ﻣﺨﺎﻃﺮة اﳌﺮض وﻛﺴﺮه... رواﺋﻴﴼ
ﻃﻠﻌﺖ ﺷﺎﻫﲔ ﰲ »اﻟﱪﺗﻘﺎﻟﺔ واﻟﻌﻘﺎرب«
ﺗـــﺜـــﻴـــﺮ رواﻳـــــــــــﺔ »اﻟـــﺒـــﺮﺗـــﻘـــﺎﻟـــﺔ واﻟـــــﻌـــــﻘـــــﺎرب«، ﻟــﻠــﻜــﺎﺗــﺐ اﳌــﺘــﺮﺟــﻢ دﻛـﺘـﻮر ﻃﻠﻌﺖ ﺷـﺎﻫـﲔ، اﻟـﺼـﺎدرة ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻋﻦ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﻘﺎﻫﺮة، ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﻬﻤﺔ ﺣﻮل ﻋــﻼﻗــﺔ اﻹﺑـــــــﺪاع ﺑـــﺎﳌـــﺮض، وﻛـﻴـﻒ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﳌﺮض ﻧﻔﺴﻪ ﺷﻜﻼ ﻣــﻦ أﺷـﻜــﺎل ﻣـﻘـﺎوﻣـﺘـﻪ، ﺧـﺎﺻـﺔ إذا ﻛــﺎن ﻣـﻦ ﻧﻮﻋﻴﺔ اﳌــﺮض اﻟﻌﻀﺎل، اﻟـــــﺬي ﺗــﺘــﺤــﻮل ﻣــﻌــﻪ اﻟــﺤــﻴــﺎة إﻟــﻰ ﻣــﺨــﺎﻃــﺮة، ﺗـﻀـﻴـﻖ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﳌـﺴـﺎﻓـﺔ ﺑﲔ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻌﺪم.
ﺗــــــــﻄــــــــﺮح اﻟــــــــــــﺮواﻳــــــــــــﺔ رﺣـــــﻠـــــﺔ ﻣـــــﻊ اﳌـــــــــﺮض، ﻣــﻔــﻌــﻤــﺔ ﺑــــﺎﻷﺣــــﻼم واﻟـــﺬﻛـــﺮﻳـــﺎت، وﻫــﻠــﻮﺳــﺎت اﳌــﺨــﺪر واﻷدوﻳــــــــــﺔ، وﻣـــﻨـــﺎﺧـــﺎت اﻟــﻄــﻔــﻮﻟــﺔ واﻟــﺨــﻮف ﻣــﻦ اﻟــﻌــﻘــﺎرب، وﻓــﻲ ﻇﻞ ﺳــﻴــﻜــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺔ ﻣـــﺸـــﻮﺷـــﺔ، ﺷـﻠـﺖ اﻟﺤﻮاس، وﻋﻄﻠﺖ ﺣﻴﻮات اﻟﺠﺴﺪ، ﺣــﺘــﻰ أﺻــﺒــﺢ ﻛــﺎﳌــﺘــﺎﻫــﺔ، أو ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻏﺮﻳﺒﴼ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ.
ﺗﺒﺪأ ﺧﻴﻮط ﻫـﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﺣﻴﺚ ﺗﺪاﻫﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ، ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ إﺛﺮﻫﺎ ﻓــﺮﻳــﺴــﺔ ﻟـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﺎت اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ واﻹﻫـــــﻤـــــﺎل وﻏــــﺒــــﺎء اﻷﻃـــــﺒـــــﺎء، ﺛـﻢ ﺗــﻨــﺘــﻬــﻲ ﺑــﻤــﺸــﻔــﻰ ﻓــــﻲ إﺳــﺒــﺎﻧــﻴــﺎ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛـﺮﺳـﻲ ﻣـﺘـﺤـﺮك، ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﻣﻐﺎﻣﺮة ﻃﺒﻴﺔ ﻣـﺮﻳـﺮة أﻣـﻼ ﻓﻲ اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ ورم ﺳﺮﻃﺎﻧﻲ ﺑﺎﳌﺦ أﺻـﺒـﺢ ﻓــﻲ ﺣﺠﻢ اﻟـﺒـﺮﺗـﻘـﺎﻟـﺔ. ﻫﻨﺎ ﺗﺒﺮز وﺛﻴﻘﺔ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ، ﻛﻄﻮق ﻧــــﺠــــﺎة أﺧــــﻴــــﺮ ﻓـــــﻲ ﻫــــــﺬه اﳌـــﺤـــﻨـــﺔ، ﻓـﻘـﺪ ﻋــﺎش أﻛــﺜــﺮ ﻣــﻦ ٥٣ ﻋــﺎﻣــﴼ ﻓﻲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ، وﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮراه، ﻛﻤﺎ ﺗﺮﺟﻢ إﻟــﻰ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣــﻦ اﻷﻋـﻤـﺎل اﳌﻬﻤﺔ، ﻣﻦ أدب أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ.
ﻓﻲ اﳌﺸﻔﻰ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ اﻟﺨﺎص ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﲔ اﻟﺼﺤﻲ ﺑﻤﺪرﻳﺪ، ﻳﻮاﺟﻪ اﻟـــﺒـــﻄـــﻞ اﻟـــﻜـــﺎﺗـــﺐ ﺣــﻘــﻴــﻘــﺔ ﻣــﺮﺿــﻪ اﻟــــﻌــــﻀــــﺎل، اﻟــــــــﺬي ﻳــــﻔــــﺮض ﻋــﻠــﻴــﻪ ﻣﺨﺎﻃﺮة ﺣﻴﺎة أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻣﺎ ﺑﲔ اﺣﺘﻤﺎﻟﲔ ﻻ ﺛﺎﻟﺚ ﻟﻬﻤﺎ: ﻣﻮت ﻣﺤﻘﻖ، وآﺧﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ.
ﻣــــﻨــــﺎخ ﺿــــــﺎر ﻣــــﻮﺣــــﺶ ﻳــﺸــﺪ اﻟـــــﺮواﻳـــــﺔ، ﻣــــﺎ ﺑــــﲔ »اﳌــــﻮﻧــــﻮﻟــــﻮج« ﺑﺈﻳﻘﺎﻋﻪ اﻟﺸﺠﻲ اﳌﻔﻌﻢ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮى اﻟـــﺪاﺧـــﻠـــﻴـــﺔ، وﺑـــــﲔ »اﻟــــﺪﻳــــﺎﻟــــﻮج«، اﳌــﺸــﺪود ﻟـﺪﺑـﻴـﺐ اﻟــﺨــﺎرج، وﻛـﺄﻧـﻪ ﺻﺪى ﻻﻧﻔﻌﺎﻻت وﻣﺸﺎﻋﺮ ورؤى ﻟﺬات ﻣﻐﻴﺒﺔ، ﺗﻘﻒ ﻋﺎرﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻓﺔ اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻌﺪم وﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﺧﻄﻮﺗﺎن ﻓﻲ ﺧﻄﻮة واﺣﺪة... ﻻ ﺗﻤﻠﻚ اﻟﺬات اﻟــﺴــﺎردة )اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ( ﻧـﻔـﺴـﻪ، ﺳـﻮى اﻟــﻘــﺒــﻮل واﻹذﻋـــــــﺎن ﻟــﺨــﻮض ﻫــﺬه اﳌـــﺨـــﺎﻃـــﺮة، ﻟــﻴــﺲ ﺑـــﺪاﻓـــﻊ اﻟــﺮﻏــﺒــﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﻴــﺎة واﻟــــﻮﺟــــﻮد ﻓـﺤـﺴـﺐ، وإﻧﻤﺎ ﺑﺪاﻓﻊ آﺧـﺮ، ﻳﺸﺒﻪ اﻟﺬﺑﺬﺑﺔ اﻟـــﺪاﺧـــﻠـــﻴـــﺔ ﻓــــﻲ أﻋــــﻤــــﺎق اﻟــﻨــﻔــﺲ، وﻫـــﻮ اﻟــﺮﻏــﺒــﺔ ﻓـــﻲ اﺧــﺘــﺒــﺎر اﻟـــﺬات ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻣﺎ ﺑﲔ ﻫﺬﻳﻦ اﻻﺣﺘﻤﺎﻟﲔ اﳌﺄﺳﺎوﻳﲔ، اﺣﺘﻤﺎل اﳌـﻮت واﻟﺤﻴﺎة، إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﻤﺎزﺟﺔ اﻻﺛﻨﲔ أﺣﻴﺎﻧﴼ ﺗﺤﺖ ﻗﺸﺮة اﻟـــــــﻮﻋـــــــﻲ اﳌــــﻐــــﻴــــﺐ، وﺗــــــﺨــــــﻴــــــﻞ أن ﻣـــﺎ ﻳﺠﺮي ﻣﺠﺮد ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺐ ﻣﻌﻬﻤﺎ، ﻛــــﺄن اﻟــﺤــﻴــﺎة ﺑﻜﻞ ﺗـــــﻨـــــﺎﻗـــــﻀـــــﺎﺗـــــﻬـــــﺎ، ﺑـــــﻜـــــﻞ ﻣـــﺴـــﺮاﺗـــﻬـــﺎ وأﺣـــــﺰاﻧـــــﻬـــــﺎ، ﻫـﻲ اﺧﺘﺒﺎر ﻟﻠﻤﻮت.
ﻳــــــــــــــــﺼــــــــــــــــﻒ اﻟـــــــﻜـــــــﺎﺗـــــــﺐ ﻫــــــﺬه اﻟـــــــﺤـــــــﺎﻟـــــــﺔ ﺑـــﻌـــﺪ أن وﻗــــــــــﻊ ﻋـــﻠـــﻰ وﺻــــــــــــــﻴــــــــــــــﺘــــــــــــــﻪ وأوراق اﳌﺸﻔﻰ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺈﺟﺮاء اﻟــــــــــــﺠــــــــــــﺮاﺣــــــــــــﺔ ﻗــﺎﺋــﻼ: »أﺧــﺬت اﻷﻣــــــــــﺮ ﺗـــﻤـــﺎﻣـــﴼ ﻛـــــﻤـــــﺎ ﺗـــﻠـــﻘـــﻴـــﺖ ﺗــﺸــﺨــﻴــﺺ اﻟــــﺪﻛــــﺘــــﻮر ﻛـــﺮاﺳـــﻜـــﻮ ﺑــﺤــﺎﻟــﺘــﻲ ﺑــﺄﻧــﻬــﺎ ﺧــﻄــﻴــﺮة وأﻣــﻠــﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة ﺿﻌﻴﻒ، ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣــﻊ اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ ﻋـﻠـﻰ أﻧــﻪ ﻳﺨﺺ ﺷـﺨـﺼـﴼ آﺧـــﺮ، ﻫــﻮ أﻧـــﺎ، ﻟـﻜـﻨـﻪ أﻧـﺎ اﻵﺧـﺮ. ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻊ اﻟﻮﺻﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد إﺟﺮاء ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ، ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻛﺎﳌﻮت اﻟﺬي ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ، ﻃﺎل اﻟﺰﻣﻦ أو ﻗﺼﺮ«.
ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎ ﻫـﺬه اﻷﻣــﻞ اﳌــﺮاوغ وﻣــــــﺤــــــﺎوﻟــــــﺔ ﻟـــــﻠـــــﻬـــــﺮوب ﻣــــﻨــــﻪ أو اﻟﺘﺨﻔﻴﻒ ﻣﻦ وﻃﺄﺗﻪ، ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺬات ﻣﺨﺎﻃﺮة اﻟﻮﺟﻮد اﳌﻌﻠﻖ ﻓﻲ ﺳﻘﻒ اﳌﺮض، ﺑﻔﺘﺢ دﻓﺘﺮ اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت، ﻣﻊ اﳌــﺎﺿــﻲ واﻟــﺤــﺎﺿــﺮ، ﻣــﻊ اﻷﻣـﻜـﻨـﺔ واﻷزﻣـــﻨـــﺔ واﻟــﻮﻗــﺎﺋــﻊ واﻷﺣــــــﺪاث، ﻣﻊ اﻷﺻﺪﻗﺎء، وﻣﻔﺎرﻗﺎت اﳌﺤﺒﺔ، ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻊ زوﺟﺘﻪ اﻹﺳـﺒـﺎﻧـﻴـﺔ وﺣـﻜـﺎﻳـﺔ اﻧﻔﺼﺎﻟﻬﻤﺎ ﻟــﻌــﺪة ﺳـــﻨـــﻮات، ﺛـــﻢ ﻋــﻮدﺗــﻬــﺎ ﻟــﻪ، ووﻗﻮﻓﻬﺎ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ، وﺷﺪ أزره ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺤﻨﺔ. ﻟﻜﻦ ﻳﻈﻞ اﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺪﻓﺘﺮ اﺳﺘﻌﺎدة ﺻﻮر اﳌﻮت ﻋﺒﺮ اﳌﺤﻄﺎت اﻟﺨﻄﺮة، وﻣﺼﺎدﻓﺔ ﻣـــﻮاﺟـــﻬـــﺘـــﻪ ﻋــــﻦ ﻗــــــﺮب ﻓــــﻲ ﻣــــﺮات ﻛــﺜــﻴــﺮة، ﻣﻨﻬﺎ ﺣــﺮب ٣٧٩١، اﻟﺘﻲ ﺧـﺎﺿـﻬـﺎ اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ اﻟـــﺴـــﺎرد، ﺣﻴﺚ ﻛـــﺎن ﻣـﺠـﻨـﺪﴽ ﻓــﻲ اﻟـﺠـﻴـﺶ اﻟـﺜـﺎﻟـﺚ اﳌﺼﺮي، وﻛﺬﻟﻚ ﺣﺮﺑﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟـــﺨـــﺎﺻـــﺔ ﻣـــﻊ اﻟـــﻌـــﻘـــﺎرب، وﻛــﻴــﻒ أﺻﺒﺤﺖ »ﻓﻮﺑﻴﺎ« ﺗﻘﺾ ﻣﻀﺠﻌﻪ ﻓــﻲ ﻛــﻞ ﻣــﻜــﺎن. وﻳـﺬﻛـﺮ واﻗـــﻌـــﺔ ﺗـــﻌـــﺮض أﺧـــﺘـــﻪ اﻟــﺼــﻐــﺮى ﻟــــﻠــــﺪﻏــــﺔ ﻋــــــﻘــــــﺮب، ﻛــــــــــﺎدت ﺗــــــﻮدي ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺸﻔﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺗﺎﺟﺮ أﻗﻤﺸﺔ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻣﻌﺮوف ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻘﺮﻳﺔ وﻣﺸﻬﻮر ﺑﺎﻟﻌﻼج ﻣﻦ ﻟﺪﻏﺎت اﻟﻌﻘﺎرب. ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﻏــﻴــﺮﻫــﺎ ﻳــﺘــﻢ ﺗــﻮﺳــﻴــﻊ ﻣــﺪﻟــﻮﻻت اﻟـﺮﻣـﺰ، ﻟﺘﺤﻠﻖ ﻓـﻲ ﻗﻴﻢ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺘﺎﺟﺮ اﳌﺴﻴﺤﻲ، ﻳﻠﻘﻰ ﺗﻌﺎوﻳﺬ وﻛﻠﻤﺎت ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻣﻦ اﻹﻧﺠﻴﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﺧﺖ اﳌﺮﻳﻀﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﻷب، ﻳﺘﻠﻮ آﻳـﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ... ﺗﺼﻮر اﻟﺮواﻳﺔ ﻫﺬا اﳌﺸﻬﺪ )ص٧٤( ﻋﻠﻰ ﻫـــــﺬا اﻟـــﻨـــﺤـــﻮ: »اﳌــــﺪﻫــــﺶ أن أﺑــﻲ ﺣــﺎﻓــﻆ ﻛــﺘــﺎب اﻟـــﻠـــﻪ، ﻟـــﻢ ﻳـﻌـﺘـﺮض ﻋﻠﻰ دﺧﻮل اﻟﺨﻮاﺟﺔ ﺑﻬﻴﺢ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻟــﻌــﻼج ﺷــﻘــﻴــﻘــﺘــﻲ، وﻟــــﻢ ﻳـﻌـﺘـﺮض ﻋﻠﻰ ذﻛــﺮ اﺳــﻢ ﻣﺮﻳﻢ اﻟــﻌــﺬراء، ﺑﻞ إﻧــﻪ آﻣـــﻦ ﻋـﻠـﻰ ﻛــﻼم ﺑﻬﻴﺞ ﻣـﺆﻛـﺪﴽ ﺑـﺄن ﺣــﺮوف اﻟﻜﺘﺐ اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎ ﺷــﻔــﺎء ﻟــﻠــﻨــﺎس إن وﻋـــﻮا وأدرﻛـــــــــــﻮا ﺟــــﻴــــﺪﴽ. وﺑـــﻴـــﻨـــﻤـــﺎ ﻛـــﺎن اﻟـﺨـﻮاﺟـﺔ ﺑﻬﻴﺞ ﻳـﻘـﺪم ﻟﺸﻘﻴﻘﺘﻲ اﻷوراق اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑـﺄﺣـﺮف ﻗﺒﻄﻴﺔ ﻟﺘﺒﺘﻠﻌﻬﺎ، ﻛﺎن أﺑﻲ ﻳﻀﻊ ﻳﺪه ﻋﻠﻰ رأﺳــﻬــﺎ، وﻳـﺘـﻠـﻮ ﺑــﺼــﻮت ﺧﻔﻴﺾ وﺑﻌﻴﻨﲔ ﻣﻐﻤﻀﺘﲔ ﺑﻌﺾ اﻵﻳﺎت اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ«.
ﻓﻲ ﻓﻀﺎء اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻣـﺴـﺎءﻟـﺔ اﳌـــﻮت ﺑـﻤـﺴـﺎءﻟـﺔ اﻟـــﺬات، وﻳـــــــﺘـــــــﺤـــــــﻮﻻن ﻓـــــــــــــﻲ ﺳـــــــﺮﻳـــــــﺮ اﳌﺮض، وﺗﺤﺖ ﻧـﻮﺑـﺎت اﻟﻐﻴﺎب واﻹﻓــــــــــــــــــﺎﻗــــــــــــــــــﺔ، إﻟــــــــﻰ ﻣـــﺴـــﺎء ﻟـــﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮد ﺑﺮﻣﺘﻪ، ﻣـــــﻨـــــﺴـــــﺎﺑـــــﺔ ﺑـــﻼ ﻓــﻮاﺻــﻞ أو ﻋﻘﺪ زﻣـــﻨـــﻴـــﺔ، ﺑــــﻞ ﺑـﻼ ﺗـــﻌـــﺎرﺿـــﺎت ﺑـﲔ ﺷـــﻮاﻏـــﻞ اﻟـﺠـﺴـﺪ واﻟـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــﺮوح... ﻣـــﺴـــﺎءﻟـــﺔ ﺷـﻔـﻴـﻔـﺔ ﻛـــــﺄﻧـــــﻬـــــﺎ ﻣـــــﻌـــــﺮاج ﺻـــــــﻮﻓـــــــﻲ، ﺗـــﻌـــﻠـــﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻃـﺎﻗـﺔ اﻟﺤﻠﻢ واﻟــــــــﺨــــــــﻴــــــــﺎل إﻟــــــﻰ أﻗــــــﺼــــــﻰ ﻟـــﺤـــﻈـــﺎت اﻟــــﺸــــﻄــــﺢ واﻟـــــﻨـــــﺰق واﻟـــــــــــــــــﺨـــــــــــــــــﺮاﻓـــــــــــــــــﺔ. ﻳـــﺼـــﻮرﻫـــﺎ اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺟﺎة داﺧﻠﻴﺔ ﻳــﻌــﻠــﻮ ﻓــﻴــﻬــﺎ إﺷــــﺮاق اﻟــﻌــﻘــﻞ واﻟــﺒــﺼــﻴــﺮة، ﻛــــﺄﻧــــﻬــــﺎ ﺗـــﻘـــﻄـــﻴـــﺮ ﻟــــﺨــــﺒــــﺮة اﳌـــــﻮت واﻟـــﺤـــﻴـــﺎة ﻣـــﻌـــﴼ، ﻗــــﺎﺋــــﻼ ﻓــــﻲ )ص ٣٢(: »ﻋــﻨــﺪ ﻟــﺤــﻈــﺎت اﻟــﺨــﻄــﺮ، ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻌﻘﻞ ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻜﺮ، ﻗﺪ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓـﻲ اﻟﺘﻬﻠﻜﺔ، ﻣﻌﺘﻘﺪﴽ أﻧﻪ ﻻ ﻃـﺮﻳـﻖ آﺧــﺮ، ﻣﺜﻞ أوﻟـﺌـﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﺬﻓﻮن ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻨﺎﻳﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺗــﺤــﺎﺻــﺮﻫــﺎ اﻟــﻨــﻴــﺮان، ﻷﻧــﻬــﻢ ﺑﲔ ﺧﻴﺎر اﻟﺒﻘﺎء واﳌﻮت ﺣﺮﻗﴼ، أو اﻟﻘﻔﺰ ﻓــﻲ اﻟــﻬــﻮاء واﻻرﺗـــﻄـــﺎم ﺑـــﺎﻷرض، اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ واﺣـــﺪة، ﻣــﻮت ﻣﺤﻘﻖ... ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻣﻊ ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻳﻤﻜﻦ اﳌﺴﺎواة ﺑﲔ اﻟﻄﺮﻳﻘﺘﲔ ﻓﻲ اﳌﻮت، وأﻳﻀﴼ ﺗﺴﺎوي ﻃـﺮق اﻟﻨﺠﺎة ﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﻄﺮﻳﻘﺘﲔ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺎت أﻧـﺖ ﻻ ﺗﻔﻜﺮ، ﺑﻞ ﻫﻨﺎك ﻋﻘﻞ ﻳﻔﻜﺮ، ﻳﻔﻜﺮ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻨﻚ، إﻧﻪ ﺷــﻲء ﻏــﺎﻣــﺾ ﻳـﺴـﻤـﻮﻧـﻪ »اﻟـﺮﻏـﺒـﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة«.
ﺑﻴﺪ أن ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ ﻓــﻲ اﻟــﺤــﻴــﺎة، ﺗـﻤـﺘـﺪ إﻟـــﻰ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ وﺣـﻴـﻮاﺗـﻪ اﳌﻌﻄﻠﺔ ﻓﻮق ﺳﺮﻳﺮ ﻣﺴﻴﺞ ﺑﺤﻮاﺟﺰ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ، ﺣﺮﺻﴼ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻪ اﻟﺼﺤﻴﺔ... ﻟﻜﻦ ﻣـﻦ أي ﻧـﺎﻓـﺬة ﻣﻤﻜﻦ أن ﻳﻄﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫــــﺬه اﻟـــﺤـــﻴـــﻮات. ﻫــﻨــﺎ ﻳــﺒــﻠــﻎ ﻫــﺬه اﻟـﻨـﺺ ذروﺗـــﻪ اﻟـﺪراﻣـﻴـﺔ واﻟﻔﻨﻴﺔ، وذﻟــــــﻚ ﺑـــﺎﻟـــﻠـــﺠـــﻮء إﻟـــــﻰ ﻣــــﺎ ﻳـﻤـﻜـﻦ أن أﺳــﻤــﻴــﺔ »اﻟـــﺤـــﻴـــﺎة اﳌــــﻮازﻳــــﺔ«، اﻟـﺘـﻲ ﺗﺘﺼﻴﺪﻫﺎ اﻟـــﺬات اﻟــﺴــﺎردة، ﻣــﻦ ﻓــﻮﺿــﻰ وﻣــﻔــﺎرﻗــﺎت اﻷﺷــﻴــﺎء وﺣﻜﺎﻳﺎت اﳌﺮﺿﻰ اﻟﺬﻳﻦ راﻓﻘﻬﻢ وﺗﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻐﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﳌﺸﻔﻰ، ﻓﻬﺬه اﻟﻘﺼﺺ، رﻏﻢ ﺗﻨﺎﻓﺮ ﻋﻠﻠﻬﺎ اﳌﺮﺿﻴﺔ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺮآة اﻟﺬات اﻟـﺴـﺎردة، وﺗﺒﺪو ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣـــــــــﻮازاة ﻟـــﻬـــﺎ، أو ﺗـــﻤـــﺎﺛـــﻞ ﻣــﻌــﻬــﺎ، ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ »ﺧﻮﻟﻴﻮ ﺛﻴﺴﺎر« أو »ﻳـﻮﻟـﻴـﻮس ﻗﻴﺼﺮ« اﳌﻠﻴﺎردﻳﺮ اﳌـــــﺼـــــﺎب ﺑــــﺴــــﺮﻃــــﺎن ﺧـــﺒـــﻴـــﺚ ﻓــﻲ اﻟﻌﻤﻮد اﻟﻔﻘﺮي، واﺑﻨﺘﻪ اﻟﺼﻐﺮى اﻟـﺘـﻲ ﺗﺼﺮ ﻋﻠﻰ أن ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﺼﻴﺒﻬﺎ ﻣــﻦ اﳌــﻴــﺮاث واﻷب ﺣﻲ ﻳـﺮزق. وﺣﻜﺎﻳﺔ »آﻣﺎﻟﻴﻮ« اﳌﺮﻳﺾ ﺑــ»ﻋـﺮق اﻟﻨﺴﺎ« اﳌـﺰﻣـﻦ، وﻣﺸﺎﻫﺪ ﻧﺴﺎﺋﻪ، ﺛﻢ ﻣﻮﻧﻮﻟﻮج »ﺧﺎﺛﻨﻴﺘﻮ« اﻟــﻠــﻴــﻠــﻲ اﻷﺛـــﻴـــﺮ اﻟـــــﺬي ﻳــﺸــﻜــﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻈﻠﻤﺘﻪ ﻣـﻦ ﻇـﺮوﻓـﻪ وواﻗــﻌــﻪ إﻟﻰ اﻟﺮب واﳌﻼﺋﻜﺔ واﻷرض واﻟﺴﻤﺎء، وﻛـــﺬﻟـــﻚ زوﺟـــﺘـــﻪ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﺄﺗــﻴــﻪ ﻓﻲ اﻟــﺼــﺒــﺎح وﺗـــﻘـــﺺ ﻋــﻠــﻴــﻪ ﺑــﺼــﻮت ﻋﺎل ﻛﻞ ﺷﺎردة وواردة ﺣﺪﺛﺖ ﻋﻠﻰ ﻣـﺪار اﻟﻴﻮم، وﻣـﻦ ﻗﺎﺑﻠﺘﻬﻢ أﻳﻀﴼ، وﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﺬﻳﻌﺔ ﻧﺸﺮة أﺧﺒﺎر.
ﺗــــــﺘــــــﺤــــــﺮك ﻫـــــــــــﺬه اﻟــــﻘــــﺼــــﺺ وﻣــــﺜــــﻴــــﻼﺗــــﻬــــﺎ ﻓــــــﻲ ﻣــــــــــﺮآة اﻟــــــــﺬات اﻟـــــﺴـــــﺎردة، وﻛـــﺄﻧـــﻬـــﺎ ﻇـــﻞ ﻷﺷــﻴــﺎء ﺑـﻌـﻴـﺪة وﻣـﻔـﺘـﻘـﺪة، أﺷــﻴــﺎء ﺗـﺤـﺎول أن ﺗــﻠــﻤــﺴــﻬــﺎ وﺗـــﺤـــﺲ ﺑـﻄـﻌـﻤـﻬـﺎ ورواﺋـــﺤـــﻬـــﺎ وﻟــﺬﺗــﻬــﺎ ﻣـــﻦ ﺟــﺪﻳــﺪ، ﺗـــﻤـــﺎﻣـــﴼ ﻣـــﺜـــﻞ أول وﺟــــﺒــــﺔ ﻃــﻌــﺎم ﻳـــﺘـــﻨـــﺎوﻟـــﻬـــﺎ، وأول دش ﺳــﺎﺧــﻦ ﻳـﻨـﺴـﺎب ﻣـــﺎؤه ﻋـﻠـﻰ ﺟــﺴــﺪه، ﺑﻌﺪ ﻣـــﺮور ﻓــﺘــﺮة اﻟـﻨـﻘـﺎﻫـﺔ. ورﻏـــﻢ أﻧﻨﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﺮأﻫﺎ ﺑﻤﻌﺰل ﻋﻦ ﻛﺘﻠﺔ اﻟـﻨـﺺ اﻷﺳـﺎﺳـﻴـﺔ، إﻻ أن دﺳﻤﻬﺎ اﻟﺴﺮدي واﻟﻔﻨﻲ ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗــﻨــﺒــﻊ ﻣـــﻦ ﻫــــﺬه اﻟــﻜــﺘــﻠــﺔ، وﺗـﺸـﻜـﻞ ﺗﻨﻮﻳﻌﴼ ﻻﻓﺘﴼ ﻷﺟﻮاﺋﻬﺎ.
ﻓﻬﻜﺬا، ﻳﺠﺮ اﻟﻨﺺ اﻟﻮاﻗﻊ إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺨﺮاﻓﺔ، ﻣﻮﺳﻌﴼ ﻣﻦ ﻃﺎﻗﺔ اﻟــﺤــﻠــﻢ، ﻓـﺘـﺘـﺨـﻴـﻞ اﻟـــــﺬات اﻟـــﺴـــﺎردة ﻛﺎﺋﻨﴼ ﺧﺮاﻓﻴﴼ ﻟـﻪ ﻋﻴﻨﺎن ﻻﻣﻌﺘﺎن، واﺣﺪة ﻣﻦ ذﻫﺐ، وأﺧﺮى ﻣﻦ ﻓﻀﺔ، ﻳﺘﺤﺮك ﻋﻠﻰ اﻟــﺠــﺪار اﻷﺑــﻴــﺾ، ﺛﻢ ﻳﺘﻼﺷﻰ ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺠﺪار ﺑﺤﺎﻓﺔ اﻟــﺒــﺎب اﻟــﺮﻣــﺎدي، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓــﻲ ﺳﻘﻒ اﻟﻐﺮﻓﺔ اﻷﺑﻴﺾ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ آﻻف اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻟﻌﻴﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﺮاﻗﺐ اﻟﺬات وﺗﺤﺼﻲ أﻧﻔﺎﺳﻬﺎ.
ﻫــﺬه اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻳﺴﻮدﻫﺎ اﻟﻬﺬﻳﺎن واﻟﻬﻼوس، ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻠﻤﺤﴼ ﻣﻬﻤﴼ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻨﺺ، ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ ﻣــﺴــﺘــﻮى ﺗــﻜــﻨــﻴــﻚ ﻛــﺘــﺎﺑــﺔ اﳌــــﺮض إﺑـــﺪاﻋـــﻴـــﴼ، واﻟــــﻮﻋــــﻲ ﺑــﻤــﺤــﻮﻻﺗــﻬــﺎ اﻟـﻔـﻜـﺮﻳـﺔ واﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ، وﻫـــﻮ إدراك اﻟﻜﺎﺗﺐ ﳌﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن أﺳﻤﻴﻪ أﻳﻀﴼ »ﻣـﺨـﻴـﻠـﺔ اﳌــــــﺮض«، وﻫـــﻲ ﻣﺨﻴﻠﺔ ﻃﺎرﺋﺔ، واﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ، ﺗﻌﻠﻮ داﺋﻤﴼ ﻋـــﻠـــﻰ ﻣــﻨــﻄــﻖ اﻟـــــﺤـــــﻮاس واﻟــﻠــﻐــﺔ واﻟـﻮاﻗـﻊ واﻟـﻮﻋـﻲ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﻨﻄﻖ ﻟﻠﺤﻠﻢ واﻟﺨﺮاﻓﺔ ﺳﻮى اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﻛـﺴـﺮ اﻟـــﺠـــﺪار، أﻳـــﴼ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺻـﻮرﺗـﻪ وﻃﺒﻴﻌﺘﻪ، ﺑــﲔ اﻟـــﺮوح واﻟـﺠـﺴـﺪ، ﺑﲔ اﳌﻮت واﻟﺤﻴﺎة.
ﺗﺒﺪأ ﺧﻴﻮط ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺣﻴﺚ ﺗﺪاﻫﻢ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻣﻠﺘﺒﺴﺔ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ أﺛﺮﻫﺎ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ واﻹﻫﻤﺎل وﻏﺒﺎء اﻷﻃﺒﺎء ﰒ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﻤﺸﻔﻰ ﰲ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻳﺪﺧﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﻣﺘﺤﺮك