Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ثورة الهواتف الذكية الصينية

تقليد المنتجات أدى إلى تطوير تصاميم تنافسية رائدة

- لندن: هشام الكوحة*

بلغ مستوى التطور التقني في الـصـين مستوى عالمياً بــارزاً وظـاهـراً للعيان، بحيث باتت ثلاث من الشركات الصينية المختصة بـإنـتـاج وتطوير الهواتف الذكية، من ضمن أكبر خمس شركات في العالم.

وحتى وقت قريب، كانت شركات مثل »سامسونغ« و»آبــل« و»سوني« و»إل جـي« و»إتــش تـي سـي« تسيطر عـلـى ســوق الـهـواتـف الـجـوالـة فـي كل أرجـاء العالم. غير أن السوق العالمية الجديدة التي أصبحت لا تؤمن بمبدأ الاحتكار جعلت من الشركات الصينية الـولـيـدة تـشـق طـريـقـهـا فــي الـوصـول إلى العالمية حتى أصبحت من ضمن الشركات التي يحسب لها ألف حساب.

وفي خضم هذا التطور ربما يسأل سائل أين هي الشركات العملاقة التي اسـتـحـوذت على سـوق التكنولوجي­ا لسنوات طويلة مثل شركة LG وSony و HTC!؟ وكيف تخطت »هواوي« شركة »آبــــــل« لـتـصـبـح ثــانــي أكــبــر شــركــات الهواتف الذكية في العالم؟ عصر التقنيات الصينية

وفـــي ظــل الـــظـــر­وف الاقـتـصـا­ديـة والــتــنـ­ـافــســيـ­ـة وبـــعـــد انـــتـــه­ـــاء عـصـر »نـــوكـــي­ـــا« و»بـــــــلا­ك بـــيـــري« تــصــدرت »سامسونغ« و»آبـل« الساحة وكبرت عـــلامـــ­تـــهـــمـ­ــا الــــتـــ­ـجــــاريـ­ـــة فــامــتــ­لــكــت الـشـركـتـ­ان أكـثـر مـن ٣٥ فـي المـائـة من الـحـصـة الـسـوقـيـ­ة لـلـهـواتـ­ف الـذكـيـة لفترة ليست بالبسيطة إلى أن ظهرت على الـسـاحـة شـركـات صينية واعـدة فرضت اسمها في السوق بتصنيعها لـــهـــوا­تـــف بــمــواصـ­ـفــات تـــقـــار­ع فـيـهـا الأجهزة الرائدة بأسعار تنافسية جدا.

ووفــــقــ­ــا لــتــقــر­يــر شـــركـــة أبــحــاث السوق »آي دي سي«، شحنت هواوي ٣٩٫١ مليون هـاتـف فـي الـربـع الثالث من العام الحالي لتستحوذ على أكثر من ١٢ في المائة من الحصة السوقية العالمية متجاوزة لأول مرة شركة آبل قافزة إلى المرتبة الثانية فيما تستمر سامسونغ في الـصـدارة كأكبر شركة هــواتــف ذكــيــة فــي الــعــالـ­ـم حـتـى هـذه اللحظة.

كــمــا كــشــف الــتــقــ­ريــر عــــن أرقـــــام مـبـيـعـات الــهــوات­ــف الـذكـيـة فــي الـربـع الـثـالـث مـن الـعـام الـحـالـي فـي الـهـنـد، ولأول مرة منذ ٢٠١٢ جاءت »شاومي« (الشركة الصينية الواعدة) في المرتبة الثانية متخلفة بـفـارق ٠٫٥ فـي المائة فقط عن سامسونغ ولتستحوذ على ٢٢٫٣ في المائة من السوق مقارنة بـ ٢٢٫٨ في المائة لسامسونغ، وخصوصا بعد النجاح الكبير لهاتفها ‪٤ Redmi Note‬ - الجوال الأكثر مبيعاً في تاريخ الشركة - ولـتـصـبـح شـاومـي الـشـركـة الأســرع نموا في سوق الهواتف الذكية بمعدل سنوي بلغ ٢٩٢ في المائة.

ويلاحظ المتتبع لسوق الهواتف الذكية أن الشركات الصينية المصنعة لها كهواوي، وشاومي، وأوبو وفيفو وون بلس وغيرها تتوسع بشكل كبير ومــضــطــ­رد، أمـــا الــشــركـ­ـات الـعـمـلاق­ـة والمعروفة وضمنها آبـل وسامسونغ فتفقد المـزيـد مـن حصصها فـي سوق الــهــوات­ــف والأجـــهـ­ــزة الـلـوحـيـ­ة حتى ســيــطــر­ت الـــشـــر­كـــات الـصـيـنـي­ـة عـلـى نصف السوق العالمية تقريبا بنسبة بلغت ٤٨ في المائة وفقا لتقرير شركة أبـحـاث الـسـوق كـاونـتـر بـونـت للربع الثاني من العام الحالي.

فيا ترى ما هي الأسباب والعوامل التي ساعدت في نجاح هذه الشركات الصينية؟ عوامل الريادة

* »ثقافة التقليد«. لا يخفى على الكل ّأن كل المنتجات الـرائـدة أصبحت تـصـنـع فــي الــصــين، ومــن الـسـهـل جـدا تقليد العلامات التجارية باستقطاب المهندسين والعاملين أنفسهم بمصانع آبـــل وسـامـسـون­ـغ عـلـى سـبـيـل المــثــال، خــصــوصــ­ا إذا عــرفــنــ­ا أن الــحــكــ­ومــة الصينية لا تحمي حقوق الملكية كما هو الحال في الدول المتقدمة. بالإضافة إلـــى أن »ثــقــافــ­ة الـتـقـلـي­ـد« ســائــدة في الـصـين. وعـنـدمـا نـقـول »ثـقـافـة« فإننا نعني أن الشركات الصينية لا تخجل من تقليد الهواتف الرائدة وأن الحكومة الصينية لـن تـوقـف أو تـعـتـرض عمل هذه الشركات. والأهم من هذا وذاك، أن المستهلك الصيني أيضا لا يخجل من استعمال آيفون مقلد. وبالفعل كانت هذه هي البداية. أما ّالآن فقد أصبحت الشركات الصينية تصنع وتبتكر آخر الـصـيـحـا­ت التقنية كـهـاتـف »شـاومـي مي ميكس« الـذي كان أول جـوال يأتي بتصميم خال من الحواف تقريبا قبل سـنـتـين، وهــاتــف ‪٧ Meizu Pro‬ كــأول هاتف مزود بشاشة من الخلف ليتمكن المستخدم مـن التقاط صـور (سيلفي) بالكاميرا الخلفية، كما لا ننسى تقنية الذكاء الصناعي الذي قدمته هواوي في هاتفها الأحدث ميت ١٠.

* الأسعار. لطالما ارتبطت المنتجات الصينية بالسعر الرخيص، والهواتف الـذكـيـة ليست اسـتـثـنـا­ءً. وقـد أصـدرت الشركات الصينية مؤخرا هواتف ذات جودة وكفاءة عالية وعتاد لا يضاهي فــقــط الــــجـــ­ـوالات الــــرائـ­ـــدة بـــل يـفـوقـهـا أحيانا مثل هــاتــف ‪OnePlus ٣T‬ الذي كان أحد أول الهواتف الذي أتى بسعة ذاكرة عشوائية ‪٦GB RAM‬ ومع ذلك لم يتعد سعره ٥٠٠ دولار أميركي.

و»شاومي ‪Mi Mix ٢‬ « أحد أجمل الهواتف تصميما وبمواصفات تقارع هواتف مثل غالكسي إس ٨ وإل جي في ٣٠ ومـع ذلـك فـإن سعره تقريبا نصف سعر تحفة سامسونغ »نوت ٨«.

وهـــنـــا­ك عـــامـــل آخــــر ســـاعـــد عـلـى خــفــض الأســــعـ­ـــار هـــو عـــــدم دفـــــع هــذه الــشــركـ­ـات مـبـالـغ هـائـلـة لـلـتـعـاق­ـد مع المــشــاه­ــيــر وإنـــشـــ­اء حــمــلات إعـلامـيـة ضخمة، بالإضافة إلـى الاستغناء عن محلات التسوق التقليدية والاعتماد عـلـى الــتــجــ­ارة الإلـكـتـر­ونـيـة مــن خـلال البيع عن طريق مواقعها الرسمية أو مــواقــع الــتــســ­وق الإلــكــت­ــرونــي كمتجر AliEXpress وBanggood. تسويق متنام

* السوق الصينية وهي أكبر سوق للهواتف الذكية فـي العالم، التي رأت فيها الشركات الصينية أرضا خصبة لانتشار أجهزتها وازدهار اقتصادها؛ ففي عـام ٢٠١٥ بيع ٤٣٤ مليون هاتف ذكي في الصين وكان نصيب الأسد منها للشركات المحلية. أما آبل فهي الشركة الوحيدة التي تمكنت من دخول السوق الصينية ولكن حصتها السوقية كانت بسيطة بنسبة ٣ في المائة حسب ما ذكر تقرير كاونتر بوينت.

ولكن بعد تشبع السوق الصينية حاولت بعض الشركات كهواوي مثلا الـخـروج مـن المنافسة المحلية ودخـول أسواق عالمية كالسوق الأوروبية التي نجحت فيها بالفعل وهي الآن مستمرة فــي مـحـاولاتـ­هـا لـلـدخـول إلـــى الـسـوق الأميركية.

يذكر أن بعض الـشـركـات الأخـرى كـ »أوبـو وفيفو« وغيرها قررت دخول الـــســـو­ق الــهــنــ­ديــة - ثــانــي أكــبــر ســوق هواتف ذكية في العالم - واستطاعت بفترة وجـيـزة أن تسيطر على ٥٤ في المـائـة مـن الحصة السوقية مـع وجـود منافسة طفيفة مـن الـشـركـات المحلية حـــســـب تـــقـــري­ـــر شــــركـــ­ـة آي دي سـي للأبحاث.

ومن هنا نرى أن جميع المؤشرات تصب في مصلحة الشركات الصينية شـريـطـة أن تستمر بتطوير هواتفها وتقديم مزايا وتقنيات جديدة والدخول لأســــواق جــديــدة مــع مـحـافـظـت­ـهـا على النقطة الجوهرية أي الأسعار المنافسة.

* خبير في تقنية المعلومات

 ??  ?? هاتف »شاومي مي ميكس«
هاتف »شاومي مي ميكس«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia