تباينات بين موسكو ودمشق ترحّل »سوتشي« للعام المقبل
روسيا تبحث مع النظام إرسال قوات حفظ سلام إلى مناطق خفض التصعيد
قـــررت روســيــا تـأجـيـل مؤتمر الحوار السوري الذي دعت إليه في مدينة سوتشي على البحر الأسود حتى مطلع العام المقبل. وقال مصدر مـطـلـع لــوكــالــة الأنــبــاء الـحـكـومـيـة الـــروســـيـــة »ريـــــا نـــوفـــوســـتـــي«، إن مــؤتــمــر الـــحـــوار فـــي ســوتــشــي تـم تـأجـيـلـه، وأكــــد أن »الـتـحـضـيـرات للمؤتمر تجري حالياً، ولن ينعقد قبل يناير (كـانـون الـثـانـي) ٢٠١٧، وعلى الأرجح في فبراير (شباط.«(
وبــــــــرز تـــنـــاقـــض واضــــــــح بـين مــوســكــو والـــنـــظـــام حـــــول أهـــــداف المــؤتــمــر. إذ أكـــد وزيــــر الـخـارجـيـة الـــــروســـــي ســـيـــرغـــي لافـــــــــروف فـي تــصــريــحــات أمــــس لــوكــالــة »إنــتــر فـــاكـــس« أن »المـــســـألـــة الأهـــــم عـلـى جدول أعمال المؤتمر هي الإصلاح الـدسـتـوري والـتـحـضـيـر عـلـى هـذا الأســــــــــاس لانــــتــــخــــابــــات رئـــاســـيـــة وبــــرلمــــانــــيــــة«. وقــــبــــل ذلــــــك عـــرض الرئيس الـروسـي فلاديمير بوتين أهــــداف مـؤتـمـر الــحــوار الــســوري، وقــال خــلال مؤتمر صحافي عقب القمة الثلاثية (الـروسـيـة التركية الإيـــرانـــيـــة) فـــي ســوتــشــي يــــوم ٢٢ نوفمبر (تشرين الثاني) إن الهدف مـن المؤتمر أن »يبحث السوريون المـــســـائـــل الــرئــيــســيــة عــلــى جـــدول الأعمال الوطني، وبالدرجة الأولى المـتـصـلـة بــوضــع مـعـايـيـر الـبـنـيـة المستقبلية للدولة، واعتماد دستور جديد تجري على أساسه انتخابات برعاية دولية .«
ومــــن جــانــبــه يــرفــض الـنـظـام السوري الحديث عن »دستور جديد وانتخابات رئاسية.« وقد عبر عن هـذا المـوقـف بــ »دبـلـومـاسـيـة«؛ لكن بـــوضـــوح، فــي بــيــان رســمــي أمـس عن وزارة خارجيته، نشرته وكالة »سانا«، جاء في مستهله تأكيد أن »وزارة الخارجية السورية ترحب بــمــؤتــمــر الــــحــــوار الـــوطــنــي الـــذي سيعقد فـي سـوتـشـي، وتـعـلـن عن مـوافـقـتـهـا عـلـى حـضـور المـؤتـمـر،« وأكـدت بعد ذلك موافقتها المسبقة عـلـى مــا سيتمخض عــن المـؤتـمـر؛ لكنها حـددت »السقف« السياسي بـ »مناقشة مواد الدستور الحالي« دون أي إشارة إلى صياغة دستور جــــديــــد، كــمــا أكـــــــدت اســتــعــدادهــا لانـتـخـابـات تشريعية بعد تعديل الــــدســــتــــور، دون أي إشــــــــارة إلــى انــــتــــخــــابــــات رئــــاســــيــــة، وهـــــــو مـا يتناقض تـمـامـا مـع التصريحات الروسية.
وكــانــت الــخــارجــيــة الـروسـيـة قـد أعلنت فـي وقـت سـابـق يـوم ١٨ نوفمبر الـجـاري مـوعـدا للمؤتمر، ومـــن ثــم قــالــت مــصــادر إن المـوعـد تــأجــل حــتــى ٢ ديــســمــبــر (كــانــون الأول).
فــي شـــأن مـتـصـل قـــال مـصـدر مـطـلـع عـلـى الـتـحـضـيـرات للجولة الثامنة من المفاوضات في جنيف لـوكـالـة »ريــا نـوفـوسـتـي«، إن وفـد الـنـظـام قــد يـأتـي إلـــى جـنـيـف لكن لـيـوم واحـــد فـقـط. وذكـــرت صحف مـحـلـيـة أن الــنــظــام الـــســـوري قــرر إرجـــــــاء تـــوجـــه وفــــــده الــتــفــاوضــي للمشاركة فـي الجولة الثامنة من المفاوضات في جنيف، بذريعة أن البيان الختامي الصادر عن مؤتمر المــعــارضــة الــســوريــة فــي الــريــاض يــتــضــمــن شــــروطــــا مــســبــقــة، مـثـل المـطـالـبـة بـرحـيـل الأســـد فــي بـدايـة المرحلة الانتقالية.
والـــتـــزمـــت مــوســكــو الـصـمـت أمس حيال مواقف النظام، إن كان بخصوص مؤتمر سوتشي ورفضه مـنـاقـشـة »صـيـاغـة دســتــور جـديـد وانتخابات رئاسية« أو بخصوص إرجاء توجه الوفد التفاوضي إلى جنيف، كما لم تعلق رسميا حتى الآن على نتائج مؤتمر المعارضة في الـريـاض. وفـي تـطـور لافــت، خـارج عـن سـيـاق مجمل مـا يـجـري بحثه مـــن مــوضــوعــات وجـــهـــود خـاصـة بـتـسـويـة الأزمــــة الــســوريــة، أعلنت موسكو أمس أنها تبحث مع النظام الــســوري مـسـألـة نـشـر قـــوات حفظ سلام في البلاد. ونقلت وكالة »ريا نوفوستي« الحكومية عن مصدر من وزارة الخارجية الروسية، أمس، تأكيده أن موسكو تبحث مع دمشق نشر قـوات حفظ سـلام في مناطق خـفـض الـتـصـعـيـد، وأشـــار المـصـدر إلــى أن »هــذه الـفـكـرة نناقشها من حــين لآخـــر مــع الــســوريــين والـــدول المــحــتــمــلــة مــشــاركــتــهــا فـــي مـهـمـة كـهـذه«، وأوضــح أن »بـعـض الـدول أبــــدت اســتــعــدادهــا لـلـمـشـاركـة في مهمة حفظ سـلام في سوريا؛ لكن ضـمــن شــــروط مــحــددة فــي مـجـال التمويل والتأمين، وظروف العمل«، وشدد على ضرورة موافقة النظام الــــســــوري لإطــــــلاق المــهــمــة، وقـــــال: »ننطلق من أن أي قوات حفظ سلام على أرض دولـة ذات سـيـادة يجب أن تكون هناك بموافقة السلطات الشرعية لتلك الـدولـة العضو في الأمــــــم المـــتـــحـــدة، أي الــجــمــهــوريــة العربية السورية في هذه الحال«، ولـهـذا »لا بـد مـن تنسيق كـل هـذه المسائل معها، وحتى مبادرة (نشر قـــوات حـفـظ ســـلام) يـجـب إلــى حد كـبـيـر أن تـصـدر عــن الـحـكـومـة في دمشق«.
وتبقى غير واضحة الأسباب التي دفعت موسكو للحديث مجدداً عــــن نــشــر قــــــوات حــفــظ ســـــلام فـي سوريا، وتحديداً في مناطق خفض التصعيد، الـتـي سبق وأن نشرت الدول الضامنة حولها نقاط مراقبة وحـواجـز تفتيش، واتفقت مؤخراً خــــلال الــقــمــة الــثــلاثــيــة (الــروســيــة التركية الإيرانية) في سوتشي على آلية نشر نقاط المراقبة والحواجز حـول منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وكــان إبـراهـيـم قـالـن المتحدث الـرسـمـي بــاســم الــرئــاســة الـتـركـيـة قــد قـــال فــي تـصـريـحـات فــي شهر يونيو (حزيران) الماضي، إن روسيا اقــتــرحــت إرســــــال قـــــوات قـرغـيـزيـة وكــــازاخــــيــــة إلــــــى مـــنـــاطـــق خـفـض التصعيد في سوريا، ولم يصدر عن الخارجية الروسية أو وزارة الدفاع حينها أي تعليق، إلا أن فلاديمير شــامــانــوف رئــيــس لـجـنـة الــدفــاع فـي مجلس الـدومـا أكــد مـحـادثـات تـــجـــريـــهـــا روســـــيـــــا مـــــع قــرغــيــزيــا وكــازاخــســتــان لإرســـــال قــــوات إلـى سـوريـا، إلا أن السلطات الرسمية في البلدين نفت تسلمها اقتراحا روســـيـــا، كــمــا نــفــت أي مــحــادثــات بهذا الخصوص. واشترط البلدان تـوفـر تفويض دولــي بـدايـة لبحث مثل هذه القضايا. وردت الخارجية الروسية حينها على لسان غينادي غـاتـيـلـوف، نـائـب وزيــر الخارجية الروسي، الذي قال: »لا نحاول إرغام أحد« على إرسال قوات حفظ سلام إلى سوريا.
كــثــف الــنــظــام الــــســــوري قــصــفــه لـلـغـوطـة الشرقية لدمشق لليوم الثاني على التوالي، حيث وثـق مقتل ١٤ مدنياً أمـس، أضيفوا إلى العشرات الذين قتلوا الأحــد، إثـر أوسـع حملة قصف تجددت قبيل انعقاد الجولة الثامنة من مؤتمر جنيف.
وبالموازاة، تضاربت المعلومات حول هوية الطائرات التي استهدفت قرية بريف دير الزور وأسفرت عن مقتل أكثر من ٥٠ شخصاً، إذ نفت وزارة الدفاع الروسية مسؤوليتها عن الضربة، بعد تأكيد »المرصد السوري لحقوق الإنسان« أن الطائرات الروسية نفذتها.
وقتل ١٤ مدنياً الاثنين جراء تجديد قوات النظام الـسـوري قصفه على الغوطة الشرقية المحاصرة، آخر معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق والمشمولة باتفاق خفض التوتر، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وصــــعــــدت قــــــوات الـــنـــظـــام مــنــذ مـنـتـصـف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي قصفها مناطق