خطر »العائدات«: نساء يهجرن »داعش«... وليس القتال
هـــربـــت هــــــذه المـــــــــرأة مــــن مــنــاطــق سيطرة »داعش« منذ ما يزيد على ستة أشـهـر، بمعاونة مـهـرّب سـاعـدهـا على التسلل عبر الحدود السورية - التركية. ومـع هــذا، فإنها مـن داخلها لـم تغادر فعلياً قطّ صفوف هذا التنظيم.
وقـــد حــرصــت عـلـى تـغـطـيـة كـامـل جسدها من شعر رأسها حتى أخمص قدميها لتحية زائر لها في منزل صغير في المغرب، منذ وقت قريب. داخل المنزل الذي تقيم به، لم تزح نقابها إلا عندما تـأكـدت أن زائـرهـا، وهـي سـيـدة، كانت بـمـفـردهـا تـمـامـاً. وأثـنـاء تـنـاول أقــداح من الشاي بالنعناع الأخضر، تحدثت بإعجاب عن زوجها المسلح، ورفيقات التقت بهن ضمن فرقة عسكرية تتبع »داعــــــش« وكــــان جـمـيـع أعـضـائـهـا من الــنــســاء. قـــدّمـــت المــــــرأة نـفـسـهـا بـاسـم زهرة، رافضة كشف اسم عائلتها لأنها سافرت إلى سوريا سراً - وتعهدت بأن أطفالها سيستعيدون يوماً مـا الحلم »الـداعـشـي« الــذي تـدعـي أنــه سُــرق من أسرتها. قـالـت: »سنربي أبـنـاءً وبنات أقوياء ونخبرهم كيف كانت الحياة في ظل الحكم (الـذي أقامه داعـش). وحتى إذا كنا قد عجزنا عن الإبقاء عليه، فإن أطفالنا سيتمكنون من استعادته يوماً ما«.
وبـدا ولاء زهـرة القوي لــ »داعـش« لافــــتــــاً، بــالــنــظــر إلـــــى حــجــم المــخــاطــر الـبـدنـيـة والـقـانــونـيــة الــتــي يـواجـهـهـا سـكـان المــنــاطــق، الـتـي يـسـيـطـر عليها الـتـنـظـيـم، والــراغــبــين فــي الــعــودة إلـى ديارهم السابقة؛ إلا أن مسؤولين بمجال مكافحة الإرهاب يخشون من احتمال ألا تكون المـشـاعـر، التي عـبّـرت عنها هذه السيدة المغربية، استثنائية.
خــــلال الــشــهــور الأخــــيــــرة، عـمـدت نـسـاء مـهـاجـرات إلـى أراضــي »داعــش« إلـــى الـــفـــرار بــالمــئــات مــن مـنـاطـق حكم الـتـنـظـيـم، وعـــدن فــي نـهـايـة الأمـــر إلـى أوطــانــهــن الأصــلــيــة، أو وجــــدن مــلاذا لهن فـي مـراكـز احتجاز، أو معسكرات لاجـئـين عـلـى امـتـداد الـطـريـق. وبعض هـؤلاء النسوة أمهات برفقتهن أطفال صغار ويقلن إن أزواجهن قد أجبرنهن على السفر إلى العراق أو سوريا. ومع هذا، فإن ثمة أعداداً مثيرة للقلق، على مــا يــبــدو، مــن هـــؤلاء الـنـسـوة اعتنقن آيديولوجية التنظيم، ولا يـزال لديهن التزام بأهدافه، تبعاً لما كشفته مقابلات أجـريـت مـع عـدد مـن السكان السابقين في أراضـي »داعــش«، بجانب ما أفـاده مـسـؤولـون استخباراتيون ومحللون يتتبعون عن قرب العائدين من هناك. مــــن شـــمـــال أفــريــقــيــا حــتــى غــرب
ّ أوروبـــــا، يـمـثـل الــعــائــدون تـحـديـاً غير مـتـوقـع أمـــام مـسـؤولـي إنـفـاذ الـقـانـون الذين كانوا يستعدون لمواجهة تدفق العائدين من الرجال، لكن بدلاً عن ذلك وجدوا أنفسهم أمام مهمة تقرير مصير عـشـرات الـنـسـاء والأطــفــال. المـلاحـظ أن عـدداً قليلاً من النساء العائدات شارك فـــي مــيــاديــن الــقــتــال، ومــــع هــــذا بـــدأت الحكومات في النظر إليهن باعتبارهن مـصـدر تهديد محتملاً، فـي المستقبل القريب والبعيد. فـي الـواقـع، مـع تأكد قــــــادة »داعــــــــش« مـــن ضـــيـــاع حـكـمـهـم، أصــدروا توجيهات واضحة للعائدات بــالاســتــعــداد لمــهــام جـــديـــدة، بــــدءاً من تنفيذ عمليات انتحارية ووصـولاً إلى تدريب أطفالهن ليصبحوا إرهابيين في المستقبل.
من ناحيتها، قالت إن سبيكارد، مـديـرة المـركـز الـدولـي لـدراسـة التطرف العنيف، وهي منظمة غير هادفة للربح تجري أبحاثاً ميدانية حـول المنشقين والـــعـــائـــديـــن مــــن صـــفـــوف »داعــــــــش«: »بـالـتـأكـيـد هـنـاك حـــالات جــرى إجـبـار الــنــســاء خــلالــهــا عــلــى الانــضــمــام إلــى داعش، لكن هناك أخريات اعتنقن الفكر الراديكالي، واضطلع بعضهن بـأدوار مهمة .«
واعــتــرفــت ســيــدة مـــن كــوســوفــو، التقى بها مسؤولون من المركز، برغبتها في العودة إلى »داعش«، حسبما ذكرت سبيكارد. وأضافت: »قالت إنها تود أن ينشأ طفلاها ليصبحا شهيدين.«
على مـدار شهور، توقع مسؤولو مكافحة الإرهـــاب اسـتـقـبـال مـوجـة من العائدين من أراضي »داعش«، لكن ليس هذا النمط من العائدين.
ومــــن المـــغـــرب، المـمـلـكـة الــتــي تـقـع شمال أفريقيا والتي تواجه سواحلها أوروبا عبر مضيق جبل طارق الضيق، سـافـر مـا يـزيـد قليلاً على ١٫٦٠٠ رجل لــلــقــتــال فـــي الــــعــــراق أو ســـوريـــا مـنـذ عـــام ٢٠١٢ لـلانـضـمـام إلـــى »داعـــــش«، وبرفقتهم عدد مكافئ تقريباً من النساء والأطــفــال، تبعاً لأرقـــام تـولـت جمعها »مجموعة صوفان «، وهي شركة خاصة تـــقـــدم الاســــتــــشــــارات إلــــى الــحــكــومــات والمؤسسات بشأن قضايا أمنية.
وتراجع العام الماضي بشكل بالغ تــدفــق المــجــنــديــن الـــجـــدد فـــي صـفـوف »داعـــش« الـقـادمـين مـن شـمـال أفريقيا وأوروبـــا مـع نـجـاح قــوات مدعومة من الــــولايــــات المــتــحــدة فـــي قــطــع خـطـوط الإمدادات الخاصة بالتنظيم، وحصاره فـي آخـر معاقله الـقـويـة. كما عـاد عدد قليل نسبياً مـن المقاتلين الـرجـال إلى الوطن، رغم المخاوف من انطلاق حركة نـزوح جماعي مع اقتراب »داعـش« من حـافـة الانـهـيـار. بــدلاً عـن ذلــك، وجـدت القنصليات الأجنبية في تركيا نفسها مــحــاصــرة بـمـئـات الــنــســاء والأطـــفـــال؛ زوجات وأمهات وأبناء مقاتلي »داعش« الساعين إلـى الحصول على تصاريح للعودة إلى أوطانهم.
ونــجــحــت الـــعـــشـــرات مـــن الـنـسـاء المـغـاربـة فـي الــعــودة إلــى وطـنـهـن، من بينهن مـن هـن مثل زهـرة ممن تسللن إلى الخارج والداخل دون أن يلحظهن أحـــد، ولا يـــزال هـنـاك الــعــشــرات داخــل مراكز الاحتجاز في تركيا، بينما تجري مــراجــعــة قــضــايــاهــن. مـــن نـاحـيـتـهـم، اعـتـرف مـسـؤولـون مـغـاربـة بــأن هـؤلاء النسوة يشكلن معضلة أمـام واضعي السياسات ومسؤولي إنـفـاذ القانون، ذلك أن البلاد مجبرة على قبول حضانة مـواطـنـيـهـا، لـكـن لـيـس هـنـاك سـيـاسـة واضــحــة بـخـصـوص كـيـفـيـة الـتـعـامـل مــعــهــم. بــالــنــســبــة لــلــعــائــديــن الــذيــن تــورطــوا فـي جـرائـم فـإنـهـم سيحولون إلى السجون، لكن الوضع أقل وضوحاً بالنسبة لكيفية التعامل مع زوجاتهم وأمـهـاتـهـم مـمـن لـيـس لـهـن سـجـل في الـعـنـف، أو تـاريـخ يشير إلـى تورطهن المباشر في قضايا تطرف.
وقـــــــــال مـــــســـــؤول مــــغــــربــــي رفـــيـــع المــســتــوى رفــــض الــكــشــف عـــن هـويـتـه لمناقشته قضايا أمنية تـخـصّ بـلاده: »كل النساء يخبرننا القصة ذاتها وهي أن أزواجـــهـــن قــد ســافــروا سـعـيـاً وراء المكاسب المادية، وأنهن تبعوهم لأنه لم يكن أمامهن خيار آخر«.
وأشــار مـسـؤولـون إلـى أن غالبية الـنـسـاء الـلائـي عــدن حـتـى الآن يـبـدون عازمات على استئناف حياتهن وطي صفحة »داعــــش«، إلا أن ثـمـة مـخـاوف تـبـقـى فــي صــفــوف خــبــراء أمـنـيـين من استمرار اعتناق بعض العائدات لأفكار راديكالية متطرفة، وسعيهن لغرسها فـــي نــفــوس أبـــنـــاء أســـرهـــن. وفــــي هــذا الــصــدد، قــال المــســؤول الـرفـيـع: »هـنـاك أولاً وقبل أي شيء أطفالهن الذين من المفترض أن تجري تربيتهم على النحو الذي يرضي داعش«.
مــن نـاحـيـة أخـــــرى، أبــــدت الـكـثـيـر مـن الـعـائـدات حـديـثـاً مـمـن الـتـقـت بهن »واشنطن بوست« ارتياحهن لعودتهن إلى الوطن، ووصفن تجربتهن المروعة داخـــــــل أرض »داعــــــــــش« جــــــــرّاء نـقـص أساسيات الحياة، والهجمات الجوية، وأعـمـال القصف اليومية. ووافـقـت كل منهن على الحديث شريطة عدم كشف هويتهن، أو أماكن وجودهن، خوفاً من انـتـقـام المتعاطفين مـع »داعـــش« داخـل المغرب منهن، أو إلقاء السلطات القبض عليهن.
مـن بـين هــؤلاء أم زيــد، التي فـرّت مــن ســوريــا بـرفـقـة أطـفـالـهـا الأربــعــة في يوليو (تـمـوز)، والتي قالت: »كنا خائفين مـن الـصـواريـخ والتفجيرات، وكـان أطفالي يفرون إلى أحد الأركـان ويـنـفـجـرون فـي الـبـكـاء«. كـانـت أسـرة أم زيـد قد هاجرت إلـى »ولايـة الخير« ضــمــن أراضـــــي »داعــــــش« عـــام ٢٠١٤، وبررت أم زيد القرار بأنها اعتقدت أن »الحياة ربما تكون أفضل هناك«، إلا أنـه بمجرد دخولها أراضـي التنظيم، وجــدت نفسها حبيسة المـنـزل معظم الــوقــت، وشــعــرت بـالاخـتـنـاق بسبب الـــقـــواعـــد الـــصـــارمـــة الـــتـــي يـفـرضـهـا »داعــش«. وقـرر زوجها الـذي عمل في الهيئة المحلية للزكاة والصدقات عودة الأسرة إلى المغرب، لكن شخصاً ما علم بخطته للهرب وأبـلـغ عنه. وبالفعل، تــم إلــقــاء الـقـبـض عـلـى الــــزوج، بينما انـضـمـت أم زيــد وأطـفـالـهـا إلــى الأسـر المــغــربــيــة الـــهـــاربـــة بــاتــجــاه الــحــدود التركية. ومـع هـذا، ورغـم مـرور شهور عـلـى فــرارهــن، لا يــزال تـأثـيـر »داعــش« واضحاً. مثلاً، تصرّ الكثير من النساء عـلـى الالــتــزام بـالمـلـبـس المـحـافـظ الــذي يفرضه »داعش«، بما في ذلك النقاب.
وعــلــقــت أم خــــالــــد، وهـــــي إحــــدى الـعـائـدات مـن مـنـاطـق »داعــــش« برفقة ثلاثة أطفال إلى المغرب، من بينهم طفل وُلد هناك: »هذا حقي، بمقدوري ارتداء ما أشاء«.
أمــــا زهـــــرة فــكــانــت أكــثــر حـمـاسـة في وصفها لانجذابها نحو »داعـش«، حـيـث اعـتـرفـت بــأن الـسـفـر إلــى سـوريـا كــــان فــكــرتــهــا، وأنـــهـــا أقــنــعــت زوجــهــا الأول بالانضمام إلى التنظيم الإرهابي بمجرد إعلان قيامه رسمياً عام ٢٠١٤.
وقـــالـــت زهـــــــرة، وهــــي فـــي أواخــــر العشرينات مـن العمر: »ضغطت على زوجــي قـائـلـة إنــه ينبغي لـنـا الـسـفـر«، وبعد سفرهم إلى ُسوريا، تدرب زوجها كمقاتل، وسرعان ما قتل و»الحمد لله«، كما قالت. وأضافت: »لقد أحببته، لكن يجب أن نقدم جميعاً تضحيات من أجل ما نؤمن به«.
فــي الـنـهـايـة، تــزوجــت زهــــرة مـرة أخرى، وحصلت على وظيفة في هيئة الإعــلام التابعة لـــ »داعــش«، حيث كان يــتــعــين عــلــى الـــنـــســـاء، الـــلائـــي يـحـظـر عليهن بوجه عام المشاركة في القتال، الاضطلاع بدور مفيد في تشكيل دعاية التنظيم. وأشارت زهرة إلى أنها تأثرت على نحو خاص بآراء فتيحة مجاطي، ٥٦ عـامـاً، أرمـلـة إرهـابـي مغربي، التي ارتــــقــــت فــــي صـــفـــوف الــتــنــظــيــم حـتـى أصـبـحـت قــائــدة لــ »كـتـيـبـة الـخـنـسـاء« والـــتـــي جــمــيــع أفــــرادهــــا مـــن الــنــســاء، ويـضـطـلـعـن بـــــــأدوار شــرطــيــة لـفـرض القواعد الصارمة للتنظيم التي تحظر وضــع الـنـسـاء لمساحيق التجميل، أو الكشف عن أجسادهن. وتعززت سمعة مـجـاطـي بـاعـتـبـارهـا إحــدى الملتزمات بالتطبيق الــصــارم لـقـواعـد التنظيم، ومعاقبتها للمخالفات بالجلد القاسي بـحـسـب شــهــادات الـكـثـيـريـن، ووثـائـق محكمة. وبعد أن نجحنا في الوصول إلـيـهـا عـبـر وســطــاء، قـالـت مـجـاطـي إن »وضعها الحالي« لا يسمح لها بالرد على أي أسئلة.
وســـرعـــان مــا انـضـمـت زهــــرة إلـى الكتيبة، وأشارت إلى الاجتماعات التي كـانـت تـوجـهـهـن مـجـاطـي خـلالـهـا إلـى واجبات المرأة في ظل الحكم الذي يسعى »داعش« إلى فرضه، بما في ذلك واجب زواجـهـا مـن مسلح إسـلامـي، وإنـجـاب أطـــفـــال يــصــبــحــون جـــنـــوداً لـلـتـنـظـيـم فـي المستقبل. وقـالـت زهـــرة: »كــان من واجــبــنــا، ولا يــــــزال، إنـــجـــاب الأطــفــال وتنشئتهم التنشئة السليمة.« مع ذلك لـم تكن زهــرة تـعـرف على وجــه اليقين مصير زوجها الثاني، الـذي كـان يقيم فـي سـوريـا لـلـمـسـاعـدة فـي الــدفــاع عن معقل كانا يعلمان جيداً أن الدمار هو مصيره على الأرجح على الأقل بشكله الحالي. وأضافت قائلة : »لقد كنا نعتقد أنه حتى إذا حاولوا القضاء على حكم (داعـش)، فسوف تظل الفكرة باقية ما دمنا ننشرها .«
كــانــت الالـــتـــزامـــات بـالـنـسـبـة إلـى الـكـثـيـر مـن الـنـسـاء الـعـائـدات تتجاوز تــربــيــة إرهـــابـــيـــي المــســتــقــبــل، فــخــلال الأشــهــر الـقـلـيـلـة المــاضــيــة تــزايــد عـدد النساء اللائي تم استغلالهن في تنفيذ عمليات عسكرية داخل مناطق »داعش« وفـي أوطانهن. ظل قـادة التنظيم منذ تـأسـيـس حكمهم فـي سـوريـا والـعـراق يــــقــــصــــون الــــنــــســــاء عــــــن الـــــقـــــتـــــال، أو الـتـفـجـيـرات الانـتـحـاريـة؛ مـع ذلــك ومـع تنامي الخسائر، قام التنظيم بتوسيع نطاق نشاط أتباعه من النساء بحيث يـشـمـل عـمـلـيـات الــقــتــل. ومـــن الأمـثـلـة الــــبــــارزة عــلــى ذلــــك إصــــــدار قـــــادة أمـــراً لعشرات النساء، اللاتي يحملن أحزمة ناسفة، بإلقاء أنفسهن أمام قوات تابعة لـلـحـكـومـة خــلال تـقـدمـهـا فــي مـحـاولـة أخيرة للدفاع عن مدينة الموصل التي اتـخـذهـا التنظيم عـاصـمـة لحكمه في العراق.
وتولى قادة سوريون في التنظيم خــلال سبتمبر (أيــلــول) ٢٠١٦ توجيه خـــلـــيـــة مـــكـــونـــة مـــــن خـــمـــس ســـيـــدات فرنسيات خلال محاولة لتنفيذ تفجير إرهابي في قلب باريس، لكن تم إحباط العملية. كذلك استهدف مقال، تم نشره خلال الشهر الماضي في مجلة »النبأ«، المنبر الرسمي في دعاية تنظيم داعش، حشد عدد أكبر من النساء للمشاركة في القتال من خلال استحضار شخصيات نسائية شهيرة في التاريخ الإسلامي. وجــــــــاء فــــي المـــــقـــــال: »لـــيـــســـت الأمــــانــــة والتضحية وحـب الإيـمـان مـن المعاني الغريبة على النساء المسلمات اليوم.« وعـلـى رغــم أن تنظيم داعــش لـم يمنع الـنـسـاء أبـــداً مــن الانــخــراط فــي تنفيذ الـهـجـمـات، يـبـدو أنـه يشجعهن حالياً عـلـى ذلــــك، عـلـى حــد قـــول ريــتــا كـاتـز، المـحـلـلـة فــي مـجـال الإرهـــــاب. وتـوضـح كـــاتـــز قـــائـــلـــة: »ســــــوف تــتــيــح الـــدعـــوة الجديدة التي يوجهها داعش للأزواج والآبــــاء حــثّ زوجـاتـهـم وبـنـاتـهـم على تنفيذ هجمات. لن أتفاجأ إذا تزايدت أعــداد الـنـسـاء الـلاتـي ينفذن هجمات، مستلهمة مـن نـمـوذج داعــش، أو تمت بالتنسيق مـع التنظيم فـي الـغـرب، أو في مناطق أخـرى.« واستباقاً لمثل ذلك الـتـحـول بـــدأت الـكـثـيـر مــن الـحـكـومـات الأوروبـــيـــة تـشـديـد الـقـوانـين الـخـاصـة بالتعامل مع الـعـائـدات؛ ففي بلجيكا، وفرنسا، وهولندا، المقاضاة والسجن هــو مـصـيـر الـــرجـــال والــنــســاء، الـذيــن انضموا إلـى تنظيم داعـش، ويرغبون الآن فــي الــعــودة إلــى الــوطــن. وبـعـدمـا سمحت الحكومة البلجيكية في بادئ الأمر لبعض النساء والأطفال بالعودة للإقامة في أحيائهم السابقة، تستعد حالياً لاتخاذ إجراءات جنائية ضد ٢٩ مواطنة يسعين للعودة مـن تركيا، أو العراق، أو سوريا.
واخــتــفــت الــنــظــرة الــســائــدة الـتـي كانت تعتبر تلك السيدات ضحايا إلى حـد كبير بسبب الــرد الـسـيـاسـي على الهجوم الإرهابي الذي وقع في مارس (آذار) ٢٠١٦ فـي بـروكـسـل، والـقـضـايـا التي تم تسليط الضوء عليها إعلامياً مؤخراً، والتي اتضح من خلالها سعي أبناء لأسر عائدة إلى توجيه زملائهم في المدرسة نحو التطرف، على حد قول مسؤولين فـي مـجـال مكافحة الإرهــاب في بلجيكا. * خدمة »واشنطن بوست« خاص بـ {الشرق الأوسط}