الحرب الثالثة ضد العنصرية
لا حديث عـن السعودية وفيها إلا عن »الـحـربـين« التي أعلنت عـن إطلاقهما بكل قـــوة وإصــــــرار. حـــرب عـلـى الــفــســاد وحــرب عـلـى الإرهـــاب بـقـوة وعـزيـمـة وإصـــرار غير مسبوقين.
حـــــرب عــلــى الـــفـــســـاد فــــاجــــأت الــعــالــم بأسلوبها ولــم تنته حـتـى الآن، ولـكـن من الواضح أن تاريخ إعلان الحرب على الفساد سيكون تاريخيا مفصليا ومحوريا وغير مسبوق. والحرب على الإرهاب تنطلق بشكل غير مسبوق وبدعم دولي يضم بنجاح تحت شعاره أكثر من ٤٠ دولة إسلامية كلها جاءت بـعـتـادهـا الـعـسـكـري والـفـكـري والـسـيـاسـي لـخـوض معركة تخليص الـديـن الإسـلامـي من الجماعات الإرهابية من أمثال »القاعدة« و »حزب الله « و»داعش« و»الحشد الشعبي « و»الحوثيين«، ومن هم على شاكلتهم، الذين شوهوا صـورة الدين الإسـلامـي، وتسببوا في قتل وإصابة الآلاف من الأبرياء.
واللافت أن ولي العهد السعودي الأمير مـحـمـد بـــن ســلــمــان الـــــذي تـــــرأس جـلـسـات انــطــلاقــة الـتـحـالـف الـعـسـكـري الإســلامــي، قـــال إن هـــدف الـتـحـالـف هــو الــقــضــاء على الإرهــــــاب، وهـــو هـــدف عـظـيـم سـيـلـقـى دعـم وتأييد العالم بلا شك، وخصوصا أنه أكد أن الــهــدف الأســاســي لـلـتـحـالـف هــو إنـقـاذ الـديـن الإســلامــي مـن الـتـلـوث الـــذي أصـابـه جراء »السرطان الإرهابي،« الذي جاءت به هذه المجموعات المجرمة بمختلف أشكالها وتوجهاتها.
وتــــبــــقــــى جـــبـــهـــة ثـــالــــثــــة مــــــن المــنــطــق والـعـقـلانـيـة أن تـقـوم الـسـعـوديـة بفتحها، وهي الحرب على التمييز والعنصرية.
أحــــــد أهــــــم أســـــبـــــاب تــفــشــي الإرهــــــــاب وانـــتـــشـــار الـــفـــســـاد هـــو انـــتـــشـــار الـتـمـيـيـز والــعــنــصــريــة، وهــــي الــتــي تــؤســس لـفـكـرة التصنيف والتخوين والتكفير (هم ونحن)، وبـالـتـالـي »نــحــن« أفـضـل »مـنـهـم«، وهـكـذا تـبـدأ ثـم تـتـحـول »الأمـكـنـة« إلــى مـرتـع لكل أشكال المحاسيب والأنصار، لأن أهل الثقة (جماعتنا) نعرفهم، ويمكن الـوثـوق بهم، وبالتالي »هم« أفضل من »الآخرين«، ومن لا يظن تفشي ظاهرة العنصرية والتمييز فما عليه إلا زيارة لمواقع التواصل الاجتماعي، لـيـرى عينات مـن الـقـذف والـسـبـاب واللعن لــفــئــات فـــي المـجـتـمـع لا تـلـقـاهـا إســرائــيــل فـي أســـوأ حـالاتـهـا، أو الــذهــاب إلــى إحـدى مـبـاريـات كــرة الـقـدم فـي دوري المحترفين، وسـمـاع الهتافات العنصرية فـي مدرجات الـفـريـقـين، وانـعـكـاس ذلــك الـجـو المـشـحـون المضطرب على الـوضـع الاجتماعي برمته وبشكل هستيري وعميق، وهذا الجو الملغم مدعوم بمواقع إلكترونية وقنوات فضائية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تـزكـي المـنـاطـقـيـة والـطـائـفـيـة والـعـنـصـريـة، وتستخدم آراء وفـتـاوى »دينية« أو أقـوالا وأمـثـلـة عــن الأثـــر الـقـديـم، لـتـعـزيـز وتـزكـيـة رأيهم المعوج ومنطقهم العقيم.
الـــحـــرب عــلــى الـعـنـصـريـة لا تــقــل أبـــدا أهمية عـن الـحـرب على الإرهــاب أو الحرب على الـفـسـاد، وهـي حـرب مطلوب أن تنفذ لأجل الانسجام الاجتماعي ومتانة اللحمة الوطنية. سمعنا بعقوبات بحق إرهابيين وسمعنا عن عقوبات بحق فاسدين، ولكن لم نسمع بأي عقوبة بحق أي أحد قام بأفعال أو أقــوال عنصرية وتمييزية، مـع العلم أن الجميع يراها ويسمع بها، ولا أحد يستطيع إنكار وجودها.
لأجــــــل مــســتــقــبــل أفــــضــــل لــلــســعــوديــة كوطن يسع الجميع بلا تفرقة، الحرب على العنصرية مطلوبة فورا.