السودان يشن حملة على تجارة العملة لاستعادة التوازن الاقتصادي
كــتــفــا بــكــتــف، أجــــــاز مــجــلــس الــــــــوزراء الــســودانــي فــي جـلـسـة اسـتـثـنـائـيـة، أول من أمس، برنامجا لاستعادة التوازن الاقتصادي لــلــبــلاد، بــعــد رفــــع الــحــظــر الاقـــتـــصـــادي عن الـخـرطـوم الـشـهـر المــاضــي، وذلـــك بـالـتـوازي مع حملة كبرى تقوم بها الحكومة للقضاء على تجارة العملة بـدأت منذ نحو أسبوع. وداهــمــت أمــس قــوات الأمــن الاقـتـصـادي في السودان أماكن انتشار ومواقع تجار العملة في البلاد، مثل الفنادق والمباني الفاخرة وأمام البنوك. ووصف متعاملون في العملة الوضع فــي حـركـة الـبـيـع والــشــراء أمــس بالعاصمة الخرطوم، بأنه أشبه بحالة »حظر التجول«، بـعـد حـمـلات بـنـك الـــســـودان الأخـــيـــرة. وقــال متعامل في السوق إن »أحدا لا يريد أن يبيع مـا بـحـوزتـه مـن الـــدولار خـوفـا مـن المـسـاءلـة، بينما التجار قابعون في منازلهم ينتظرون مـا تسفر عنه السياسات الأخــيــرة«؛ مشيرا إلى أنه في الوقت ذاتـه، يعتذر تجار العملة لـلـمـغـتـربـين الــســودانــيــين فــي بـعـض الـــدول الـعـربـيـة عــن إجــــراء الـتـحـويـلات، ويـطـلـبـون مـنـهـم الانـــتـــظـــار. وأمــــــام ذلـــــك، ارتـــفـــع سـعـر الدولار مقابل الجنيه السوداني مجددا أمس فـي الـسـوق المـوازيـة، مـن مستوى ٢٢ جنيها في ختام الأسبوع الماضي، إلى مستوى ٢٤٫٥ جنيه، مـع توقعات لتصاعده مـجـددا ليبلغ حـاجـز الــــ٢٨ جنيها الــذي بلغه بالفعل قبل حملة بنك السودان.
واعـتـبـر المـحـلـل الاقـتـصـادي الـسـودانـي قـرشـي بــخــاري أن إجـــــراءات الـبـنـك المـركـزي خـطـوة مـبـاشـرة لـسـد مـنـافـذ المـضـاربـات في الـعـمـلات، وأنـهـا تـحـتـاج لـخـطـوات تكميلية أخــــرى، مـوضـحـا أن حـظـر تـمـويـل الـتـجـارة المحلية سيؤدي إلى زيادة السقف التمويلي للقطاعات الإنتاجية؛ لكنه بصورة أساسية ومــبــاشــرة يـعـنـي تـجـفـيـف مـنـابـع الـسـيـولـة للمضاربين في الدولار والعملات الإنتاجية. وأشـــار بـخـاري إلــى أن بـنـك الــســودان، وفقا لمـنـشـوره الأخــيــر، سـمـح لـلـبـنـوك الـتـجـاريـة بـتـكـويـن أرصــدتــهــا مــن الـنـقـد الأجـنـبـي من الـقـنـوات المـحـددة الـتـي تمت الإشـــارة إليها، بهدف منع المصارف من المضاربة في الدولار والــعــمــلات الأجــنــبــيــة كــمــا حــــدث الأســبــوع المـــاضـــي وأدى لآثـــــار سـلـبـيـة عــلــى الـعـمـلـة الـوطـنـيـة، كـمـا أن الـبـنـك المــركــزي سيحتفظ باحتياطي من مشتريات البنوك قدره ٢٥ في المـائـة، مما سيسمح لـه بـــإدارة سعر العملة الـوطـنـيـة مـقـابـل الــعــمــلات الأجــنــبــيــة، وفـق العرض والطلب الحقيقيين.
مـــــن جـــانـــبـــه، أجــــــــاز مــجــلــس الــــــــــوزراء الــســودانــي فــي جـلـسـة اسـتـثـنـائـيـة، أول من أمس، برنامجا لاستعادة التوازن الاقتصادي لــلــبــلاد. وتــضــمــن الــبــرنــامــج الـــــذي سـبـقـتـه إجـــراءات مـن بنك الـسـودان المـركـزي لتنظيم سوق النقد الأجنبي وجذب مدخرات المغتربين وعوائد المصدرين، سياسات جديدة لزيادة مـخـزون بـنـك الــســودان المــركــزي مـن الـذهـب، ومـنـع تهريبه، وسـيـاسـات أخــرى لاستقرار سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار، وسياسات كذلك لتسهيل تحصيل عائدات الــصــادر لـبـنـك الــســودان، بـجـانـب سـيـاسـات مـــالـــيـــة لـــبـــنـــاء قــــنــــوات لــتــحــويــل مـــدخـــرات المغتربين، وامتصاص السيولة الفائضة من الاقـتـصـاد، وتحويلها واستقطابها للنظام المصرفي في البلاد.
وكان بنك السودان المركزي قد قرر منذ يومين إلغاء التراخيص التي تمنح شركات التعدين حق تصدير وبيع ٧٠ في المائة من إنتاجها مـن الـذهـب، والــذي سمح بـه البنك لأكثر من ٤٠٠ شركة تعمل في المجال قبل ستة أشهر. وقرر البنك أن تحول الشركات ٢٥ في المائة لصالحه.
كـمـا وجـهـت الـسـيـاسـات الـجـديـدة التي أجــيــزت مــن الــقــطــاع الاقــتــصــادي فــي شكل مصفوفة شاركت فيها كل الأجهزة الرسمية والقطاع الـخـاص، البنوك التجارية لإعطاء أولــويــة فــي الـتـمـويـل لـلـقـطـاعـات الإنـتـاجـيـة والـصـادر وفـق السياسات الـجـديـدة، ووقـف اسـتـيـراد الـسـلـع غـيـر الـضـروريـة أو المنتجة محليا وتكفي حاجة استهلاك المواطنين.