اﳌﻮﺟﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ!
ﻫﻨﺎك ﻣﺜﻞ وﻣﻘﻮﻟﺔ ﺳﺎﺧﺮة ﺗﺮدد داﺋﻤﴼ أن ﻫﻨﺎك ﺑﻨﻜﴼ ﻟﻜﻞ ﻣﻮاﻃﻦ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، وأن ﻋـﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻲ اﳌﻄﺎﻋﻢ.
ﻟﺒﻨﺎن ﻛــﺎن ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﴼ ﻣـﺮﻛـﺰﴽ ﻟﻠﺼﻨﺎﻋﺔ اﳌــﺼــﺮﻓــﻴــﺔ، وﺑــﺎﻟــﺘــﺎﻟــﻲ ﺗــﺤــﻮل ﻣــﻊ اﻟــﻮﻗــﺖ اﻟﺒﻨﻚ اﳌﺮﻛﺰي ﻓﻴﻪ إﻟﻰ أﻫﻢ رﻣـﻮز اﻟﺪوﻟﺔ، وﻛـــــــﺎن دوﻣـــــــﴼ اﺳــــﺘــــﻘــــﺮار اﻟـــﺒـــﻨـــﻚ اﳌـــﺮﻛـــﺰي وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﻌﻤﻠﺔ ﻓﻴﻪ، ﻫﻮ ﻋﻨﺼﺮ اﻷﻣـﺎن اﳌﻬﻢ واﻷﻫﻢ ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ.
ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻤﺎدت اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﲔ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟــﺜــﻼﺛــﺔ واﻷﺣــــــــﺰاب اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻴــﺔ، إﻻ أﻧــﻪ ﻳﻮﺟﺪ »ﺷﻲء ﻣﺎ« ﻳﻠﻮح ﻓﻲ اﻷﻓﻖ اﻟﻘﺮﻳﺐ ﻳـــﻬـــﺪد وﺑـــﻘـــﻮة ﻫـــــﺬا اﻻﺳــــﺘــــﻘــــﺮار، ﻓــﻬــﻨــﺎك ﺑــﻮادر ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻣﺎﻟﻴﺔ وإدارﻳـــﺔ »ﺣﺎﺳﻤﺔ وﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ« ﺑﺴﺒﺐ اﺧﺘﺮاق ﻛﻢ ﻣﻬﻮل ﻣـــﻦ اﳌــــﺎل اﳌــﺸــﺒــﻮه اﻟــــﺬي ﻳــﺘــﻢ ﻏــﺴــﻠــﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻮك اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﺰب اﻟــﻠــﻪ اﻹرﻫـــﺎﺑـــﻲ ﻣـــﻦ ﻣـــﺼـــﺎدر ﻓـــﻲ أﻣـﻴـﺮﻛــﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ وﻏــﺮب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﺑﻌﺾ اﻟـﺪول اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻣـﻘـﺪﻣـﺘـﻬـﺎ ﺳـــﻮرﻳـــﺎ، إﺿــﺎﻓــﺔ إﻟﻰ إﻳﺮان. وﻫﻨﺎك أدﻟﺔ وﺑﺮاﻫﲔ »داﻣﻐﺔ« ﻟﺪى اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻷﻣﻨﻴﺔ واﳌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪول اﳌـﺆﺛـﺮة ﻓـﻲ اﻟـﻐـﺮب ﻹﺛـﺒـﺎت ﺻﺤﺘﻬﺎ ﺿﺪ اﻟــﺴــﻠــﻄــﺔ اﳌـــﺎﻟـــﻴـــﺔ اﻷﻫـــــــﻢ. وﻫــــــﺬا ﻳــﺬﻛــﺮﻧــﺎ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدي ﻋﻦ ﻫﺬه اﳌﺴﺄﻟﺔ واﻟﺬي »ﺣﺬر« ﻓﻴﻪ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟــﺒــﻴــﺌــﺔ اﻟــﺘــﺤــﺘــﻴــﺔ اﳌــﺼــﺮﻓــﻴــﺔ ﻓـــﻲ ﻟـﺒـﻨـﺎن وﺗﻮﻏﻞ اﳌﺎل اﳌﺮﻳﺐ ﻓﻴﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺨﻴﻒ. وﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﳌﺮة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻬﺎز اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺒﻨﻚ اﳌﺮﻛﺰي ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﻟﻬﺰة ﻋﻨﻴﻔﺔ، ﻓﺎﻟﺬاﻛﺮة ﻻ ﺗﺰال ﺣﻴﺔ وﺗﺘﺬﻛﺮ ﺟﻴﺪﴽ ﻣﺎ اﻟﺬي ﺣﻞ ﺑﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ - اﻟﻜﻨﺪي وﺑﻨﻚ اﳌﺪﻳﻨﺔ واﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺘﻲ وﺟــــﻬــــﺖ ﺿـــﺪﻫـــﻤـــﺎ ﺑـــﺴـــﺒـــﺐ اﻟـــﺤـــﺴـــﺎﺑـــﺎت اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺘﻨﻈﻴﻢ ﺣﺰب اﻟﻠﻪ اﻹرﻫﺎﺑﻲ واﳌﺨﺎﺑﺮات اﻟﺴﻮرﻳﺔ وأدت إﻟﻰ ﻋﻘﻮﺑﺎت ﻫﺰت اﻷﺳﻮاق اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ.
أﻳــﻀــﴼ ﻳـﺬﻛـﺮﻧـﺎ اﻟــﺘــﺎرﻳــﺦ ﺑـﻜـﺎرﺛـﺔ ﺑﻨﻚ إﻧـــﺘـــﺮا اﻟــﺸــﻬــﻴــﺮة اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻨــﺎوﻟــﻬــﺎ اﻟـﺒـﺎﺣـﺚ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ - اﻟـﻜـﻨـﺪي اﳌــﻌــﺮوف ﻛـﻤـﺎل دﻳـﺐ ﻓـــﻲ ﻛــﺘــﺎﺑــﲔ ﻣــﻬــﻤــﲔ، وﻛــﻴــﻒ ﺗـــﻢ اﺧــﺘــﺮاق اﳌـــــﺎل اﳌـــﺮﻳـــﺐ ﻷﺣــــﺪ أﻫــــﻢ اﻟـــﺒـــﻨـــﻮك وﻗـﺘـﻬـﺎ واﻟـﺘـﻼﻋـﺐ ﻓــﻲ اﻷرﺻــــﺪة ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻛﻴﺎﻧﺎت ﻣــﺮﻳــﺒــﺔ وﺧــﻄــﻴــﺮة. وﻗــــﺪم اﻟــﺒــﺎﺣــﺚ اﻷدﻟـــﺔ واﻟﺒﺮاﻫﲔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ ﺗﻮاﻃﺆ ﺷﺨﺼﻴﺎت وأﺟــﻬــﺰة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫــﺬه اﻟــﺘــﺠــﺎوزات اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺒﺖ ﺑﻬﺰة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﳌﺼﺮﻓﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ. ﻫــﺬه اﳌــﺮة ﻳـﺠـﺮي اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ ﻋﻦ وﺟﻮد أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺮف ﻣﻦ اﻟﻮزن اﻟﺜﻘﻴﻞ »ﻣﺘﻮرﻃﺔ« ﻓﻲ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺣﺴﺎﺑﺎت ﻷﺷﺨﺎص وﻣــﺆﺳــﺴــﺎت ﻳــﺘــﻢ »ﻓــﻠــﺘــﺮة« و»ﻏـــﺴـــﻞ« ﻛﻢ ﻣﻬﻮل ﻣـﻦ اﻷﻣـــﻮال ﻋﺒﺮ »ﻣﻈﺎﻫﺮ« ﺧﻴﺮﻳﺔ وﺗﺠﺎرﻳﺔ ﺟﺮى ﻛﺸﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد ﻏﻄﺎء ﻷﻧﺸﻄﺔ ﺗﺠﺎرة اﳌﺨﺪرات وﺗﺠﺎرة اﻟﺴﻼح وﺗﻤﻮﻳﻞ اﻹرﻫﺎب.
ﻟــﺒــﻨــﺎن ﻛـــﺎن ﻓـــﻲ ﺣــﺎﻟــﺔ إﻧـــﻜـــﺎر ﻣـﻬـﻮﻟـﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ ﻫـﺬا »اﻟﻔﻴﻞ اﻟــﺬي ﻳﺠﻮل ﻓﻲ ﻣﺤﻞ اﻷواﻧﻲ اﻟﺨﺰﻓﻴﺔ«، وﻟﻜﻦ اﻟﻔﺼﻞ اﳌﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت ﻻ ﻳﻨﺬر ﺑﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮف أو ﻣـﺼـﺮﻓـﲔ، ﺑــﻞ ﻳﻤﺲ اﻟـﻨـﺨـﺎع اﻟﺸﻮﻛﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺠﻬﺎز اﳌﺼﺮﻓﻲ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ إﺻﺎﺑﺘﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ وﺗﺄﺛﻴﺮه اﳌﺪﻣﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻴﺮة اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ واﻷﺳﻌﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم، ﻷن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ ﺟﺮى »ﺗﺴﻴﻴﺴﻪ« ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﺒﻨﻚ اﳌﺮﻛﺰي، ﻛﻤﺎ ﻳــﺒــﺪو، ﻓﺸﻞ ﻓــﻲ اﺗــﺒــﺎع وﺗﻄﺒﻴﻖ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﻨﺄي ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، وﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن اﻟﻔﺎﺗﻮرة ﻫﺬه اﳌﺮة ﺗﺒﺪو ﻣﻬﻮﻟﺔ.
اﳌــﻮﺟــﺔ اﻟــﻘــﺎدﻣــﺔ ﻣــﻦ اﻟـﻌـﻘـﻮﺑـﺎت ﻋﻠﻰ ﻟﺒﻨﺎن ﺟﺎدة ﺟﺪﴽ و»ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺰح«.