ﻟﻮﻳﺠﻲ ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ... ﻓﻨﺎﻧﴼ ﺗﺸﻜﻴﻠﻴﴼ
اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﺴﺮﺣﻲ ﺻﺎﺣﺐ ﻧﻮﺑﻞ ﻟﻶداب ٥٣٩١ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﺰﻳﺖ واﳌﺸﻬﺪ
ﻓﻲ اﳌﺴﺮح اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻘﺼﺮ »ﺗﺮﻟﻮﻧﻴﺎ« ﻓﻲ روﻣﺎ، ﻳﻘﺎم ﻣﻌﺮض ﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺨﺘﺎرة ﻣـــﻦ اﻟـــﻠـــﻮﺣـــﺎت اﻟـــﺘـــﻲ رﺳــﻤــﻬــﺎ اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ اﳌـﺴـﺮﺣـﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟـﻮﻳـﺠـﻲ ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ اﻟـﺤـﺎﺋـﺰ ﻋﻠﻰ ﺟـﺎﺋـﺰة ﻧـﻮﺑـﻞ ﻟـــﻶداب ﻋﺎم ٥٣٩١، اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻛﺮﻳﺠﻴﻨﺘﻮ ﺑﺠﺰﻳﺮة ﺻﻘﻠﻴﺔ ﻋـﺎم ٧٦٨١ وﺗﻮﻓﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ روﻣﺎ ﻋﺎم ٦٣٩١.
٤١ ﻋــﻤــﻼ ﻓـﻨـﻴـﴼ ﺑــﺄﺣــﺠــﺎم ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ رﺳﻤﺖ ﺑﺄﻟﻮان اﻟﺰﻳﺖ وأﻟﻮان اﻟﺒﺎﺳﺘﻴﻞ، ﺗﻌﺪ ﺷـﻬـﺎدة ﻟﺘﻄﻮر اﻟـﺬاﺋـﻘـﺔ اﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟــﺪى ﻫــﺬا اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻣﻤﺎرﺳﺘﻪ اﻟﺮﺳﻢ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ اﳌﻔﺎﻫﻴﻢ اﻟﺤﺪاﺛﻴﺔ اﳌﻬﻨﻴﺔ ﻟﻔﻨﺎن ﺳﺨﺮ ﻛﻞ إﺑﺪاﻋﻪ ﻟﻠﻤﺴﺮح، ﻓـﻲ اﻟـﻔـﺮاغ واﻟـﻠـﻮن واﻟـﺨـﻂ. ﺑﻮﻋﻲ ﻣﻨﻪ اﺧﺘﺎر ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ أن ﻳﺤﻘﻖ ﻗﻔﺰة ﻧﺤﻮ ﻓﻦ اﻟـﺮﺳـﻢ، ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ أراض وﻋــــﺮة وﺣــــﺮة ﻓــﻲ اﻵن ذاﺗــــﻪ. وﻷن ﻫــﺬا اﻟﻜﺎﺗﺐ اﳌﺴﺮﺣﻲ، ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺪوام »ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻔﺼﻞ« ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺴﺮﺣﻴﺎﺗﻪ، وﺟﺰءﴽ ﻣﻜﻮﻧﴼ ﻣـﻦ أﺟـﺰاﺋـﻬـﺎ وﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛــﺎن ﻳﻤﻠﻴﻬﺎ ﻋـﻠـﻰ اﳌـﺨـﺮﺟـﲔ وﻣﻨﻔﺬي اﻟـــﺴـــﻴـــﻨـــﻮﻏـــﺮاﻓـــﻴـــﺔ، أﺻـــﺒـــﺢ ﻓــــﻲ اﻟـــﺮﺳـــﻢ ﻣﺪﻋﻮﴽ إﻟﻰ اﻻﻧﺨﺮاط، إن ﻟﻢ ﻧﻘﻞ اﻟﺘﻮرط اﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ، ﻟﻴﻘﻔﺰ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻪ اﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺑﺎﺻﻄﻨﺎع اﻟﺮﻓﻴﻒ اﻟﻀﻮﺋﻲ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ اﻷﻛﺎدﻳﻤﻲ اﻟﺬي رﻋﺎه ﻓــﻲ ﺑــﻨــﺎء ﻛـﺘـﻠـﻪ اﻟــﺠــﺴــﺪﻳــﺔ ﻓــﻲ ﺳـﻄـﻮح أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﻣﺘﺮاﻓﻘﺔ ﻣﻊ اﻟﻮﺟﻮه واﻷﺷﻜﺎل اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﳌﺼﻮرة ﺑـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ ﺗـﻌـﺒـﻴـﺮﻳـﺔ، اﻟــﺘــﻲ ﺣــﺎﻓــﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ إﺟﺎدة اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ، ﺑﻞ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ﺑﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﴼ، ﺣﺘﻰ ﻳﺨﺎل ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪ أﻧﻪ أﻣﺎم أﺣــﺪ ﻣﺸﺎﻫﺪ أﻋـﻤـﺎﻟـﻪ اﳌﺴﺮﺣﻴﺔ. ورﻏـﻢ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺨﻠﻄﺔ اﻟﺘﻲ اﻋﺘﻤﺪﻫﺎ اﻟﻔﻨﺎن ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ، واﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺪو ﻛﺄﻧﻬﺎ اﻓﺘﺮاﺿﻴﺔ ﻟﺸﺪة اﻧﺴﺠﺎﻣﻬﺎ، ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻘﻮل ﺣﺎﺿﺮﴽ ﺑﻘﻮة، ﺑﻞ إن ﻣﻌﻨﻰ اﻻﻓﺘﺮاض ﻳﻜﻤﻦ ﻓﻲ اﺟﺘﻤﺎع اﳌﺸﻬﺪ اﳌﺼﻮر ﺑﺄﻟﻮان اﻟﺰﻳﺖ ﻣﻊ اﳌﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﺸﺒﺔ اﳌﺴﺮح. ﻟـــﻘـــﺪ اﺗـــﺠـــﻬـــﺖ ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻣــــﻦ اﻟــﻜــﺘــﺎب واﻟﺸﻌﺮاء اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﲔ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺎت اﻟﻘﺮن اﻟـﻌـﺸـﺮﻳـﻦ ﻫــﺮوﺑــﴼ ﻣــﻦ رﺗــﺎﺑــﺔ اﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ارﺗﺒﻄﺖ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، ﻧﺤﻮ ﺗﺠﺮﻳﺐ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻓﻨﻴﺔ ﻣﻌﺎﺻﺮة، ﺗﻔﺘﺢ آﻓﺎق اﻟﺘﺠﺮﻳﺐ اﻟﻔﻨﻲ أﻣﺎم اﳌﺒﺪع ﺑﺸﻜﻞ أوﺳﻊ وأﻛﺜﺮ ﺣﺮﻳﺔ، ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻏﻴﺮ ٍٍ ﻣﻨﻄﻮ ﺿـﻤـﻦ أي ﺗـﻮﺟـﻪ إﺑــﺪاﻋــﻲ ﻣـﺤـﺪد وﻏﻴﺮ ﺗـــﺎﺑـــﻊ ﻷي ﻣــﻨــﻬــﺎ، ﺑـــﻞ ﻣــﻠــﺘــﺰم ﺑـﺤـﺮﻳـﺘـﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ. ﻟﻴﺪﺧﻞ إﻟــﻰ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻠﻮﺣﺔ وإرﻫـــﺎﺻـــﺎﺗـــﻬـــﺎ، ﻧــﺤــﻮ أﺳـــﻠـــﻮب واﻗــﻌــﻲ ﺗــﻌــﺒــﻴــﺮي ﻳـﺤـﻀـﺮ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟــﺠــﺴــﺪ ﻃـﺮﻳـﴼ ﻛﻔﺎﻋﻞ ﻓﻨﻲ وأداة ﻓﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ. وﻗـــﺪ ﺑــﻨــﻰ ﺑــﻴــﺮاﻧــﺪﻳــﻠــﻠــﻮ أﻋـــﻤـــﺎﻻ أداﺋــﻴــﺔ )اﺳﺘﻌﺮاﺿﻴﺔ(، ﺣﻴﺚ ﻗﺎم ﺑﺠﻌﻞ اﻟﺠﺴﺪ وﺳﻴﻠﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ داﺧـﻞ اﻟﺮؤﻳﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ آن ﻧﻔﺴﻪ، ﻣﻠﻐﻴﴼ اﳌﺴﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﺑﲔ اﻟﻮاﻗﻊ وﺗﺮﺟﻤﺘﻪ، ﻣﺎ ﺳﻤﺢ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ، إذ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ إﻟﻰ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻋﺎﳌﴼ ﻣﻮازﻳﴼ ﻣـﻜـﻨـﻪ ﻣـــﻦ اﺳــﺘــﻌــﻤــﺎل أدوات ووﺳــﺎﺋــﻞ ﺟــــﺪﻳــــﺪة ﻣــــﻌــــﺎﺻــــﺮة، وﻗـــــــﺪم ﻟــﻠــﻤــﺘــﻠــﻘــﻲ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺴﻔﺮ ﺑـﲔ اﻷﺳــﻨــﺪة اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ اﳌـﻜـﻮﻧـﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻛﻜﻞ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋــﻦ ﺳﻄﻮة اﳌــــﺪرﺳــــﺔ واﻷﻛـــﺎدﻳـــﻤـــﻴـــﺔ وﻣـــﺤـــﺪداﺗـــﻬـــﺎ اﻟﺤﺴﺎﺑﻴﺔ، ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﺎﻟﺔ اﻟﺘﻘﺪﻳﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﻒ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ ﺗﻨﻤﺤﻲ وﺗﺰال.
ﺗــــﺄﺗــــﻲ اﻫـــﺘـــﻤـــﺎﻣـــﺎت ﺑــﻴــﺮاﻧــﺪﻳــﻠــﻠــﻮ ﺑــــﺎﻟــــﺮﺳــــﻢ ﻣـــﺘـــﺰاﻣـــﻨـــﺔ ﻣـــــﻊ اﻫـــﺘـــﻤـــﺎﻣـــﺎﺗـــﻪ ﺑﺎﻟﻔﻨﻮن اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ واﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑـﺎﳌـﻌـﺎﺻـﺮة ﺟـــﺰءﴽ ﻻ ﻳﺘﺠﺰأ ﻣــﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻔﻨﻲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻋﻠﻰ ﻇــﺎﻫــﺮة »اﻷﻣـــﻮرﻳـــﺰم« (UMORISMO) اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮ.
ﻓﻔﻲ ﻋـﺎم ٧٠٩١، ﺷـﺮع ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ ﺑﻨﺸﺮ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺎت ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة، وﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺪراﺳﺎت ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻧﺸﺮ ﻋﺎم ٨٠٩١ وأﻋﻴﺪ ﻧﺸﺮه ﻋﺎم ٠٢٩١ ﺑﻌﺪ إﺟــﺮاء ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻨﻘﻴﺤﺎت واﻹﻳـــﻀـــﺎﺣـــﺎت. و»اﻷﻣــــﻮرﻳــــﺰم« ﺣﺴﺐ ﺗــﻌــﺮﻳــﻒ ﺑــﻴــﺮاﻧــﺪﻳــﻠــﻠــﻮ ﻫـــﻲ »اﻟــﻄــﺮﻳــﻘــﺔ اﻟﺬﻛﻴﺔ اﻟﺮﻗﻴﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﺮؤﻳﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﻓــﻲ ﺗـﻘـﺪﻳـﻢ وﺗـﻔـﺴـﻴـﺮ اﻟــﻮاﻗــﻊ ﻣــﻦ ﺧـﻼل إﻇﻬﺎر اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻏﻴﺮ اﳌﻌﺘﺎدة واﻟﻐﺮﻳﺒﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺴﻢ ﺑﺎﻹﻣﺘﺎع«، و»اﻷﻣﻮرﻳﺰم« ﻫـــﻲ ﺟــــﺰء ﻣـــﻦ »اﻟـــﻜـــﻮﻣـــﻴـــﻚ« وﻗــــﺪ ﻃﺒﻖ ﻫــﺬا اﳌﻔﻬﻮم ﻓـﻲ دراﺳــﺎﺗــﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ وﻃﺒﻘﻪ أﻳﻀﴼ وﺑﺸﻜﻞ أوﺳﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻨﻮن اﳌﺴﺮح واﻟﺮﺳﻢ ﺑﺸﻘﻴﻬﻤﺎ اﻟﻘﺪﻳﻢ واﻟﺤﺪﻳﺚ. واﻟــــــﻔــــــﻦ ﻣــــــﻦ وﺟـــــﻬـــــﺔ ﻧــﻈــﺮ ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ ﻫﻮ »ﺗﺠﺎوز ﻟﻠﻘﻮاﻧﲔ، ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻸﺷﻴﺎء ﺑﺸﻜﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗﻊ، إذ إﻧﻪ ﻳﺮﻓﻊ اﻷﻗﻨﻌﺔ ﻋﻦ اﻟﻨﻤﺎذج، وﻋــــــﻦ اﳌـــﻨـــﻄـــﻖ اﻟــــﺴــــﺎﺋــــﺪ، وﻳـــﺒـــﲔ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﺎ ﻳﻘﺒﻊ ﺗﺤﺖ اﻷﻗﻨﻌﺔ ﻣﻦ ﺗﻀﺎرﺑﺎت ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻋﺎﺻﻔﺔ«، ﻛﻤﺎ أن اﻟﻔﻦ ﻫﻮ »اﳌﻤﺎرﺳﺔ اﳌﺴﺘﻤﺮة ﻟﻌﺪم اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ« واﻟـﻔـﻨـﺎن ﻫـﻮ اﻟﻨﻤﻮذج ﻟـــﻈـــﺎﻫـــﺮة »اﻷﻣــــــــﻮرﻳــــــــﺰم«، ﻓــﺨــﻴــﺎﻟــﻪ ﻳﺤﻄﻢ ﻛﻞ اﻟﺘﻨﺎﺳﻘﺎت واﻟﺘﺤﺪﻳﺪات اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻠﻐﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋــﺎم، ﻟﻴﻌﻴﺪ إﻧﺘﺎﺟﻬﺎ ﺑﺘﺪﻓﻖ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺤﻠﻴﻠﻪ، ﻓﻴﻨﺸﺄ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺷﻜﻞ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻷﺻﺎﻟﺔ ﻳﺸﺒﻪ اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﺤﻲ. إن ﻫـــﺬه اﻟـﻌـﻤـﻠـﻴـﺔ ﺗـﻈـﻞ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﺣــﺴــﺐ اﻋــﺘــﻘــﺎد ﺑــﻴــﺮاﻧــﺪﻳــﻠــﻠــﻮ ﻟـﻠـﻮﻋـﻲ اﻟــــﺬاﺗــــﻲ ﻟــﻠــﻔــﻨــﺎن، أو ﻣـــﺎ ﻳــﻄــﻠــﻖ ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻟﻀﻤﻴﺮ أو اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺬات اﻟﺬي ﻳﻤﺜﻞ ﻣــﺮآة ﺗــﺰود اﻟﺨﻴﺎل اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ ﺑﺼﻮرة ﻧﻘﺪﻳﺔ ﳌﺴﻴﺮﺗﻪ وﻧــﻤــﻮه، وﺗـﺴـﺎﻋـﺪه ﻓﻲ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ. إن »اﻷﻣﻮرﻳﺰم« ﻳﺤﺘﻞ ﻣـﻜـﺎﻧـﴼ أوﻟــﻴــﴼ ﻣــﻦ ﺷـﺄﻧـﻪ اﻟـﺘـﺪﺧـﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ، ﻓﻬﻮ ﻳﺮاﻗﺐ اﻟﺨﻴﺎل ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ وﻣﺘﻌﺎل، وﻫﻮ أﻳﻀﴼ ﻳﺠﺰئ اﻟـﺤـﺮﻛـﺔ إﻟــﻰ أﺟـــﺰاء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣــﻦ ﺧـﻼل ﺗﺤﺪﻳﺪه اﻟﺪﻗﻴﻖ. ﻳﻘﻮل ﺑﻴﺮاﻧﺪﻳﻠﻠﻮ: »إن اﻷﺷــﻴــﺎء ﻟﻴﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﻧـﺘـﺼـﻮرﻫـﺎ، وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﺸﻜﻞ، إذ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗـﻜـﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣـﻦ ذﻟــﻚ، ﻓﺎﻟﺨﻴﺎل ﻳﻀﺮب اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺧﻄﻮة وﻳﻨﺤﻴﻪ إﻟﻰ اﻟﻮراء وﻳﻈﻬﺮ أن ﻛﻞ ﺷﻲء ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﺎل«.