Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الحرب الثالثة ضد العنصرية

- حسين شبكشي

لا حديث عـن السعودية وفيها إلا عن »الـحـربـين« التي أعلنت عـن إطلاقهما بكل قـــوة وإصــــــر­ار. حـــرب عـلـى الــفــســ­اد وحــرب عـلـى الإرهـــاب بـقـوة وعـزيـمـة وإصـــرار غير مسبوقين.

حـــــرب عــلــى الـــفـــس­ـــاد فــــاجـــ­ـأت الــعــالـ­ـم بأسلوبها ولــم تنته حـتـى الآن، ولـكـن من الواضح أن تاريخ إعلان الحرب على الفساد سيكون تاريخيا مفصليا ومحوريا وغير مسبوق. والحرب على الإرهاب تنطلق بشكل غير مسبوق وبدعم دولي يضم بنجاح تحت شعاره أكثر من ٤٠ دولة إسلامية كلها جاءت بـعـتـادهـ­ا الـعـسـكـر­ي والـفـكـري والـسـيـاس­ـي لـخـوض معركة تخليص الـديـن الإسـلامـي من الجماعات الإرهابية من أمثال »القاعدة« و »حزب الله « و»داعش« و»الحشد الشعبي « و»الحوثيين«، ومن هم على شاكلتهم، الذين شوهوا صـورة الدين الإسـلامـي، وتسببوا في قتل وإصابة الآلاف من الأبرياء.

واللافت أن ولي العهد السعودي الأمير مـحـمـد بـــن ســلــمــا­ن الـــــذي تـــــرأس جـلـسـات انــطــلاق­ــة الـتـحـالـ­ف الـعـسـكـر­ي الإســلامـ­ـي، قـــال إن هـــدف الـتـحـالـ­ف هــو الــقــضــ­اء على الإرهـــــ­ـاب، وهـــو هـــدف عـظـيـم سـيـلـقـى دعـم وتأييد العالم بلا شك، وخصوصا أنه أكد أن الــهــدف الأســاســ­ي لـلـتـحـال­ـف هــو إنـقـاذ الـديـن الإســلامـ­ـي مـن الـتـلـوث الـــذي أصـابـه جراء »السرطان الإرهابي،« الذي جاءت به هذه المجموعات المجرمة بمختلف أشكالها وتوجهاتها.

وتــــبـــ­ـقــــى جـــبـــهـ­ــة ثـــالــــ­ثــــة مــــــن المــنــطـ­ـق والـعـقـلا­نـيـة أن تـقـوم الـسـعـودي­ـة بفتحها، وهي الحرب على التمييز والعنصرية.

أحــــــد أهــــــم أســـــبــ­ـــاب تــفــشــي الإرهـــــ­ـــاب وانـــتـــ­شـــار الـــفـــس­ـــاد هـــو انـــتـــش­ـــار الـتـمـيـي­ـز والــعــنـ­ـصــريــة، وهــــي الــتــي تــؤســس لـفـكـرة التصنيف والتخوين والتكفير (هم ونحن)، وبـالـتـال­ـي »نــحــن« أفـضـل »مـنـهـم«، وهـكـذا تـبـدأ ثـم تـتـحـول »الأمـكـنـة« إلــى مـرتـع لكل أشكال المحاسيب والأنصار، لأن أهل الثقة (جماعتنا) نعرفهم، ويمكن الـوثـوق بهم، وبالتالي »هم« أفضل من »الآخرين«، ومن لا يظن تفشي ظاهرة العنصرية والتمييز فما عليه إلا زيارة لمواقع التواصل الاجتماعي، لـيـرى عينات مـن الـقـذف والـسـبـاب واللعن لــفــئــا­ت فـــي المـجـتـمـ­ع لا تـلـقـاهـا إســرائــي­ــل فـي أســـوأ حـالاتـهـا، أو الــذهــاب إلــى إحـدى مـبـاريـات كــرة الـقـدم فـي دوري المحترفين، وسـمـاع الهتافات العنصرية فـي مدرجات الـفـريـقـ­ين، وانـعـكـاس ذلــك الـجـو المـشـحـون المضطرب على الـوضـع الاجتماعي برمته وبشكل هستيري وعميق، وهذا الجو الملغم مدعوم بمواقع إلكترونية وقنوات فضائية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تـزكـي المـنـاطـق­ـيـة والـطـائـف­ـيـة والـعـنـصـ­ريـة، وتستخدم آراء وفـتـاوى »دينية« أو أقـوالا وأمـثـلـة عــن الأثـــر الـقـديـم، لـتـعـزيـز وتـزكـيـة رأيهم المعوج ومنطقهم العقيم.

الـــحـــر­ب عــلــى الـعـنـصـر­يـة لا تــقــل أبـــدا أهمية عـن الـحـرب على الإرهــاب أو الحرب على الـفـسـاد، وهـي حـرب مطلوب أن تنفذ لأجل الانسجام الاجتماعي ومتانة اللحمة الوطنية. سمعنا بعقوبات بحق إرهابيين وسمعنا عن عقوبات بحق فاسدين، ولكن لم نسمع بأي عقوبة بحق أي أحد قام بأفعال أو أقــوال عنصرية وتمييزية، مـع العلم أن الجميع يراها ويسمع بها، ولا أحد يستطيع إنكار وجودها.

لأجــــــل مــســتــق­ــبــل أفــــضـــ­ـل لــلــســع­ــوديــة كوطن يسع الجميع بلا تفرقة، الحرب على العنصرية مطلوبة فورا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia