـﻴـﻨـﺎ ﻗــﺼــﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺗـﻤـﺎﻣـﴼ، وأﻛــﺜــﺮ إﺷــﺎﻋــﺔ ﻟـﻠـﺮﻋـﺐ واﻟــﺨــﻮف. وﻓــﻲ ﻫـﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻳﺒﺪو ﺗﺸﺒﻴﻪ »اﻷخ اﻷﻛﺒﺮ« ﻣﻨﺎﺳﺒﴼ، وإﻧﻤﺎ »اﻻﺧﺘﺮاق«. ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺷﺒﻜﺔ ﻏﺎﻣﻀﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮاﺻﻨﺔ ﺗﺪﻋﻰ »ﺳﻤﺎﺳﺮة اﻟﻈﻞ«، ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﺳﺮﻗﺔ ﺻﻨﺪوق اﻷدوات اﻟـﺨـﺎص ﺑﻮﻛﺎﻟﺔ اﻷﻣــﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، واﻟﺨﺎص ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺴﻴﺒﺮاﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﺗــﺴــﺘــﺨــﺪﻣــﻬــﺎ ﻓــــﻲ اﻟــﺘــﻠــﺼــﺺ ﻋـــﻠـــﻰ ﻛــﻮﻣــﺒــﻴــﻮﺗــﺮات اﻟﺨﺼﻮم. ﺛﻢ ﻋﻤﺪت ﺷﺒﻜﺔ اﻟﻘﺮاﺻﻨﺔ ﺗﻠﻚ إﻟﻰ ﻋﺮض ﺛﻤﺎر اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺴﻴﺒﺮاﻧﻴﺔ اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﳌﺸﺘﺮﻛﲔ، اﻟـﺘـﻲ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﻣـﻦ اﳌﻔﺘﺮض ﻣـﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻻﻋـﺘـﺮاف ﺑﻮﺟﻮدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃــﻼق. وﻟـﻢ ﻳﻌﺪ وﺟﻮد اﻟﻔﻴﺮوس ﻣﻘﺘﺼﺮﴽ ﻋﻠﻰ ﺟﺪران اﳌﺨﺘﺒﺮ... ﻟﻘﺪ اﻧﻄﻠﻖ ﻫﺎﺋﻤﴼ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاء!
وﻓﻲ ﺣﲔ ﻳﺒﺪو أن ﻫﺠﻮم اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﺴﻴﺒﺮاﻧﻴﺔ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻋﺎم ٣١٠٢، ﻓﺈن ﺣﺠﻢ اﻷﺿﺮار اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻻ ﻳﺰال ﻗﻴﺪ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ. وﺗﻘﻮل ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟـ »ﺗﺎﻳﻤﺰ« إن وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻣــﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ ﺣﺘﻰ اﻵن ﻓﻲ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻨﺎة. وﺧﻀﻊ ﻛﺒﺎر ﺧـﺒـﺮاء اﻷﻣــﻦ اﻟﺴﻴﺒﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻟـ»اﺧﺘﺒﺎرات ﻛﺸﻒ اﻟﻜﺬب« ﻣﺆﺧﺮﴽ، وﺻﺎرت اﳌﻌﻨﻮﻳﺎت داﺧﻞ أروﻗﺔ اﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻓﻲ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻬﺎ. ﻓﻬﻞ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﺟﺎﺳﻮس؟ أم ﻫﻞ ﺣﺪث اﺧﺘﺮاق؟ إن أﻛﺒﺮ وﻛﺎﻟﺔ ﻟﻠﻤﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺣﺘﻰ اﻵن.
وﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻹﺿﺮار ﺑﺼﻮرة وﻛﺎﻟﺔ اﻷﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﻌﲔ اﻟﺘﻲ ﺗـﺮى ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث، ﻓﺈن ﻗﺼﺔ ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟـ »ﺗﺎﻳﻤﺰ« ﺗﻘﻮل إن اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺘﻨﺎ اﻟــﻴــﻮم ﻻ ﻳـﻨـﺸـﺄ ﻋــﻦ اﳌــﺆﺳــﺴــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻜﺮ ﺳﻠﻄﺎت اﳌﺮاﻗﺒﺔ واﻟﺘﺘﺒﻊ، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ »ﺗﻔﻜﻚ« ﺳﻠﻄﺎت وﺻﻼﺣﻴﺎت اﳌﺮاﻗﺒﺔ. وﻟﻢ ﺗﻌﺪ اﳌﻌﺎدﻟﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﻮاﻃﻦ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺪوﻟﺔ. ﺑـﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟـﻚ، ﺻﺎرت اﳌﻌﺎدﻟﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ... اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓــﻲ ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ اﻟـﺠـﻤـﻴـﻊ. واﻟـــﻴـــﻮم، ﻳـﻤـﻜـﻦ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ واﻟﻘﺮاﺻﻨﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﲔ اﺳﺘﺨﺪام اﻷدوات ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺨﺸﻰ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻣﻦ أن ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. وأﺻﺒﺢ اﻷﻣﺮ ﻛﻔﻴﻼ ﺑﺄن ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻤﻨﻰ اﻷوﻗـــﺎت اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻓـﻲ اﳌــﺎﺿــﻲ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن أﻛﺒﺮ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺘﻨﺎ ﻧﺎﺷﺌﴼ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻼدﻧﺎ!
* ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ »ﺑﻠﻮﻣﺒﻴﺮغ«