ّ الجيش المصري يواصل تعقب منفذي مذبحة العريش مستعيناً بالقبائل
البرلمان يستبعد »التقصير الأمني« ويدعم »القيادة السياسية«
استبعد مجلس النواب المصري (الـبـرلمـان)، وفـق رئيسه وقـادة الكتل الـرئـيـسـيـة، وجــود أي تقصير أمني في مذبحة »مسجد الروضة« بشمال سيناء يوم الجمعة الماضي، التي راح ضحيتها مـئـات القتلى والـجـرحـى. وفيما أكد نواب »دعمهم ومساندتهم للقيادة السياسية والجيش والشرطة فــي حـربـهـم ضــد الإرهـــــــاب«، واصــل الـجـيـش، مستعيناً بقبائل سيناء، ملاحقة المتورطين في المذبحة.
وقـتـل ٣٠٥ أشــخــاص، وأصـيـب ١٢٨ آخرون، في هجوم شنه مسلحون مـــتـــشـــددون عــلــى مــســجــد الـــروضـــة بـقـريـة »بــئــر الــعــبــد« قـــرب الـعـريـش (شمال سيناء). ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عـن الـهـجـوم الــذي وقع أثناء أداء صلاة الجمعة.
وقــــال عـلـي عـبـد الـــعـــال، رئـيـس مجلس الـنـواب، أمـس، إنـه »لا يمكن الحديث عن وجود تقصير أمني في حادث بئر العبد. لدينا آلاف المساجد في مختلف أنحاء البلاد، وتأمين كل هـذه المساجد مـن الجيش والشرطة يتطلب تفريغ جزء كبير من طاقاتهم لهذا الدور، وهو ما تريده التنظيمات الإرهابية الغادرة«. وأضاف: »لا يمكن الحديث عن وجود تقصير أمني في الوقت الذي يقدّم فيه أبطال الجيش والشرطة يومياً أرواحهم للدفاع عن سـلامـة الــوطــن وأبــنــائــه، وعـلـيـنـا أن نوجه حديثنا نحو اللحمة الوطنية للشعب المصري«.
وتــابــع: »هـــؤلاء الـجـبـنـاء الـذيـن يطعنون الآمنين في ظهورهم أثناء الصلاة، لا يستهدفون إلا كسر ظهر المصريين بعد النجاحات والضربات المــتــتــالــيــة الـــتـــي تــتــم كــــل يـــــوم ضـد الإرهاب، ولهؤلاء أقول: إنه من ثوابت الـتـاريـخ لـم يـحـدث أن هــزم الإرهـــاب دولة بأكملها؛ خاصة إذا كانت دولة راسخة عبر العصور«.
وقـــال رئــيــس الــبــرلمــان إن »هــذا الـفـعـل المـشـين لـن يـنـال مـن عزيمتنا وإرادتـــــــنـــــــا، بــــل ســـيـــزيـــدنـــا صــلابــة وإصــــــــــراراً عــلــى الاصـــطـــفـــاف خـلـف قيادتنا ومؤسساتنا الوطنية، وفي مـقـدمـهـا الــجــيــش المـــصـــري الـعـظـيـم وشــرطــتــنــا الــوطــنــيــة، حــتــى نجتث جــذور الإرهـــاب، ليس فقط مـن تربة مصر؛ لكن مـن العالم كـلـه«، مضيفا أن الـــحـــادث »كــشــف أمــــام الــعــالــم أن هؤلاء القتلة يوجهون أسلحتهم إلى المسلمين قبل غـيـرهـم، وأن غرضهم زرع جــــذور الـفـتـنـة بــين المــواطــنــين، وإفقادهم الثقة في قيادتهم، والنيل مــن الـــــروح المــعــنــويــة، بـحـيـث يـكـون الرد على العنف بالعنف بمتواليات مـتـكـررة، فيختل النظام الـعـام وتقع البلاد في الفوضى، ولن يتحقق لهم ذلك«.
ورفـض عبد الـعـال الحديث عن إجــــــــراءات يـتـخـذهـا المــجــلــس بـشـأن الـحـادث الإرهــابــي، مـؤكـداً أن جلسة أمـــس كــانــت مـخـصـصـة لـلـبـحـث في مـــــشـــــروع قـــــانـــــون بــــشــــأن الأنــشــطــة النووية، وأنه »لا يجوز على الإطلاق مناقشة أي موضوعات أخرى خارج الجدول المحدد سابقاً، طبق اللائحة الداخلية للبرلمان«.
لـكـن عـــدداً مــن الــنــواب تـحـدثـوا مطالبين بـ »القصاص العادل« لأرواح ضــحــايــا مــذبــحــة المــســجــد، ورعــايــة أســـرهـــم، ودعــــم الــقــيــادة الـسـيـاسـيـة فـي مـواجـهـة الإرهــــاب. وقــال النائب مــصــطــفــى بــــكــــري: »هــــنــــاك مــطــامــع ومـــخـــطـــطـــات تــســتــهــدف ســـيـــنـــاء«، مـؤكـداً عـدم تقصير الـقـوات الأمنية، وأن مدير أمن شمال سيناء كان أول من وصل إلى موقع المسجد. وطالب بـاتـخـاذ »خــطــوات حقيقية وتنفيذ أحــــكــــام الإعــــــــــدام« ضــــد مــــن صــــدرت بحقهم أحكام قضائية بعد إدانتهم بالإرهاب.
من جانبه، قال رمضان سرحان، عضو مجلس النواب عن دائرة »بئر العبد«: »شهداء مركز بئر العبد كانوا أكبر دليل على التضحيات الجليلة الـتـي يـقـدمـهـا أهــل سـيـنـاء؛ بـل كافة المصريين في حربهم ضد الإرهاب«.
ووصــــــــــف ســـــلامـــــة الـــرقـــيـــعـــي، الــنــائــب عـــن دائـــــــرة شـــمـــال ســيــنــاء، الـــحـــادث بــــ »الـــغـــادر الـــــذي لا عـلاقـة لـــه بـتـعـالـيـم ديــــن الإســــــــلام«، وثــمّــن قيمة »الــــدور الـبـطـولـي« الــذي يقوم به أهالي سيناء للدفاع عن الوطن. فيما دعــا الـنـائـب محمد الـسـويـدي، رئيس ائتلاف الأغلبية (دعم مصر)، إلى إنهاء »كافة الإجــراءات الخاصة بشأن التعويضات وغيرها«، معرباً عـن الاسـتـعـداد لعقد اجـتـمـاع طـارئ للجان المختصة فـي مجلس النواب لإعـداد مشروع قانون بإقرار معاش استثنائي لذوي الضحايا.
وأكــــد الـنـائـب بــهــاء أبـــو شـقـة، رئـيـس لـجـنـة الــشــؤون الـدسـتـوريـة والتشريعية في المجلس، أن اللجنة لـــن تــتــأخــر فـــي تــقــديــم أي مـطـلـب تـشـريـعـي مــن شـأنـه تـعـزيـز قــدرات الــدولــة فــي حـربـهـا ضــد »الإرهــــاب الـغـادر«، مطالباً بتفعيل المــادة ١٦ مـــن الـــدســـتـــور، الــتــي تــلــزم الــدولــة بـــالـــوقـــوف إلـــــى جـــــــوار الــضــحــايــا وأسرهم بنصوص قانونية.
وكــانــت وزارة شـــؤون مجلس الـــنـــواب قــد كـشـفـت عــن الإجــــــراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع الــحــادث الإرهــابــي، وتـشـمـل زيــادة الــوجــود الأمـنـي فـي قـريـة الـروضـة وتــــوابــــعــــهــــا، عــــن طــــريــــق تـشـغـيـل دوريات أمنية على مدار ٢٤ ساعة.
إلــــى ذلـــــك، قــــال مــصــدر محلي سـيـنـاوي لـــ »الــشــرق الأوســــــط«، إن اشــتــبــاكــات دارت أمـــس بــين قــوات الـجـيـش وعـنـاصـر إرهـابـيـة، غربي قــريــة ّالمـــالـــح (شـــمـــال ســيــنــاء)، في إطــار تعقب منفذي هـجـوم مسجد الروضة. وأشـار المصدر إلى تدمير سـيـارتـين تـحـمـلان مــؤنــاً عسكرية صــبــاحــاً، مـضـيـفـاً أنــــه فــــور وقـــوع هذه الحادث، وجّه الجيش المصري ضربات جوية في مناطق مختلفة بـشـمـال سـيـنـاء لـلاشـتـبـاه فـي أنها »أوكار لإرهابيين«.
ومـــنـــذ أكـــثـــر مــــن ٤ ســـنـــوات، تحولت سيناء إلى بؤرة مواجهات مسلحة بين قوات الجيش والشرطة المــــصــــريــــة مـــــن جــــهــــة، ومــســلــحــين مــــتــــشــــدديــــن، مـــــوالـــــين خــصــوصــاً لتنظيم داعـش الإرهـابـي، من جهة أخرى.
ووفق بيانات قبلية، فإن قيادات عسكرية بالجيش المصري تنسق مع ممثلي قبائل فـي سيناء، لمواجهة الجماعات المسلحة الإرهابية.
وكــان اتـحـاد قبائل سيناء قد دعا في بيان يوم السبت »كل رجال وشــبــاب قـبـائـل سـيـنـاء لـلانـضـمـام لإخــوانــهــم، لتنسيق عـمـلـيـة كـبـرى مـع الـجـيـش، مـن أجـل الإنـهـاء التام لـذلـك الإرهـــاب الأســـود«، فـي إشـارة إلى الهجوم على مسجد الروضة.